أقلام وأراء
الجمعة 02 أغسطس 2024 9:28 صباحًا - بتوقيت القدس
نتنياهو عاد من أميركا منفلت العقال مدعومًا دوليًا وشعبيته تعززت داخليًا
تلخيص
عاد نتنياهو من الولايات المتحدة الأميركية بعد خطابه الفاضح، الذي احتوى على الأكاذيب في كل فقرة من فقراته. لكن الأكثر فضيحة كان الاستقبال الحافل الذي تلقاه من أعضاء الكونغرس، حيث صفقوا له وقوفًا، دعمًا للأكاذيب التي تضمنها خطابه.
ما فهمه نتنياهو من موقف أعضاء الكونغرس (بغياب 140 عضوًا) هو أنه تلقى مبايعة أميركية له، على ما ارتكب من جرائم إبادة جماعية للمدنيين، وجرائم حرب، وانتهاكات للقانون الدولي والقوانين الإنسانية، واحتقار لكل القيم العليا المتفق عليها في العلاقات الدولية.
ما فهمه نتنياهو من تلك المبايعة لم يكن مقتصرًا على السابق، خلال العشرة أشهر الماضية في قطاع غزة، والضفة الغربية والقدس، ولبنان فحسب، بل شمل أيضًا ما هو آتٍ من سياسات وقرارات. وقد انعكس هذا قبل انتهاء زيارته، حيث تلقى دعمًا من بايدن وهاريس وترامب وآخرين، مما شجعه على تصعيد التوترات في لبنان في مواجهة حزب الله، وكذلك في قطاع غزة ضد حركة حماس، وأيضًا ضد إيران.
فما الذي يجب أن يُفهم من عملية اغتيال القائد العسكري الكبير الشهيد فؤاد شُكر في قلب الضاحية في بيروت؟ وما يعنيه ذلك من خرق خطير لقواعد الاشتباك مع حزب الله؟ كيف سيكون الرد على هذه العملية؟ هل يمكن أن نتوقع ضربة مماثلة في حيفا، أو تل أبيب، أو أي مكان في عمق الكيان الصهيوني؟
ما الذي يعنيه اتخاذ قرار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد القائد إسماعيل هنية أثناء زيارة رسمية له إلى طهران؟ هذا الاغتيال يشكل اعتداءً إجراميًا على سيادة إيران، وهو أمر يدفع إيران للرد عليه برد مماثل، إن لم يكن أشدّ.
وما الذي يعنيه نتنياهو حين يأمر بقصف مواقع في العراق وسوريا، بالإضافة إلى إصدار أمر باغتيال الصحفيين إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي؟ ليرتفع بذلك عدد الصحفيين الذين استشهدوا بالاغتيال حتى اليوم إلى أكثر من 160 صحفيًا شهيدًا؟
الجواب عن كل هذه الأسئلة يتلخص في أن نتنياهو عاد من أميركا منفلت العقال، بعد أن اعتبر أنه أصبح مدعومًا دوليًا أكثر من ذي قبل، وأن شعبيته تعززت داخليًا بعدما لاقاه خطابه من دعم الكونغرس وقادة أميركا.
هذا يعني أن قرار نتنياهو يتجه نحو التصعيد على كل المستويات، بما في ذلك حرب الإبادة الإنسانية داخل غزة، وكذلك الحرب في لبنان وعلى المستوى الإقليمي، بما فيه التحرّش بإيران، مما يشير إلى احتمال الذهاب إلى حرب إقليمية.
هذا يعني أن الوضع العسكري والسياسي التصعيدي يدخل في مرحلة جديدة، تختلف، بل هي أعلى من ذي قبل. فماذا يُتوقع من ردّ على عملية قصف قلب الضاحية في بيروت، لاغتيال قائد كبير في حزب الله، الذي اعتبره البيان الإسرائيلي رئيس هيئة الأركان والرجل الثاني في حزب الله؟ من المتوقع أن يأتي الردّ من حزب الله في عمق الكيان، كما كانت الضربة في الضاحية التي تمثل عمق المقاومة.
والسؤال المطروح هو: ماذا سيكون ردّ الاحتلال على ذلك الردّ؟ وهكذا، تتصاعد الأمور باتجاه حلقة من الردود المتبادلة.
هذا يعني أن نتنياهو الدموي، الذي فقد صوابه، لم يعد يرى منجاة له من السجن، أو لم يعد يرى ردًا على المقاومة ومسانديها، سوى الحرب واستمرارها، وصولًا إلى أعلى مستويات التصعيد.
وهذا ينطبق على الرد على اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية في طهران، وصولًا إلى اغتيال الشهيدين الصحفيين، إسماعيل الغول ورامي الريفي.
هذا ما يريد أن يذهب إليه نتنياهو الذي أفلت من عقاله، ما لم يُواجَه بضغوط ميدانية مقابلة، وضغوط من الرأي العام العالمي، وضغوط دولية، التي يجب أن تتحسب من خطورة نتنياهو العائد من أميركا.
يجب أن يُلاحظ أن ما اتخذه نتنياهو – من اعتداءات مباشرة على حزب الله، وعلى حماس باغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية في إيران (وهنا ينبغي أن يُشدّد على إيران) – جاءَ ضمن معادلة ستستدعي الردّ.
فعلى سبيل المثال، اعتبار السيد حسن نصر الله أن تل أبيب مقابل الضاحية، مما يعني أن قرار نتنياهو، يريد ردًا على تل أبيب. وذلك لينطلق منه لتصعيد مقابِل. وهو من ناحية أخرى، إذا لم يُواجَه بالضربة المتوقعة، لأيّ سبب من الأسباب، أو لأيّ مناورة محرجة له، فسيكون جوابه المزيد من التمادي والتصعيد. لأن الهدف أصبح بالنسبة إليه، تغيير المعادلة الراهنة التي أصبح يخسر فيها، وذلك من خلال التصعيد. بمعنى آخر، قرار نتنياهو ذاهب إلى التصعيد بكل الأحوال.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى استفزاز إيران، بتعمد اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية في طهران. وذلك بعد إرساء قواعد اشتباك مع إيران، التي تقررت في الردّ والردّ المقابل، الذي خُتم في مصلحة إيران، وباتخاذ معادلة لقواعد الاشتباك.
وبهذا جاءت عملية الاغتيال في طهران؛ بهدف تغيير قواعد الاشتباك مع إيران، تمامًا كما يشبه، مع الفارق، تغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله. ومن ثم يريد نتنياهو أن يأتي الردّ الإيراني، بما يسمح بتصعيد مقابل. فقد قرر نتنياهو التصعيد، كيفما جاء الردّ.
وهذا ما يفرض على العالم الذي لا يريد أن يُجرّ إلى حرب إقليمية التحرك بقوة لردع فاقد الأعصاب الذي أفلت من عقاله بعد زيارته لأميركا.
على أن هذا التصميم من جانب نتنياهو، وعلى مستوى كل حالة، لا يعني أنه سينجح، بل العكس، فإن هذا التصعيد، سواء أُحبِطَ، أم أخذ مداه، فإن موازين القوى تؤكد أن مصيره المزيد من الفشل لنتنياهو. بل في الأغلب أن الذهاب إلى حرب إقليمية، يهدد الاحتلال بنكسة كبرى، إن لم يضع وجوده على محك التساؤل.
فنتنياهو لا يتحرك ضمن معادلة لموازين القوى العالمية في مصلحته، بالرغم مما لاقاه من دعم الكونغرس والقادة الأميركيين. وذلك في زمن دخلت فيه أميركا نفسها في المأزق والارتباك الداخلي، كما يعبّر الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين عن ذلك، ولا سيما إذا مالت نتائج الانتخابات الرئاسية في غير مصلحة ترامب، أو إذا مالت في مصلحته، وهو يتحدّى الدولة العميقة وسيصطدم بها.
وإن الأمر كذلك على المستويين: الإقليمي والفلسطيني، فإن ميزان القوى ليس في مصلحة الاحتلال. وإلا، كيف نفسر الحرب المستمرة طوال عشرة أشهر في غزة؟ وكيف نفسر ما يعانيه نتنياهو من فقدان أعصابه وتخبطه وإصراره على التصعيد؟
بكلمة، صحيح أن نتنياهو قد تلقى دعمًا من الكونغرس، ولكنه يواجه موازين قوى ليست في صالحه على كل المستويات. لهذا تنتظره الهزائم، وإنّ غدًا لناظره قريب.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
They will massacre you
ابراهيم ملحم
شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
حزب الله يعلن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصر الله
غزة والانتخابات الأمريكية
حظر الكنيست لـ"الأونروا" ... إسرائيل حاكمة الكون انتدبت نفسها لشطب قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها
الأكثر قراءة
عثرة اقتصاد الصين تدفع شركات عالمية لتغيير إستراتيجياتها
"مجلس الأمن" يطالب بتمكين الأونروا من تنفيذ مهامها ويحذر من المساس بها
"المعابر والحدود": السماح بإدخال زيت الزيتون إلى الأردن بواقع 16 لترا لكل عائلة
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
السعودية تستضيف أول اجتماع رفيع المستوى لـ"تحالف حل الدولتين" الأربعاء المقبل
إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام
أسعار العملات
الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 4.06
شراء 4.04
من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
%0
%0
(مجموع المصوتين 0)
شارك برأيك
نتنياهو عاد من أميركا منفلت العقال مدعومًا دوليًا وشعبيته تعززت داخليًا