أقلام وأراء
الأربعاء 31 يوليو 2024 9:18 صباحًا - بتوقيت القدس
هاريس ترقص على حبال الإبادة في غزة.. أسلحتنا لـ"إسرائيل" وقلوبنا مع الفلسطينيين
تلخيص
مع انخراط نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، بقوة في الحملات الانتخابية، كبديل للرئيس الحالي جو بايدن، بعد انسحابه من السباق الانتخابي للعام 2024، ستجد هاريس نفسها بحاجة إلى تحديد مواقفها بشكل أكبر بشأن القضايا الرئيسية، خصوصاً في ما يتعلق بالإبادة الإسرائيلية القائمة في غزة.
في هذه الحالة، سيتركز النقاش من جانب الخبراء والمراقبين ووسائل الإعلام، حول إذا ما كانت هاريس ستمضي بالسير على النهج السياسي والدبلوماسي الكارثي لبايدن (المدمر حزبياً وشعبياً) أو أنها ستتحلى بالقدرة على المناورة واتخاذها بالتالي خطوات مختلفة ومغايرة، قد تقيها تجنب الوقوع في المستنقع الغزيّ الذي رمى بايدن نفسه فيه.
علاقات هاريس مع "إسرائيل" وجماعات الضغط اليهودية
تتمتع هاريس بعلاقات طويلة الأمد مع الجالية اليهودية الأميركية وجماعات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة، خصوصاً لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC)، التي ألقت خطاباً في مؤتمرها السنوي في عام 2017، بعد وقت قصير من انتخابها مشرّعة في مجلس الشيوخ الأميركي، حيث قالت حينها، إن إحدى أولى خطواتها في المنصب، كانت تقديم قرار يعارض قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يدين "إسرائيل" في ذلك الوقت. وأضافت: "أعتقد أن الروابط بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا يمكن كسرها".
إلى جانب ذلك، حصلت هاريس خلال حملتها للفوز بمنصب نائب الرئيس خلال انتخابات 2020، على دعم مجموعات يهودية كبيرة، بما في ذلك "الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل"، و"جي ستريت" (منظمة أميركية تهدف إلى تعزيز السياسات التي تدعم الأمن والسلام لإسرائيل)، و"المجلس الديمقراطي اليهودي في أميركا".
وبالمثل، ترتبط هاريس، بعلاقة عمل جيدة مع الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، الذي يشاركها في الاهتمام بقضايا المناخ. كما إنها، وفقاً لجون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض، "كانت شريكاً كاملاً في سياساتنا في الشرق الأوسط"، ولا سيما تجاه "إسرائيل" والحرب في غزة، وشاركت تقريباً في جميع المكالمات الهاتفية بين بايدن ونتنياهو والتي تجاوز عددها الـ 20 منذ بدء العدوان. إضافة إلى أن زوجها اليهودي، دوغ إيمهوف، كان في طليعة العاملين في مبادرة إدارة بايدن ضد معاداة السامية منذ تشرين الأول الفائت.
وعندما أحرق المحتجون خارج الكونغرس العلم الأميركي خلال زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن، أصدرت هاريس بياناً دانت فيه هذا الفعل، وندّدت أيضاً "بجميع الأفراد الذين يرتبطون بحماس، التي تعهدت بتدمير دولة إسرائيل وقتل اليهود"، بحسب بيان هاريس.
هاريس وسياسة الرقص على حبال الحرب الدموية في غزة
في الواقع، المسار الذي تتبعه هاريس بشأن الحرب على غزة، أشبه بسياسة الرقص على الحبال الرفيعة. فهي من جهة، لم تنحرف علناً عن نهج بايدن تجاه الحرب، إذ أكدت أنها لا تزال داعماً قوياً لـ"إسرائيل"، وفكرت في جمع الأموال لزراعة الأشجار في الأراضي المحتلة عندما كانت فتاة صغيرة، وأيدت مراراً وتكراراً ما يسمونه "حق تل أبيب في الدفاع عن نفسها" ضد حماس، وشددت على أن "التهديد الذي تشكله الحركة على إسرائيل، يجب القضاء عليه".
لكنها، في المقابل، أعربت أيضاً عن قلقها البالغ إزاء بعض سلوكيات "إسرائيل" في حملتها العسكرية المتواصلة في غزة، وأيضاً دفعت الإدارة الأميركية إلى النظر بشكل أكبر في المعاناة الفلسطينية، لذا كانت على الدوام أعلى مسؤول يتحدث بشكل قاطع عن الضحايا المدنيين.
ففي خطاب بارز لها في آذار الماضي، أصبحت هاريس أول مسؤول رفيع في إدارة بايدن يدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري، وإن كان مؤقتاً فقط، بعدما وصفت الوضع في غزة بأنه "كارثة إنسانية".
كما طالبت الحكومة الإسرائيلية، بوجوب بذل جهود أكبر، لزيادة تدفق المساعدات إلى غزة، من دون تقديم أي أعذار".
وتشير المعلومات إلى أن النسخة النهائية من الخطاب، قد تم تخفيفها مقارنةً بالمسودة الأصلية، التي انتقدت "إسرائيل" بشكل أكثر مباشرة، بسبب عرقلتها مرور شاحنات المساعدات إلى غزة.
ليس هذا فحسب، لم تتردد هاريس، في الإعراب عن تعاطفها مع الطلاب الجامعيين المتظاهرين الذين عبّروا عن شعورهم بالذعر من الموت والدمار المنتشر في غزة، وحاولوا الضغط على مؤسساتهم الأكاديمية لقطع العلاقات مع "إسرائيل". وذهبت هاريس أبعد من ذلك في موقفها، إذ قالت لمجلة "ذا نايشن" الأميركية: "إنهم يظهرون بالضبط ما يجب أن تكون عليه المشاعر الإنسانية كاستجابة للوضع في غزة". وأضافت: "هناك أشياء يقولها بعض المتظاهرين أرفضها تماماً، لذا لا أعني أنني أؤيد وجهات نظرهم بشكل كامل. لكن علينا أن نتعامل مع الأمر. أفهم المشاعر الكامنة وراء ذلك".
هاريس ومؤشرات التباين مع سياسات بايدن
صحيح أن هاريس لم تعلن سياستها تجاه غزة بعد، لكن إحدى الإشارات المبكرة على أنها قد لا تحذو حذو بايدن في منح المجرم الإسرائيلي "عناق الدب"، بعدما احتضن بايدن نتنياهو على مدرج مطار تل أبيب في تشرين الثاني الماضي كبادرة رمزية لدعمه المطلق لـ"إسرائيل"ـــ كانت إحدى الإشارات عندما ألقى نتنياهو خطاباً أمام الكونغرس في 24 تموز الحالي، فاختارت عدم الحضور، وتذرعت بارتباطها مسبقاً بمناسبة في إنديانابوليس. إشارة إلى أن عدداً كبيراً من الديمقراطيين (وليس فقط التقدميين) في الكونغرس قاطعوا الخطاب احتجاجاً على استراتيجية نتنياهو في غزة.
أما الأمر الذي يعكس مدى التغيير الحاصل في الأيام الأخيرة في واشنطن، فهو قيام هاريس، وليس بايدن، بإلقاء تصريحات علنية بعد أن عقد كل منهما اجتماعات ثنائية مع نتنياهو، ومناشدتها لرئيس الحكومة الإسرائيلية قبول صفقة الأسرى، حيث قالت للصحفيين في تصريحات مقتضبة في البيت الأبيض في 25 الجاري: "دعونا نبرم الاتفاق حتى نتمكن من التوصل إلى وقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب". وتابعت "دعونا نعيد الرهائن إلى الوطن، ونقدم الإغاثة التي يحتاجها الشعب الفلسطيني بشدة".
في السياق عينه، أفاد تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" مؤخراً، أنه إذا أصبحت هاريس رئيسة، من المتوقع أن تستبدل بعض المهندسين الرئيسيين لاستراتيجية إدارة بايدن في غزة، بما في ذلك مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووزيرا الخارجية أنتوني بلينكن، والدفاع لويد أوستن. ومن المرجح كذلك، أن ترغب الرئيسة الجديدة في تعيين فريقها الخاص، ولكن أي تغييرات قد تفتح المجال لإمكانية اتباع نهج مختلف.
التحديات التي تواجه هاريس
سياسياً، تواجه هاريس معضلة تحديد ما إذا كان ينبغي لها أن تبتعد عن سجل بايدن في غزة، خصوصاً أن ثمة مشكلة انتخابية كبيرة بانتظارها، وهي تتمثل بوجود شريحة كبرى من التقدميين الديمقراطيين، الذين يرفعون الصوت علناً ضد بايدن لعدم وقفه شحنات الأسلحة إلى غزة، وامتناعه عن ممارسة المزيد من الضغوط على "إسرائيل" لإنهاء الحرب.
وما يزيد الأمور تعقيداً، هو تصويت أكثر من 650 ألف ديمقراطي "غير ملتزمين" في الانتخابات التمهيدية احتجاجاً على سياسات بايدن. وهذا بدوره يظهر أن حجم المعارضة لبايدن في الغرب الأوسط، قد يرجح كفة الانتخابات لصالح ترامب في الولايات المتأرجحة بما في ذلك ميشيغن وويسكونسن.
وبناء على ذلك، فإن أصوات هؤلاء الناخبين قد تشكل خطراً كبيراً على هاريس، إلا إذا نجحت في استقطابهم واستمالة عواطفهم من جديد.
في المحصلة، مثلما كانت الحال مع وعود بايدن خلال حملته الانتخابية، هناك دائماً فرصة أن يتغير ما تقوله هاريس أثناء حملتها الانتخابية بمجرد أن تتولى المنصب، فليس من المستبعد أن تمحو من قاموسها مصطلح المدنيين الفلسطينيين، وتبيح لـ"إسرائيل" بالتالي إبادتهم عن بكرة أبيهم. فهذه حال كل الرؤساء الأميركيين وهذا ديدنهم.
المسار الذي تتبعه هاريس بشأن الحرب على غزة، أشبه بسياسة الرقص على الحبال الرفيعة. فهي من جهة، لم تنحرف علناً عن نهج بايدن تجاه الحرب بدعم "إسرائيل"، ولكنها انتقدت علناً بعض السلوكيات الإسرائيلية تجاه المدنيين.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
مصير الضفة الغربية إلى أين؟
عقل صلاح
كيف نحبط الضم القادم؟
هاني المصري
هل من فرصة للنجاة؟!
جمال زقوت
تحية لمن يستحقها
حمادة فراعنة
قل لي: ما هو شعورك عندما ترى أحداً يحترق؟!
عيسى قراقع
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
استهداف الصحفيين بالقتل والاعتقال.. محاولة للتعمية على الجريمة الـمُدوّية
الأكثر قراءة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
عبدالعزيز خريس.. فقد والديه وشقيقته التوأم بصاروخ
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 78)
شارك برأيك
هاريس ترقص على حبال الإبادة في غزة.. أسلحتنا لـ"إسرائيل" وقلوبنا مع الفلسطينيين