ما زال أهلُ جنينَ يعيشون حالةً من التوترِ والخوفِ الشديدَيْن مع استمرارِ الاقتحاماتِ العسكريةِ الإسرائيليةِ حتى باتت جنين تُلقب بغزَّةِ الصغرى؛ رمزًا لبسالةِ المقاومة فيها وشعلةً للتضحية والفداء.
هذه التسمية لم تأتِ من فراغٍ، بل هي نتاجٌ لتشابهِ الظروف القاسية بين غزَّةَ وجنين، حيث يُعاني كلاهما من السياساتِ الإسرائيليةِ القمعيةِ الوحشية التي تهدفُ إلى هدفٍ واحدٍ وهو تفكيكُ المقاومةِ الفلسطينيةِ والقضاء على وجودها.

أعادت القوات الإسرائيلية مشهدَ النزوحِ من جديد فكما نزحَ سكانُ غزَّة من مدينة إلى أخرى، ومن مشفى إلى مدرسة تتكرر المشاهد في مخيم جنين فاضطر الأهالي تحت وطأة النيران وطلقات الرصاص وصيحات الجنود والإهانة إلى النزوح بحثًا عن ملاذٍ آمنٍ خارج حدود المخيم.

وكما تَمَّ نسفَ العديد من المباني في غزّة، مما جعلها مصنعًا لإعادة تدوير الركام، كذلك حَوَّلَت جرافاتُ الاحتلال مدينةَ جنين إلى صحراء قاحلة، حيث قامت جرافات D9 بتدمير الشوارع والطرقات، وجرف الأسوار والمباني.

والحصار الخانق الذي عانت منه غزّة، يتكررُ اليوم في جنين مرة أخرى فالمدينة تعاني من شح المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية، حيث لم يتمكن سكانها منذ أيامٍ عديدة من الخروجِ لشراء حتى أبسط احتياجاتهم كخبز أو ماء ومَن يجرؤ على الخروج يُعَرِّضُ نفسه لخطر الموت برصاص القناصة الإسرائيليين، مثلما حدث لثلاثةِ شبان كانوا يستقلون دراجةً ناريةً ليوزعوا الخبزَ فطاردهم الاحتلال ليرتقوا شهداء.

رغم كلِّ هذه الظروف القاسية وسياساتِ الإبادة وخططِ التدمير تفشلُ قواتُ الاحتلال في كسرِ إرادة المقاومة الفلسطينية في جنين كما فشلت في غزَّة التي ما زالت تحت الحربِ لأكثر من ثلاثمئة يوم صامدةً صابرةً وها هي تُظهِرُ الأحداثُ في جنين أنّها قادرةٌ على الصمود، حيث لا تزال تُقاوِمُ الاحتلالَ بشجاعة، ونجحَ المقاومون في إلحاقِ خسائرٍ بالجيش الإسرائيلي، كما أنّه اعترفَ الإعلامُ العبري بمقتل أحد جنودهم خلال الاشتباكات.

التشابه الكبير بين جنين وغزّة يعكس الوحدة الفلسطينية في مواجهة التحديات الكبيرة التي يفرضها الاحتلال وهذه الوحدة تؤكد أنَّ المقاومةَ ليست محصورة في منطقةٍ جغرافيةٍ واحدة، بل هي جزء من نضال أوسع يسعى الشعب الفلسطيني من خلاله لتحقيق حريته وكرامته.