فلسطين
الخميس 13 يوليو 2023 3:04 مساءً - بتوقيت القدس
الحاجة ليلى وأحفادها الشاهد الحي على العدوان في جنين
جنين- "القدس" دوت كوم- علي سمودي
"التقعيدة ".. الغرفة الصغيرة تحت منزل الحاجة ليلى، ستبقى شاهداً حياً على الجحيم الحقيقي الذي عاشته وأحفادها الصغار على مدار عدة ساعات في ظل القصف والاستهداف المباشر للمدنيين العزل، لتتكرر أمامها صور النكبة الأولى، لكنها تؤكد أن النزوح والتشريد لن يتكرر، وأن وجهتها القادمة لن تكون سوى لمنزل عائلتها في الخليصة بحيفا.
وبالعودة لبداية الحكاية، فبعد يومين من النزوح القسري، والساعات الرهيبة التي عاشتها الحاجة ليلى أبو جلدة، وأسرتها خاصة أحفادها، بعدما تعرض منزلها للقصف واخترقه الصاروخ الإسرائيلي خلال العدوان على مخيم جنين، عادت لمنزلها الواقع في حي السكة "المحطة" وسط المخيم، تزيل آثار العدوان برفقة كنتها وكريمتها.
وبينما كانت تزيل آثار الدمار، قالت الحاجة ليلى لـ"القدس" دوت كوم: "عدنا لمنزلنا وسنكمل حياتنا صامدين ومر ابطين في مخيم جنين، حتى نعود لأراضينا التي شردنا منها في نكبة عام 1948، ولن نفقد الأمل لحظة في العودة لمسقط رأسنا في الخليصة بحيفا".
خلال استراحة قصيرة، لالتقاط أنفاسها وحولها أحفادها أمام منزلها، قالت الحاجة ليلى: "ما ذنب هؤلاء الأطفال ليشردوا ويعيشوا الحزن والخوف في ظل القصف والعدوان، أرادوا قتلنا بصواريخهم، لكن رب العالمين حمانا، وما عايشناه في هذه الحرب، أصعب وأقسى مما تعرضنا له خلال مجزرة مخيم جنين قبل 21 عاماً".
وأضافت: "كان الموت يطاردنا، ولم يميز الاحتلال بين صغير ومسن كبير، مررنا بظروف صعبة تشبه الحرب، لأنهم أرادوا قتلنا على مرأى ومسمع من العالم، لكن رب العالمين حمى أهالي مخيم جنين وأنقذنا".
تتذكر المسنة أبو جلدة، أن عائلتها عاشت الخوف والرعب مع صوت الانفجارات الرهيبة التي كانت تهز المنازل بفعل القصف الإسرائيلي العنيف، وتقول: "رغم أن الانفجارات كانت قريبة جداً، لم نغادر وبقينا نختبأ في الغرف المغلقة كونها بعيدة عن الشارع، وتركنا الأطفال بفراشهم نائمين، ولكن فجأة اهتز منزلنا، وسمعنا انفجار في منطقة المطبخ والطابق العلوي، وتبين أن الطائرات قصفت منزلنا بصاروخ".
وتضيف: "طار جزء من الجدران، وتناثر الزجاج فوق أحفادي وبغرفة نومهم ودمرت النافذة، فاستيقظوا مذعورين وهم يصرخون ونحن معهم امام هول المنظر، فلم يكن أمامنا سوى إخراجهم من نافذة الغرفة المجاورة، ونقلناهم لمنزلي".
نجا أطفال الأسرة وأحفاد ليلى الذين كانوا أقرب لفتحة الصاروخ من الموت، لكن صوت الانفجارات والقصف لم يتوقف في الخارج، لتصبح وعائلتها محاصرين وعاجزين عن مغادرة المنزل، وتقول: "عشنا لحظات رعب وقلق، انهار الأطفال وتعالت صرخاتهم من هول ما يحدث حولنا ونحن محاصرين لا حول ولا قوة لنا، فسارعنا للهرب لغرفة داخلية صغيرة "تقيعدة " تحت المنزل، عرضها مترين وطولها ارتفاعها نصف متر، بحيث لا يمكننا رفع رؤوسنا، لكن لم يكن أمامنا خيار آخر خلال بحثنا عن النجاة ومكان أمن، وعانينا الكثير لعدة ساعات، بسبب الحر الشديد في ظل انقطاع الكهرباء وعدم قدرتنا على توفير واحضار المياه والحليب والطعام للأطفال".
تتذكر الحاجة أم محمود، أنها تشاهدت عشرات المرات في ظل القصف المستمر، وتقول: "تألمت وحزنت كثيراً، لعجزي وقلة حيلتي، في ظل حالة الرعب والخوف التي عاشها أحفادي، تحملنا وصبرنا، لكن اشتدت الأوضاع وأصبح منزلنا يهتز بشكل مستمر من قصف الصواريخ، فقررنا البحث عن طريق للهرب وإنقاذ حياتنا".
وتضيف: "اتصلنا مع كافة الجهات، وناشدت الجميع التدخل والوصول لمنزلنا لخوفي من انهياره فوق رؤوسنا، ومما زاد قلقي ووجعي، منع الاحتلال الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف والدفاع المدني من دخول المخيم والوصول لنا ولغيرنا من العائلات".
وتكمل: "لن أنسى طوال عمري هذه الصور التي كانت أصعب مما عايشناه في مجزرة مخيم جنين قبل 21 عاماً، صرخات الأطفال ومعاناتنا من الحر وجوعهم وعطشهم، والمصير المجهول الذي ينتظرنا".
بعد عشرات النداءات التي أطلقتها العائلات الفلسطينية التي استهدفت الصواريخ منازلها، وتدهور الأوضاع المعيشية والنفسية خاصة للأطفال، تمكنت طواقم الإسعاف من التحرك والوصول لمنزل الحاجة ليلى التي خرجت وأطفالها حفاة، وتقول: "لم نفكر عندما شاهدنا سيارة الإسعاف سوى بالخروج، فغادرنا حفاة، ومشينا على آثار القصف والزجاج ولم نتوقف أمام مشاهد دوريات وجرافات الاحتلال التي كانت تدمر الشوارع والمركبات، وشاهدنا إحدى النساء التي تعرضت لهجوم ونهش من كلب، ورافقتنا نحو المشفى".
وتضيف: "وصلنا في حالة رعب وخوف، وبسبب تعبي عولجت في المشفى، ثم بدأنا نركض من منطقة لأخرى والطائرات كأنها تلاحقنا وترصدنا حتى وصلنا لمحيط مقر المقاطعة والمحافظة، استقبلونا ووفروا لنا على الفور الملجأ مع المياه لعدة ساعات، ثم وزعوا علينا حفايات وأحذية ارتداها الأطفال والنساء، ونقلونا في مركباتهم لمكان أمن".
وتكمل: "بقينا عند أحد الأقارب في جنين، ونحن نتابع الأخبار ونشعر بقلق على منازلنا التي تركناها مشرعة أمام الجنود الذين اقتحموها وعاثوا فساداً وتخريباً في غالبيتها".
فور انسحاب قوات الاحتلال، عادت الحاجة ليلى وأسرتها لمنزلهم، وتقول: "شعرنا بنوع من الطمأنينة وسارعنا لإزالة آثار الصواريخ والتدمير والعدوان الذي ما زالت آثاره مستمرة خاصة بالنسبة لأحفادي الذين لم يعودوا قادرين على النوم بشكل طبيعي من هول الكوابيس التي تطاردهم في منامهم".
وتضيف: "ما تعرضنا له صعب ومؤلم، لا يمكن نسيانه، ولكن نشعر بفخر واعتزاز بصمود المقاومة التي حماها رب العالمين، تهديدات نتنياهو بالعودة لاقتحام وقصف المخيم لن تخيفنا، سنبقى صامدين حتى آخر يوم بعمرنا، حتى يرحل الاحتلال الظالم الذي لم يرحم طفل وعجوز".
دلالات
الأكثر تعليقاً
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
رجب: عملية "حماية وطن" تتقدم وتحقق نجاحات وإنجازات في حماية أهلنا بمخيم جنين
واشنطن ترفض تقرير "هيومان رايتس ووتش" بشأن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بغزة
تشييع جثمان المناضل الوطني اللواء فؤاد الشوبكي
صمت المجتمع الدولي إزاء الفظائع ، و الكلاب التي تنهش جثث الشهداء في غزة
رحيل الأسير فؤاد الشوبكي بعد 21 عاما في سجون الاحتلال
"هآرتس": الاحتلال دمر 70% من مباني مخيم جباليا وحوله إلى "مدينة أشباح"
الأكثر قراءة
قوات خاصة إسرائيلية تعتقل مواطنا من كفر عقب شمال القدس
رحيل الأسير فؤاد الشوبكي بعد 21 عاما في سجون الاحتلال
"حماس" و"إسرائيل" تقتربان من الصفقة
عملية استشهادية في مخيم جباليا لأول مرة منذ بداية الحرب
صحيفة:الولايات المتحدة دعمت مجموعة مسلحة لإطاحة النظام في سوريا
وصفوه بالإيجابي.. وفد امريكي يلتقي "الشرع" في دمشق
رجب: عملية "حماية وطن" تتقدم وتحقق نجاحات وإنجازات في حماية أهلنا بمخيم جنين
أسعار العملات
الخميس 19 ديسمبر 2024 9:56 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
يورو / شيكل
بيع 3.76
شراء 3.76
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 284)
شارك برأيك
الحاجة ليلى وأحفادها الشاهد الحي على العدوان في جنين