أقلام وأراء
الأربعاء 28 فبراير 2024 9:43 صباحًا - بتوقيت القدس
كيف تبدو خريطة الأحزاب الإسرائيلية إذا جرت الانتخابات اليوم؟
منذ انطلاق عملية التسوية في أواخر عام 1991 باتت إسرائيل تشهد نوعاً من عدم الاستقرار في نظامها السياسي، ويتجلى ذلك في تغير حكوماتها، وعدم استكمال الكنيست دورته الانتخابية (ومدتها أربعة أعوام)، والتوجه نحو انتخابات مبكرة بين فترة وأخرى بسبب الخلاف بين تياراتها وأقطابها، وعدم حسمهم بشأن كيفية التعاطي مع هذه العملية.
تبدو اليوم الساحة الإسرائيلية بعد الحرب على غزة مختلفة عما قبل 7 أكتوبر، وحسب ما يجري من استطلاعات الرأي والتي تشير إلى تقدم غانتس المعارض لنتنياهو وحلفه بشكل كبير، وفي نفس الوقت تراجع حزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش، الذي وحسب صحيفة معاريف الإسرائيلية لم يصل لنسبة الحسم إذا ما جرت الانتخابات اليوم، وتقدم المعارضة لتحصل على 71 مقعد في الكنيست مقابل 44 لحلف نتنياهو.
امتاز هيكل النظام الانتخابي في إسرائيل بالتغير وعدم الاستقرار، وخلال ذلك لا يلقى سلم تراتبية القوى الحزبية في إسرائيل إجماعاً خاصة من قبل الفاعلين في الساحة الإسرائيلية، فسرعان ما تتحول الأصوات الانتخابية إلى السباحة عكس التيار، والبحث عن حزب يوفر لهم الأمن، وهو ما ينشدوه دائماً، غير أن الحاصل اليوم هو حالة عدم رضاً في الشارع الإسرائيلي من حكومة اليمين المتطرف وما جلبته من ويلات كثيرة على الإسرائيليين، منها تغيير القانون العام، والبطش بالعلمنة واتهامها بالكفر والزندقة ومحاولاتهم تغيير البيئة الحياتية إلى جحيم، ويتعارض هذا حتماً مع أيدلوجيا جل الإسرائيليين أصحاب التوجه العلماني.
فهنالك مرحلة مفصلية تمر بها إسرائيل اليوم وهي المظاهرات وأشكال أخرى رافضة لنهج نتنياهو في إدارة الأزمة، وتلكؤه في صفقة تحرير الرهائن، فانطلاقاً مما تشهده إسرائيل هذه الأيام من دلالات ومعالم انتقال نحو تغيير الخريطة الحزبية باتجاه التحول إلى العلمانية، في ظل التجربة التي مر بها المجتمع وحكم اليمين وسيطرته على كل مفاصل الدولة، بما يخدم الفئة المتدينة على حساب الأطياف الأخرى.
ولعل الطبيعة الحزبية المتشاكسة في إسرائيل كانت العامل المساعد في اختفاء أحزاب وبزوغ نور أحزاب أخرى، فقد شكل عامل الاختلاف أرضية صلبة في عدم الارتهان على حزب على مدار الوقت، فالمتمرسين خلف أي حزب باتوا على قناعة بأن العمر الزمني لأي حزب له عمر وزمن محدد، فحزب العمل على سبيل المثل ولد قوياً وهو الآن في مرحلة الشيخوخة، وربما يعلن عن وفاته في أقرب انتخابات قادمة، وهذا أيضاً ينسحب على الليكود الذي بدأت أسهمه تتهالك بعد أحداث 7 أكتوبر.
إن ملاحظة هذه التطورات، ورؤية التناقضات والتعارضات في بنية المجتمع "الإسرائيلي" اليهودي الحزبية على أرض فلسطين التاريخية، والجذور التي يعود إليها اليهود بقومياتهم المختلفة مثلاً من حيث التوجهات الدينية العامة، يسعى التيار الديني القومي لدفع المجتمع بأسره نحو التدين الجماعي، فعمد هذا التيار إلى الاهتمام بمقتضيات التدين على الصعيد الشخصي، حيث يتخذ موقفاً فقهياً من المرأة، ويرفض مشاركتها في الحياة السياسية والأكاديمية ومختلف مناشط الحياة المختلفة، وهذا جوهر الخلاف بين اليمين المتطرف الديني واليساري والعلماني، حتى اليمين العلماني الذي يمثله نتنياهو يختلف مع القوى الصهيونية الدينية في الجوانب الدينية، لكن هنالك توجهات أخرى لها علاقة بالبعد السياسي، وهي من تجمع الدين مع العلمانية، وتبقى مصلحة نتنياهو في هذه المرحلة مع أعدائه فكرياً.
وفي هذا السياق العام، ورغم أن العلمانيين هم أصحاب فكرة المشروع والدولة على أرض فلسطين، مما مكنهم ليس فقط من قيادة المؤسسات العسكرية والسياسية التي دشنت في فلسطين قبل الإعلان عن الدولة، بل إنهم مثلوا عماد المؤسسات الحزبية والتعليمية، والثقافية والإعلامية، والبنى الاقتصادية، وقد أسسوا نقابة العمال التي قامت على ظهرها الدولة، وشكلوا أيضاً الذراع العسكرية "الهاجاناه" التي أصبحت فيما بعد نواة الجيش، لكنهم باتوا كما لم يكونوا من قبل كقوة مؤسسة ذاع صيتها.
قد مكن التفوق الديمغرافي العلمانيين الغربيين من اكتساح الانتخابات التشريعية التي نظمت بعد الإعلان عن دولتهم الجديدة، وهو ما جعلهم يمثلون النخبة السياسية، من خلال الانفراد بتشكيل الحكومات المتعاقبة واحتكار الغالبية المطلقة في الكنيست.
إن التحولات السياسية الحاصلة في إسرائيل تعبر بمجملها عن تنامي شعور الإسرائيليين بالخطر الوجودي الناجم عن ضعف استقرار البيئة الأمنية في الشرق الأوسط عموماً، وتنامي نفوذ إيران في هذه المنطقة، وصعود قوى المقاومة بأشكالها المتنوعة، وهذا مؤشر آخر يتمحور حول الكل الإسرائيلي بمشاربه المختلفة، وهذا المشهد شبيه بأعراض الخوف الذي يوحد الكل ضد الخطر، لكن سرعان ما يزول.
الخلاصة، أن الساحة الحزبية في إسرائيل تشهد حراكاً يتم معه رسم الخارطة الحزبية الإسرائيلية من جديد؛ فهناك حالات اتحاد بين حزبين أو أكثر، وهناك انقسام داخل الحزب الواحد أو الكتل الحزبية، وهناك ولادة أحزاب أو كتل حزبية جديدة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
كيف تبدو خريطة الأحزاب الإسرائيلية إذا جرت الانتخابات اليوم؟