أقلام وأراء

السّبت 08 يوليو 2023 9:50 صباحًا - بتوقيت القدس

مقاربة الدولة الواحدة بين المثالية والواقعية

نشرت  مجلة الفورين أفيرز عبر دراسة لأربعة من اساتذة العلوم السياسية البارزين مايكل بارنيت وناثان براون ومارك لينش وشبلي تلحمي، وتعتبر تحديا غير مسبوق للخطاب والمقاربة السياسية التي تتبناها الإدارة الأميركية للرئيس بايدن ومن سبقها من الإدارات وهي مقاربة حل الدولتين.الدراسة او المقالة تحمل عنوان: واقع الدولة الواحدة في إسرائيل حان الوقت للتخلي عن حل الدولتين.


إبتداء وقبل تحليل مكونات هذه المقالة واهميتها وتداعياتها ومقارباتها أنها كتبت من قبل أربعة من أساتذة العلوم السياسية المرموقين وهذا يعطي لرأيهم وتحليلهم مصداقية كبيرة. وألأمر الثاني أن المقالة موجهة للإدارة الأميركية للتخلي عن خطابها بحل الدولتين والذي ثبت فشله ووهمه وموجه لإسرائيل وللفلسطينيين طرفا الصراع الرئيسيين .


 وقد يكون للفلسطينيين اكثر حتى لا يعيشوا في وهم حل الدولتين ووهم السياسة الأميركية . والأمر الثالث يطرح الموضوع للنقاش رغم أنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها الموضوع كما سنرى في مقالة أخرى للدكتور مروان المعشر في مقالة له في نفس المجلة. وهذا يعني لماذا لا تبادر منظمات البحث والتفكر بتقديم الحلول والآليات لتحول الموضوع لمبادرة سلام. هذا والطرح ليس سهلا كما يبدو بل قد يواجه التحديات والمعيقات سواء من الجانب الإسرائيلي وقانون القومية اليهودية والتمسك بمفهموم إسرائيل دولة للشعب اليهودي فقط، حتى الجانب الفلسطيني ما زال يتمسك بحل الدولتين على إعتبار ان الدولة تحقق الهوية الوطنية والمستقلة للشعب الفلسطيني. وهنا ابرز الوقائع والحقائق التي تؤكد على هذه المقاربة: أولا ان الدولة الواحدة قائمة تحت الحكم الإسرائيلي على جميع الأراضي الفلسطينية، حتى غزة وليس كما يطرح إسرائيليا انها تشكل نواة دولة واحدة خارج الحكم الإسرائيلي والأمر ذاته للسلطة الفلسطينية فالحقيقية أن إسرائيل تفرض دولة الأمر الواقع بالقوة. وثانيا ان سكان دولة الأمر الواقع الواحدة والمتوازنون سكانيا ما يقارب ال 8-6 مليون لليهود والفلسطينيين ما بين النهر والبحر. وأن الفلسطينيين يخضعون لنظام فصل عنصري في النهاية سيفرض حلا واحدا، وهذه السياسة تتناقض مع ما تقوله إسرائيل عن ديموقراطيتها وليبراليتها وهي أساس دعم الغرب لها. حيث يتمتع اليهود بحقوق مواطنة كاملة قاصرة لهم، فيما يخضع الفلسطينيون لقوانين وسياسات تقوم على التمايز وحرمانهم من حقوقهم السياسية المواطنية. وثالثا: نفاد كل فرص التسوية وفشل كل المفاوضات والفشل في قيام الدولة الفلسطينية التي كان يفترض ان تقوم مع نهاية 1999. ورابعا: اليوم تحكم إسرائيل من قبل إئتلاف يمينى متطرف ومتشدد يقوم على رفض فكرة الدولة الفلسطينية، ويدعو لهجرة الفلسطينيين قسرا. وخامسا: حدوث تطورات وتغيرات في الرأي العام على المستوى الأميركي والأوروبي وخصوصا لدى الأجيال الشابة تجاه مسألة الحقوق ونقد ما تقوم به إسرائيل من عنصرية وتنامي إهتمام الشباب اليهودي بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتزايد مخاوفهم من تداعيات السياسات العدائية. وسادسا تحول الصراع إلى موضوع يتصل بالسياسة الداخلية الأميركية وإلى حالة إستقطاب حزبي. سابعا: تعذر إدماج إسرائيل عربيا بدون حل القضية والتوصل لسلام مع الفلسطينيين ولا مستقل للسلام العربي الإسرائيلي بدون إكتمال السلام في الجانب الفلسطيني. ويضاف إلى ذلك أن إسرائيل ينظر إليها على أنها أفضل إستثمار كما قال الرئيس بايدن بما تقدمه من 3 مليارات دولار، وأن هذا الإستثمار رهن بحفاظ إسرائيل على الديموقراطية والقيم الليبرالية. وان هذا الإستثمار يتعرض لتراجع بالتغيرات والتحولات التي تطرأ على السياسة الإسرائيلية وأبرزها كما نرى ما يسمى بالإصلاحات القضائية.


 والخلاصة ان إسرائيل اليوم ليست دولة ديموقراطية وفلسطين ليست دولة قيد التشكل. ويبقى ان هذا الخيار والذي تدفع به إسرائيل بما تمارسه تفرضه من وقائع على الأرض ويتوقف على الرؤية الفلسطينية والمقاربة التي يتم تبنيها ، فهذه المقاربة أساسها الحقوق وكشف الطابع العنصري الذي تمارسه إسرائيل وزيادة الضغوطات الدولية التي ستضع إسرائيل امام حقيقة الدولة الواحدة التي تقوم على مبدأ الحقوق والمواطنة. هذه المقاربة تحتاج إلى نضال فلسطيني سلمي وشامل يبرز الجانب العنصري الذي تمارسه إسرائيل على شعب كامل. والتمسك بالشرعية الدولية وتفعيل دور العوامل الداخلية في إسرائيل التي ترفض التوجهات اليمينية المتشددة وجعل القضية الفلسطينية قضية إهتمام وإنتخابات داخلية في الولايات المتحدة والغرب.


وهنا نعيدالتذكير بالنموذج الجنوب الأفريقي وكيف نجح نيلسون ما نديلا بتحويل القضية إلى قضية حقوق وتمايز عنصري وهذا يتعارض مع القيم الليبرالية التي تسودها. ولعل أهم المعيقات والتحديات امام هذه المقاربة القومية اليهودية والتي تبرز معالمها بالكثير من القوانين والسياسات وأبرزها قانون القومية اليهودية وهذا القومية ترفض اي شكل من اشكال الإندماج. والمعيق الثاني فلسطينيا والتمسك بالهوية القومية والتي تعبر عن نفسها من خلال مقاربة الدولة. في ظل هذه المعيقات يصبح الطرح أقرب للمثالية، ولا يبدو في الأفق كما حل الدولتين ومن هنا البحث عن الحلول البديلة وأبرزها مقاربة الحقوق، والمقاربة الاقتصادية التي تطرح كما في مبادرة الرئيس ترامب السابقة. نحن أمام نموذج مركب يفوق قدرات أطرافه وكما نشأت القضية بفعل دولي تحتاج أيضا إلى فعل وإرادة دولية قوية.

دلالات

شارك برأيك

مقاربة الدولة الواحدة بين المثالية والواقعية

المزيد في أقلام وأراء

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء" .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

حمدي فراج

زمن عبد الناصر

سمير عزت غيث

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

وليد الهودلي

مرحى بالصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة

مروان الغفوري

متى تضع أمريكا خطًّا أحمر؟

سماح خليفة

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 229)

القدس حالة الطقس