أقلام وأراء
الإثنين 29 يوليو 2024 8:59 صباحًا - بتوقيت القدس
هل يؤدي صاروخ مجدل شمس إلى حرب؟
تلخيص
فتحت حادثة سقوط صاروخ على ملعب للأطفال في قرية "مجدل شمس" في الجولان السوري المحتل، البابَ على تحديات سياسية وميدانية على إثر اتهام إسرائيل لحزب الله بإطلاق الصاروخ من قرية "شبعا" الحدودية، وذلك على الرغم من نفي الحزب للقيام بالعمليَة، واعتبار أن ما حصل هو نتيجة سقوط صاروخ من القبة الحديدية المضادة للصواريخ الآتية من لبنان.
من هنا فإنّ ما حصل يمكن قراءة تداعياته بشكل أوسع من خطأ صاروخي، أو عملية مخطط لها، على اعتبار أن ما جرى يتزامن مع المفاوضات الحاصلة في روما بين أطراف الوساطة الدولية؛ لوقف الحرب في غزة، وذلك بالتوازي مع تحضير إسرائيل لورقة عمل سيجري طرحها في الاجتماعات التفاوضية مع الولايات المتحدة، وقطر، ومصر.
من هنا فإن التداعيات المباشرة للعملية ظهرت مباشرة للمتابين والمحللين، إن كانت تداعيات في لبنان، أو في إسرائيل، أو حتى في الإطار الإقليمي الواسع المتخوّف من تدحرج الأمور لتشمل الدخول في مسارات حربية خطرة.
الموقف الأميركي بعد عملية "مجدل شمس" بدا أكثر تصلبًا برفض مسار الحرب الواسعة، على اعتبار أنه لا يستطيع ضبط إيقاع أي تطور ميداني، وأن هناك أخطارًا من إمكانية تحولها إلى حرب
والتداعي الأهم في لبنان، هو تكريس حالة النزاع والانقسام الداخلي اللبناني مع الحدث، والذي هو استمرار لحالة الانقسام الأكبر المتعلق بالموقف المؤيد والمعارض لفتح جبهة الجنوب المساندة لغزة منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهذا الانقسام انسحب على حلفاء حزب الله أنفسهم والذين باتوا يصرّحون بشكل لافت بضرورة وقف العمليات العسكرية والدخول في المسارات التفاوضية المباشرة والتي تحاط برعاية إقليمية ودولية ظهرت من خلال حركة الموفدين الأجانب منذ بداية الحرب منعًا للتصعيد.
بالمقابل فإن الانعكاس الأهم لهذه الضربة هو حالة التمايز الحاصلة بين المكونات "الدرزية" في المنطقة، وتحديدًا بين الحالة السياسية التي يمثلها دروز لبنان بزعامة وليد جنبلاط، وبين دروز إسرائيل المنخرطين مباشرة في مساندة إسرائيل في المعركة الجارية في غزة، والجنوب من خلال شيخ الطائفة موفق طريف.
وبدا أن الضغط المتزايد على وليد جنبلاط الذي كان يرتبط بعلاقات واسعة مع دروز إسرائيل والجولان بات يثير تخوفات من انقسام مذهبي داخلي للحالة الدرزية ما يزيد الضغط أولًا على جنبلاط كزعامة تاريخية، وثانيًا على حزب الله الذي استفاد لسنوات من وحدة القرار الدرزي في لبنان وسوريا؛ لتغطية موقفه السياسي والميداني منذ العام 2006 إلى اليوم.
لكن الأهم واللافت كان تصريح الحكومة اللبنانية والتي أظهرت ببيانها المقتضب حالة من الخوف والخشية من انفلات الأمور جنوبًا، عبر تأكيدها على رفض استهداف المدنيين، والمطالبة بوقف الحرب الحاصلة في غزة والجنوب، بعد أكثر من تسعة أشهر من حالة الاطمئنان السياسي والعسكري.
وهذا الاطمئنان والذي كان يثير الريبة على المستوى الداخلي، ارتبط أولًا بالتنسيق الجاري بين رئيسها نجيب ميقاتي، وحزب الله على ضبط إيقاع الحرب وعدم تمددها، والثاني من خلال رسائل الطمأنة الأميركية والغربية بعدم إمكانية السماح بحرب واسعة بين الحزب وإسرائيل، على الرغم من الرغبة الإسرائيلية الجامحة للحرب مع حزب الله وتوجيه ضربات موجعة له..
على المستوى الإسرائيلي فإن اللافت أن يوآف غالانت وزير الحرب الإسرائيلي، والذي استبق عودة نتنياهو من واشنطن، أجرى تقييمًا للوضع العسكري مع قادة الأجهزة الأمنية، وحدد طبيعة الرد العسكري على حزب الله، وهذا يعني تفريغ اجتماع مجلس الحرب برئاسة نتنياهو من أي محاولة لنتنياهو للإمساك بزمام الحرب ومداها وطبيعتها، ما يثبت نظرية أساسية أن غالانت ملتزم بالضوابط الأميركية تجاه لبنان.
لكن السؤال الأبرز من كل ما يجري: "هل ستؤدي ضربة مجدل شمس إلى حرب" وبدا أن الجواب المنطقي هو لا، لكن الأكيد أنّ ما حصل سيترتب عليه ضربة إسرائيلية بالعمق اللبناني قد تكون من أكثر الضربات الموجعة لحزب الله، لكن قد يبرز هنا سؤال أهم، وهو: "كيف سيتعاطى حزب الله مع أي ضربة بالعمق"؟ على اعتبار أن حزب الله لايزال ملتزمًا بأداء ميداني عنوانه "ضربة مقابل ضربة".
أما على المستوى الأميركي، فإن واشنطن التي استقبلت نتنياهو منذ أيام باحتفالية استعراضية في الكونغرس، أعادت التأكيد أمامه على رفضها خيار الحرب مع لبنان لاعتبارات متعددة، من هنا برزت قبيل العملية بساعات تصريحات المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين الذي أعاد خلال مقابلة له تثبيت فكرة التّرابط بين جبهة لبنان، وجبهة غزة.
وهو ردّ مبطن على محاولة إسرائيلية للفصل بين الجبهتين، إما من خلال حل دبلوماسي يسبق وقف الحرب في غزة، وهذا المسار مرفوض من قبل حزب الله، وإما من خلال ما اقترحه نتنياهو خلال زيارته لواشنطن بشنّ عملية عسكرية محدودة ضد لبنان تفرض عليه التفاوض لوقف النار قبل انتهاء الحرب في القطاع.
بالمقابل فإن الموقف الأميركي بعد عملية " شمس" بدا أكثر تصلبًا برفض مسار الحرب الواسعة، على اعتبار أنه لا يستطيع ضبط إيقاع أي تطور ميداني، وأن هناك أخطارًا من إمكانية تحولها إلى حرب، وهذا الموقف جرى مواكبته من خلال اتصال هوكشتاين أمس بالزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وتعمد البيت الأبيض تسريب مضامين المكالمة.
وإلى جانب مواقف هوكشتاين لا تزال مؤشرات التخوف الأميركية قائمة، وتجلى ذلك بالقرار الذي اتخذه بايدن حول السماح ببقاء اللبنانيين المنتهية تأشيراتهم في الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تطورات الوضع بين حزب الله وإسرائيل، وثمة اعتقاد أن الأميركيين يعتبرون ما حصل أمس في " مجدل شمس" فرصة مواتية لفرض المسار التفاوضي عبر فصل الساحات من خلال إبراز حالة التوتر المحتملة من الجانب الإسرائيلي.
بالمقابل برزت زيارة نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الموارد البشرية إلى لبنان، وهي كانت بدافع البحث في كل خيارات عمليات الإجلاء للأميركيين القاطنين في لبنان والاطلاع على الوضع بشكل مباشر في حال تطورت الأوضاع، وهذا يعني أن واشنطن غير واثقة تمامًا مما يمكن أن يقدم عليه بنيامين نتنياهو.
لكن وعلى المديين المتوسط والبعيد يعزز ما حصل أمس سردية الكيان الإسرائيلي أن حزب الله بات مشكلة أمنية إستراتيجية يجب الغوص في تفاصيل إبعاد خطرها عن الحدود، مع خروج الأمر من كونه أزمة نزوح لأكثر من مئة ألف مستوطن في الشمال، وتحول الخطر بالنسبة لإسرائيل باتجاه مناطق أخرى، وتحديدًا مناطق الجولان المحتل، وهنا تختلط التحديات باعتبار أن حل هذا الأمر مرتبط أولًا بانقشاع غبار المعركة الرئاسية الأميركية وانعكاساتها على الداخل الإسرائيلي، وطبيعة علاقة أي إدارة مستقبلية في واشنطن مع إيران.
من هنا يمكن أن يفهم خطاب كامالا هاريس خلال استقبالها نتنياهو في محاولة لمخاطبة مشاعر الشباب الأميركي الممتعض من موقف بايدن، حيث جرى إلغاء الكلمة المشتركة بين بايدن ونتنياهو بعد لقائهما، وترك الموقف الرسمي لنائبته المرشحة الرئاسية أن تعلن هذا الموقف.
لكن الأكيد أن لبنان كما كل المنطقة، في حالة انتظار لما ستسفر عنه هذه الضغوط والتي في حال لم تنجح فإن مؤشرات التصعيد ستكون أكبر، وخاصة أن حادثة "مجدل شمس" ستفتح الباب على محاولات نتنياهو للتسرب داخل حالة الفراغ والصراع الممتد من واشنطن إلى الشرق الأوسط.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
هل يؤدي صاروخ مجدل شمس إلى حرب؟