Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 08 يناير 2023 10:21 صباحًا - بتوقيت القدس

عودة نتنياهو ... عهد عنف غير مسبوق ضد الفلسطينيين

بقلم: لميس أندوني

خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وتصريحاته، في جلسة التصويت على الثقة بحكومته الجديدة الخميس الماضي (29/12/2022) يجب أن يؤخذا بجدّية، ليس من الفلسطينيين فحسب، بل من كل الدول العربية والعالم، حين أعلن أن كل فلسطين ملك للدولة الصهيونية، وأن الأولوية القصوى لحكومته توسيع المستوطنات، وأنه لم يعد هناك مكان لمفاوضات أو أي تسوية، وأن معاهدات السلام مع الحكومات العربية لا تعني شيئا غير فرض شروط إسرائيل.

بالنسبة لبنيامين نتنياهو وحكومته المتطرّفة دينيا وقوميا، السلام هو نتاج انتصار الدولة الصهيونية واستسلام الدول العربية، لا أكثر ولا أقلّ. وعليه، من حقّ إسرائيل أن تأخذ ما تريد، فالانتصار يعطيها الحقّ بالمشاركة في كل الموارد الطبيعية في المنطقة، بل حق امتلاكها، مستفيدة من استمرار الخنوع العربي، فالقصة ليست اتفاقيات، بل ما يرافقها من خطواتٍ أميركية، لتأسيس تحالف عسكري عربي بقيادة أميركية إسرائيلية، تضع المنطقة تحت هيمنة إسرائيل الأمنية.

فهم نتنياهو، السياسي المخضرم، المعادلة جيدا، ولم يعد يأبه بالدبلوماسية، علما أنه من أدهى المسؤولين الإسرائيليين وأكثرهم فهما للعلاقات العامة ويتقن الدعاية والتضليل، ففي شبابه كان من أقوى المدافعين عن الغزو الإسرائيلي للبنان وأنجحهم، مستغلا لهجته الأميركية، وتصوير العدوان ليس دفاعا عن "النفس" فحسب، وإنما عن الحضارة الغربية. سيتابع توظيف بلاغته في ترويج الكذب وتسويق مقولة "إن اسرائيل محاطة بالأعداء، وإن إيران خطر وجودي على إسرائيل"، فهذه سمات نتنياهو، لكن الكثير تغيّر، وبوجود حكومة بهذا القدر من التطرّف، تبدو اللحظة سانحة الآن لبدء عهد ترهيب وإرهاب ووحشية غير مسبوقة ضد الشعب الفلسطيني، غير مكترثةٍ بالأنظمة العربية أو الإدارة الأميركية التي لم تحرك ساكنا لإيقاف الزحف الاستيطاني وتصاعد وتيرة قتل الأطفال الفلسطينيين.

عودة نتنياهو السادسة إلى سدة الحكم، بعد أن اعتقدت حكوماتٌ غربيةٌ وعربيةٌ أنه انتهى، جعلته أكثر صلافة وغرورا وشعورا بالقوة؛ فمن جهةٍ حلفاؤه في الحكومة هم عتاة المتطرّفين الذين يجاهرون بهدفهم طرد الفلسطينيين، ومن أتباع أشد التيارات الصهيونية تطرفا. ونتنياهو يفهم ذلك تماما، ولذلك وضع بن غفير وزيرا للشرطة، أي المسؤول الأمني الأعلى، وهو يعي أن لدى هذا الشخص كتيبة من المستوطنين، وتعيينه، عمليا، يعني جعله مسؤولا ليس عن المستوطنات فحسب، وإنما عن الضفة الغربية بكاملها.

كان طبيعيا أن يُنتج اليمين يمينا أكثر تطرّفا، وهذه مرحلة لا تحتمل التدرّج في تحقيق المشروع الصهيوني، وإنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد، فالمشروع بدأ في عهد ترامب الذي تبنّى السياسات الإسرائيلية بدون مواربة، فأعلن القدس عاصمة لإسرائيل، وعبّر، بكل صراحة، أنه لا يحقّ للمهزومين (العرب والفلسطينيون) وضع شروط استسلامهم، بل يستولي المنتصر على كل ما يريد.

كان تأثير ترامب على مسار السياسة الأميركية، وعلى تقوية نتنياهو والتيارات المتطرّفة الصهيونية، أبعد مما كان ظاهرا، فهو تحدّث باسمهم، ليس من منطلق صهيوني بالضرورة، بل من منطلق الرأسمالي العنصري الاستعماري الذي ليس لديه تعاطفٌ مع مظلوم، فترامب لا يدع قيما مثل العدالة والحرية تقف في طريق أحكامه وقراراته، لكن ما ثبت، ولم يكن مستغربا، أن فجاجة ترامب لم تبتعد في جوهرها عن استراتيجية المؤسسة الأميركية. لذا لم يغير الرئيس جو بايدن أو يعكس أيا من قرارات سلفه.

وكانت المفاجأة الكبرى لمعاهد الأبحاث الأميركية المؤيدة لإسرائيل، وأركان السياسة الأميركية داخل الكونغرس وخارجه، أن خطوات ترامب لم تفجّر غضبا رسميا أو شعبيا عربيا، وجاء توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، ليؤكّد لهذه الجهات أن هناك نقطة تحوّل لا رجعة عنها، وأن إسرائيل تستطيع أن تحقق ما تريد، وأن المخاوف من انفجار عربي أثبتت خطأها، وما يحدُث بعد ذلك، من مظاهرات أو احتجاجات، وفقا لهذا الرأي، ليس ذا أهمية.

عامل أخرى استقوى به نتنياهو والإسرائيليون، وهو الغوص في الحرب الأوكرانية، فخلافا لتمنيات عربٍ كثيرين، أن روسيا ستخرج منتصرة وتكسر شوكة الهيمنة الأميركية، ثبت أن الحرب منهكة لموسكو، وأن علاقة الأخيرة بتل أبيب لم تتأثر، فروسيا أهم مصادر النفط الذي تستورده دولة الاحتلال، إضافة إلى أنها المخزون البشري من اليهود الروس بين مهاجرين حاليين ومستقبليين إلى إسرائيل، ناهيك عن صداقة نتنياهو نفسه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وإن تحتاج مناقشة هذه المسألة مقالا منفصلا لتعقيدها وأهمية تفاصيلها.

هناك ظاهرة أو موقف يجب الوقوف عنده، وهو عدم إظهار أميركا أو حتى مؤيدي إسرائيل اهتماما بتأثير تصاعد المقاومة الشعبية وشعبية "عرين الأسود" و"كتيبة جنين" وشجاعتهما، وقبل ذلك هبّة أيار 1921، وهبّة الكرامة داخل الخط الأخضر، باعتبارها عمليات نهوض فلسطيني مقاوم، فكل من أميركا وإسرائيل تعاملتا مع هذه التطورات بعقليةٍ أمنيةٍ بحتة، أو تسويق المشاريع الاقتصادية، للمرّة الألف، لتهدئة نفوس الفلسطينيين، إذ من الواضح أنه ليس هناك استعداد لدى تل أبيب أو واشنطن بإعلان أي تغيير، ولو طفيفا، تجاه الحقوق الفلسطينية، فيما عدا التصريحات الفارغة عن إقامة دولة فلسطينية، بيعا للوهم وأملا بتخدير العقول.


واضحٌ أن الإدارة الأميركية ما تزال تراهن على أن استمرار التطبيع والمشاريع التطبيعية الاقتصادية، وربط الدول العربية ومواردها بالدولة الصهيونية، ستغيّر المزاج العام، أو على الأقل تجرّب إغراء الشعوب بالرضوخ. صحيح أنها انتبهت إلى التأييد الشعبي العربي الهادر للقضية الفلسطينية في مونديال قطر، بل تابعته وأجرت تحليلات له، فأمرٌ كهذا لا يمر على صناع القرار في واشنطن، لكن الاستراتيجية الأميركية تعتمد على التغييرات التدريجية التي ستُحدِثها مشاريع التطبيع على البنية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي جعل الرضوخ والخنوع أمرا واقعا لا مفر منه.

لا تتوفر معلومات، لكن كما يحدث بعد كل تطوّر مهم، مثل الهبّات الفلسطينية وتصاعد المقاومة، وحتى ما شهدناه في المونديال من رفض الشعب العربي للتطبيع، قد نشهد تدفق أموال أميركية وأوروبية، ولا يُستبعد أن تكون عربية أيضا، لإنشاء مشاريع شبابية أو نسائية مستغِلة انتشار البطالة والفقر في العالم العربي، ومعتمِدةً على قمع الأنظمة وتجريم العمل السياسي، لمنع هذه المشاعر من التحوّل إلى فعل جماهيري مؤثر ضد التطبيع. والرهانات الأميركية الإسرائيلية مفهومة، لكن هذا لا يعني نجاحها، فما لا تفهمه الإدارة الأميركية والحكومة الصهيونية، ولن تفهماه، أن عهد الرعب الصهيوني القادم سيكون أكبر مُحرّض للشارع العربي ضد إسرائيل، فجانب كبير مما شوهد في مونديال قطر كان ردة فعل على الجرائم الصهيونية واتفاقيات التطبيع المُذِلة، ومصدر إلهامها وحماسها واندفاعها هو المقاومة الفلسطينية.

سيدخل الشعب الفلسطيني في مرحلة جديدة من التعرّض لحملات قمع وعنف، وإطلاق العنان لعتاة المستوطنين لتنفيذ المزيد من الجرائم.. وعليه؛ كل نظام عربي يصمت ويستمر في العلاقة مع إسرائيل إنما يشارك في جريمة كبرى، لن يغفرها الفلسطينيون أو الشعوب العربية. عن "العربي الجديد"

دلالات

شارك برأيك

عودة نتنياهو ... عهد عنف غير مسبوق ضد الفلسطينيين

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 89)