عربي ودولي
الخميس 21 يوليو 2022 5:30 مساءً - بتوقيت القدس
كيف أصبحت ألمانيا رهينة الغاز الروسي؟
برلين - (أ ف ب) -تنفست ألمانيا ودول أوروبية أخرى الخميس الصعداء مع استئناف امدادات الغاز من روسيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1"، بعد عشرة أيام من الترقب والتوتر بسبب أعمال صيانة.
وعلى رغم أن الصيانة كانت مبرمجة سابقا، لكن الترقب كان يعود للخشية من امتناع روسيا عن معاودة ضخ الغاز كخطوة ضغط في سياق التجاذب بينها وبين الغرب بسبب غزو أوكرانيا.
لكن كيف أصبحت ألمانيا، القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا، رهينة فتح روسيا صنابير أنابيب الغاز؟
في ذروة الحرب الباردة، بدأ الاتحاد السوفياتي شراء الأنابيب من ألمانيا لبناء خطوط مخصصة لنقل النفط والغاز، تتيح له الاستفادة من احتياطاته الهائلة في مجال الطاقة.
لكن إدارة الرئيس الأميركي جون كينيدي، القلقة من نمّو القدرة السوفياتية في مجال الطاقة، تمكنت من حظر صادرات الأنابيب الألمانية.
بعد رفع العقوبات في العام 1966، وقّع البلدان اتفاقا تاريخيا لـ"الأنابيب مقابل الغاز"، حصل بموجبه الاتحاد السوفياتي على أنابيب من الفولاذ لقاء توفير الغاز لألمانيا.
في 1973، تلقت ألمانيا الغربية شحناتها الأولى من النفط الخام من سيبيريا. وعند سقوط جدار برلين (1989)، كان الاتحاد السوفياتي مصدرا لنحو نصف واردات ألمانيا الغربية من الغاز.
تمكنت ألمانيا من شراء الغاز الروسي بأسعار أشبه ما تكون بالتشجيعية، ما شكّل دفعا قويا لقطاعها الصناعي.
مع تحرير أسواق الغاز والكهرباء الأوروبية في مطلع أعوام الألفين، بدأت شركات الطاقة البحث عن "العرض الأوفر، وكان ذلك الغاز الطبيعي الروسي"، وفق سيغمار غابريال الذي كان وزيرا للاقتصاد في عهد المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل.
كان غابريال من شخصيات الحزب الاشتراكي الديموقراطي، إضافة الى المستشار السابق غيرهارد شرودر، الذين دفعوا لتطوير العلاقات التجارية مع روسيا. وواصلت ميركل هذه السياسة عندما خلفت شرودر في المستشارية عام 2005.
في حوار صحافي أجرته بعد اعتزالها السياسة في 2021، دافعت ميركل عن هذا التوجه، معتبرة أن العلاقات التجارية الوثيقة مع موسكو كانت تصبّ "لصالح" برلين.
وتعززت شبكة اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي على مدى العقود. ففي 1994، بدأت أعمال بناء خط أنابيب يامال الذي يعبر بولندا وبيلاروس، وفي 2011 بدأ العمل بـ"نورد ستريم 1" الذي يمرّ أسفل بحر البلطيق.
عام دخول "نورد ستريم 1" الخدمة، قررت ألمانيا العمل تدريجا على التخلي عن الطاقة النووية إثر حادثة محطة فوكوشيما اليابانية. كما تعهدت بعد ذلك خفض الاعتماد على الفحم الحجري وتعزيز الطاقة المتجددة.
وكانت برلين تأمل في أن يعوّض الغاز، انخفاض موارد مصادر الطاقة الأخرى.
في هذا الإطار، قررت حكومة ميركل عام 2015 إطلاق مشروع "نورد ستريم 2" مع روسيا، وهو خط أنابيب موازٍ للأول يتيح مضاعفة واردات الغاز.
أثار المشروع توترا بين ألمانيا وشركائها الأوروبيين والولايات المتحدة الذين اعتبروا أنه يمنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورقة ضغط محفوفة بالمخاطر.
بعد أعوام من أعمال البناء واستثمارات بمبالغ ضخمة، قررت ألمانيا تجميد المشروع، مع إعلان المستشار الحالي أولاف شولتس "تعليق" المصادقة على تشغيله قبل يومين من بدء روسيا غزوها لأوكرانيا.
بقي الاعتماد على واردات الطاقة الروسية قائما على رغم ذلك، ما جعل يدي ألمانيا مقيّدتين في النزاع في أوكرانيا، واحتفظت روسيا بمصدر لعائدات قد تستخدم لتمويل الحرب.
ويعتبر بن ماك وليامس، المحلل المتخصص بشؤون الطاقة في معهد بروغل، أن ألمانيا أخطأت الحساب.
ويقول "يتضح بشكل جليّ أن ثمة رهانا كان قائما: اذا حصلنا على كمية كبيرة من الطاقة الروسية، يمكننا بالتالي السيطرة على روسيا، وسيكون أمام روسيا الكثير لتخسره اذا أزعجت ألمانيا أو عادتها، ولذلك لن تقوم" بقطع الامدادات عنها.
ويضيف لوكالة فرانس برس "كان هذا هو الرهان، وكان (رهانا) خاطئا".
وتقول برلين أن شركة "غازبروم" الروسية العملاقة للطاقة، بدأت منذ حزيران/يونيو بتقييد الامدادات، ما يمنع ألمانيا من تجديد احتياطاتها من المادة الحيوية قبل بدء البرد.
وقعت ألمانيا في مأزق اقتصادي ودبلوماسي عرّضها لسيل من الانتقادات التي راوحت بين اعتبارها ساذجة، وصولا الى اعتبارها ضحية جشعها.
ورأى رولف مارتن شميتس، الرئيس السابق لشركة "آر دبليو إي" الألمانية العملاقة للطاقة، أن "الاعتماد على روسيا في مجال الطاقة كان خطوة عقلانية... الجميع استفاد"، وذلك في تصريحات لمجلة "در شبيغل".
وتدارك "لكن الخطة لم تكن تلحظ مستبدا مثل بوتين".
من جهته، اعتبر روبرت هابيك، وزير الاقتصاد في حكومة شولتس التي تولت مهامها في كانون الأول/ديسمبر، أن ألمانيا اضطرت لتعلّم درس قاسٍ.
وقال "يجب ألا نضع البيض كله في سلة واحدة".
وبحسب تقديراتها، لن تتمكن الحكومة قبل منتصف 2024 من التحرّر من الاعتماد على الغاز الروسي الذي لا يزال يشكّل 35 بالمئة من الواردات.
دلالات
الأكثر تعليقاً
مقتل 20 جندياً في اشتباك من المسافة الصفر واستهداف مروحية بصاروخ
بن غفير: على نتنياهو إقالة غالانت وغانتس وطرد الفلسطينيين من غزة
لليوم الـ13.. الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم
اليابان: غزة والشرق الوسط
جهود حثيثة تبذل للتخفيف من الأزمة المرورية على شارع رام الله القدس
الجيش الإسرائيلي حول المستشفى التركي بغزة لقاعدة عسكرية لعملياته
شهود يتحدثون لـ"القدس": نزوح قرابة نصف سكان رفح في رحلة ذلّ وقهر
الأكثر قراءة
الرجوب: لا يمكن للفيفا أن يواصل غض الطرف عن الانتهاكات المستمرة في فلسطين
نتنياهو: غانتس ينذرني بدلا من "حماس"
بدء تفريغ المساعدات بميناء غزة العائم
مارك زوكربيرغ.. مؤسس فيسبوك يغضب التونسيين بجملة على قميصه
إلى جانب رئيسي.. شخصيات بارزة كانت على متن طائرة الرئيس الإيراني
قمة المنامة.. تفقد جدواها إن لم تلتزم بقراراتها وتنفذ تعهداتها
إستقالة قائد شرطة القدس
أسعار العملات
الإثنين 20 مايو 2024 10:57 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.73
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.31
شراء 5.29
يورو / شيكل
بيع 4.07
شراء 4.02
بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟
%8
%92
(مجموع المصوتين 98)
شارك برأيك
كيف أصبحت ألمانيا رهينة الغاز الروسي؟