أقلام وأراء

السّبت 24 يونيو 2023 10:11 صباحًا - بتوقيت القدس

التآلف بين الاحتلال والديمقراطية

تهديدات الحكومة الإسرائيلية الجديدة والمتواصلة بعدوان على شمال الضفة الغربية مترافقًا بالتدرب العسكري على مواجهة الفلسطينيين بالداخل، تمثل مقاربة واضحة بالخوف أو التخويف المطلوب والمستمر للمجتمع اليهودي من كل ما هو غير يهودي باعتباره العدو بين ظهرانينا.


لم تفد عشرات السنوات لتدجين عرب الداخل، وما أرادوا جعلهم مواطنين مطلقًا.


ولم يكن من غالب الاحزاب الإسرائيلية اليوم الا أن تنظر لهم ولكل العرب بالدونية، ونظرة الاحتقار المستمدة من الأفكار العنصرية ذاتها التي يعمل بها اليمين الديني اليهودي ويكتسح المشهد بحركاته المتسارعة بصخب.


ولم تفد عشرات السنوات لجعل الشعب الفلسطيني ينسى أو ينكمش في محيط حاجاته الانسانية فقط، فكلما أرتقى مناضل، إلا وأثمرت الشجرة المباركة عشرة مناضلين جدد متجاوزة الفصائل، ومتجاوزة معادلة الترهيب الصهيونية بالكلية، لتنطلق في فجرها المتجدد كل يوم.


تهديدات الحكومة الإسرائيلية لازمة للنظام الحاكم والمؤسس للدولة، وتأتي لزوميتها من جعل الإسرائيلي أسير القبضة الأمنية والعسكرية الاسرائيلية التي تهيء له وتغسل دماغه يوميًا بأن الغلاف أو السياج الأمني حوله ما وجد لولا الجيش، والذي بدونه لفلت الزمام وخرجت الامور عن السيطرة في الدولة "الديمقراطية" الوحيدة في "الشرق الاوسط".


تكبد الفلسطينيون في طول وعرض ما تبقى من فلسطين تحت السلطة المحدودة، خسائر كبيرة جراء عشرات العدوانات الإسرائيلية الدموية سواء أكانت بالضفة ومنها القدس أو قطاع غزة فأصبحت الشهادة فعلًا يوميًا كما الحال مع الاعتقالات التي لاتتوقف، متجاوزة "أ" و"ب" و"ج"، فيما أسقطته منذ الانتفاضة الثانية مما كان قد تبقى من "أوسلو".
التهديدات الإسرائيلية بقيادة نتنياهو زعيم اليمين المتطرف بصهيونيته ودينيته المتشددة لايرغب الا برؤية العرب الفلسطينيين جثثًا هامدة، أو أشباحًا في البلاد موجودة وغير موجودة،،،.. موجودة لتأكل وتشرب. وغير موجودة فلا حق لها بالكلام أو الاعتراض أو المطالبة بأي حق من حقوق الشعوب أو حتى الحقوق الانسانية الأساسية.


العدوان الدموي الأخير ضد مدينة جنين ومخيمها، وما سبقه في نابلس وفي أريحا وفي الخليل دلالة لا تخطئها العين على المعادلة التي تسير عليها الحكومة الإسرائيلية الحالية والمتمثلة بالقتل المبرمج المترافق مع الحرص على التهويد في كل شبر وزاوية، وفي ثلاثية تتكامل مع استمرار سلب الأرض من تحت أقدام أصحابها.


الكاتب الأميركي اليهودي الليبرالي "ألون بن مائير" كتب يقول:"أنه في حين أن غالبية الإسرائيليين يعتقدون أن بلادهم دولة ديمقراطية ويتدفقون بحماس إلى الشوارع للحفاظ عليها، وغالباً ما يشيرون إليها على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فإن ما يغيب عنهم هو أنه لا يوجد بلد يستطيع الادعاء بأنه ديمقراطي وأن يكون قوة محتلة في نفس الوقت".


وعن سبب عدم ترافق فكرة الديمقراطية مع ضرورة زوال الاحتلال لدى الإسرائيليين يقول بن مائير:"قامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بغسل أدمغة الجمهور من خلال الترويج لفكرة أنه حتى لو أقام الفلسطينيون دولتهم الخاصة بهم، فإنها ستكون فقط المرحلة الأولى في هدفهم النهائي للقضاء على إسرائيل تمامًا" بحيث أصبح الإسرائيليون" يقبلون بالوضع الراهن على أنه حالة دائمة يعيشون فيها بشكل مريح".


لا يتحرك "المجتمع الإسرائيلي" المأسور للروايات الدينية الطاغية اليوم ولا ذاك العلماني للمطالب الفلسطينية، وكأنه قد اسقط من جدول تفكيره وجود الشعب الفلسطيني فأصبحت القضية وفكرة التسوية من سقط المتاع، ورغم المواقف المتسارعة للإسرائيليين ضد الانقلاب القضائي ضمن "الدولة الديمقراطية" فإنهم لم يستطيعوا أن يستوعبوا أبدًا هدف فكرة الخطر الخارجي والسياج الأمني التقييدية لعقولهم من زعمائهم، ولم يستوعبوا فكرة الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه فهو نكرة، كما تآلفوا بشكل عجيب مع فكرة تعايش الديمقراطية بالاحتلال وكأن لا تناقض البتة بينهما، وتعايشوا مع فكرة العنصرية في ظل المواطنة الحصرية بهم، والدينية اليهودية في ظل التعددية.


إن غسيل الدماغ من قبل الحكومة الإسرائيلية للمجتمع اليهودي قد اختلطت بعلو فكرة العداء الديني وضرورة نهب الارض (الدينية) واستحقار (الشعب المنبوذ دينيًا) وهو ما كرسته الاحزاب الدينية المتعصبة والمتحالفة مع الصهيونية فيما هو حاصل من حالة حرب يومية لا تتوقف ضد الأرض والشجر والناس في فلسطين.

دلالات

شارك برأيك

التآلف بين الاحتلال والديمقراطية

المزيد في أقلام وأراء

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة

أسامة أبو ارشيد

إنكار النكبة

جيمس زغبي

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 214)

القدس حالة الطقس