أقلام وأراء
الأربعاء 10 مايو 2023 10:24 صباحًا - بتوقيت القدس
تركيا تنتخب وفلسطين تنتظر: أردوغان.. ماذا لو..؟!
منذ فوز حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان قبل عقدين من الزمن، والمشهد الفلسطيني يتنفس الصعداء، إذ أن تركيا خرجت من عباءة التنسيق الأمني والعسكري مع دولة الاحتلال الصهيوني، وأظهرت الكثير من التعاطف والمواقف الإيجابية تجاه القضية الفلسطينية وحركة حماس بمشهديها السياسي والحركي.
فعندما وصل أردوغان إلى سدة الحكم كرئيس للوزراء (مايو 2003)، والسيد عبدالله غول كرئيسٍ للبلاد (أغسطس 2007)، ظلت تركيا تعبر عن مواقفها التضامنية مع الفلسطينيين ووقوفها إلى جانب حقهم السليب، وتعلن بقوة عن تصديها وتنديدها بالسياسات الإسرائيلية العدوانية؛ سواء المتعلقة بتدنيس المسجد الأقصى ومحاولات تهويده أو التوسع الاستيطاني على حساب أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، والحروب المتكررة على قطاع غزة.
كانت مواقف تركيا أردوغان هي الأقوى والأوسع انتشاراً وتأثيراً على مستوى المنطقة والساحة الدولية، ولذلك حظيت مواقفه بالكثير من التقدير بين شعوب الأمتين العربية والإسلامية.
لقد تعرفت على الرئيس أردوغان أول مرة في العاصمة الأمريكية واشنطن في نوفمبر 2001، حين جاء مع وفد من أركان حزبه الجديد (العدالة والتنمية) لتعزية الرئيس بوش الابن بضحايا الأحداث المأساوية (الإرهابية) في الحادي عشر من سبتمبر، وكان بصحبته كلٍّ من عبد الله غول وأحمد داود أوغلو وعلي باباجان وآخرين. وفي لقاء ترحيبي مع قيادات الجالية المسلمة، تحدَّث أردوغان عن برنامجه الانتخابي الذي يمثل نقلة نوعية في السياسة التركية، وقد أشار لسبب الخلاف مع أستاذه نجم الدين أربكان، والفكرة من وراء تأسيس حزبه الجديد، والمكانة التي تحظى بها فلسطين كقضية إسلامية لها حضورها السياسي والإنساني والوجداني والتاريخي في قلوب الأتراك العثمانيين. كان اللقاء قد شدَّنا جميعاً وإن لم يكن أحدٌ منَّا -آنذاك- يتوقع فوز حزبه بتلك النسبة العالية (35%)، والتي لم يسبق لأي حزب ناشئ أن حققها مع أول انتخابات برلمانية له.
ومع تنامي قدرات حزب العدالة والتنمية في مشهد الحكم والسياسة في تركيا، ارتفعت مكانة أردوغان وشعبيته عربياً وإسلامياً، وخاصة بعد دعمه الكبير لثورات الربيع العربي، وقد شاركت في العديد من الأنشطة والمؤتمرات التي رعتها حكومة أردوغان في إستانبول لقيادات إسلامية من العديد من الدول العربية، بهدف تنسيق الجهود وضمان عدم إنحراف المسار الذي تتحرك فيه هذه الثورات، وضبط البوصلة باتجاه إنجاز مشروع الإصلاح السياسي والتغيير السلمي، وبما يحقق الاستقرار والأمن والازدهار لشعوب المنطقة العربية.
كان أردوغان أحد أهم روافع الربيع العربي، وكانت بصمات وزير خارجيته -آنذاك- أحمد داود أوغلو حاضرة في قلب كلّ هذه المشاهد، وهذا ما لمسناه من خلال مشاركتنا في معظم هذه الأنشطة والفعاليات.
استمرت سياسات تركيا أردوغان على مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، وقد وقف أردوغان إلى جانب السلطة الوطنية خلال مساعيها لتحقيق الاعتراف بها كدولة في الأمم المتحدة، إذ استضافت تركيا فعاليات الجهد الدبلوماسي وتحركت ماكينتها السياسية والإعلامية بوزارة الخارجية لحشد المواقف العربية والإسلامية لدعم وتأييد هذا التوجه، حيث تمكنت السلطة الفلسطينية في نوفمبر 2012 من الحصول على الاعتراف بفلسطين دولة منحتها الأمم المتحدة صفة مراقب غير عضو، وهو إنجاز كان لتركيا فيه جهد مشكور.
لم تبخل تركيا أردوغان في تقديم الدعم المالي أيضاً لكلٍّ من مؤسسات السلطة وحركة حماس، كما أنها شجَّعت الجمعيات الإغاثية التركية الرسمية والشعبية مثل (تيكا) و(يلدرم لي) و(أي إتس إتش) و(وقف الديانة التركي) لإعطاء الأولوية في مشاريع الإعمار والدعم الإنساني للمناطق التي دمرتها الحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة.
فوز حماس في الانتخابات: أردوغان أول المهنئين
عندما فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية يناير 2006، استقبل أردوغان؛ رئيس الحكومة التركية، الأستاذ خالد مشعل؛ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وبارك فوز الحركة في الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة العاشرة، كما أبدى استعداد بلاده لتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي والإغاثي لتمكينها من النجاح في مهمتها، وهذا ما شعرت به خلال لقائي به، وتسليمه رسالة من رئيس الحكومة الفلسطينية السيد إسماعيل هنية.
بدون شك، كانت مواقف أردوغان متقدمة السياسية تجاه القضية الفلسطينية متقدمة على الجميع في العالمين العربي والإسلامي، ولهذا ننظر إليه كفلسطينيين وإسلاميين باعتباره "عمود خيمتنا وأخانا الكبير".
أردوغان وانتخابات الرئاسة: توقعات ومخاوف
إنَّ أنظار العالم وخاصة العرب والمسلمين تنظر بقلق وترقب إلى ما سوف تُسفر عنه نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو.
ونظراً لحجم المنافسة الشديدة على زعامة تركيا الحديثة، فإن أردوغان يواجه في هذه الانتخابات تحالف المعارضة المكوَّن من ستة أحزاب، ثلاثة منها إسلامية وثلاثة أخرى علمانية بزعامة كمال كليتشدار أوغلو.
لأول مرة منذ انتخاب حزب العدالة والتنمية في نوفمبر 2002، يشعر أنصار الحزب ومريدو الرئيس أردوغان بأن هناك الكثير من الجهات الرسمية والأيدي الخفية الإقليمية والدولية التي تعمل لإسقاط الرئيس وتحجيم مكاسب الحزب في البرلمان.
وبحسب استطلاعات الرأي التركية، فإن حدة المنافسة عالية بين أردوغان وكليتشدار أوغلو، والفارق ليس كبيراً بين الإثنين، وفرص فوز أردوغان من الجولة الأولى تلاحقه بعض الشكوك، وإن كانت احتمالات حدوث ذلك واردة.
في الحقيقة، ليس هناك بين الإسلاميين في العالم العربي من تذهب به الظنون لغير فوز أردوغان، ونحن في فلسطين وحركة حماس لا يمكننا تخيل غير ذلك.
إن تركيا أردوغان هي أمل كلّ الإسلاميين والفلسطينيين، فبالنسبة للإسلاميين هي أيقونة التجارب الإسلامية الناجحة في الحكم، والتي تعطي شرعية لنموذج يمكن أن يتصدَّر فيه الإسلاميون أو بشراكتهم في مشهد الحكم والسياسة، والذي يمكن البناء عليه في دول عربية تتطلع فيها الحركات الإسلامية للتغيير والإصلاح السياسي في بلدانها، وتتخذ من تركيا وتجربتها في الحكم وجهة للاقتداء والمحاكاة.
لقد قدَّم أردوغان وحزبه الكثير من أجل قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وكان صاحب مشاهد ومواقف محفورة في الذاكرة الفلسطينية، إذ فتح أردوغان أبواب تركيا لكلِّ من ضاقت بهم سبل الحرية في بلدانهم، وحاصرتهم الأنظمة الشمولية ودكتاتوريات العسكر، إذ صارت تركيا أردوغان مثابة آمنة للمستضعفين من كافة البلدان العربية والإسلامية، بما في ذلك أهل فلسطين تحت الاحتلال أو في دول الشتات.
ليس من السهل التفكير بخسارة أردوغان، فهذه صدمة وقعها كبير على الفلسطينيين والإسلاميين، وخاصة أن تركيا أردوغان بسياساتها الخارجية منحت حضوراً واسعاً للمسلمين في الخريطة الدولية، إذ غدت تركيا لاعباً دولياً ووسيطاً مهماً في الكثير من الصراعات والأزمات حول العالم.
ختاماً.. كفلسطينيين نحن ننظر للانتخابات التركية باعتبار ما لها من تداعيات على قضيتنا، وأنَّ تركيا أردوغان هي قلعتنا الأخيرة، فالمظلومية الفلسطينية فقدت مع هرولة العديد من الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل، زخم التضامن والتأييد بين دول المنطقة.
إنَّ استمرار قيادة أردوغان لتركيا سيمنح الفلسطينيين شبكة من الأمان السياسي والحضور في المحافل الدولية، كما أن حركة حماس سوف تظل تتمتع بملاذ آمن وساحة مفتوحة للتحرك داخل تركيا.. وفي حالة حدوث تغيير في المشهد السياسي وغياب أردوغان، فأن حركة حماس والإسلاميين وملايين اللاجئين السوريين سيجدون أنفسهم في وضع (تسونامي) صعب من المحاصرة والتضييق.
دلالات
فلسطيني قبل أكثر من سنة
اللهم انصر أردوغان وأعوانه وابق تركيا سندا لنا وللمسلمين
حسام عابدين قبل أكثر من سنة
سبق أردوغان غيره في الهرولة للتطبيع مع الإرهابيين، وباع دماء الشهداء الأتراك في سفينة مافي مرمرة، واستضاف رئيس العصابات الصهيونية، ورفع الأعلام الصهيونية في تركيا، ووصف عمليات مقاومة الاحتلال والاستيطان بالإرهاب. ومن اعتمد
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
السيسي: السلام العادل والمستدام هو خيار استراتيجي لمصر
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
تركيا تنتخب وفلسطين تنتظر: أردوغان.. ماذا لو..؟!