أقلام وأراء
الثّلاثاء 06 يونيو 2023 10:01 صباحًا - بتوقيت القدس
القدس وذكرى رحيل فيصل الحسيني......وأزمة القيادة
أزمة القيادة في القدس جزء من أزمة القيادة الفلسطينية،ومن الأزمة العامة للنظام السياسي الفلسطيني،المتفاوتة بشكل نسبي بين تلك الأجسام....ولعل الوضع الخاص للقدس من حيث السيطرة الشاملة لدولة الكيان على المدينة ،من خلال تواجدها العسكري والأمني والشرطي والإقتصادي والمدني،ومحاربتها لكل مظاهر الوجود والسيادة الفلسطينية في المدينة،وسعيها لمنع أي شكل من اشكال تلك السيادة فوقية من خلال السلطة ومؤسساتها أو شعبية عبر القوى واللجان والمؤسسات،او تشاركية بين الجهتين ،هذا يستدعي السعي لخلق تفكير ابداعي،لكيفية بناء قيادة فلسطينية مقدسية،كجسم علني على غرار لجنة المتابعة العربية العليا في الداخل الفلسطيني -48،ولكي ينجح ويتطور هذا الجسم ويكتسب شرعيته،عليه ان يتحرر من قيود الفئوية والحسابات الضيقة،فهناك من سيسعى لمحاربته،ليس فقط دولة الكيان وأجهزتها،والتي ترى في ذلك تحد لسلطتها وسيادتها على المدينة،التي تسعى لحسمها بأعلى قدر من "التوحش" و"التغول" ،والهجوم الشامل على المقدسيين العرب فيها، لكي تحقق تغييراً ديمغرافياً وجغرافياً فيها،يمكنها ان تروج للقدس على أنها "عاصمتها الأبدية "،كما تقول المتطرفة الوافدة لفلسطين وزيرة المواصلات الصهيونية ميري رغيف والتي رصدت حكومتها 30مليار شيكل خلال خمس سنوات لتطوير وخلق شبكة مواصلات عصرية في مدينة القدس، تسهم في تهويدها،وتجعل من المواصلات العامة، وخاصة القطارات والسكك الحديدية أساس تلك المواصلات،والتي ستغذيها بقية وسائل النقل العامة الأخرى.
المتطرفة رغيف تتحدث عن القدس بأنها منذ فجر التاريخ" وقبل ثلاثة الآلاف عام كانت عاصمة لليهود ...وهي تعمل مع كل المتطرفين والفاشية اليهودية،لكي تسلب المدينة هويتها وتاريخها وحضارتها وثقافتها وروايتها ،وحتى مقدساتها الدينية ،المسجد الأٌقصى..وأن "تستلب" وعي سكانها الفلسطينيين العرب،عبر سعي محموم لدمجهم في مجتمع واقتصاد دولة الكيان...وبما يمزقهم ويفكك هويتهم الجمعية،وينفي وجودهم كشعب،وتحويلهم الى مجرد تجمعات سكانية فاقدة لخصائصها القومية والوطنية والثقافية ....وترى في مؤسسات دولة الكيان،مرجعية لهم ...ولذلك نشهد حملة شرسة على المدينة،لكي تحل كل مؤسسات دولة الكيان في المدينة محل المؤسسات الفلسطينية، وأن تمنع تبلور أي شكل من اشكال السيادة الفلسطينية فيها،وتستخدم لتحقيق ذلك جبروت آلتها العسكرية وأجهزتها الأمنية والمخابراتية والشرطية ،والمدنية من بلدية ووزارة معارف ورفاه ومواصلات وشؤون اجتماعية وغيرها ...ولذلك رصدت ميزانيات ضخمة لهذا الغرض، لما يعرف بالخدمة المدنية والشرطة والمراكز الجماهيرية وخدمات الرفاه الإجتماعي و"أسرلة" التعليم،واختراق "جدار" وبنية المجتمع والعمل على تفكيكها عبر ربط ذلك بلجان اصلاح وأسرية تابعة لها ....تقاد مباشرة من قبل شرطتها.....وما نشهده حالياً من "اسرلة" للعملية التعليمية بشكل كامل في مدينة القدس،وطرد وازاحة المنهاج الفلسطيني بشكل كامل أيضاً منها له علاقة بالسيادة، فالمنهاج الوطني شكل من اشكال السيادة،ولذلك واضح بانه في ظل سلطة فلسطينية عاجزة ومتهالكة، فدولة الكيان ذاهبة لحسم الصراع على هذه الجبهة ..
وما شهدناه في العديد من المدارس في مدينة القدس من مظاهر انحرافية،لها علاقة ب"تخريب" و"كي" و" تجريف" الوعي،يجب ان يدق ناقوس خطر امام الجميع لكي يتحمل مسؤولياته،فنحن لسنا ضد ان يتعلم طلبتنا في المدارس وبغض النظر عن المرجعية التعليمية اللغة العبرية،ولذك لا يجوز بأي شكل من الأشكال " عبرنة" وعي طالباتنا واستلابه ،فهذا من شأنه أن يهز قناعات طلابنا بحقوقهم وهويتهم وانتمائهم،ويستدخل ثقافة " التطبيع" في وعيهم وفكرهم،وهنا تكمن الخطورة ،فقدان خصائص وجودنا القومي والثقافي ،وتحقيق حلم قادة دولة الكيان، بتفكيك وعي طلبتنا والسيطرة على ذاكرتهم الجمعية.
صحيح أنه في عهد القائد فيصل الحسيني التي مرت قبل أقل من أسبوع الذكرى السنوية ال 22 لرحيله، شكل قائدا جامعا وموحدا للطيف السياسي والوطني والمجتمعي الفلسطيني في المدينة،وإمتلك " كرزما" قيادية مكنته من لعب هذا الدور القيادي،عبر التواصل مع الجماهير والوقوف على همومها ومشاكلها اليومية،والسعي الى حلها...ولكن حتى تكون المقاربة القيادية عادلة،فلا بد من القول بأن الراحل الكبير فيصل الحسيني، توفرت له مجموعة من العوامل والظروف، سمحت له أن يلعب ويمارس دوره القيادي هذا،فهناك المقر "بيت الشرق"،وهناك الإمكانيات،وهناك القوى والجماهير الملتفة حوله،ولم يكن "جين" الإنقسام قد ضرب الساحة الفلسطينية،وكذلك كان مقر" بيت الشرق" ،المقر السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ،والذي يتمتع بنوع ما من الحصانة،وهذا سهل العمل والتواصل بين القيادة والجماهير،ولكن من بعد اجهاض الإنتفاضة الأولى،والإستثمار السياسي المتسرع لنتائجها،وتوقيع اتفاق أوسلو الكارثي،والذي رفضت دولة الكيان،على الرغم من كل مثالبه وعيوبه وتداعياته الخطيرة تطبيقه،ولتأتي الإنتفاضة الثانية،وشن شارون في أيلول /2000،حربا شاملة على شعبنا الفلسطيني ،"السور الواقي"،وما استتبعها من اغلاق للمؤسسات الفلسطينية ،بما في ذلك " بيت الشرق" ،كمقر لمنظمة التحرير الفلسطينية،ومن بعد ذلك تشكلت للقدس العديد من المرجعيات الرسمية ،وزارة شؤون القدس،محافظة،مؤتمر وطني شعبي، وحدة الرئاسة في مكتب الرئيس، مسؤول القدس في اللجنة التنفيذية للمنظمة...كل هذا الأجسام الرسمية لم يسمح لها بان تعمل أو تمارس سلطتها وسيادتها ودورها داخل حدود جدر الفصل العنصري في القدس،بل سعت وعملت حكومة الكيان وأجهزة مخابراتها،على معاقبة كل من حاول أن يمارس عملا او دورا او نشاطا للسلطة أو باسمها في مدينة القدس- داخل جدار الفصل العنصري،وهناك من يقود تلك المرجعيات،من تكيف مع سياسة دولة الكيان،وهناك من تمرد على تلك السياسة ،وتعرض لسلسلة من العقوبات،وحتى لا يتصيد البعض ويحمل الكلام معاني ومقاصد معينه، نحن لا نشكك في انتماء أحد او وطنيته.
في ظل الوضع المعقد والمركب الذي يعيشه اهل القدس،والإستهداف الكبير لهم من قبل دولة الكيان،على كل الصعد والمستويات، فأنا أرى ان يتشكل جسم قيادي مقدسي علني شعبي،يتولى المسؤولية عن القضايا المدنية والإجتماعية والحقوقية للمقدسيين،على ان تبقى قضية الحقوق الوطنية السياسية من اختصاص الجهات الرسمية الفلسطينية،منظمة التحرير الفلسطينية.
نحن ندرك بأنه لن يكون هناك حصانة او حماية لهذا الجسم القيادي، في ظل حكومة يمين متطرف وفاشية يهودية، تريد أن تقصي وتتخلص من أكبر قدر ممكن من السكان الفلسطينيين من المدينة،والإتحاد الأوروبي وأمريكا وما يعرف بالمجتمع الدولي، لا يمكن التعويل عليهم بدعم هذا الجسم القيادي وتوفير حماية له...ولكن لا بد من اجتراح المبادرات العملية،لخلق جسم قيادي يكون عنوانا للمقدسيين ويوحدهم ويدافع عن حقوقهم الحياتية والمعيشية والمدنية،لأن القدس مقبلة على أيام عصيبة جداً.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
القدس وذكرى رحيل فيصل الحسيني......وأزمة القيادة