أقلام وأراء
السّبت 18 مارس 2023 10:03 صباحًا - بتوقيت القدس
نتنياهو في متاهة روما
بقلم:عبد الرحمن شلقم
زار بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، العاصمة الإيطالية روما، يوم الجمعة الماضي، حاملاً معه عروضاً ومطالب للحكومة الإيطالية، وبرنامجاً واسعاً في مجال التعاون الاقتصادي والتقني. لكن العرض الكبير كان استعداد إسرائيل لتزويد إيطاليا بكميات ضخمة من الغاز. إيطاليا تعيش زمناً من القلق الاقتصادي، جراء ما عانته في المدة الماضية، مثل بقية شريكاتها الأوروبية، من نقص في النفط والغاز، بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا. رافق نتنياهو عددٌ كبيرٌ من رجال الأعمال بهدف تطوير واسع للعلاقات الاقتصادية بين إيطاليا وإسرائيل. الهدف «الحلم» من زيارته كان إقناع الحكومة الإيطالية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لماذا إيطاليا؟ كان هدف نتنياهو أن تكون روما بوابة للدخول في مسار اعتراف أوروبي بالقدس عاصمة للدولة الإسرائيلية. روما أرض الفاتيكان وهي قلب المذهب الكاثوليكي. لقد رفع بابا الفاتيكان منذ سنوات، من على شرفة ساحة سان بيترو، الثقل الديني والتاريخي الذي حمله اليهود على ظهورهم على مدى قرون، عندما برأهم من دم المسيح عيسى بن مريم. كانت تلك التهمة بقعة ساخنة تركت مشاعر وحساسية بين اليهود والمسيحيين الكاثوليك.
نتنياهو سبقته قبل وصوله إلى روما هزَّة سياسية، فقد وصلت طائرته إلى مطار روما، بعد ساعات من الموعد المحدد لها، بسبب المظاهرات التي حاصرت مطار بن غورين احتجاجاً على مشروع الحكومة الإسرائيلية بإدخال تغييرات على المنظومة القضائية الإسرائيلية.
مطلبه (اعتراف حكومة إيطاليا بالقدس عاصمة للدولة الإسرائيلية) سبّب انقساماً داخل الحكومة الإيطالية. مجلس الوزراء رفض ذلك، وكذلك وزارة الخارجية. فالقدس الشرقية تعتبرها الحكومة الإيطالية أرضاً محتلة، ومعها دول الاتحاد الأوروبي، تعتبر القدس أرضاً محتلة، حسب قرارات الأمم المتحدة. القدس الشرقية هي مدينة المقدسات الإسلامية والمسيحية، ولها معنى مقدس في عاصمة الفاتيكان. الوزير الوحيد الذي أعلن عن دعمه للمطلب الإسرائيلي كان ماركو سالفيني، زعيم رابطة الشمال، والوزير في الحكومة الائتلافية المثلثة، سيلفيو برلسكوني. زعيم حزب «فورزا إيطاليا» اصطف مع جورجيا ميلوني، رئيسة الحكومة وزعيمة حزب «إخوان إيطاليا»، ورفض مطلب نتنياهو، الذي قدّم طلبه متسلحاً بوجود غبار فاشي على كتف رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، التي يقال إن لها ميراثاً فاشياً سياسياً عائلياً. إيطاليا في أواخر الحقبة الفاشية، وبعد تحالف موسوليني مع هتلر، أصدرت القانون العرقي الذي لاحق الجالية اليهودية في إيطاليا وليبيا التي كانت تحت الاستعمار الإيطالي الفاشي. لقد فعلت ألمانيا ما بعد النازية الكثير، من أجل التكفير عما ارتكبه النظام النازي ضد اليهود، وقدمت تعويضات سخية من المال والسلاح وغيرهما. نتنياهو جاء إلى روما، حيث تجلس سيدة قيل الكثير عن خيوط تربطها بالماضي الفاشي، وظن أن ذلك الخيط يمكن تحريكه وتوظيفه، من أجل الحصول على مفتاح سياسي للاتحاد الأوروبي، يفتح باب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في عدد من الدول الأوروبية. ما حدث أثار القضية الفلسطينية بقوة في وسائل الإعلام الإيطالية، وبين شرائح واسعة في الرأي العام الإيطالي. ما يعانيه الشعب الفلسطيني من قتل، وتوسيع المستوطنات، وهدم بيوت الفلسطينيين، نال مساحات واسعة في وسائل الإعلام الإيطالية. القضية الفلسطينية لاقت دعماً قوياً في إيطاليا، وخاصة بين قوى اليسار والنقابات، حتى أحزاب يمين الوسط، عبر كل السنوات الماضية. إعلان ماركو سالفيني عن دعمه للطلب الإسرائيلي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل انقلب عليه، ووصفته قوى سياسية ووسائل إعلامية بأنه مجرد تهريج شعبوي نزق. فخسر الاثنان نتنياهو وسالفيني.
اللكمة الثانية لرئيس الحكومة الإسرائيلية كانت من ذوي القربي في روما. من الجالية اليهودية. استقبله جمع من اليهود الإيطاليين، يتقدمهم الحاخام ريكاردو دي سينيي في المعبد اليهودي، وبرفقة نتنياهو زوجته سارا. بدأ نتنياهو بالحديث عن الانقسام الذي تعيشه إسرائيل، وعن المظاهرات التي لم تتوقف. لكنه ردد أن اليهود في إسرائيل سيبقون شعباً موحداً وفريداً. وقال؛ لنا ماضٍ ومستقبل واحد. وتحدت عن لقائه برجال الأعمال، وعن البرنامج النووي الإيراني المخيف لأوروبا وللعالم. وتحدث عن المشروع الإبراهيمي مع بعض الدول العربية، آملاً توسيعه في المستقبل. الصدمة كانت بصوت عالٍ، فقد تحدث أكثر من شخص بين الحاضرين عن المحاولات التي يقودها اليمين الإسرائيلي، بهدف إجراء تغييرات في المنظومة القضائية الإسرائيلية، وعن تحرك بعض القوى اليمينية لتحويل إسرائيل إلى دولة ثيوقراطية، وهدد بعض الحاضرين بالقيام بمظاهرات في روما ضد جهود نتنياهو لتغيير المنظومة القضائية الإسرائيلية. نتنياهو الذي جاء إلى روما حاملاً معه حلماً بإقناع الحكومة الإيطالية بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وتعبئة الجالية اليهودية في إيطاليا لتكون اللوبي السياسي والمالي، الذي يخدم أهداف إسرائيل، وجد نفسه في متاهة سياسية وإعلامية، وسط غضب من أبناء عمومته اليهود الإيطاليين. القضية الفلسطينية عادت بقوة إلى صفوف الرأي العام الإيطالي. الحديث عن سياسات إسرائيل العنصرية رافق نتنياهو، وهو يؤدي زيارة إلى إيطاليا، كان يعتقد أنه سيحقق فيها نجاحاً، يحمله معه على طائرته إلى القدس، ليقول للغاضبين من سياساته؛ ها قد جئتكم باعتراف من بلاد الفاتيكان بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لكنه عاد بغبار الفشل من الحكومة الإيطالية، وبغضب من يهود روما. لا شك أن هناك قوى يمينية إيطالية تعمل بقوة مع عناصر يهودية فاعلة، من أجل الضغط على الحكومة الإيطالية لنقل سفارتها إلى القدس، وذلك ليس بالأمر السهل، لكن قدره سيبقى فوق النار.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
هآرتس: نتنياهو أحبط 3 مرات التوصل لصفقة "الرهائن"
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
نتنياهو في متاهة روما