أبحر صالون القدس الثقافي في رحلة  على سفينة  فنان القدس طالب دويك وخاض غمار عالمه  الذي  شارف على نصف قرن من الزمان ، شكل فيها حالة فنية نموذجية ذات جماليات وخصوصيات  مدهشة وترك بصمة على جدار الفن التشكيلي الفلسطيني العالي . وخلال دردشة مستفيضة معه في فندق الدار  في صالون القدس الثقافي نظمته مؤسسة الدار الثقافية بإشراف المهندس سامر نسيبة ،  فتح عقله وقلبه ورسم لوحة مدهشة لمحطات سريعة في مسيرته وحياته الفنية الحافلة ،  التي اتخذت من الفن رسالة وطنية وانسانية في قالب جمالي بعيدا عن الشعاراتية الفجة والمباشرة  المقيتة 

‎والفنان دويك صاحب اللوحات الجمالية المبهرة والاسلوب الرمزي التعبيري الاخاذ  ، حاز على جوائز عالمية وعربية  فلسطينية عديدة ،  ولفت لوحاته المدهشة في معارض 

جالت ربوع العالم ونافت على 25 دولة حول العالم .

‎الفنان .. ابن بيئته ..؟            

‎وصف دويك ،  الفنان " بأنه ابن بيئته يجسد هويته وقضيته الوطنية والإنسانية دون دغدغه  كاذبة لعواطف الناس ، وهو يعمل على احترام ذكاء وثقافة ناسه ، ويوصل رسالته في قالب فني يمتلك عنصر الجمال  وإنجاز  عمل فني متكامل بعيدا عن الأسلوب المباشر المفتقر للإبداع  او غير الناضج وإنما  يجب  ان تكون له أبعادا  رمزية تشير  للقضية الام  ومضمونا يحمل رسالة عظيمة  ، فالفنان هو ابن الزمان والمكان وضروري ان يعبر عن بيئته بابتكار وابداع  ، فهذه فلسطين سيدة الارض وجوهرة التاج  ، وانا شخصيا اسُوق فني وأعطيه من روحي واسكب فيه مشاعري واحاسيسي لاكساب لوحاتي معاني شفافة وعميقة  ، كي امنحها  قيمتها الفنية العالية  " .  

‎جوائز من ربوع العالم ..؟!

‎واعرب عن افتخاره بجائزة الشراع الذهبي بحكم علاقته ومشاركته بمهرجان تونس للفنون والذي يشارك فيه فنانون من مختلف أنحاء العالم  والذي استفاد منه مزيدا من الخبرات واكتسب تقنيات فنية جديدة بحيث أنه بات راضيا عن مسيرته الفنية الحافلة والتي توجت بحصاد محترم من الجوائز  ،  بعضها  من العيار الثقيل  منها جائزة الفنان الروسي نيقولاي وهي جائزة القدس للثقافة والابداع  وجائزة من الدولة التونسية  عن لوحة البوابات الالكترونية التي صور فيها باب حطة والتيار البشري الفلسطيني الهادر و المتنوع والمتدفق نحو الاقصى المبارك  وهو يدوس على البوابات ويدخل إلى المسجد بهامات ورؤوس  مرفوعة تجسد فسيفساء  اهل القدس من مسلمين  ومسيحيين في حالة مدهشة من التوحد ونشوة الانتصار ،  للدفاع عن مقدسات الشعب الفلسطيني

وهذه اللوحة اقتناها الرئيس الفلسطيني ،  نظرا لمدلولاتها العميقة  وجماليتها  الرائعة . ‎كما أشار إلى لوحات  فنية من انتاجه  وابداعه اهديت من مؤسسات إلى شخصيات مرموقة منها ،  مي حريري والشيخ القاسمي حاكم الشارقة والملك عبدالله الثاني  وأحد رؤساء تونس السابقين  ، وحصوله على وسام الثقافة  والفنون والعلوم والاداب مع درجة الابتكار وكونه بات محكما لفرز الفنانين الشبان والتأشير على مشاريع المؤسسات الفلسطينية وتقييم ادائها الفني  وجائزة  ووسام الرئيس الفلسطيني الذي اقتنى احدى لوحاته الفنية تكريما لمسيرته وعطائه الفني المميز .

‎فنان مستقل ومتوهج ..  ؟!

‎وعاش الفنان طالب دويك حياته الفنية المستقلة والمعتمدة على جهوده الفردية  والذاتية  ، حيث عاصر خمس وزارات ثقافة فلسطينية  وشارك في عشرات المعارض الفنية حول العالم وكان المؤسس لكلية الفنون الجميلة في جامعة القدس إبان عهد د.سري نسيبة والتي اشتملت على أساليب فنية متنوعة من رسم ونحت وخزف وغيره وخرجت مئات الفنانين والفنانات بعد   

أن كان الفنانون يعدون على أصابع اليد الواحدة  ..! 

‎والحقيقة يصعب تتبع عديد

 المؤسسات والفعاليات التي كان فيها بصمة واضحة لهذا الفنان الذي اتخذ من الفن رسالة هادفة وكرس حياته من أجله وله مرسمان في القدس والاردن وأطلق العديد من المبادرات الفنية من نبض القدس وهو معرض فني لف كل أرجاء فلسطين ومعارض مستوحاة من أشعار محمود درويش إلى  " الأيقونة "  الفنية التي تنشط في هذه الفترة وتنجز ابداعات  فنية فيها نصيب مهم للفنانين والفنانات الشبان وعلى  الطريق معرض لفناني القدس في متحف العودة في عمان بادارة الاعلامي جودت مناع . 

‎الفنان الرمزي التعبيري..

‎والفنان دويك هو من المدرسة التعبيرية الرمزية  التي تجسد الطبيعة  الفلسطينية  الجميلة ولها  نصيب وافر في لوحاته ،  وتتجلى في لوحاته  رموز الشمس والقمر بأشكال مثيرة ومدهشة  ومتجددة وكذلك عرق وورق الزيتون رمز فلسطين التاريخية وما تعكسه من دلالات ورموز معينة وهو فنان متجدد حيث ابدع ظاهرة معرض الصاج وهو من ادوات التراث الفلسطيني العريق وورق الأرز في معرض كامل متكامل وجداريات مقدسية  منها  جدارية حي امليسون في  جبل المكبر وفي القلب من مضامين ومحتوى  لوحاته مدينة القدس لب 

الصراع وأم البدايات و النهايات .

‎ومتى صار للفنان بصمة ، وبدأ الجمهور يبحث عنه ، معنى ذلك انه حقق ما يريد من مكانة فنية محترمة ومرموقة . 

‎حذاري  ..من الفن الاصطناعي ..؟!

‎وحذر الفنان دويك من ظاهرة ما يسمى  بفن الذكاء الاصطناعي التي تعتبر أكبر أداة لتشويه الفن الحقيقي  ، واستشهد بمقولة للشيخ الغزالي تقول " الابداع هو نوع من النوم النشيط يأتي من الشعور واللاشعور " ، فكل لوحة لها وقتها وظروفها وأحاسيس ومشاعر وافكار  الفنان في تلك اللحظات  من الولادة الفنية ..؟!  كما نبه إلى غياب الراعي الحقيقي للفنان في مدينة القدس حيث أن الاهتمام بالمدينة هامشي ومحدود . ونوه إلى المضايقات التي تعرض لها شخصيا من الاحتلال عبر منعه من السفر واتهامه بالتحريض 

وإغلاق ومنع  المعارض عندما كان رئيسا على مدى ست سنوات  لرابطة الفنانين التشكيليين الفلسطينيين  بين اعوام 1990 و 1996  والانطلاق في معارض في إيطاليا واسبانيا و النرويج  ،  وهذا دليل على اهمية الفنان المثقف وتأثيره في الرأي العام  . ولا ننسى المعرض المشترك لفنانين روس وفلسطينيين في القدس - الحكواتي وفي مركز بوتين الثقافي في اريحا وفي بيت لحم . 

‎سامر نسيبة : الفن ركيزة مهمة 

‎واعتبر المهندس سامر نسيبة ان الفن هو جزء من حركة التحرر الوطني يشهد حالة من التمدد والتوسع والانطلاق  ، بموازاة النهوض والصعود الوطني العام  وينكمش ويتراجع في حالة الهبوط  والجزر  ، فهو ليس معزولا  عن محيطه الاوسع . 

‎والحركة الفنية الفلسطينية واكبت هذا النهوض من اوخر السبعينات حتى بداية التسعينات من القرن الفائت وتراجعت بتراجع الوضع العام . والفن هو أحد اهم السبل للتعبير والحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة وركيزة أساسية في ثقافتنا الوطنية والإنسانية  ، ورأينا ذلك في قدرة الفن في التعبير عن نكبات الشعب الفلسطيني وتهجيره ومعاناته عبر الحدود و كان للفنان دورا رئيسيا في الانتفاضة الأولى كما نعلم جميعا  .