أقلام وأراء
الخميس 09 فبراير 2023 10:39 صباحًا - بتوقيت القدس
فلسطين وهدف الشراكة العالمية لتحقيق التنمية المستدامة
بقلم: نهى نعيم الطوباسي
يسلط هذا المقال، الأخير من سلسلة مقالات أهداف التنمية المستدامة، الضوء على الهدف السابع عشر وهو الأخير من أهداف بعنوان" تعزيز وسائل التنفيذ، وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة"، ومن أهم غاياته التزام الدول الغنية والمتقدمة بوعودها لتمويل خطة أهداف التنمية المستدامة، وتنفيذ التزامها بتخصيص نسبة 0,7 في المائة من دخلها القومي الإجمالي، للمساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة إلى البلدان النامية، وذلك لبناء قدرات تلك الدول وتشجيع الاستثمار فيها، وتنفيذ خططها الوطنية لإحداث التنمية المستدامة.
من الواضح أن تلك الوعود والالتزامات، قد تبخرت أمام التناقضات الدولية ولعبة المصالح. في السياق الفلسطيني، كشف التعامل مع القضية الفلسطينية، من قبل المجتمع الدولي مدى ازدواجية المعايير في تطبيق السياسات الدولية، وحماية سيادة الدول وتطبيق القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وانعدام المساواة بين الدول. على سبيل المثال لا الحصر، في العام 2022 أطلق الصليب الأحمر، نداءً عاجلا لحشد الدعم المالي من أجل الأزمة الإنسانية، التي نتجت عن الحرب في أوكرانيا، وكان من بين تلك النداءات والمناشدات أيضا الدعوة من أجل الدفن الكريم لضحايا الحرب، في حين مازالت إسرائيل تحتجز جثامين 373 شهيدا، بينهم ثلاثة عشر طفلا في ثلاجاتها وفي ما اصطلح على تسميته ب"مقابر الأرقام" في انتهاك فظيع لكرامة الموتى ومخالفة لأبسط الشرائع والمعايير الأخلاقية. وتمارس دولة الاحتلال أبشع الانتهاكات لحقوق الإنسان، بحق الشعب الفلسطيني دون أي مساءلة أو محاسبة، وحتى دون حملات دولية تطلق من أجل مساءلة إسرائيل، وبدلا من زيادة الدعم لفلسطين، تراجع الدعم والمساعدات المالية المقدمة لفلسطين وشعبها، بنسبة 89.6 في المائة، حتى أن هناك دولا غربية وعربية توقفت بالكامل عن دعم فلسطين، على الرغم من الأزمة الإنسانية الكارثية في فلسطين، الناتجة عن الاحتلال وانتهاكاته. مع العلم أن دعم فلسطين وشعبها ليس منّة من أحد، ولكنه مرتبط بتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته السياسية والقانونية والمعنوية والأخلاقية والمادية، بسبب عجزه وتقاعسه عن حل القضية الفلسطينية وتطبيق القرارات الأممية ذات الصلة، وأمام استمرار الاحتلال الإسرائيلي الذي كبد، وما زال يكبد الشعب الفلسطيني خسارات هائلة، وتكاليف باهظة الثمن من دماء الشعب الفلسطيني وأرضه، واقتصاده، ومستقبل أجياله وهذا تعترف به الأمم المتحدة نفسها.
حسب التقرير الذي صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)عام 2022، "دفع الشعب الفلسطيني تكلفة تراكمية باهظة تقدر بـ 50 مليار دولار في الفترة بين 2000 و2020، بسبب القيود الإضافية التي فرضتها إسرائيل في الجزء المتاح للتنمية الفلسطينية في المنطقة "ج" بالضفة الغربية" في حين وحسب التقرير فإن المساهمة السنوية للمستوطنات في اقتصاد الاحتلال، تصل نحو41 مليار دولار، أي 227 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني في عام 2021. هذا غير الاستيلاء على الموارد الطبيعية، ومحاصرة قطاع غزة، وتجزئة المناطق والانتهاكات الإسرائيلية التي صنفت كجرائم حرب وتخالف مبادئ حقوق الإنسان، في كافة أرجاء فلسطين. ما من شأنه أفشال أي مساعي للسلام في المنطقة، ويقوض أي فرص للتنمية في فلسطين.
إن الشراكات العالمية الحقيقية التي يدعو لها الهدف 17، يجب أن لا تخضع لمزاجية الدول، بل لا بد أن تستند إلى القانون الدولي، واحترام مبادئ حقوق الإنسان والتوقف عن الكيل بمكيالين. وتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الحقيقية والقانونية، أمام تحقيق العدالة وحماية سيادة الدول وحقوق الشعوب، ووقف الإعتداء عليها.
ثماني سنوات مرت على إطلاق خطة التنمية المستدامة، والتزام الدول بتطبيقها وتمويلها، لكن الفجوة بين الشعوب تعمقت أكثر، وازداد التوتر والصراعات، وازداد معها الشك بتحقيق وعد الدول بالالتزام، بتحقيق كافة غايات أهداف التنمية المستدامة والتي يصل عددها إلى 169 غاية في عام 2030، فالسلام والتقدم والازدهار لا يمكن تحقيقه بآلة الحرب وجبروت الاستعمار، وبناء عالم يسود جميع أرجائه احترام المساواة وعدم التمييز، لا يمكن تحقيقه بالصمت على كل ممارسات التمييز العنصري في العالم. لذلك تبقى أهداف التنمية المستدامة على أهميتها، مجرد خطط براقة، وإبر تخدير لكل الآلآم الشعوب ومعاناتها، طالما مازالت إيادي الظلم والبطش مطلقة بالعالم كما تشاء، وطالما لم تقترن تلك الخطط بتطبيق القانون الدولي.
إن إصرار الشعب الفلسطيني على التقدم ومواصلة البناء، نابع من الروح الفلسطينية المؤمنة بوجودها الفلسطيني على أرضها، والمؤمنة بدولة فلسطينية مستقلة، ورغم كل سياسات إسرائيل بالغاء الوجود الفلسطيني، إلا أن الشعب الفلسطيني جبل راسخ على أرضه، ولو تمكنت فلسطين من السيادة على أرضها، واستغلال مواردها الطبيعية والإستثمار فيها، لكانت وبحكم تاريخها الحضاري وقدرات ابنائها وبناتها من أهم الدول المتقدمة صناعيا وعلميا وثقافيا. فالقضية الفلسطينية ليست قضية منح ومساعدات، وأي خطط للتنمية يجب أن يكون أساسها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ومحاسبة إسرائيل على كل جرائمها.
لكن مع كل هذا الحصار لشعبنا ومخيماته، ومدنه والضغط عليه من كل الجهات بشتى الوسائل من وقف الدعم، والصمت على إسرائيل وجرائمها، وإطلاق آلة القتل الجنونية عليه، إلا أن ذلك لن ينال من صموده، فهو باق على أرضه، محبٌّ للحياة ما استطاع إليها سبيلا، يستيقظ كل يوم على أمل الانتصار والحرية والخلاص من الاحتلال البغيض.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
مستعمرون بينهم بن غفير يقتحمون الحرم الإبراهيمي
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 82)
شارك برأيك
فلسطين وهدف الشراكة العالمية لتحقيق التنمية المستدامة