Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

تفاقم البطالة والفقر بين المقدسيين بعد السابع من أكتوبر: يهدد صمودهم وبقائهم في المدينة المقدسة"

الأربعاء 16 أكتوبر 2024 11:42 صباحًا - بتوقيت القدس

معروف الرفاعي

يقدر عدد السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية بحوالي 350,000 إلى 370,000 نسمة، وهم يشكلون نحو 40% من إجمالي سكان القدس بشقيها الشرقي والغربي. يعيش هؤلاء السكان في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، حيث يتعرضون لسياسات تهويدية مستمرة تهدف إلى تقليص وجودهم في المدينة.
تفاقمت أوضاع السكان العرب سوءا في مدينة القدس بشكل كبير بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، حيث أصبحت الظروف الاقتصادية أكثر تعقيدًا بسبب السياسات الإسرائيلية المتزايدة التي تهدف إلى تقييد فرص العمل للفلسطينيين في القدس والداخل المحتل، فالإلغاء الجماعي لتصاريح العمل، بحجج أمنية، أدى إلى فقدان العديد من المقدسيين وظائفهم، مما أثر بشكل مباشر على استقرار حياتهم وأضعف قدرتهم على الصمود في مدينتهم التي تواجه تهديدات التهويد المستمرة.
فمنذ السابع من أكتوبر، تزايدت الإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف الفلسطينيين، بما في ذلك سكان القدس الشرقية، حيث قررت السلطات الإسرائيلية تسريح آلاف المقدسيين الذين كانوا يعملون في الداخل المحتل، تحت ذريعة "الأوضاع الأمنية"، حيث تركت هذه القرارات العديد من العمال المقدسيين دون مصدر دخل، مما أثر بشكل كارثي على الأسر التي تعتمد على هذه الوظائف لإعالة نفسها.
وتشير إحصاءات مكتب الإحصاء الفلسطيني لعام 2023 إلى أن معدل البطالة في القدس الشرقية يتراوح بين 20% و25%، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة ببقية المدن الفلسطينية، ومع تصاعد التوترات الأمنية بعد السابع من أكتوبر، شهدت هذه النسبة ارتفاعًا ملحوظًا مع فقدان آلاف العمال المقدسيين لوظائفهم في الداخل المحتل بعد إلغاء تصاريح العمل.
يعتبر العمل في الداخل المحتل أحد أهم مصادر الدخل لكثير من المقدسيين، حيث يتيح لهم فرصًا اقتصادية أفضل من تلك المتاحة في القدس الشرقية أو الضفة الغربية، ومع إلغاء تصاريح العمل، يجد هؤلاء العمال أنفسهم في مواجهة أزمة مالية خانقة، حيث أصبح العثور على بديل في ظل القيود المفروضة على القدس والضفة مهمة شبه مستحيلة.
لم تقتصر السياسات الإسرائيلية على المقدسيين العاملين في الداخل المحتل فقط، بل امتدت أيضًا إلى الفلسطينيين من الضفة الغربية الذين يعملون في القدس، اذ قامت السلطات الإسرائيلية بإلغاء تصاريح عمل العديد من العمال الفلسطينيين من الضفة بحجة الأمن، مما عمق من معاناة الأسر الفلسطينية وزاد من نسب البطالة في المناطق المحيطة بالقدس.
ويؤدي هذا الإجراء إلى تعميق العزلة الاقتصادية للفلسطينيين، حيث يتم تقليص فرصهم في العمل والتنقل بين الضفة والقدس، ما يعيق بشكل كبير قدرتهم على تحقيق استقرار اقتصادي لأنفسهم ولعائلاتهم.
مع فقدان العمل وتزايد البطالة، تتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمقدسيين بشكل خطير، حيث تعتمد العديد من الأسر على رواتب أفرادها العاملين في الداخل المحتل أو القدس، ومع فقدان هذه الوظائف، يصبح من الصعب تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الإيجار والطعام والتعليم، ولا يخفى على أحد أن الارتفاع الحاد في تكاليف المعيشة، بجانب الضغوط الاقتصادية الناتجة عن البطالة، يؤدي إلى ازدياد حالات الفقر بين العائلات المقدسية.
ووفقًا لتقرير نشرته الجمعية الإسرائيلية لحقوق المواطن في 2022، يُقدر أن حوالي 75% من الأسر الفلسطينية في القدس الشرقية تعيش تحت خط الفقر، كما أن نحو 84% من الأطفال الفلسطينيين في القدس الشرقية يعانون من الفقر، وهو ما يشير إلى عمق الأزمة الاقتصادية التي تواجهها هذه الشريحة.
تداعيات هذه البطالة لا تقتصر على الأثر المالي فقط، بل تمتد إلى الجانب الاجتماعي أيضًا، ففقدان الأمل في العثور على عمل يدفع بعض الشباب المقدسيين إلى البحث عن حلول خارج القدس، أو حتى مغادرة المدينة نهائيًا، مما يعزز من توجهات التهجير القسري غير المباشر التي تسعى السلطات الإسرائيلية إلى تحقيقها، حيث تصبح الحياة في القدس غير ممكنة بسبب الظروف الاقتصادية المتردية.
كما أن الضغوط النفسية الناتجة عن فقدان الوظائف تؤدي إلى تفاقم مشاعر الإحباط واليأس لدى المقدسيين، خاصة الشباب الذين يجدون أنفسهم بلا فرص عمل أو مستقبل واضح، وهذا الواقع يؤدي إلى زيادة التوتر الاجتماعي وارتفاع نسبة الجريمة في وتراجع الروابط الأسرية، مما يضعف البنية المجتمعية المقدسية ويزيد من الصعوبات التي تواجهها الأسر في البقاء متماسكة.
إن إحدى أهم التداعيات السلبية لارتفاع البطالة بين المقدسيين هو تأثيرها على صمودهم في وجه محاولات التهجير والتهويد المستمرة، فالصمود في القدس يحتاج إلى استقرار اقتصادي وفرص عمل تمكن الفلسطينيين من البقاء في المدينة ومواجهة الضغوط التي تمارسها السلطات الإسرائيلية، ومع ارتفاع معدلات البطالة، تصبح القدرة على الصمود محدودة بشكل كبير.
ويجب ان لا نغفل عن أن هذه الظروف الاقتصادية المتدهورة تدفع بالكثيرين إلى مغادرة القدس بحثًا عن فرص عمل في أماكن أخرى، ما يؤدي إلى تقليص الوجود الفلسطيني في المدينة، وهذه السياسة غير المعلنة من الاحتلال تهدف إلى إفراغ القدس تدريجيًا من سكانها الأصليين عبر استغلال الأزمات الاقتصادية لتسهيل التهجير الطوعي أو القسري.
تُعتبر البلدة القديمة من أهم المراكز التجارية في القدس الشرقية، حيث يعتمد الآلاف من التجار المقدسيين على الزوار والسياح كمصدر رئيسي لدخلهم. ومع التوترات الأمنية المتزايدة بعد السابع من أكتوبر والإجراءات الإسرائيلية الصارمة، يعاني هؤلاء التجار من تراجع حاد في المبيعات والإيرادات.
وتشير التقديرات إلى أن حوالي 2000 إلى 3000 محل تجاري موجودة في البلدة القديمة وحدها، معظم هذه المحال مغلقة بشكل جزئي او كامل منذ السابع من اكتوبر وحتى الآن، ناهيك عن فرض اغلاقات متكررة خلال اعياد اليهود او المسيرات او الاقتحامات التي تقوم بها وتنظمها الجمعيات الاستعمارية، ويعتمد معظم هذه المحال على الحركة التجارية النشطة التي تراجعت بشكل كبير بعد الإغلاقات والإجراءات الأمنية التي فرضها الاحتلال، هذا التراجع أثر بشكل مباشر على صمود التجار وقدرتهم على البقاء في السوق، حيث يواجه العديد منهم خطر الإغلاق التام لمحلاتهم بسبب نقص الزبائن وتزايد تكاليف التشغيل والضرائب الباهظة التي تفرضها بلدية الاحتلال بشكل دائم.
يمثل تفاقم البطالة بين المقدسيين بعد السابع من أكتوبر تهديدًا حقيقيًا لصمودهم واستقرار حياتهم في القدس، ومع فقدان العمل وإلغاء تصاريح العمل بحجج أمنية، يواجه المقدسيون تحديات كبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، مما يعزز من الضغوط التي تسعى إلى تهجيرهم من مدينتهم، وتحتاج هذه الأزمة إلى تدخلات عاجلة ودعم واسع النطاق للحفاظ على الوجود الفلسطيني في القدس وضمان صمودهم أمام هذه التحديات المتزايدة.

إقرأ المزيد لـ معروف الرفاعي ...

أسعار العملات

الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.13

شراء 5.11

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 177)