أقلام وأراء
الخميس 09 يونيو 2022 9:32 صباحًا - بتوقيت القدس
هل إسرائيل وأوكرانيا وجهان لعملة واحدة؟!
بقلم:المحامي إبراهيم شعبان
تثير التقاطعات القائمة بين الكيانين الإسرائيلي والأوكراني كثيرا من الأسئلة وعلامات الإستفهام من حيث الطبيعة والدور .
فأوكرانيا كانت كلها إلى عهد قريب، جزءا لا يتجزأ من الإتحاد السوفيتي والإمبراطورية القيصرية ، أو شكل الجزء الشرقي منها ( دونباس ) أرضا روسية ناطقة باللغة الروسية ويطالب سكانه بضمه إلى الأراضي الروسية ويرفض حكم كييف ومن اسماهم بالنازيين الأوكرانيين.
وكانت فلسطين أرضا عربية تتبع الدولة العثمانية، ثم جزءا من الدولة الأردنية، واليوم وعلى الورق شكلّت جزءا من الدولة الفلسطينية، وفي ذات الوقت قابعة كلها تحت الإحتلال الإسرائيلي سواء كنا نتحدث عن الضفة الغربية و/أو قطاع غزة و/أو القدس الشريف، لا فرق بين أيا منها.
وتزعم السلطة الإسرائيلية بإسناد السيادة لها حصرا. وكلا النظامين الحاكمين قائم على القوة العسكرية المسلحة وقانون الطوارىء والدعم الأمريكي والغربي حصرا ويمجدهما أيّما تمجيد. بل يرفض النظامان العسكريان أي حق من حقوق الإنسان لشعب الدونباس وللشعب الفلسطيني، ويقيمان نظام فصل عنصري في الإقليمين قائم على التمييز العنصري وعدم المساواة بحجج مختلفة.
ويرفضان اي حل سلمي ينهي هذا النزاع الدامي، أو التقدم قدما لأي حل وسطي أو مجرد رؤيا لحل عادل، يعترف بحقوق الجانبين يتضمن تنازلات متبادلة، وصولا لعدالة نسبية حقنا لدماء الفريقين وتحقيقا لأمن واستقرار تنزع فتيل الإنفجار ولو مؤقتا، ويصران على مزيد من سفك الدماء في الجانب الآخر أملا في إذلاله وسحق تطلعاته، نظرا لما تتمتعان به من دعم ومال وسلاح وإعلام من سيدة العالم فهما لاعبان مرتزقان بالوكالة عن السيد الأمريكي !
صحيح أن الأوكرانيين هم شعب اصيل على الأرض الأوكرانية، وليس مثل الإسرائيليين المهاجرين القادمين من اصقاع الأرض كافة، ولكن حظهم التعيس أو الجيد أوجدهم بقرب دولة كبيرة وهامة مثل روسيا لها مصالحها وأخطارها، وأن جزءا هاما من الشعب الأوكراني وبخاصة في ( لوغانسيك) هم روس قلبا وقالبا وتحتاج لموطىء قدم في المياه الدافئة وبخاصة في شبه جزيرة القرم وأدوديسا وإلا فقد اسطوله دوره بشكل شبه نهائي.
ومما زاد الطين بِلّة اختيار الممثل والمطرب الشاب قليل التجربة والحنكة زيلنسكي الإسرائيلي اليهودي كرئيس لدولة أوكرانيا ، وعدم تقديره الصحيح لعواقب الأمور، وعدم أخذ الأوضاع الجيوسياسية القائمة بعين الإعتبار، وإصراره الغريب على الإنضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتناسيه أزمة الصواريخ في كوبا في بداية الستينيات من القرن الماضي، وتجاهله لدور الغاز والنفط الروسيين في تزويد دول أوروبا بهما وأهميتهما، رغم النصائح المتكررة لكثير من سياسيي العالم بإسقاط هذه الفكرة من حساباته حتى لا ترتد وبالا عليه، مثل نصيحة هنري كيسنجر الداهية اليهودي الأمريكي. وإمعانا في سياسة التحدي للموقف الروسي والمعارض للإنضمام لهذا الحلف، والإستفزاز الصارخ لسياستهم ومصالحهم، ورضوخا للمطالب الأمريكية المذلّة، رفض اي حل سياسي مع الجارة القوية المرتبكة والمتوجسة خيفة امام تهديد حلف شمال الإطلنطي. تماما كما فعلت القيادات الإسرائيلية المتعاقبة برفض جميع الحلول المعقولة والمتسمة بالعدالة النسبية، والإصرار على مزيد من القوة المسلحة وسفك دماء الأبرياء، وسلب المعالم الدينية والتعامل بفوقية مفترضة الدونية على المحتل.
خلاصة القول أن الدولتين المشوهتين اللتين نشأتا في غفلة من التاريخ الحديث، غدت كل واحدة منهما قاعدة متقدمة للولايات المتحدة الأمريكية، التي نأت بنفسها عن الصدام المباشر والتهديد المباشر والقتال المباشر والإحتكاك المباشر مع روسيا الإتحادية، وبالمقابل غدتا تعجان بأشكال الأسلحة الأمريكية وتنعمان بمليارات الورق الأمريكي الأخضر المطبوع الذي غدا ذهبا بدون تغطية. واحدة منهما في قلب أوروبا بمحاذاة العدو الأكبر الدب الروسي لتستنزفه وتحاصره وتغرقه في مشاكل لا أول لها ولا آخر وتقيد دوره العالمي، والثانية تؤمن أهم سلعة استراتيجبة في العصر الحديث ألا وهو النفط وتحرس المنطقة من خصم مهووس أو انقلابي مسكون بخصومة أمريكا وحبه لبلده ووطنه أكثر من أي مكان آخر حتى لو كانت أمريكا وولاياتها الخمسين. وغدا خصمهما اللدود نتيجة لذلك، مشغولا بتضميد جراحه مهما كانت صغيرة أو كبيرة ومهما كان اسمها.
حتى المسئولين والقادة في البلدين وكأنهما متبادلين ومن طينة واحدة، يعتمدون الطريقة الغوبلزية في الإعلام ويقلبون الباطل إلى حقيقة لا أدل على ذلك من الأشرطة التي تنشر في الجانبين لتزوير الحقائق وبخاصة قضايا المدنيين. بل إن بعض القادة الإسرائيليين هم من أصل أوكراني مثل جابوتنسكي ألأب الروحي لحركة " حيروت " ومناحيم بيغن، وكثير من أفراد القوى الأمنية الإسرائيلية انتظمت للعمل في اوكرانيا ضد الدب الروسي. ونشهد تعاونا وثيقا خفيا بين الجانبين هذه الأيام.
نبتتان شيطانيتان واحدة في أوروبا وأخرى في الشرق الأوسط قامتا على القهر والبطش والعدوان، وإن اختلفتا بالتفاصيل، زرعتا بتشجيع أمريكي غربي، لحماية المصالح الأمريكية وحروبها وتدخلاتها وعدم تهديدها في كل بقاع العالم، بل نفي أي دور لغيرها. وتقييد أو نفي دور الشعوب الأخرى واستقلالها في مواردها وسياساتها عن الولايات المتحدة الأمريكية وشركاتها الإحتكارية.ويقف على رأس هاتين النبتتين الشيطانتين دولة عملاقة تتحكم في مصير العالم وأمواله واقتصادياته باسم الحرية السياسية والحرية الإقتصادية والحرية الإجتماعية ولا أحد رادٌ لقضائها وكأنها رب معبود. حريات أدخلت كل مظاهر الإنحراف وجعلت منها سلوكا مشروعا ومقبولا بل مطلوبا.
لو تم النظر في تدفقات الأموال والسلاح على هاتين النبتتين من الولايات المتحدة الأمريكية، لأصيب الناظر بالدهشة والعجب، فقد فتحت الخزائن الأمريكية ومخازن السلاح الأمريكي على مصاريعها لتنتقل إلى هاتين الدولتين، مرة في عام 1973 حيث انتقلت الطائرات الأمريكية لتفريغ السلاح الأمريكي إلى مطار العريش، ومرة حديثة حين فتحت كل الدول المجاورة لأوكرانيا أبوابها وحدودها لتسهيل دخول السلاح الأمريكي بمختلف أنواعه بمختلف أشكاله.
اعتقد العالم لوهلة أن الحرب الباردة قد انتهت وتنفس الصعداء، وأن أوروبا عصية على الحروب بعد مآسي الحرب العالمية الثانية، فجاء تفكك يوغسلافيا وبعدها جاءت القضية الأوكرانية لتسفك الدماء البريئة وتحصد الإستقرار السياسي. ومثلها اقتلع شعب فلسطين من وطنه في مؤامرة دولية لإنكار حقوقه جملة وتفصيلا.
غياب العقلية الحكيمة واستفزاز الدول التاريخية ومصالحها، وتحكم الأهواء والعنصرية والنرجسية، والإفتتان بالقوة العسكرية والمالية، تغري باتخاذ خطوات متهورة بدلا من الإحتكام للعقل والتنازلات المعقولة وبعد النظر. وهذا ما تقوم به أوكرانيا وإسرائيل وقياداتها هذه الأيام، مستبعدة اي فريق آخر في الساحة وحقوقه التاريخية وعدم إبداء اي تنازل أو حل وسط ونسوا أن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه، وأن الأيام دُوَل !!!
المزيد في أقلام وأراء
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
They will massacre you
ابراهيم ملحم
شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
حزب الله يعلن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصر الله
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
حظر الكنيست لـ"الأونروا" ... إسرائيل حاكمة الكون انتدبت نفسها لشطب قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها
مصطفى: الاقتصاد الوطني انكمش بمقدار 35٪ بفعل استمرار عدوان الاحتلال
الأكثر قراءة
مصطفى: الاقتصاد الوطني انكمش بمقدار 35٪ بفعل استمرار عدوان الاحتلال
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
أميركا و7 من حلفائها يحذرون نتنياهو من انهيار الاقتصاد الفلسطيني
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
السعودية تستضيف أول اجتماع رفيع المستوى لـ"تحالف حل الدولتين" الأربعاء المقبل
إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام
صمدت في جباليا.. استشهاد الفنانة التشكيلية الفلسطينية محاسن الخطيب
أسعار العملات
الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 4.06
شراء 4.04
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%20
%80
(مجموع المصوتين 523)
شارك برأيك
هل إسرائيل وأوكرانيا وجهان لعملة واحدة؟!