Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 08 يناير 2023 10:27 صباحًا - بتوقيت القدس

التباس حدود الفصل ما بين اليهودية والصهيونية

بقلم: ابراهيم ابراش


في سياق التأكيد على الوجه الحضاري للثورة والشعب الفلسطيني ومحاولة كسب يهود العالم غير المنخرطين في الحركة الصهيونية وخصوصا المقيمين في الغرب وردا على تساؤلات عن مصير اليهود في فلسطين بعد تحريرها، تبنت منظمة التحرير سياسة الفصل ما بين اليهودية كديانة والصهيونية كحركة سياسية استعمارية متحالفة مع الاستعمار الغربي، وسمحت منذ بداية سبعينات القرن الماضي لمسؤولين فيها بالتواصل مع إسرائيليين يهود غير صهاينة كما تم الإعلان بأن فلسطين بعد التحرير ستكون دولة ديمقراطية علمانية (لائكية) يتعايش فيها كل أصحاب الديانات السماوية.

وهكذا واصل الفلسطينيون والعرب ادانة الصهيونية وتبرئة اليهودية كديانة متجاهلين أو جاهلين أن أساس ومصدر فكرة الدولة اليهودية في فلسطين الذي على أساسه قامت الحركة الصهيونية وكل الأفكار والممارسات العنصرية والارهابية التي مارستها العصابات الصهيونية قبل٤٨ ثم الدولة والأحزاب بعد ذلك والتأكيد على يهودية الدولة وما يجري من تهويد القدس وتوسيع الاستيطان وطرد الفلسطينيين من بيوتهم ورفض التفاوض معهم أو منحهم أية سيادة على أراضيهم والدعوة لاعتبار الشريعة اليهودية مصدر التشريع في الدولة الخ، كل هذه الأمور مستمدة من نصوص دينية يهودية، ولا يغير في هذه الحقيقة القول بوجود تحريفات طرأت على التوراة والديانة اليهودية.

ما بعد الانتخابات الأخيرة تأكد أن المشكلة لا تكمن في أشخاص محددين أو في أحزاب صغيرة تشكل حالة نشاز في المجتمع الإسرائيلي بل هي حالة انجراف شامل نحو التطرف الديني أو العودة للشريعة اليهودية، وهذا ما أظهرته نتائج الانتخابات التي فازت فيها الأحزاب والقوى الأكثر تدينا ويمينية وتطرفا، حيث تحالف حزب الليكود بزعامة نتنياهو مع أحزاب يقودها سموتريتش وايتمار بن غفير، وهذه الأحزاب هي التي تتحكم بمفاصل النظام السياسي وبالمجتمع وهم الأكثر قربا والتزاما بالشريعة اليهودية، بينما تراجع وجود ودور اليهود الذين كانوا يعتبرون أنفسهم معتدلين وعلمانيين وكان يُراهن عليهم لتحقيق السلام، ومن تبقى من هؤلاء أصبحوا يحذرون من الخطر الذي يشكله المتدينون على المجتمع الإسرائيلي وعلى وجود الدولة، مع أنهم مؤسسو الحركة الصهيونية ودولتها .

يحدث هذا التحول في الكيان الصهيوني في الوقت الذي تحررت فيه الدول والمجتمعات المسيحية في الغرب مبكرا من الأصوليات الدينية بعد تجربة مريرة مع حروب دينية استمرت لعقود طويلة؛ حتى مع صعود بعض الاحزاب اليمينية والعنصرية مؤخرا إلا انها لا تأخذ طابعا دينيا ولا تتكئ على نصوص دينية مسيحية لتبرير تصرفها بل وجودها مرتبط بأوضاع اقتصادية وردة فعل على تزايد أعداد المهاجرين الأجانب.

أما في العالم العربي والإسلامي فقد عانت شعوب هذه الدول من العلاقة الملتبسة بين الديانة الإسلامية و فكر وممارسات الجماعات الإسلامية المتطرفة كتنظيم القاعدة وداعش ومئات الجماعات الأخرى؛ حيث تزعم هذه الجماعات أن سلوكياتها المتطرفة مستمدة من تفسيرات وتأويلات لآيات قرآنية و أحاديث نبوية، وفي الوقت الذي تحاول دول وشعوب العالم العربي والإسلامي وقف المد الأصولي ومحاصرة الجماعات الدينية المتطرفة تعود الأصولية الدينية اليهودية المتطرفة والعنصرية المقيتة الى الكيان الصهيوني لتتحكم في الكيان وسياساته سواء تجاه الفلسطينيين أو الجماعات العلمانية، وتؤسس داعش يهودية أسوأ من داعش الإسلاموية، بل وصف بعض الإسرائيليين أن النظام السياسي في الكيان شبيه بحكم الملالي في إيران من حيث سطوة رجال الدين على الدولة.

لقد حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مبكرا من خطورة إضفاء طابع ديني على الصراع في فلسطين وهو تحذير موجه للإسرائيليين والفلسطينيين ومن يؤيدهم في نفس الوقت، لأن التطرف الديني اليهودي وهو الأصل في الصراع منذ تأسيس الحركة الصهيونية استدعى تطرفا إسلاميا، فعندما يقول اليهودي الصهيوني إن التوراة تقول كذا وكذا حول احقية اليهود بأرض فلسطين وحول القدس والمسجد الأقصى ونظرة اليهود للأغيار الخ سيجد مسلما يقول بأن القرآن والسنة والسلف الصالح يقولون كذا وكذا، ويدخل الجميع في دوامة التفسيرات والتأويلات التي تصل لدرجة التكفير والرفض المطلق للآخر مما يؤدي لصراع لا نهاية له إلا بإبادة طرف للطرف الآخر أو كما يقول المتطرفون في الطرفين (إما نحن أو هم)..

هناك أسباب سياسية ساعدت في صعود القوى اليمينية الدينية العنصرية، ومنها: تخاذل المجتمع الدولي وعدم اتخاذه أي إجراءات رادعة ضد دولة الكيان وقطعان المستوطنين أو ادانة التصريحات العنصرية لقادة اليمين العنصري، وغياب ردود فعل عربية وإسلامية على الاقتحامات المتوالية للمسجد الأقصى وعمليات التهويد والاستيطان في القدس وعموم الضفة الغربية بل إن التطبيع العربي الإسرائيلي تزايد في تزامن مع صعود اليمين وتزايد الاستيطان، أيضا الانقسام الفلسطيني وغياب استراتيجية وطنية للمقاومة.

لا نروم مما سبق تخطئة الموقف الذي يفصل ما بين اليهودية والصهيونية أو الرد على العنصرية الدينية اليهودية بعنصرية إسلامية أو فلسطينية، ولكن ما يجري في كيان العدو يشكل تحديا كبيرا لدعاة السلام والليبراليين والعلمانيين في فلسطين وفي العالم، وقد يعزز التطرف الديني مجددا في فلسطين والعالم الإسلامي، كما تكشف هذه التحولات في الكيان للمطبعين العرب الجدد خطأ مراهناتهم ومزاعمهم بأن التطبيع سيعزز عملية السلام ويدفع الإسرائيليين نحو الاعتدال والتراجع عن سياساتهم العدوانية تجاه الفلسطينيين حيث ثبت العكس تماما.

ما سبق يؤكد أهمية الدعوة لفصل الدين عن السياسة في السياسات الوطنية والدولية، وفضح الممارسات اليهودية المتطرفة أمام العالم وتبيان أنها مصدر التطرف والإرهاب في المنطقة والعائق أمام تحقيق السلام، خصوصا أن العالم حتى في الغرب بدأ يكتشف التناقض ما بين الديمقراطية التي تزعمها دولة الكيان العنصري وممارساتها الفعلية تجاه غير اليهود وحتى تجاه اليهود غير المتدينين، وكان سرعة انعقاد مجلس الأمن في جلسة يوم الخامس من هذا الشهر لبحث تداعيات اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى يدل على تحوف دول العالم من نتائج انجراف المجتمع اليهودي نحو العنصرية والتطرف، إلا أن مجرد بيانات الرفض والإدانة لا تكفي مع حكومة مثل حكومة نتنياهو..

[email protected]

دلالات

شارك برأيك

التباس حدود الفصل ما بين اليهودية والصهيونية

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 89)