السلام المفقود في عالمنا المجهول في الأرض المقدسة
الجمعة 18 أكتوبر 2024 10:34 صباحًا - بتوقيت القدس
كانت وما زالت عبر العصور، تعتبر الأرض المقدسة، بكونها مهد الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلامية، مكانًا يحمل في طياته تاريخًا عريقًا وثقافات متداخلة. ومع ذلك، فإن هذا المكان المقدس الذي يجب أن يكون مهدا ومنارة للسلام، يشهد صراعات مستمرة منذ عقود، مما جعل السلام حلماً بعيد المنال. في هذا المقال، سنتناول أسباب فقدان السلام في الأرض المقدسة، وآثاره المدمرة على المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتحقيق السلام والحلول المقترحة.
1. أسباب فقدان السلام في الأرض المقدسة:
هناك العديد من الظروف والأسباب التي تعمل معا على فقدان الأمل بالسلام العادل المنشود للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي في الأرض المقدسة، ناهيكم عن الغطرسة الممزوجة بالتعالي لمنع جسور التواصل الفعال بينهما، متناسين أصوات الأطفال والأبرياء المطالبة بإحلال السلام وبنزع فتيل طبول الحرب المدمر للكرامة والإنسانية وحقهم في العيش الآمن. من هذه الأسباب:
• النزاع الإسرائيلي الفلسطيني: يشكل هذا النزاع أبرز أسباب عدم الاستقرار في المنطقة. فاحتلال الأراضي الفلسطينية، وبناء المستوطنات، وتقييد الحريات، وغياب حل عادل للقضية الفلسطينية، كلها عوامل تؤجج الصراع وتبعد عن تحقيق السلام للشعبين.
• الدعم الدولي المتفاوت: تتباين مواقف العديد من الدول الأجنبية والعربية تجاه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مما يعقد الجهود المبذولة لحل الصراع. هذا التباين في المواقف (فبعض الدول تقدم دعمًا لا محدود لإسرائيل، بينما تدعم دول أخرى القضية الفلسطينية) واستخدام المعايير المزدوجة يعملان على توسيع الهوة في التوصل إلى تقريب وجهات النظر بين الشعبين والعمل بجدية ونزاهة معا من أجل بناء جسور الثقة وإحلال السلام على أرض الواقع وليس مجرد شعارات تدون على صفحات التاريخ.
• التطرف والإرهاب: انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة، سواء من قبل فصائل فلسطينية متشددة أو من قبل جماعات إسرائيلية متطرفة أخرى، يساهم في زيادة التوتر والعنف ولا يخدم تحقيق المساواة والسلام بين الشعبين على أرض الواقع، أرض السلام.
• الوضع الاقتصادي والاجتماعي: في ظل الوضع القائم، يعاني الفلسطينيون من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، نتيجة للاحتلال والحصار والحرب، مما يؤدي إلى زيادة الاحتقان والشعور بالإحباط، وبالنسبة إلى الإسرائيليين فإن الوضع القائم يشكل خطرا حقيقيا لوضعهم الاقتصادي والاجتماعي أيضا. فعدم الاستقرار الاقتصادي والسياحي نتيجة للحرب المشتعلة يفجر المنطقة بأسرها وينعكس سلبا على الشعبين.
• التدخلات الإقليمية والدولية: تدخلات العديد من الدول في الشؤون الداخلية للمنطقة بحسب مصالحهم الشخصية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع ويصعب التوصل إلى حلول سلمية. فالمطلوب من تلك الدول التدخل النزيه المتكافئ من أجل حماية الأرواح البشرية من بطش آليات الحرب المدمرة والعيش بسلام وكرامة.
2. آثار فقدان السلام:
• الخسائر البشرية والمادية: أسفر الصراع عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وتدمير البنية التحتية، وتشريد الملايين من الفلسطينيين والإسرائيليين.
• تدهور الأوضاع الإنسانية: يعاني الفلسطينيون من نقص في المياه والكهرباء والغذاء والدواء، وتقييد حرية الحركة، مما يؤثر سلبًا على صحتهم ونوعية حياتهم. وهذا التدهور ينعكس أيضا على الإسرائيليين الذين نزحوا من بيوتهم وتشتتوا في أماكن عديدة بحثا عن الأمان.
• تدهور العلاقات الدولية: أدى الصراع الحاصل في المنطقة إلى تدهور العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية وربما كذلك الأمر مع بعض الدول الأجنبية وهذا كان واضحا من المظاهرات في شوارع العالم المطالبة بوقف القتل والعنف والدمار والحرب، مما أثر سلبًا على الاستقرار في المنطقة بأسرها.
• تراجع فرص التنمية: يعيق الصراع الحالي جهود التنمية في المنطقة، ويحول دون تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي للجميع.
3. الجهود المبذولة لتحقيق السلام:
• مبادرات السلام الدولية: تم طرح العديد من مبادرات السلام لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مثل مبادرة السلام العربية، ومؤتمر مدريد، ومؤتمر كامب ديفيد ومؤتمر أوسلو. ولكن إلى أين وصلت تلك المبادرات على أرض الواقع، وماذا حققت فعليا، وهل جلبت السلام الحقيقي العادل والعيش بحرية واستقلال وكرامة لشعوب المنطقة بحسب مواثيق الأمم المتحدة؟
• المفاوضات المباشرة: أجريت العديد من الجولات التفاوضية لسنوات طوال بين المد والجزر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ولكنها للأسف لم تسفر عن تحقيق أي تقدم ملموس بسبب التعنت والتصلب في الآراء، وعدم الالتزام بقوانين الشرعية الدولية.
• دور المجتمع الدولي: في بعض الأحيان لعب المجتمع الدولي دورًا مهمًا في محاولة حل النزاع، من خلال فرض عقوبات على إسرائيل ولكنها لم تنفذ بسبب الفيتو الأمريكي، والاكتفاء بتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين من دون إيجاد حل عادل بإقامة الدولة الفلسطينية.
4. الحلول المقترحة:
• حل الدولتين: منذ عشرات السنين هناك أصوات تتعالى من أجل حل الصراع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يعتبر حل الدولتين هو الحل الأكثر قبولًا دوليًا، والذي يقضي بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيلية آمنة.
• إنهاء الاحتلال: يجب على إسرائيل العمل على بناء جسور الثقة والسلام بجدية وإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وتفكيك المستوطنات، واحترام القانون الدولي وضمان العيش لشعبها الإسرائيلي بأمان وسلام إلى جانب الشعب الفلسطيني.
• تطبيق قرارات الشرعية الدولية: يجب على المجتمع الدولي أن يكون نزيها بتعامله مع الطرفين وذلك من خلال الضغط على إسرائيل لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
• تعزيز الحوار والتفاهم: يجب على المجتمع الدولي تشجيع الحوار والتفاهم المثمرين بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من خلال إزالة العقبات بينهما، وبناء الثقة المتبادلة.
• مكافحة التطرف والإرهاب: يجب مكافحة التطرف والإرهاب بكل أشكاله، وتعزيز التسامح والاعتدال، لأن التطرف والإرهاب يجلبان المزيد من العنف والقتل والدمار ويمنعان من الوصول إلى العيش بكرامة وحرية وسلام. فالسلام الحقيقي يجلب معه المحبة والفرح وطول الأناة واللطف ودماثة الأخلاق والوداعة والتسامح وتقبل الآخر.
وختاما، يتفق الباحث مع العديد من أصحاب الضمائر الحية المطالبة بإحقاق الحق وإحلال السلام أنه من حق الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي العيش بحرية وسيادة، ومن حق أطفال الشعبين أسوة بباقي أطفال العالم العيش بإنسانية وكرامة، لهذا إن تحقيق السلام في الأرض المقدسة يتطلب إرادة سياسية قوية من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ودعمًا دوليًا قويًا ونزيها. كما يتطلب حلًا عادلًا وشاملاً للقضية الفلسطينية، يضمن حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة. إن السلام العادل والمنشود في الأرض المقدسة ليس مجرد حلم لأنه هناك شعبان يعيشان جنبا إلى جنب، بل السلام هو ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم أجمع. لهذا مع صرخة كل طفل وأم مكلومة من كلا الجانبين نرفع الدعاء ورايات السلام عاليا مع الدعاء، هاتفين: نعم للسلام العادل المبني على الشرعية الدولية النزيهة. طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يُدعون.
إقرأ المزيد لـ الأب سيمون بيترو حرّو ...
الأكثر تعليقاً
مسؤولية المملكة المتحدة بعد قرن من بلفور
الرئيس عباس يصل القاهرة غدًا ويلتقي السيسي في زيارة ستستمر ليومين
لقاء بين "فتح" و "حماس" في القاهرة
يِخرب بيتك!
مستوطنون يحرقون 20 مركبة ويخطون شعارات عنصرية في رام الله
الدفاع المدني بغزة: أكثر من 100 ألف مواطن في الشمال بلا طعام أو شراب أو دواء
الرئيس عباس يصل مصر في زيارة رسمية
الأكثر قراءة
فتح وحماس تبحثان بالقاهرة إنشاء لجنة لإدارة غزة
الشاباك يؤكد اعتقال موظفين بمكتب نتنياهو والأخير ينفي
والحركة تنعيه.. جيش الاحتلال يعلن اغتيال عضو مكتب سياسي من حماس في خان يونس
نتنياهو يحاول الدفاع عن نفسه أمام التسريبات الأمنية الخطيرة
الرئيس يتسلم دعوة للمشاركة في قمة المتابعة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض
نجاة قائدي منطقتي الشمال والضفة بجيش الاحتلال
حماس توضح بخصوص ما نشرته وسائل إعلام حول محمد الضيف
أسعار العملات
الإثنين 04 نوفمبر 2024 8:29 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.29
شراء 5.27
يورو / شيكل
بيع 4.07
شراء 4.05
من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 51)