أقلام وأراء
الثّلاثاء 23 أبريل 2024 9:13 صباحًا - بتوقيت القدس
مَرض"الوطنّي الوحيد"
تلخيص
من أعراض هذا المرض أن المصاب به وكي يثبت وحدانية وطنيته يحتاج دائمًا إلى حذف الآخرين والتقليل من شأنهم وخصوصًا أولئك الذين قد يقاسمونه وطنيّته.
عانت الحركة الوطنية الفلسطينية وما زالت تعاني من ظاهرة "الوطني الوحيد" ويبدو أنّه مرض أو فيروس "الوطني الوحيد" كان وسوف يستمر إلى ما شاء الله.
هناك من يحتكر المشاعر الوطنية لأنّها تخصّه هو وحده فقط، ولا يمكن أن يعيشها غيره.
الوطني الوحيد معجبٌ بنفسه إلى درجة أنّه لا يرى ما يدور من حوله، والأنكى من هذا أنّه لا يريد أن يرى، وإذا رأى فهو يتجاهل، كي يبات ليلته مرتاحًا مطمئنًا بأنّه لا وجود لوطنيين غيره أو على درجته التي تقترب من درجة الشهيد.
من أعراض هذا المرض أن المصاب به وكي يثبت وحدانية وطنيته يحتاج دائمًا إلى حذف الآخرين والتقليل من شأنهم وخصوصًا أولئك الذين قد يقاسمونه وطنيّته.
فما من تنظيم ولا هيئة ولا مؤسسة ولا مشروع ولا شخصية ولا جمعية، إلا وله عليها ما يقال فيغمز من طرفها، ويقلّل من قيمة عملها، بل ويشكّك في نواياها ودوافعها ومن يقف وراءها.
فهذا داجن أو في مراحل أولى أو متقدّمة من التدجين، وذاك انتهازي مُحترف، وذاك لا يرى أبعد من أنفه، وذاك رجعي بامتياز، وذاك متخلّف، وذاك يتمسكن حتى يتمكّن، وذاك يتآمر مع الأعداء من تحت الطاولة، وتلك حالة مأزومة تتاجر في القضية، وآخر جبان لم يقدم للقضية شيئًا، يقول ما لا يفعل، يعني لا يوجد مخلوق في هذا الوطن أو خارجه ومن أي فئة كانت إلا ويجد له نقيصة ومذمّة، كل هذا كي يبقى هو الوطني الوحيد، ويلبّي رغبته في التميّز والتفوق على الآخرين، وكأنّ حضرته يستشهد مع كل شهيد ويعيش الأسر مع كل أسير ويجوع مع كل جائع، بينما الآخرون انتهازيون لا يستشهدون ولا يصابون ولا يؤسرون ولا يجوعون ثم يدّعون أنهم وطنيون.
هنالك انتهازيون وتجّار في القضية ورابحون وخاسرون، بل وخسروا كل شيء، وهنالك من يضحّون وهناك من يقبضون الثمن، وهنالك خونة، كلُّ هذا موجود، ولكن مرض "الوطني الوحيد" لا يقل خطورة.
وفي الواقع فإن الضرر الذي يسببه مرض الوطني الوحيد لا يقل عن مرض الانتهازيين الذين يهاجمهم، لأنّه يمارس نوعا آخر من الانتهازية، ويريد أن يخلي السّاحة كي يبقى وحيدًا يشار إليه بالبنان، وهذه ظاهرة ليست جديدة، بل وقديمة جدًا، وقد مورست في حقبة معينة سياسة "التكفير الثوري" لكلّ المختلفين، وحتى إلصاق صفة الخيانة والعمالة وقبض الأموال من وراء المحيط للمختلف.
هذا بالطّبع لا يخدم قضية، لأنّ الوطني الوحيد ضعيفٌ في وحدته، وسيكون مُنفّرًا غير مُؤلّف ومفرّق وليس مُجمِّعًا، وذلك بعدما أثار الشّكوك بكل الذين من حوله، وبث بينه وبينهم رياح الكراهية والغيرة وحتى الحقد والعداء والتنافر، وهذا سبب كبير للإحباط، وتعطيل لسلاح وحدة المقموعين والمضطهدين والواقعين تحت احتلال شرس يسعى لتجريدهم من إنسانيتهم.
الوحدة لا تعني أن يكون الجميع حاملين لنفس الفكر، وليس لدى جميعهم نفس القدرات على التحدي والمواجهة، ولا نفس مستوى الوعي. الوحدة هي أن تكون كلُّ هذه الأطياف مجتمعة على الهدف الأكبر وهو مواجهة الخطر الأكبر.
شعبنا متعدّد الاتجاهات والمذاهب والطوائف والشرائح الاجتماعية، ومتعدّد في مستويات الوعي، وهو مؤلف من فصائل وتيارات حزبية متعدّدة، ولكنّ أكثرية أبناء شعبنا غير منتمية لأي فصيل أو حزب أو تيار فكري.
ولا يمكن لشعبنا ولا لأيّ شعبٍ آخر أن يكون موحّدا في مشاعره وفي قدرات واستعداد أفراده للعطاء، ولهذا فإن العمل الوطني الصادق هو الذي يجمّع أكثر ما يمكن من مختلف الفئات وليس ما يفرّق بينهم.
مرض "الوطني الوحيد"، ممكن أن يعاني منه السّياسي القائد وغير القائد، والصَّحفي والكاتب والناقد الأدبي والتاجر وصاحب المهنة الحرة والعاطل عن العمل وحتى المناضل في الميدان.
هنالك الكثير مما يقال عن كلّ فصيل ومجموعة ومؤسّسة وجمعية وقيادي ومواطن عادي أو قيادي، وعن موقف وتصرّف سكان منطقة جغرافية، ولكنّ الشُّعور بالمسؤولية يفرض تنازلات لصالح سلّم أولويات، وهو الذي يجب أن يوجّه ويحدّد تصرفاتنا في مواجهة المخاطر الكبيرة الماثلة أمامنا، فالقضية في النهاية ليست تسجيل مواقف فقط، فالموقف يقاس بما حقّق لصالح القضية الأساسية، وهي قضية وجودنا واستمراره في وطننا، في مواجهة أشرس هجمة على شعبنا كلّه منذ النكبة حتى يومنا.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
"العمل": صرف دفعة مالية جديدة لمساعدة عمال غزة المتواجدين في الضفة
الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي
الأكثر قراءة
"حماس" تنفي انتقال قياداتها من قطر إلى تركيا: أنباء غير حقيقية
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
مَرض"الوطنّي الوحيد"