مريم العذراء سلطانة فلسطين وسائر الأراضي المقدسة
الأحد 27 أكتوبر 2024 10:08 مساءً - بتوقيت القدس
عيد مريم العذراء سلطانة فلسطين وسائر الأرض المقدسة هو مناسبة هامة جداً بالنسبة للمسيحيين، حيث يُحتفل بها كرمز للسلام والقداسة في فلسطين والأراضي المقدسة أرض القداسة والتجسد. وتأتي هذه الذكرى العطرة كتقدير لدور مريم العذراء ليس فقط كأم للمسيح، بل أيضًا كشريكة مع ابنها في رسالة الخلاص والبشرى السارة. يعد دورها في تحقيق السلام الحقيقي المبني على شخص المسيح من أبرز الأدوار الروحية التي تقدمها الكنيسة والشعب الفلسطيني للمجتمع.
دور مريم كشريكة في رسالة الخلاص
في العقيدة المسيحية، تُعتبر مريم العذراء ابنة الناصرة شريكة في رسالة الخلاص منذ اللحظة التي قبلت فيها دعوة الله، حين بشرها الملاك جبرائيل قائلا: "لا تخافي يا مريم، فقد نلت حظوةً عند الله. إن الروح القدس سينزل عليك وقدرة العلي تظللك. فستحملين وتلدين ابنا فسميه يسوع. سيكون المولود قدوسا عظيما وابن العلي يُدعى ... ولن يكون لملكه نهاية". قبول مريم لهذه الرسالة جعلها تتخذ دورًا أساسيًا في العمل الإلهي لتحقيق الخلاص. حيث يعتبر اللاهوت الكاثوليكي أن قبول مريم لرسالتها بوعي كامل يوضح مكانتها كأم وشريكة روحية إلى جانب المسيح ابنها في الخلاص، حيث لم تقتصر على دور الأمومة بل أسهمت في تعزيز الرسالة الروحية للمسيحية كمؤمنة وطائعة للإرادة السماوية.
دور مريم في تحقيق السلام
تُعتبر مريم رمزًا قويًا للسلام، خاصةً في السياق الفلسطيني لكونها ابنة هذه البلاد، حيث يُنظَر إليها كملكة للسلام وسلطانة فلسطين. هذه النظرة تنبع من دورها الأمومي والشفاعي، الذي يعزز قيم الحب والأخوة والسلام والتسامح. لهذا يعتبر المؤمنون المسيحيون أن السلام المبني على السيد المسيح يتجسد في مريم كرمز للشجاعة والإيمان، خاصةً في مناطق الحرب والصراع الدامي.
تحقيق السلام عبر محبة مريم للمسيح والإنسانية
إن دور مريم العذراء في تحقيق السلام يتجلى من خلال محبّتها وعطفها الوالدي غير المشروطين للمسيح وللبشر إخوة الرب يسوع في الإنسانية، وتقديم ذاتها مثالاً حياً للنضج الروحي والخضوع التام للباري تعالى والاحترام المتبادل. حيث يعكس دورها الأمومي الكامل من خلال الصمود والتواضع أمام التحديات والاضطهادات، وبالتالي يعتبر دورها نموذجًا يحتذى به في مواجهة التحديات والخلافات لتحقيق أرقى أنواع السلام الداخلي والاجتماعي.
مع مريم نحو السلام
إن السير على خطى مريم العذراء من أجل تحقيق السلام في الأرض المقدسة يعني اتباع نموذج حياتها، الذي تميز بالإيمان العميق، والتضحية، والمحبة الصافية، والاستعداد للقبول بمشيئة الله مهما كانت تلك الصعوبات. هذا الطريق ليس سهلًا، ولكنه يحمل في طياته رسالةً عميقة للعيش بسلام وبروح الصلاة والتضامن والمغفرة. وهذا يتطلب منا:
1. الإيمان والصبر أمام التحديات:
يُعد الإيمان العميق بالله الخالق والصبر من أبرز ملامح حياة مريم. في الأوقات العصيبة، مثلما فعلت مريم حين واجهت التحديات الكبيرة منذ أن قبلت بمهمة الأمومة الإلهية، والهروب إلى أرض مصر خوفا على الطفل الإلهي من بطش هيردوس، ورؤية وحيدها معلقا على خشبة الصليب، وموته ودفنه في القبر حتى فجر القيامة السعيدة، نحتاج نحن أيضاً اليوم إلى الثبات في إيماننا وقيمنا الروحية والإنسانية معا، حتى نتمكن من مواجهة الصراعات وتحقيق السلام الذي يبدأ في نفوسنا ويمتد للآخرين، حتى نَصِل بكرامة أبناء الله إلى فجر الحرية السعيدة والاستقلال التام.
2. التواضع وخدمة الآخرين:
كانت مريم متواضعة في حياتها، حيث وضعت احتياجات الآخرين قبل احتياجاتها الشخصية، كما يظهر هذا جلياً في زيارتها لنسيبتها اليصابات. هذا التواضع يمكن أن يلهمنا لتقديم يد المساعدة والدعم لمن حولنا دون تمييز. فبناء جسور الأمل والتواصل والسلام يبدأ من خدمة الآخرين والمساهمة في بناء مجتمع متعاضد ومتراحم.
3. المغفرة والشجاعة:
عاشت مريم المغفرة والشجاعة حتى في أصعب الظروف الحالكة، خاصة عند الصليب، عندما شاهدت آلام ابنها. هذه المغفرة تعكس قبولًا عميقًا للسلام الداخلي، وتدعو كل فرد إلى ممارسة المغفرة تجاه الآخرين، وخاصة في سياق الأرض المقدسة، حيث تتطلب الأوضاع الراهنة من الجميع الترفع فيما بينهم، كأبناء الشعب الفلسطيني الواحد الذي يجمعهم بنفس الروح والدم: الله والوطن، عن الجروح القديمة وبناء مستقبلٍ مشرقٍ مشترك.
4. العيش بروح الصلاة والاتصال الروحي:
كانت الصلاة جزءًا أساسيًا من حياة مريم منذ نعومة أظافرها، حيث كانت متصلة بالله ومتضرعة له. الصلاة تمنحنا السلام الداخلي وتُعيننا على تجديد عزيمتنا. إنها وسيلة فعّالة لنشر روح المحبة والسلام والمصالحة، حيث يمكن للسلام الحقيقي أن ينبع من سلام القلب المتصل بالله.
5. التربية على السلام والمحبة:
السير على خطى مريم يعني أيضًا تربية أنفسنا وتربية الأجيال اللاحقة على القيم الإنسانية التي تمثلها، وتعليمهم المحبة، والتسامح، والاحترام، إذ أن السلام يبدأ من تربية الأطفال وتعليمهم مبادئ العيش المشترك بكرامة وسلام.
السير على خطى مريم العذراء من أجل تحقيق السلام في الأرض المقدسة يعني العمل بجد واجتهاد معا من أجل بناء مجتمع يتسم بالمحبة والمغفرة والتواضع. هذا السلام يبدأ في قلوبنا، ويمتد لعائلاتنا، ثم إلى المجتمع المحلي، ثم إلى كل أرجاء فلسطين. مريم العذراء تدعونا لنكون رسلًا للسلام من خلال أفعالنا، وأقوالنا، وطريقة عيشنا للإنجيل المقدس، لنبني معًا أرضًا مقدسة يسودها المحبة والعدل والسلام.
عيد مريم العذراء سلطانة فلسطين وسائر الأراضي المقدسة يعكس تقديرًا عميقًا منا للعذراء مريم كرمز للسلام والتضامن والوَحدة في الأراضي المقدسة، كيف لا وهي ابنة هذه البلاد الفلسطينية المقدسة، ودورها كوالدة للسيد المسيح، هي شريكة فعّالة في رسالة الخلاص المسيحي للجميع والعيش معا بكرامة وسلام في أرض القداسة والسلام.
إقرأ المزيد لـ الأب سيمون بيترو حرّو ...
الأكثر تعليقاً
مسؤولية المملكة المتحدة بعد قرن من بلفور
الرئيس عباس يصل القاهرة غدًا ويلتقي السيسي في زيارة ستستمر ليومين
لقاء بين "فتح" و "حماس" في القاهرة
يِخرب بيتك!
مستوطنون يحرقون 20 مركبة ويخطون شعارات عنصرية في رام الله
الدفاع المدني بغزة: أكثر من 100 ألف مواطن في الشمال بلا طعام أو شراب أو دواء
الرئيس عباس يصل مصر في زيارة رسمية
الأكثر قراءة
فتح وحماس تبحثان بالقاهرة إنشاء لجنة لإدارة غزة
الشاباك يؤكد اعتقال موظفين بمكتب نتنياهو والأخير ينفي
والحركة تنعيه.. جيش الاحتلال يعلن اغتيال عضو مكتب سياسي من حماس في خان يونس
نتنياهو يحاول الدفاع عن نفسه أمام التسريبات الأمنية الخطيرة
الرئيس يتسلم دعوة للمشاركة في قمة المتابعة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض
نجاة قائدي منطقتي الشمال والضفة بجيش الاحتلال
حماس توضح بخصوص ما نشرته وسائل إعلام حول محمد الضيف
أسعار العملات
الإثنين 04 نوفمبر 2024 8:29 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.29
شراء 5.27
يورو / شيكل
بيع 4.07
شراء 4.05
من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 51)