أقلام وأراء

السّبت 24 يونيو 2023 10:04 صباحًا - بتوقيت القدس

المُعجزة بيد الفلسطينيين

على مدى التاريخ البشري ابتكرت الشعوب المُضطهدة أساليب عديدة بُغية تحقيق مآربها وانتزاع مصيرها من القوى المُحتلة، والشعب الفلسطيني لم يكن أقل حظاً في مسيرته النضالية إذ مر تاريخه بالمُنعطفات الرئيسة التي تعتبر شواهد في محطات الكفاح الوطني، حيث كان أبرزها انتفاضة الحجارة التي استطاعت أن تُحقق نتائج باتت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مشروع الدولة لولا التآمر الدولي والتشرذم الفلسطيني الذي أنهك المشروع.


حيث أن القضية الفلسطينية دخلت بتفجير الانتفاضة مرحلة الإبداع الفلسطيني كعمل سياسي ساخن في إطار حركة جماهيرية واسعة النطاق ذات طابع تنظيمي وتأطيري للوصول لأهداف مُتعددة ذات أبعاد استراتيجية تتجاوز المطالب الإدارية والمعيشية وتفرض مطالب سياسية.


انتهت الانتفاضة وبدأ الشعب الفلسطيني باختراع أساليب أخرى إما عبر المقاومة سواء بعمليات فردية أو مُنظمة لمواجهة المُحتل أو أساليب سياسية دبلوماسية قانونية، ولكن بعد مرور السنين تحولت القضية من مطلب سياسي إلى مُعاشي بحكم الأمر الواقع من قبل الاحتلال الذي أنهك المشروع الوطني ، ولم يبق أي أمل لإقامة دولة فلسطينية مترابطة الجُغرافيا والديمُغرافيا وهذا إشارة إلى عدم توافق الأدوات من قبل الفصائل بمشروع وطني مُحدد نتيجة الانقسام السياسي بين أطراف النزاع (الفلسطيني_الفلسطيني).


لم يعد هناك خيارات لإنقاذ الموقف إلا بتعزيز وسيلة تشابه الانتفاضة الشمولية قبل حدوث العملية العسكرية الشاملة من قبل الاحتلال كونها مسألة وقت بالنسبة له فهي في الأجندة الروحية الحالية، لكن وجود التهديدات المُختلفة يريد الاحتلال حاليا تحييد كل تهديد على حِدة حتى يتسنى الوقت المُناسب لشن عملية عسكرية شاملة هدفها إنهاء الكينونة الفلسطينية تماماً وهذا أيضاً مسألة وقت ما بين خمس لعشر سنوات وقد يكون أقل من ذلك بسبب التشرذم الداخلي وتغليب المُحاصصة والمُغالبة على المصلحة العامة وأمام غياب دور واضح من قبل المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال بإيجاد حل عادل للقضية رغم اليقين أن من بنى القاعدة الصهيونية لن يقف إلى جانب الواقع الفلسطيني.


إن المبدأ العام لتحقيق نتائج إيجابية، يقتضي انه لا بد من مقومات نضالية لبلوغ الأهداف العليا من بينها استخدام كافة أساليب المقاومة طويلة الأمد والوحدة الوطنية جماهيرياً وتنظيمياً لإنقاذ ما يمكن انقاذه بعد تحويل مشاريع الاستيطان بيد سموتريتش المسؤول عن الإدارة المدنية وهذا يعني الضفة الغربية والتي تُعتبر أهم من تل أبيب حسب العقيدة الدينية التي تُؤمن بلا تنازل عن الضفة والقدس فهما في صلب المشروع الديني التوراتي. ويؤمنون ايضا بقيام حرب شاملة لقيام السيد المسيح، فحسب ايمانهم هذا، هو من سيخلصهم من العرب والفلسطينيين.


ما يحدث من إبداع وبسالة الأفراد الفلسطينيين في مقاومة المحتل رغم ضعف الإمكانيات ليس الهدف منه استمرار دوامة العنف في المنطقة بل لإيجاد حلول سياسية للقضية. وهي ردات فعل طبيعية على ما يقوم به الاحتلال من جرائم إبادة حرب واقتحاماته المستمرة لمناطق الضفة الغربية لإنهاء الحالة النضالية وتعزيز مشاريعهم بالقوة العسكرية وفرض واقع مفاده أن يستسلم الشعب الفلسطيني وان يقبل بثلاث خيارات طرحها سموتريتش وهي: إما العيش بسلام وكعبيد من الدرجة الثانية تحت اطار دولة الاحتلال واما الهجرة واما الموت. وهذا ما يريد تعزيزه المحتل امام غياب واقع وطني موحد فصائلياً وتنظيمياً رغم وحدة الميدان في المواجهة والصدام مع المستوطنين الذين يعربدون بحماية ودعم الاحتلال في مناطق الضفة الغربية .


لذا ليس غريباً أن يُبدع الشعب الفلسطيني لتحطيم القيود وافشال مؤامرات التصفية والاجهاض مرسخين قيما نضالية حضارية مكفولة في القانون الدولي. لذا فإن ما يحتاجه الشعب الفلسطيني هو تشكيل كيان معنوي وسياسي وكفاحي جماهيري في كل بقاع الجغرافيا الفلسطينية للاستمرار في تحقيق هدف الخلاص والاصرار على الحياة والحرية والكرامة والاستقلال الوطني .


ان الواقع الحالي يتطلب مزيداً من الجرأة والشجاعة السياسية للقيام بخطوات جوهرية لبناء رؤية وطنية لتثبيت المواطن الفلسطيني مُتجاوزاً الخلافات الفصائلية على الساحة ادراكاً منه بأهمية الحفاظ على وحدة الجماهير لانهم الأساس للثورة بكل تشكيلاتهم وتعزيز الغطاء السياسي لاهداف ثورة تخدم الاهداف الوطنية اضافة الى تأمين حماية دولية وفق القوانين والاعراف الدولية للجماهير الفلسطينية نتيجة الضرر والقمع من قبل الاحتلال وخلق جبهة واسعة من العلاقات مع المؤسسات الدولية للتضامن مع اي واقع جديد يُعزز ثورة الشعب. فقرار المواجهة وارادة الصمود بالامكانيات المتوفرة خير ألف مرة من سياسة الرهان على العامل الزمني والتستر والاختفاء وراء شعار التوازن الاستراتيجي.


أمام فهم الشعب هذه الحقيقة لابد من مواصلة طريق النضال بكل الوسائل لعدم ادخال الصراع في حالة جمود بانتظار معجزة اقليمية او دولية بعد التفكير بمصالحهم دون النظر الى القضية الفلسطينية بانها مفتاح السلام في المنطقة.


ان فعالية اي جهد فلسطيني، له تأثير اكبر من الرهان على مجتمع دولي متواطئ، لأنه هو الوحيد الذي يُقلق المحتل ويُوقع خسائر في اوساطه.


ان انتفاضة جديدة ولو برؤية مختلفة عن انتفاضة الحجارة، بمثابة العنصر الحاسم الذي يفك رهان الانتظار كونها تُحقق الردع وتخلق حالة من الانهيار النفسي والمعنوي للمُحتل وتُزعزع النظريات الامنية وتنقل المعركة الى داخله وتُجبره لتحقيق اهداف سياسية من خلال التميز الفلسطيني والاعتماد على جماهير الشعب وطاقاته والمقدرة على المبادرة والاعتماد على الذات الفلسطينية عبر تراكم الفعاليات الوطنية في الوطن المحتل وتعميق الانتماء الوطني وتنمية الوعي السياسي وزيادة الالتفاف الجماهيري حول البرامج الوطنية بعد تصويبها سواء على مستوى منظمة التحرير او انتخاب قيادة جديدة بشكل ديمقراطي لتُحقق للجماهير اهدافها دون التذرع بذرائع واهية منها عدم جدوى العملية الديمقراطية، فهي على الاقل تُعيد التواصل ديمغرافياً بين القطاع والضفة والبدء في انقاذ ما يمكن انقاذه عبر تصويب مشروع وطني لمؤسسات وطنية بحاجة الى تجديد.

دلالات

شارك برأيك

المُعجزة بيد الفلسطينيين

المزيد في أقلام وأراء

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة

أسامة أبو ارشيد

إنكار النكبة

جيمس زغبي

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 214)

القدس حالة الطقس