Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 19 أبريل 2024 9:50 صباحًا - بتوقيت القدس

"اسرائيل" ومأزق الرد وعدم الرد

تلخيص

يبدو أن طهران ودعت إلى غير رجعة سياسة الإحتواء، وتخلت عن مقولة "الصبر الإستراتيجي"، وتخلى ناسج السجاد العجمي قطبة قطبة بتأن وصبر، كي يخرجها تحفة فنية، عن نَفسه الطويل في النسج، وذلك بعد أن أنجزت ايران بناء قدرات عسكرية وتسليحية وتكنولوجية وسيبرانية وجيوفضائية كبيرة جداً، فيها الشيء الكثير من التطور التقني والعسكري والتكنولوجي والعلمي، وبالذات المسيرات الحديثة من طراز" شاهد 149" التي اختبرها الروس في تدمير الدبابات والآليات والقطع العسكرية الأوكرانية، وكذلك الصواريخ الفرط صوتية ذات المديات الطويلة والإصابة الدقيقة والرؤوس التفجيرية والتدميرية الكبيرة جداً، ومنظومات الدفاع والحماية الصاروخية والاعتراض الجوي ذات الكفاءة العالية، التي اختبرت في إسقاط أحدث طائرات التجسس الأمريكية غلوبال هوك، في حزيران 2019 في مضيق هرمز فوق المجال الجوي الدولي.


إيران بعد قصف قنصليتها في دمشق، ورفض امريكا ودول الغرب الإستعماري، في مجلس الأمن الدولي إدانة هذه العملية التي خرقت القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بشكل سافر، لم يكن أمامها من خيارات، إلا ان ترد على ذلك، فهذا الرد يتعدى الرد على إستهداف القنصلية الى رد يتصل بفرض معادلات اشتباك وقواعد ردع جديدة، وهو كذلك يتصل بالكرامة الوطنية والسيادة والردع بالنسبة لإيران، وعدم القيام به يضر بالمصداقية والثقة والهيبة الإيرانية، أولاً أمام الداخل الإيراني، الذي طالب برد قاس ومؤلم، وكذلك سينعكس ذلك سلباً على حلفائها ومحورها في المنطقة والإقليمي، وأيضاً عدم الرد يعني السماح لاسرائيل بفرض قواعد اشتباك ومعادلات ردع جديدة، ويجعلها في المستقبل تتمادي أكثر وأكثر، ليس بقصف اهداف ومواقع عسكرية وأمنية ودبلوماسية ايرانية في سوريا والعراق، بل قصف اهداف ومنشآت واغتيال قادة عسكريين وسياسيين وعلماء في قلب طهران، ومن هنا جاء الرد ممهوراً بتوقيع المرشد الأعلى والقائد العام لقوات المسلحة الإمام علي خامينيئ، وأحيل الرد توقيتاً ومكاناً وحجماً الى الجهاز التنفيذي، وبقرار المرشد، هذا الذي لم تتوقعه لا أمريكا ولا اسرائيل، بات القرار ملزماً، وإن كانت ايران كجزء من المحور الداعم والمشارك في الدفاع عن قطاع غزة ومقاومتها ، كانت مستعدة للتخلي عن الرد في سبيل وقف إطلاق نار دائم وإنسحاب اسرائيلي شامل من القطاع وعودة نازحي الشمال وإنجاز صفقة تبادل تستجيب لمعظم مطالب المقاومة الفلسطينية، ولكن عدم تحقيق ذلك ورفض اسرائيل الإستجابة له، جاء الرد الإيراني، الذي في إطار الإستعداد والتحضيرات له، عاشت اسرائيل حكومة وقيادة عسكرية وامنية وسياسية، حالة من الإرباك والقلق والتخبط والهوس والإستنفار، ووضع المجتمع الإٍسرائيلي وجبهته الداخلية في حالة نفسية غير مسبوقة، إضطر الناطق العسكري باسم الجيش الإٍسرائيلي لمخاطبة الجمهور، بعدم التهافت على تخزين المواد الغذائية وعبوات المياه، وأيضاً عدم التسابق على سحب النقود من ماكنات الصرف الآلي البنكية، لأن من شأن ذلك خلق حالة هستيريا بين الجمهور ووضعه في ضغط نفسي كبير.

أمريكا واسرائيل لم تتوقعا تخلي ايران عن سياستها التقليدية بالإحتواء، وموقف المرشد الأعلى ، الذي شكل تطورا في الموقف الإيراني وجرعة كبيرة من التحدي والتغير في الموقف.

حالة من الإرباك والتخبط سادت المقاربات الأمريكية والإسرائيلية حول الرد على الهجوم الإيراني، هذه المقاربات ادت الى تغير المواقف بزمن قياسي، فمن نصيحة بعدم الرد، والإكتفاء بهجوم دبلوماسي وفرض عقوبات على ايران والحرس الثوري، الى قرار بالرد واجماع عليه من قبل مجلس الحرب الإسرائيلي، وفشل في تحديد موعده وحجمه، فالبداية أمريكا ومعها حلفاءها الأوروبيين، نصحوا اسرائيل، بأن تحتفل بالنصر الإستراتيجي، بإسقاط 99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية، ولكن بعد إنكشاف الحقيقة، ان الصواريخ الإيرانية استطاعت الوصول الى القاعدة الإستخبارية "نيفاطيم" التي اتخذ فيها قرار القصف للقنصلية الإيرانية، ومطار رامون الذي انطلقت منه طائرات " اف 35" لقصف القنصلية الإيرانية، وبأن هذا الهجوم الإيراني غير المسبوق الذي تتعرض له اسرائيل يستوجب الرد، لأنه يمس بقدر كبير بقوة الردع الإسرائيلية وبالأمن القومي الإسرائيلي، ولذلك تلاشت الفوارق بين الموقف الإٍسرائيلي والموقف الأمريكي والأوروبي الغربي، وباتت الرد ضروريا، ولكن ان يكون مضبوطا ومحدودا، ولا يؤدي الى " تهور" ايران وإشعالها للمنطقة، ووصل الأمر بالرئيس الأمريكي بايدن، المفتخر بصهيونيته للقول بأن الحرب اذا ما توسعت، فإن أمريكا ستشارك فيها الى جانب اسرائيل، لأنه حسب زعمه بأن ايران تريد ان تمحو الدولة اليهودية من العالم بشكل نهائي عن الوجود.

ايران اعلنت جهوزيتها للرد، سواء كان بإستهدف اراضيها ومنشآتها النووية وبرامج صواريخها الباليستية ومصانع المسيرات والأسلحة، او تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب داخل ايران، او المس بمؤسسات ايران وبعثاتها الدبلوماسية ووجودها العسكري والأمني في المنطقة.

ايران قالت بأن ردها على أي هجوم إسرائيلي داخل ايران أو خارجها، ولو كان محدودا، سيجري الرد عليه بشكل مؤلم وقاس، وسيكون عشرات أضعاف الرد السابق، وأبلغت أمريكا بان قواعدها العسكرية في المنطقة ستكون عرضه للقصف إذا ما شاركت في الرد الإسرائيلي على ايران، وكذلك دول حلف " الناتو" العربي المصغر، التي تتواجد في اغلبها، ان لم يكن جميعها قواعد أمريكية، تبلغت رسالة ايران، بان تقديمها أي تسهيلات لإمريكا أو إسرائيل، بفتح اجوائها وأراضيها للهجوم على ايران، سيضعها في حالة من العداء مع طهران.

دخل الأميركيون والإسرائيليون في مرحلة الحسابات الدقيقة لمخاطر ومكاسب الرد وعدم الرد على عملية الردع الإيرانية ليل 14 نيسان، ردا على الغارة الاسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، حيث ان كلا الخيارين محفوف بمخاطر، أقلّها التسليم بموازين جديدة تكون لإيران اليد العليا فيها على مستوى المنطقة، وما لذلك من انعكاسات على مكانة إسرائيل الإقليمية وهي في قلب حربها الخاسرة على جبهات غزّة ولبنان، واستطرادًا على النفوذ الأميركي في المنطقة التي تمثل إسرائيل القويّة المهيمنة قاعدته الرئيسية. وبالمقابل فإن الرد يفتح الباب لمواجهة تبدو إيران جاهزة لخوضها وقد أعدت لها عدتها، رغم تأكيدها أنها لا تسعى إليها لكنها لا تخشاها، وحتى منتصف ليل أمس الاول، كانت المعادلة المعلنة تقوم على أن القرار يعود لاسرائيل، وأن واشنطن تحترم ما سوف تقرره تل أبيب وأنها تلتزم بحماية اسرائيل، مهما كان قرارها، بينما تحت الطاولة يستمر التشاور الأميركي الإسرائيلي على مستوى الخبراء لبلورة جواب يتيح ردا لا يؤدي الى المواجهة المفتوحة او إلى رد إيرانيّ أشد قسوة، وهذا ما ظهر في تردّد مجلس الحرب في إسرائيل تجاه بلورة قرار واضح.

الحجيج الأوروبي الى إسرائيل ممثلاً بوزراء خارجية بريطانيا ديفيد كاميرون ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، للوقوف الى جانب إسرائيل وخلف خياراتها وقرارتها، يذكر بالحجيج الأمريكي والأوروبي الغربي، قادة وجنرالات، بعد معركة 7 أكتوبر، حيث حضروا من أجل المصادقة على الخطط الإسرائيلية ومشاركتها في شن حربها على قطاع غزة ومقاومتها و"اجتثاث" حركة حماس، ولكن هذه المرة فان الحجيج، يأتي من أجل إقناع إسرائيل بعدم الرد أو برد مضبوط ورمزي، لا يستثير حفيظة ايران وما يسمونه بتهورها، بما يقود الى خروج الأمور عن السيطرة ، والذهاب الى حرب إقليمية شاملة مدمرة، وقالوا بأنهم سينفذون سلسلة عقوبات بحق ايران وحرسها الثوري واعتباره منظمة "إرهابية".

إسرائيل أرادت من عدونها على القنصلية الإيرانية في دمشق ، ان تكون مصدر تظهير لإستعادة قوة ردعها، ولكنها جاءت كمصدر لتظهير الردع الإستراتيجي الإيراني.
لم يعد هناك تباين أمريكي -إسرائيلي بعد مرحلة الرد الإيراني، فهناك حالة من التخبط والإرباك، وهذا ما نشهده من التأجيلات المستمرة للرد الإٍسرائيلي، والتنسيق المتواصل والمستمر أمريكياً وإسرائيلياً واوروبياً، لبلورة مخرج لهذا المأزق لا يذهب الى التحدي، ولا يسلم بخسارة قوة الردع، ولكن يبدو ذلك وهماً ودرباً من الخيال حتى اللحظة، فتارة يتحدثون عن رد دبلوماسي وسيبراني، واخرى يتحثون عن رد مؤلم وصادم، ومن ثم عدم القدرة على إتخاذ القرار.
كل المعطيات تقول بأن هناك تحولات كبرى واستراتجية تحدث في المنطقة، ومن شأنها ان تقود لوقوع المواجهة الكبرى.

دلالات

شارك برأيك

"اسرائيل" ومأزق الرد وعدم الرد

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 79)