غزة -  (شينخوا)-  نجح فنانون فلسطينيون أخيرا في كسر العزلة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة بإنتاج عشرات الأعمال الفنية التي تعكس واقع الأوضاع التي يعيشونها في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي مشدد منذ العام 2007.

وشريف سرحان (47 عاما) من بين أبرز الفنانين الغزيين الذين تركوا بصماتهم عبر لوحاته الفنية وعكس من خلالها الواقع المرير في القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة نصفهم من اللاجئين الفلسطينيين.

ويعد الرسم والتصوير الفوتوغرافي والنحت والتصميم من أبرز أدوات سرحان الذي قضى 10 أعوام في إنتاج أعماله الفنية الفريدة التي تركت أثرا واضحا على جمهوره ليس فقط محليا، بل عالميا أيضا.

ويقول الفنان سرحان بينما يتواجد وسط عدد من أعماله الفنية لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لم يكن من السهل علينا كسر العزلة الإنسانية التي فرضت على القطاع بفعل الحصار وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي".

ويضيف سرحان الذي عادة ما يقيم معارض فنية بالقطاع ودول عربية وأوروبية لأخر أعماله أن "اللوحات الفنية من الأعمال المهمة يتم من خلالها ترجمة الواقع في غزة إلى العالم في ظل الوضع المعقد بسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في الأراضي الفلسطينية".

ولتحقيق ذلك، شارك سرحان في العديد من المعارض الفردية والجماعية في بريطانيا والولايات المتحدة والأردن ومصر والإمارات، بالإضافة إلى عشرات المعارض في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ومنذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة بالقوة في صيف العام 2007، فرضت إسرائيل حصارا مشددا على القطاع، حيث تتهم الحركة بتهديد أمن الإسرائيليين.

بالإضافة إلى ذلك، انخرطت كل من إسرائيل وحماس في خمس حروب عسكرية واسعة النطاق، وعدد أخر من التوترات المحدودة على الأرض، الأمر الذي أدى لوقوع قتلى ودمار في البنية التحتية في كلا الجانبين.

وإلى جانب ذلك، دفع الانقسام الداخلي الفلسطيني بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي تدير الضفة الغربية و (حماس) إلى سوء الأوضاع في القطاع وارتفاع نسب الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي بحسب مؤسسات فلسطينية وأممية.

ونتيجة لذلك، يعتقد سرحان أن الحياة في غزة باتت رمادية، حيث إن معظم الأعمال والمشاريع الفنية والأحلام لم تكتمل بسبب القيود السياسية التي تسيطر على المنطقة برمتها.

في الأسبوع الماضي، أقام سرحان معرضه الأخير لمدة خمسة أيام في المركز الثقافي الفرنسي ( اف سي سي) في غزة تحت عنوان (الفعل الشاذ) حيث عرض عشرات من لوحاته الفنية للجمهور.

ويقول فرانسوا تيجر مدير المركز الثقافي الفرنسي لـ((شينخوا)) إن المعرض الفني يعد واحدا من بين العشرات التي نفذها سرحان الذي يبذل جهودا لا تصدق لتغيير الصورة النمطية لغزة باعتبارها منطقة صراع.

وأضاف تيجر أن الشعب الفرنسي والأوروبيين مرتبكون بشأن الوضع الإنساني في غزة، مشيرا إلى أن الأعمال الفنية يمكن أن تسمح للأوروبيين بالتعرف على الواقع في المنطقة وفهم كيفية تعامل الناس مع حياتهم بناءً على ظروفهم الخاصة.

أما عساف الخرطي فنان آخر مقيم في قطاع غزة سار على خطى سرحان لترجمة القضايا الاجتماعي للعالم من خلال أعماله الفنية عبر إعادة تدوير مخلفات الحديد إلى أشكال تجسد المشاكل التي يعاني منها سكان القطاع.

ويقول الخرطي (29 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن المجسمات الفنية "تعكس واقع مشاكل السكان في قطاع غزة مثل قيود السفر ومشاكل التعليم والبطالة بين الشباب إلى دول العالم".

ويشتكي الخرطي من أن "الشباب في غزة يعانون بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني من وضع سيء يلقي بظلال قاتمة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمعيشية الصعبة في القطاع".

وانعكاسا لوجهة نظره تجاه الحياة في غزة، شارك الخرطي في العديد من المعارض المحلية، فيما استطاع المشاركة عن بعد في الأحداث الفنية العالمية حيث أرسل أعماله الفنية دون حضور الفعاليات.

ويقول الخرطي "نحن سكان غزة بحاجة إلى إعادة تدوير حياتنا وآمالنا وأحلامنا بعيدا عن الحروب العسكرية والحصار المفروض حتى يمكن إعادة تأهيلهم بشكل مناسب ليعيشوا حياة أفضل".

وأشاد الكثير من الأشخاص والمحللين والزوار الأجانب بكل من سرحان والخرطي، وقالوا إنهما نجحا في تحويل الواقع في قطاع غزة بعيدا عن الصراع اللانهائي مع إسرائيل.