أقلام وأراء
السّبت 03 أغسطس 2024 9:41 صباحًا - بتوقيت القدس
في الوفاء لغزة والأسرى واستهداف مُرتكز الهوية الوطنية
تلخيص
إن المشروع الوطني الفلسطيني التحرري بأهدافه المتمثلة بهزيمة المشروع الاستعماري في فلسطين، والعمل من أجل إنضاج كافة الشروط والعوامل اللازمة لهذا الانتصار، نحو حق تقرير المصير والاستقلال الوطني، وإسقاط نظام الفصل العنصري، يتمثل في توظيف كافة المُمكنات لتحقيقه، بما يتطلب منا التصدي لمجموعة من التحديات الراهنة على الصعيد الفلسطيني والعربي والدولي، والتي يجب أن تتلخص بثبات الموقف السياسي الوطني التاريخي، وفهم المتغيرات الدولية التي تستهدف اليوم الهيمنة الأمريكية وإنهائها من خلال صعود قوى جديدة تعمل نحو عالم أكثر عدالة. إلا أن الولايات المتحدة بالمقابل، وللحفاظ على هيمنتها، تريد إشعال العديد من بؤر التوتر والحروب والربط بينها بما يخدم مصالح مجمعاتها الصناعية العسكرية والمالية في ظل أوضاعها الاقتصادية المتراجعة اليوم، والمواجهة التي تفرضها هي مع الصين وروسيا من جهة أخرى حتى في منطقتنا، من خلال التوافق والضوء الأخضر الفعلي الممنوح منها لعصابة حكومة الاحتلال الفاشية، رغم النفاق اللفظي والوعود السرابية.
إن إدراك ما نواجهه على أرض فلسطين بأنه مشروع استعماري استيطاني إحلالي مركّب يمثل امتداداً لأطماع الغرب الاستعماري الذي أنشأه على حسابنا، نحن أصحاب الأرض الأصليين، يُمثّل في سياساته وتحولاته المتعددة بُعداً لشكل الاستعمار الاستيطاني الجديد والأطماع الإمبريالية للغرب التي لم تنته، ليس فقط في واقعنا الفلسطيني فقط، وإنما في مناطق أخرى من العالم.
يضاف إلى ذلك ممارسة الاحتلال وسياساته المتعددة القائمة على قاعدة المحو والإلغاء والإقصاء لغير اليهود، ولشعبنا الفلسطيني، ولأهدافه المُعلنة التي يعمل الاحتلال على تحقيقها من خلال ممارستهم سياسة التطهير العرقي، وجريمة النكبة المستمرة حتى الآن، والتي تتم بفعل تلك الأيديولوجية الصهيونية الإقصائية العنصرية، وصمت الغرب بل وتعاونه في تنفيذ ذلك، من خلال حماية دولة الاحتلال من المحاسبة والعقاب، وتزويدها بأنواع الأسلحة، بل وإعطائها مبرر الدفاع عن نفسها، أو ما يسمى مناهضة العداء للسامية، الأمر الذي في حقيقته يعني الدفاع عن استدامة استعمارها العنصري، وممارساتها التي اعتبرتها محكمة العدل الدولية إبادة جماعية، وجرائم بحق الإنسانية والقانون الدولي.
ونحن إذ نحيي اليوم السبت التضامن مع غزة والأسرى، فإنني أعيد هنا ما نقلته سابقاً عن القائد الأسير مروان البرغوثي أمام إحدى التظاهرات التضامنية في اليونان التي يدعو لها باستمرار أصدقاؤنا هنالك؛ "إن مُرتكز الهوية الوطنية الفلسطينية يتمثّل في ثنائي المقاومة والتحرير، وأي انتكاس في أحد المرتكزين، أو في كلاهما، يجد ترجماته على صعيد الهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة، ويفتح المجال أمام الهويات الفرعية لأن تتقدَّم، وهذا يجعل وحدة الخيار المتمثّل بالمقاومة، ووحدة الهدف، ممثّلاً بالحرية والاستقلال الوطني، مركّبات بنيوية للهوية الوطنية الفلسطينية."
إن تعريف مشروعهم الاستعماري يَفتَرض هدف هزيمته وتفكيكه، فمكوناته ليست ولن تكون شريكاً في السلام في ظل انحدار مجتمعاتهم المتباينة نحو اليمين العنصري، رغم أزماتهم التي تعيشها مجتمعاتهم اليهودية، ولا جاراً يسعى للتعاون من أجل الاستقرار في المنطقة، ومن الصعب تصوُّر الوصول إلى تسوية سياسية مع هذا المشروع في ظل أيدولوجية النظام العنصري الصهيوني الاستعماري القائم وأحلامه، لأن ذلك يتعارض مع مركّباته ومرجعياته ومنهجيته وثوابته ومصالحه في التوسع واضطهاد شعبنا التي تمثلها الحركة الصهيونية العالمية، وأدواتها التي نرى ممارساتها اليوم تتسع بوضوح أمامنا في غزة التي لم يتركوا شيئاً فيها إلا ودمروه، ولا عائلة فيها إلا واثخنوها جراحاً وجعلوها ثكلى بجرائم إبادتهم الجماعية، وفي مخيمات الضفة والقدس نحو تجسيد "مملكة يهودا"، بل وفي كل فلسطين، وحتى العابرة للحدود من خلال الاغتيالات، وانتهاك سيادة الدول، ليس فقط في منطقتنا وإنما في كل أرجاء العالم، بالتوافق مع قوى اليمين المتطرف والنازية الجديدة التي يتصاعد نفوذها وضررها علينا وعلى كافة القيم الإنسانية وعلى استقرار العالم.
إن شعبنا الذي يختزن تجربة غنية وثرية في المقاومة والكفاح والنضال، والذي تمكن من الانبعاث والصمود من تحت رماد التطهير العرقي والنكبة والعدوان والحصار والمجازر والاعتقال والاغتيال، وسجّل أسطورة في الصمود والبقاء والمقاومة، جدير بحركة وطنية واحدة وموحدة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ونظام سياسي فاعل وديمقراطي، يمتلك خطاب التحرر الوطني والتقدم. وسيظل شعبنا الفلسطيني في الوطن ومنافي الشتات حارس وصانع مستقبل المشروع الوطني، وسيواصل نضاله وكفاحه ومقاومته الشاملة لهزيمة النظام الاستعماري، وإنجاز التحرير والحرية والعودة وفق القرار الأممي ١٩٤ والكرامة والعدالة والاستقلال الوطني، بعد دحر الاحتلال وهزيمة نظام الابرتهايد الكولونيالي الصهيوني، فهذا هو الطريق للسلام، ولا بد من ثمن لذلك يدفعه اليوم شعبنا بالدم والتشريد القصري والنزوح الذي تفرضه عصابات قوات الاحتلال والمستوطنين، بمساندة البوارج الحربية الأمريكية في شرق المتوسط، والقواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة إضافة إلى القوات الإضافية التي سترسلها الإدارة الامريكية، وفق ما وعد به بايدن نتنياهو مجدداً أمس.
وهنا وفي وقوفنا إلى جانبهم وغضبنا من أجلهم، لا بد من التذكير بوثيقة الوفاق الوطني التي توصل إليها قادة الأسرى الأبطال في معتقلات الاحتلال في أيار 2006، لاهميتها وضروراتها الملحة، ما يتطلب اليوم تنفيذ ما تم الإتفاق عليه في بكين في اللقاء الوطني الأخير، وفاءً لهم ولكافة الأسرى الذين يتعرضون اليوم لما هو أبشع مما يتصوره العقل البشري من ابتكارات التعذيب والقتل العمد.
واليوم فإن المنطقة وربما أوسع منها أيضا تقف على برميل من البارود كما يقال. فبؤر التوتر قائمة اصلاً والتهديدات والتخوفات متبادلة، ولا يفترض وفق المنطق أن أحداً يتلقى ضربة موجعة ويتجاهلها لأسباب متعددة. فقد جعلت الحركة الصهيونية العالمية بكل مكوناتها وأنظمة الاستعمار، الأوضاع أمام تصعيد أكيد وأمام معادلات قد لا يبدو التوسط فيها أو تجاوزها أمراً سهلاً، وهو ما قد يؤدي إلى انفجار المنطقة أو إلى اتفاق كبير يعتمد المساومات للحفاظ على النفس والذات. ننتظر الأيام أو الساعات المقبلة لتبيان أكثر وضوحاً.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
في الوفاء لغزة والأسرى واستهداف مُرتكز الهوية الوطنية