Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 15 يوليو 2023 10:07 صباحًا - بتوقيت القدس

تجربة لجنة الطوارئ الوطنية للحركة الأسيرة .. دروس في فقه المواجهة

عندما قرر الأسرى الستة التحرر هروبا من سجن جلبوع، كانوا يصنعون لأنفسهم أقدار حرية جديرة بالحلم ،وفي الوقت الذي كانوا يسيرون فيه بحلمهم المقدود بالأيدي والملاعق من الصخر والتراب،والمعاند لشروط الانقسام وتكاثر الخيبات والهزائم،كان سجانهم المخذول والمخبول يصنع لكل من تبقى في السجن جحيما من الويلات متوعدا بالثأر والانتقام وبالعودة بالمعتقلين إلى عصر السجون الحجري.


كم كنا قبل عملية "نفق الحرية" نلعن طويلا فرقتنا وضعفنا وشتات أمرنا، وكنا نندب الظلمة ونناجي النور المستعصي والعنيد، وكنا على حالنا حتى وجدنا أنفسنا مجتمعين "بتنوعنا وباختلاف رأينا وبشتات أمرنا"، تحت ضغط الهجمة الثأرية والعقوبات الجماعية، ونحن لا نملك من أمرنا حينها إلا الاختيار بين وهم الارتكان إلى سلام الانتظار، أو الانحياز إلى وضوح نار المواجهة.


حينها نظرنا إلى محيطنا جيدا، رأينا احتراق كل المراكب وانعدام الخيارات على وقع هجمة السجان، وأنه لا خيار إلا محاولة مواجهته متحدين تحت الضغط ، فلا ترف يتيح لنا انتقاء النظريات ولا اختيار البرامج، ولا نقاش البدائل، ولا وقت لعقد المصالحات المضنية بين أطراف الحركة الأسيرة التي تجاذبتها واستقطبتها قيود الانقسام السياسي القديم، وإرادة السجان المتجددة بتعميق التشرذم والخلاف ومحاولة كسر روح المناضلين وسحق وعيهم الوطني .


في ظل تلك المناخات وعبر وسائل الاتصال المهربة والملاحقة، وفي ظروف انعدام اليقين، اجتمع قادة الأسرى من "فتح" و"حماس" والجهاد الإسلامي وفصائل اليسار(الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب)، تحت إطار لجنة طوارىء وطنية عليا، هادفة لإدارة الأزمة وقيادة المواجهة، وكان أول الاجتماعات عبارة عن اختبارات لقدرة الأطراف على احتمال الاختلاف، واختبار قدرتهم على تحليل الأهداف المشتركة-،لم تكن في الحدود الدنيا-، واختبار لمصداقية الأقوال والمواقف حين تترجم إلى أفعال, وايضا اختبار للقدرة على تجاوز الخلافات المستجدة، والاشكاليات الطارئة، واختبار للقدرة على مواجهة الكثير من دعوات التثبيط وسهام العداوات حتى بين ذوي القربى من الأسرى والمناضلين الذين لم يستطيعوا إدراك خطورة أسئلة المرحلة ولا النهوض بأعبائها المرهقة.


اختبارات كان الواحد منها كفيلا بإفساد كل تجربة لولا حرص النواة الصلبة من قادة الأسرى على الاستمرار في المسير، بإدراك عميق للحكمة الشائعة :" أثناء عبور النهر لا تستبدل حصانك!"


كانت تجربة لجنة الطوارىء الوطنية العليا حصان المرحلة وأهم وأخطر اختبارات الأسرى من جيل الانتفاضة الثانية وقدرته على التعلم من أخطاء التجارب السابقة والبناء على النجاحات، وتحقيق تراكم من المعرفة والقوة والشرعية أتاح على مدار العامين المنصرمين، وعبر إطار عمل وطني موحد إدارة أربع أزمات مع السجان والخروج منها منتصرين دون دفع أثمان تذكر.


وكان آخر وأصعب تلك الأزمات المواجهة في رمضان المنصرم والتي كادت أن تتطور إلى إضراب مفتوح عن الطعام تحت شعار "الحرية أو الشهادة" لولا تراجع الحكومة الاسرائيلية عن دعمها لتوجهات بن غفير ولجمه عن الانقضاض على مكتسبات الحركة الأسيرة.


لقد أثبتت حكمة تجربة لجنة الطوارئ الوطنية، ان الشعارات لا تقوى على تغيير الواقع، لكن مجرد الفعل قادر على تصويب فوضى المواقف الكسولة، والمبهمة، وأن انتظار الفرج أو النصر لا يأتي به وإنما يؤجله، وأن اخطاء التجربة والمحاولة، أقل ثمنا من خطايا السكون والعجز والنكوص، وأن بإمكاننا تحقيق الانتصار بتسجيل النقاط إن لم تتوفر شروط الضربة القاضية، وأن تحقيق بعض الأهداف بداية لدفع الأثمان الباهظة مسبقا، وأن الانتصار يحيد عدوا واضحا وقد يغري بخصومات مضللة، لكن تحقيق مزيد من النجاحات والانتصارات يقلل حظوظ تلك الخصومات.


تمثل تجربة لجنة الطوارىء الوطنية العليا نموذجا يحتذى به في السياق الفلسطيني المشظى والمنهك، تجربة مفادها أن التوحد في المواجهة أقل البدائل ثمنا، وأكثر المقاربات سلامة في زمن الحرب ، وأن شروط الوحدة تنتج عن شرعية الفعل والإنجاز للفاعلين المتوحدين تحت ضغط المواجهة، وأن شروط الانتصار لا تكون إلا إذا سبقت الإرادة القول وأخضعها الفعل لقيادة العقل نحو متطلبات وشروط وظروف كل مرحلة.


*"مُعتقل منذ عام 2006 ومحكوم بالسجن لمدة 33 سنة"

دلالات

شارك برأيك

تجربة لجنة الطوارئ الوطنية للحركة الأسيرة .. دروس في فقه المواجهة

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 93)