أقلام وأراء
السّبت 05 أغسطس 2023 10:13 صباحًا - بتوقيت القدس
الدبلوماسية السعودية والواقعية السياسية
تطورات ملحوظة طرأت على السياسة السعودية تواكب وتتوافق مع دورها ومكانتها الإقليمية والدولية، فالعلاقة وثيقة بين دور الدولة وبين ما هية السياسة التي تتبناها، فلا يمكن لدولة ان تتطلع لدور أكبر في سياق سياسة وأيدولوجية ذاتية منكفية في إطار حدودها الجغرافية،ومن ناحية ثانية هذا الدور لا يعمل في في فراغ سياسي إقليمي ودولي، بل هناك الكثير من الدول والفواعل التي تتمدد أدوراها الإقليمية والدولية .
ومن ناحية ثالثة السعودية تقع في قلب أهم المناطق الإستراتيجية في العالم وهي المنطقة ألأكثر إستهدافا من قبل القوى الإقليمية الصاعدة والقوى الكبرى ، ورأينا الصراع بين الولايات المتحده والإتحاد السوفيتي في فترة الحرب الباردة. واليوم الصعود الإيراني والطموح الصيني والروسي للمنطقة وفي ضوء التراجع والإنحسار في السياسة الأميركية ، تصبح السيناريوهات والمقاربات محدودة امام دول المنطقة وبالنسبة لدور محورية وقيادية كالسعودية.
واما التبعية والإحتواء من قبل القوى الأخرى لتملأ فراغات القوة وإما تبني سياسة أكثر واقعية وبرجماتية تقوم على تنمية القوة المحلية وبناء تحالف اقليمي من منطلق مصالح دول المنطقة ويتعامل مع القوى الأخرى من سياق سياسات أكثر واقعية، وتقوم على مراعاة المصالح المشتركة والمتبادلة.
ولعل مما ساعد على هذه السياسة الواقعية دور القيادة السياسية السعودية والتي تجسده رؤوية وسياسة ولي العهد محمد بن سلمان والتي من أبرز معالمها ومظاهرها الحيوية والفعالية وأساسها تبني سياسة أكثر واقعية وأكثر مرونة. فالسعودية اليوم تشهد مرحلة تحول كبرى في بناء الدولة وأساسها وماهيتها ورؤيتها الأكثر إنفتاحا وواقعية وتكيفا وإستجابة، والتخلي عن كثير من تصلبات المواقف السابقة. وهذه الواقعية نرى صورها في العديد من القضايا الإقليمية والدولية. أولها إعادة تقنيين العلاقات الدولية للسعودية على أسس من الندية والمصالح المشتركة وبعيدا عن سياسات التبعية الإستراتيجية التي سادت في العلاقات مع الولايات المتحدة، وهذه السياسة لا تعني التخلي عن العلاقات الإستراتيجية والتحالفية بقدر إعادة صياغتها على أسس واقعية ومراعاة ان لكل دولة مصالحها ورؤاها السياسة. ثانيا: تنويع العلاقات والشراكات الإستراتجية مع القوى الصاعدة عالميا كالصين وروسيا، ولم تعد الأيدولوجية تقف حائطا امام مثل هذه العلاقات، وإنما تحكمها تحولات القوى الدولية والدور الذي تلعبه الصين وروسيا ، وتحكمه المصالح الاقتصادية والتجارية ودعم تأثير القرارات السعودية في العلاقات مع الولايات المتحدة وغيرها.
وثالثا: في الحفاظ على العلاقات التقليدية مع دول الإتحاد الأوروبي، وتوسيع شبكة العلاقات الإستراتيجية مع الكثير من الدول . ومن مظاهر هذه الواقعية في الدبلوماسية السعودية الموقف من قضايا دول المنطقة ومسألة المصالحة الخليجية وإستئناف العلاقات مع قطر. وعربيا لعل أبرز ملامح هذه الواقعية في التعامل مع القضية السورية الشائكة والمعقدة والعمل على تبني مقاربة عودة سوريا عربيا. ومن أبرز ملاح الدبلوماسية الواقعية الاتفاق السعودي الإيراني والذي يشكل تحولا بارزا في العلاقات بين البلدين من واقع الإعتراف بتحولات القوى ومصالح كل من البلدين، والواقعية في عدم جدوى الإستمرار في الحرب في اليمن ,مراعاة أن لكل دولة مصالحها ونفوذها. وكما قال الخبير في السياسة الخارجية السعودية بجامعة برمنغهام عمر كريم: إن الاتفاق مع إيران على وجه الخصوص يمثل تغييرا جذريا في نهجها السياسي، ويشير إلى نضج وفهم أكثر واقعية للسياسات الإقليمية. وتؤدي هذه الواقعية الى تقليل الخلافات الإقليمية التي تستنفد إمكانات وقدرات الدول ذاتها ،والتركيز على الإصلاحات الاقتصادية والإجتماعية في الداخل وتحقيق رؤية 2030.
وكما قالت الباحثة آنا جاكوبس من مجموعة الأزمات الدولية : إن خفض التوتر مع إيران طريقة ذكية لخفض التوترات في جميع أنحاء المنطقة ، وتخفيض حدة بعض المعارك بالوكالة التي تحيط بالسعودية. وكما أشار أحد المسؤولين السعوديين: رؤيتنا هي شرق أوسط مزدهر، لأنه بدون أن يتطور منطقك ورؤيتك، هناك حدود لما يمكنك تحقيقه. ومن أبرز القضايا التي تعاملت وتتعامل معها الدبلوماسية السعودية بواقعية ، قضية السلام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فالسعودية لا تعارض السلام ولا تعارض التطبيع ،ولم تمانع قيام دول المنطقة بتبني هذا الخيار الواقعي ولكنها من واقعية هذه الدبلوماسية توكد أهمية الربط بين السلام الشامل والتسوية النهائية بقيام الدولة الفلسطينية . فالسلام لا بد أن يكون له قوة وثمن.
ان لهذا الإنتقال والتحول للسياسة الواقعية ارتباط بعوامل كثيرة أهمها التحول في مفهوم الدولة السعودية الجديدة وتبني سياسات أكثر تنويرية وحداثة ورؤية القيادة السياسية الجديدة، والتحولات في موازين القوى الإقليمية والدولية ، ففي النهاية الدبلوماسية السعودية محصلة تفاعلات داخلية وإقليمية ودولية وبقدر هذه الواقعية بقدر الحفاظ على دور متوازن ومؤثر يحافظ على مصالح الدولة العليا.
[email protected]
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
الدبلوماسية السعودية والواقعية السياسية