رفقاء الدنيا والآخرة
في بلدة طمون، ارتقى أربعةُ شهداء في حادثةِ اغتيالٍ مروعةٍ نفذتها قواتُ الاحتلال بتاريخ 14/8/2024. هؤلاء الشهداء هم: محمد بشار بني عودة، وخالد نضال بني عودة، ومحمد صادق بني عودة، وعمرو محمود بني عودة.
اغتالتهم قواتُ الاحتلال بغارةٍ صاروخيةٍ قضت على آمالِهم ومسيرةِ حياتِهم الفدائية، كما قامت باحتجازِ جثامينهم إثر اقتحام البلدة في ذلك اليوم المشؤوم.
فكانوا الأربعة رفقاء في الحياةِ والموتِ
فقد جمعتهم الدنيا بجلسةٍ تحت ظلالِ شجرةِ الزيتونِ المباركة، عند مفترق الطرق في شارع الصالات، فكانوا يتحدثون بلسان الفرسان، ويجتمعُ نبض كلماتهم على فكرة الفداء والتضحية، وكأنَّ أرواحَهم تعزفُ على وترٍ واحد.
كذلك هم يسهرون في سواد الليل الحالك وظلامه تنساب إلى ذاكرتهم صور أيام فراق الأحباب من أصدقائهم الشهداء الذين عانقت أرواحُهم السماءَ وسالت دماؤُهم لترسمَ خريطةَ الوطن، فكان الشهيدُ محمد بشار يتذكرُ كلَّ لحظةٍ جمعته برفيقِه الشهيد عدنان أبو حلمي، أخيه الذي لم تلده أمُّه، والذي رحلَ قبله في سبيل الوطن فجر يوم الأحد بتاريخ 22/10/2023 برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
فكانت ذكرياتهما معًا تُثير في قلب محمد مزيجًا من الألم والفخر؛ ألم الفراق الذي لا يُطاق، وفخر الاستشهاد في سبيل الحرية والوطن.
فكلما تذكر تلك اللحظات، كان يشعرُ بأن روحَ عدنان لا تزال ترافقه، تهمسُ له بأن يواصلَ المسيرة، وأنَّ الدماءَ التي سُفكِت لن تذهبَ سُدى.

وكانت ذكرياتُ الأيامِ السوداء التي عصفت بفِراقِ الأحباب تضرم في قلوبِهم نيرانًا مستعرةً، تشتعل كلما همّوا بالحديثِ عنها.
ومع ذلك، كانت تلك الذكريات تزيد من عزيمتهم، فدماء الشهداء تُضيء لهم طريقَهم، وتلهب شعلة الجهاد في قلوبهم ودربهم، وتُجدِّدُ فيهم العهدَ على مواصلةِ درب الفداء حتى النصر أو الشهادة.

هكذا عاشُوا رفقاء في الدنيا، يتشاركون الأفكارَ والأقوالَ والأفعالَ ويُخَفِّفُون عن بعضهم البعض وطأةَ الأوجاع.
وعندما حان الوقت، استشهدوا معًا، ورحلوا معًا، ليكونوا رفقاءً في الآخرة كما كانوا في الدنيا.
إنّهم فتية آمنوا بربهم وبعدالة قضيتهم، ونحسبهم شهداء عند ربهم يرفلون بنعيم بالجنة.