فلسطين

الجمعة 27 يناير 2023 4:24 مساءً - بتوقيت القدس

"حديقة الوحدة".. من كنيس سامري مهجور إلى "حاكورة ثقافية" تجسد العيش المشترك في نابلس

نابلس – "القدس" دوت كوم - تقرير: وفاء أبو ترابي / مدار للصحافة والاعلام - داخل أسوار الكنيس السامري ما بين بلدة نابلس القديمة وحي رأس العين المجاور، تتربع "حديقة الوحدة"، الحاكورة الثقافية والسينما المجتمعية التي أصبحت رمزاً للوئام والتسامح بين اتباع الديانات الثلاث في مدينة نابلس (مسلمون، سامريين، مسيحيون)، وجعلت منها ظاهرة حضارية فذة ونموذجاً يحتذى في تجسيد العيش المشترك، تغمره أجواء من التآخي والمحبة والاحترام المتبادل، والسعي للحفاظ على الإرث التاريخي والديني والحضاري في المدينة العريقة.


تأسست هذه الحديقة في إطار رؤية جمعية "بذور للتنمية والثقافة" بأهمية توفير مساحات ثقافية في محافظة نابلس التي تفتقر إلى ذلك، وبالتالي توفر فرص للفئات الشابة من الطلبة الجامعيين، وسكان المناطق المهمشة للمشاركة المجتمعية والثقافية، وتعمل هذه الجمعية الشبابية غير الحزبية على رفع صوت ومشاركة الشباب في الفضاء العام وتناقش القضايا من خلال الحوار العام.


ويقول رئيس جمعية "بذور للتنمية والثقافة" الدكتور رائد الدبعي: "جاءت هذه الفكرة من خلال تواصلنا مع لجنة الطائفة السامرية ومباركة الكاهن الأكبر، وبحضور مجموعة من المؤسسات الثقافية والمجتمعية في نابلس تم توقيع اتفاقية على أساسها يحوّل الفناء الخارجي للكنيس السامري القديم بمساحة تبلغ حوالي (240 مترا مربعا) إلى حاكورة ثقافية، وسينما مجتمعية تحمل اسم "راشيل كوري" (الفتاة الأمريكية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني والتي استشهدت على يد الاحتلال الاسرائيلي خلال الانتفاضة الثانية) في رسالة تقدير للمتضامنين مع الشعب الفلسطيني".


ويتابع: "نحن استلهمنا اسم "حديقة الوحدة" من منظور الوحدة التي لها علاقة بالعيش المشترك، ووحدة التاريخ والحاضر والمستقبل والمصير، وأن كلمة الوحدة هي رسالة الشباب الفلسطيني بضرورة إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية باعتبارها ممرا اجباريا".


وأهم ما يلفت الانتباه مجموعة الصور المعلقة على حائط داخل الحديقة لعددٍ من المفكرين والطلائعيين والتقدميين الدوليين والفلسطينيين. وقال الدبعي أنه سيُضاف في القريب العاجل مجموعة من الطلائعيين العرب، ليشكل ذلك جزءاً من رسالة الجمعية التي تتبنى قضية وطنية عادلة، مؤكداً على أن الفلسطينيين جزءٌ من النسيج العربي والأمة العربية والرسالة العالمية نحو الحرية والاستقلال والعدالة الاجتماعية.


وفي ذات الاطار يقول: "نحن نعمل على إضافة لبنة جديدة داخل الحديقة بالتعاون مع شركائنا في المرصد الفلسطيني لتدقيق المعلومات "تحقق"، حيث سنضيف استوديو رقمي ومركز أبحاث له علاقة بالدراسات السامرية وبمشاركة الشباب والمرأة في المجتمع".


ويلفت الدبعي إلى أن خطة الجمعية في المستقبل القريب افتتاح سينما "راشيل كوري" التي شكّل بناؤها تحدياً كبيراً، على حد وصفه؛ وذلك لأن بناءها بدأ في فترة انتشار فايروس "كورونا" حيث كانت أنظار العالم والمانحين تتجه نحو الجانب الصحي، وأن حمل الهمّ الثقافي في تلك الفترة جعل التحدي مضاعفا، لكن بمساعدة مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين والداعمين الإقليميين والدوليين تحولت هذه الرؤية إلى حقيقة.


ويضيف: "سنعمل على تطوير الحديقة الخارجية للكنيس السامري، وتوفير عدد من الخدمات كشبكة "انترنت" عالي السرعة لكي يخدم الشباب والمجتمع النابلسي".


ويُذكر أن الحاكورة الثقافية قد افتتحت أعمالها قبل حوالي عام، وضمت العديد من الأنشطة الثقافية والمجتمعية، بمشاركة مواطنين سامريين ومسيحيين ومسلمين.


ويشير الدبعي إلى أن الجمعية نجحت في تنظيم احتفال بمجموعة من الأطفال السامريين الذين حفظوا التوراة، ولأول مرة نجحت في دعوة المواطنين السامريين من حولون ومن نابلس للصلاة في الكنيس القديم منذ عام 1984م، مؤكداً أن جميعهم مواطنون فلسطينيون ونابلسيون، ومكون أساسي من النسيج الفلسطيني.


كما احتضنت "حديقة الوحدة" خلال الفترة المنصرمة مجموعة كبيرة من الأنشطة كالافطارات الرمضانية الجماعية بحضور السامريين، والقيام بعمل تطوعي شارك فيه السامريون والمسيحيون والمسلمون، ودعوة حركة نطوري كارتا (الحركة اليهودية المعادية للصهيونية والمدافعة عن حق الشعب الفلسطيني) وتنظيم لقاء لقاء لهم بمشاركة العشرات من المواطنين، واستضافة مجموعة من الوزراء والبرلمانيين والمتطوعين الأجانب والمتضامنين مع نابلس والشعب الفلسطيني.


ويردف قائلاً: "الحديقة تفتح أبوابها لكل المجموعات الشبابية والنسوية من أجل تنظيم الأنشطة والأعمال والمبادرات، وهي أصبحت عبارة عن وجهة ثقافية، ونحن نؤمن بأن نابلس قد تكون بحاجة للعشرات من هذه المبادرات، ونحن كمؤسسة مجتمع مدني هذه هديتنا لنابلس ولأهلها ولفلسطين ولشبابها أيضاً".


وعَبر هذه الحديقة توجه الجمعية رسالة العيش المشترك في نابلس التي تتميز تاريخياً بأن المسيحي والسامري والمسلم جزءٌ أصيل من نسيجها، ويقول الدبعي: "السامريون هم من سلالة عربية أصيلة وليسوا دخلاء، ونحن نرفض الطائفية، وهؤلاء مواطنون سامريون تماماً كما المسيحيين والمسلمين في هذه الأرض".


ويوجه رسالة لكل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية أن الشباب الفلسطيني الذي يشكل السواد الأعظم من المجتمع الفلسطيني يستحق أن يُسمع صوته ويستحق أن يقدم له خدمات مجتمعية وثقافية ترتقي إلى مستوى تطلعاته وانجازاته وتضحياته في المجتمع الفلسطيني، معربا عن شكره كل المؤسسات التي ساهمت في "حديقة الوحدة" ودعمتها.


ومن الجدير بالذكر أن جمعية "بذور للتنمية والثقافة" هي التي بادرت وجمعت التمويل وشرعت في تنفيذ وإدارة "حديقة الوحدة"، وفي ذلك يقول الدبعي: "نحن لا نتطلع للحديقة بعيون المحتكرين إنما نتطلع إلى بناء شراكات والتعاون المستقبلي وخدمة أهلنا، والحديقة مفتوحة لكل المواطنين ولكل المبادرات ومؤسسات المجتمع المدني ومتاحة لكل المبادرات الشبابية مجاناً.


ويوضح الدبعي أنه قد انبثق عن الجمعية عدة مشاريع منها: "جسور العيش المشترك" و"شباب سينما"، وأنها حصلت خلال العام الماضي على اعتماد من اليونسكو لكي تكون أحد نواديه المعتمدة في فلسطين وعددها 23 مؤسسة ثقافية على مستوى الوطن.

دلالات

شارك برأيك

"حديقة الوحدة".. من كنيس سامري مهجور إلى "حاكورة ثقافية" تجسد العيش المشترك في نابلس

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 74)

القدس حالة الطقس