نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"  يوم الجمعة ، 2 شباط 2024 ، المقال الأسبوعي لكاتب العمود الشهير، توماس فريدمان، تحت عنوان "فهم الشرق الأوسط من خلال مملكة الحيوان". 

يكشف عمود فريدمان الذي يقارن فيه دول الشرق الأوسط بالحشرات، والذي نشر بعد أسبوع من "قرار محكمة العدل الدولية" أن من المحتمل أن تكون إسرائيل قد ارتكبت جرائم إبادة جماعية في غزة، كيف أن صحيفة نيويورك تايمز مستعدة لنشر مواد مهينة، مغلفة بالعنصرية، حيث يوضح فريدمان أن "إيران تمثل بالنسبة للجغرافيا السياسية ما يمثله نوع من الدبابير الطفيلية المكتشفة مؤخرا بالنسبة للطبيعة". ويخبرنا أن لبنان واليمن وسوريا والعراق مثل اليرقات التي يضع فيها هذا الدبور بيضه، وتلك البيضات هي “الحوثيون وحزب الله وحماس وكتائب حزب الله".

ويحظى فريدمان، بسجل طويل من التعليقات العدائية والاختزالية وقصيرة النظر بشكل هزلي حول الشرق الأوسط. لكنه ربما وصل إلى مستوى منخفض جديد بمقاله يوم بعنوان "فهم الشرق الأوسط من خلال مملكة الحيوان".

وتقول زيشان عليم، كاتبة ومحللة الآراء في شبكة "إم.إس.إن.بي.سي" ، أن "من اللافت للنظر أن عنوانه ليس مبالغًا فيه، ولكنه ملخص دقيق لعمود يصف دول الشرق الأوسط المختلفة بأنها أنواع مختلفة من الحشرات، وأن هذه المقالة كتبت بعد أسبوع واحد فقط من حكم محكمة العدل الدولية بأن التأكيدات بأن الإبادة الجماعية التي تدعمها الولايات المتحدة تحدث في غزة هي "معقولة"، وتستخدم هذه المقالة استعارات عنصرية لا تؤدي إلا إلى زيادة تجريد سكان المنطقة بأكملها من إنسانيتهم ، ومما يزيد الطين بلة أن المقال يفشل في تحقيق هدفه الخاص المتمثل في مساعدة القارئ على فهم الديناميكيات السياسية في الشرق الأوسط".

يشار إلى أنه في مقاله المذكور،  يشجع فريدمان القارئ على اللجوء إلى "العالم الطبيعي" لفهم الشرق الأوسط ويوضح أنه يفضل أحيانًا مشاهدة برنامج كوكب الحيوانات Animal Planet عبر قناة CNN لفهم المنطقة.

تقول عليم "إن اختيار هذه الفرضية في عام 2024 أمر صادم، حيث أن لدى الغرب تاريخ قذر في وصف الناس من الجنوب العالمي بأنهم متوحشون وحيوانات واقفة؛  ويضعنا هذا الإطار التحليلي على الفور في عالم الداروينية الاجتماعية، ويصور الأمم على أنها محصورة في صراع البقاء للأصلح".

يشار إلى أنه وفقاً لرواية فريدمان، فإن إيران عبارة عن "دبور طفيلي"، يضع بيضه في "اليرقات" التي يعرفها بقية العالم باسم لبنان، واليمن، وسوريا، والعراق. ثم يتم أكل هذه الدول "من الداخل إلى الخارج" بواسطة البيض: المنظمات المتحالفة مع إيران مثل الحوثيين وحزب الله وحماس. وبطريقة أو بأخرى، فإن حماس هي أيضاً "عنكبوت الباب الفخ"، ماهرة في "التمويه" وسريعة في هجماتها.

ولكن في حين أن الدول العربية وإيران عبارة عن حشرات صغيرة ــ غريبة ومزعجة ــ في قصة فريدمان، فإن الولايات المتحدة ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتم تمثيلهما كحيوانات ثديية ــ ذكية وقادرة. ويشبه فريدمان الولايات المتحدة بالأسد العجوز، الذي يحكم باعتباره "ملك الغابة"، ويتحسر على أن "لدينا الكثير من الندوب الناجمة عن العديد من المعارك التي لا يمكننا أن نظهرها فحسب، وزئير بصوت عالٍ ونتوقع أن الجميع سيفعلون ما نأمر به: افعلوا ما نشاء أو سنترككم . و تمكنت إسرائيل من تجنب أن تذبح ، لكن فريدمان يصف نتنياهو بأنه يشبه "ليمور السيفاكا" الذي يتمتع بالمكر والذكاء، والتحرك بمشية جانبية تشير إلى أن نتنياهو "يتحول دائمًا من جانب إلى آخر للبقاء في السلطة وتجنب التحرك بشكل حاسم إلى الوراء أو إلى الأمام".

بدوره، يقول الكاتب في مجلة "ديلي بيست، بن بيرجز، إن نظام التصنيف المهين الذي وضعه فريدمان يتبع التسلسل الهرمي العنصري للحضارة الذي عزز منذ فترة طويلة الطريقة التي يتعامل بها الغرب مع الشرق الأوسط والجنوب العالمي على نطاق أوسع.

أياً كانت نوايا فريدمان، فإن المنتج النهائي يعمل بمثابة مادة تشحيم للسماح بالعنف ضد العرب والإيرانيين، إن تشبيه السكان بالحشرات هو شعار كلاسيكي للخطاب الفاشي، ويساعد في تبرير العنف الجماعي. وكما أشار بول والدمان، كاتب العمود في قناة MSNBC، في تحليله لاستخدام دونالد ترامب الأخير لكلمة "الحشرات" لوصف أعدائه، فإن "الخطاب الذي يصنف بعض الناس ليس كبشر بل كحشرات أو هو ما سبق كل إبادة جماعية في التاريخ تقريبًا".

يشار إلى أن فريدمان، وعبر أكثر من أربعين عاما، كان من أكثر المروجين حماسا للحروب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والحروب الأميركية ضد العرب، ودفع  من أجل غزو واحتلال العراق عام 2003، ولا يزال يدفع باستمرار من أجل البقاء الأميركي في العراق.

كما يشار إلى أن المفكر الفلسطيني الراحل، إدوارد سعيد ، وصف كتابات فريدمان بأنها "جاهلة بشكل غريب"، ومليئة بـ "التفاهة الهزلية"، و"تقدم أقوالا مأثورة "غبية وكاذبة بشكل يائس".