غزة - (شينخوا)  - شارك 12 فنانا فلسطينيا من قطاع غزة المحاصر منذ عام 2007 في معرض للفنون البصرية المعاصرة في محاولة منهم لعكس الواقع المرير الذي يعيشه الشباب في القطاع من خلال أعمالهم الفنية.

ويقام المعرض الذي يحمل اسم "مبنى للمعزول" في مركز "رشاد الشوا الثقافي" غرب مدينة غزة بتنظيم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف تسليط الضوء على الآثار الكارثية التي خلفها الحصار الإسرائيلي على حياة سكان القطاع بشكل عام والشباب خاصة.

وخلال حفل افتتاح المعرض الذي انطلق أمس (الأربعاء) ويستمر على مدار يومين، تم عرض العشرات من اللوحات والمجسمات الفنية التي تحاكي واقع الشباب وتعكس مدى "البؤس" الذي يعانون منه منذ أعوام طويلة، حيث نالت تلك الأعمال الفنية إعجاب الزوار.

وقالت سهير زقوت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن المعرض الفريد يأتي كجزء من حملة إعلامية أطلقتها اللجنة للتركيز على الأثر الكارثي للحصار الإسرائيلي المستمر منذ 15 عاما على حياة شباب غزة.

وأعربت زقوت التي تتوسط اللوحات والمجسمات الفنية عن أسفها بأن حياة الشباب في غزة ليست عادية، حيث أن غالبيتهم لا يعتمدون على أنفسهم ماديا بل على عائلاتهم، ما يجعلهم يرون بأن المستقبل لديهم مجهول وقاتم.

وأشارت زقوت إلى أن حوالي 66 % من شباب غزة يعتقدون أنهم سيشهدون جولات جديدة من التوترات العسكرية بين الفصائل الفلسطينية المسلحة والجيش الإسرائيلي في القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة.

وتابعت أن اللجنة الدولية تحاول قدر الإمكان مساعدة الفلسطينيين في التغلب على عواقب الحصار الإسرائيلي "غير القانوني، لكننا في الوقت نفسه نعتقد أن هذه المحاولات ليست كافية وأن غزة بحاجة إلى حلول سياسية".

ومنذ عام 2007، تفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة في أعقاب سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه. بالإضافة إلى ذلك، شنت عدة عمليات عسكرية واسعة النطاق ضده.

وأدت السنوات المتتالية من الحصار إلى ارتفاع معدلات البطالة بين سكان القطاع إلى أن أصبحت من أعلى المعدلات في العالم، وفقا لتقارير صادرة عن البنك الدولي ومؤسسات ومنظمات أممية.

وبحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في مايو من العام الماضي، فإن معدل البطالة في غزة بلغ نحو 50 %، مشيرا إلى أن حوالي 83 % من سكانه يعيشون تحت خطر الفقر نتيجة تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والحصار الإسرائيلي.

كما يبلغ متوسط الدخل اليومي للفرد 2 دولار أمريكي، بحسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، وهو الأسوأ في العالم.

وكان عساف الخرطي (29 عاما)، وهو فنان تشكيلي من غزة، أحد المشاركين بالمعرض من خلال مجسم كبير على هيئة إنسان قام بصناعته من الخردة ومخلفات الحديد المعاد تدويرها.

ويقول الخرطي لـ ((شينخوا)) إن " الشباب في غزة يعانون بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض من وضع سييء يلقي بظلال قاتمة على الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والمعيشي في القطاع".

وأضاف الخرطي أن مجسمه يحمل اسم "الأحلام العالقة"، لأن الشباب عالقون في ثنايا هذا الواقع الكارثي لدرجة أنهم أصبحوا يشعرون بأن كل شيء في حياتهم توقف باستثناء أعمارهم التي تضيع منهم.

ويؤمن الفنان الشاب بأن سكان القطاع خاصة فئة الشباب يحتاجون إلى إعادة تدوير حياتهم وآمالهم وأحلامهم بعيدا عن الحروب العسكرية والحصار المفروض حتى يتمكنوا من التأهيل المناسب للعيش بطريقة أفضل.

وعلى مقربة من الخريطي يقف مصطفى مهنا (28 عاما)، فنان آخر من غزة، بجانب تمثاله الفني الذي يجسد فيه شخصية لشاب كان جالسا في حالة انتظار ويضع يديه على رأسه.

وأطلق مهنا اسم "الانتظار بلا هدف" على مجسمه، حيث قال لـ((شينخوا)) إن المجسم يحاكي شاب يجلس على كرسي منذ فترة طويلة دون أن يتمكن من ركوب أي وسيلة مواصلات.

وأضاف مهنا "من المؤسف للغاية أن فئة الشباب في غزة تحولت إلى مجرد أرقام دون أي فائدة أو أن تكون لديهم أحلام أو خطط واضحة لبناء مستقبلهم أسوة ببقية الشباب حول العالم".

وحمل الخرطي ومهنا إسرائيل والجهات الفلسطينية مسؤولية الوضع السيئ في غزة، لأنهم لا يملكون قرارا حقيقيا لإيجاد حلول سياسية من شأنها أن تساعد سكان غزة على استعادة سلامتهم وحياتهم مرة أخرى.