Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأربعاء 30 أبريل 2025 2:55 مساءً - بتوقيت القدس

عيد العمال في فلسطين.. بطالة متفاقمة واقتصاد منهك ومطالب بعدالة اجتماعية شاملة

رام الله - خاص بـ "القدس"

شاهر سعد: أوضاع العمال الفلسطينيين بلغت حدًا خطيرًا ونعاني من غياب السياسات العادلة والحماية الاجتماعية

محمود زيادة: يجب إطلاق برنامج حماية اجتماعية شامل يستند إلى تقاسم الدخل والموارد بما يضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة للفقراء والعمال

جهاد عقل: الأول من أيار محطة نضالية يتوجب استثمارها لإعادة الاعتبار لقضايا العمال وتعزيز وحدتهم وتنظيمهم

جمال جوابرة: حجم الضرر في الاقتصاد الفلسطيني تجاوز قدرة التدخلات المحلية ما يتطلب تحركًا إقليميًا ودوليًا واسع النطاق

 

د. مؤيد عفانة: ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة وصل إلى 51% وعمال فلسطين يواجهون كارثة اقتصادية

أيهم أبو غوش: نحن بحاجة لخطة وطنية شاملة لوقف نزيف البطالة لتوفير فرص عمل مستدامة وتحريك عجلة الاقتصاد

د. ثابت أبو الروس: الانهيار في سوق العمل ساهم في تغيّر ديناميكية العرض والطلب فانخفضت الأجور وسط استغلال واضح

 

 يأتي عيد العمال هذا العام في ظل واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، حيث يتكبد العمال ثمناً باهظاً بسبب انتهاكات وعدوان الاحتلال الإسرائيلي، وسط غياب السياسات الحكومية الفاعلة لمعالجة الانهيار المتسارع في سوق العمل.

ويؤكد مسؤولون ونقابيون ومحللون وخبراء اقتصاديون في أحاديث منفصلة مع "القدس"، أن هناك ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة وتقلص فرص التوظيف، حيث تعيش الطبقة العاملة أوضاعاً بالغة القسوة تتطلب التحرك العاجل لتدارك الكارثة.

ووفق المسؤولين والنقابيين والخبراء والمحللين، تُظهر المؤشرات الاقتصادية أن مئات آلاف العمال باتوا خارج سوق العمل أو يعملون بشكل جزئي، وسط تفشي مظاهر الاقتصاد غير المنظم، وازدياد الاعتماد على الديون والمساعدات، في ظل غياب نظام حماية اجتماعية فعال. 

ويشيرون إلى أن العمال في الضفة الغربية يعانون من القيود الأمنية والتضييق الإسرائيلي، بينما يرزح العمال في قطاع غزة تحت وطأة حرب إبادة مستمرة أدت إلى تدمير البنية الاقتصادية وفقدان شبه تام لفرص العمل.

ويطالبون بإصلاحات اقتصادية وتشريعية عاجلة، وتبني سياسات وطنية قائمة على العدالة الاجتماعية، إضافة إلى ضرورة تحرك عربي ودولي واسع لإعادة إنعاش الاقتصاد الفلسطيني، وتحويل الأول من أيار إلى محطة نضالية حقيقية تكرّس حقوق العمال وتعيد الاعتبار لدورهم في الصمود الوطني، بعيداً عن الشعارات الرمزية التي لم تعد قادرة على مجابهة التحديات.

تفاقم غير مسبوق في معدلات البطالة

 

يقول الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، إن عيد العمال هذا العام يأتي في وقت يعيش فيه العمال الفلسطينيون ظروفًا اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة بلغت حداً خطيراً، وسط تفاقم غير مسبوق في معدلات البطالة وتعطل مئات الآلاف من العمال عن العمل، محذرًا من أن هذه الأوضاع تنذر بأزمة شاملة تتطلب حلولًا جذرية تتجاوز المعالجات المؤقتة، في ظل المعاناة من غياب السياسات العادلة والحماية الاجتماعية.

ويوضح سعد أن أكثر من 200 ألف عامل فلسطيني حُرموا من الوصول إلى أماكن عملهم لدى أصحاب العمل الإسرائيليين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إضافة إلى تعطل أكثر من 220 ألف عامل في قطاع غزة، ونحو 110 آلاف عامل في الضفة الغربية، مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة العامة إلى ما يزيد عن 35%، وفي قطاع غزة إلى أكثر من 52%. 

ويشير سعد إلى أن هذه النسب تعكس تدهوراً حاداً في سوق العمل الفلسطيني، وخاصة بين فئتي الشباب والخريجين، نتيجة التراجع الحاد في النشاط الاقتصادي وتقلص فرص التوظيف في القطاعين العام والخاص.

 

إضراب التجار في طولكرم

 

ويبيّن سعد أن الأزمة الاقتصادية انعكست أيضًا في ازدياد ديون الأفراد والشركات، ما يعكس عمق الأزمة المالية وضعف السيولة، وزيادة الاعتماد على القروض الشخصية والمؤسساتية كحل مؤقت. 

ويعتبر سعد أن انتشار ظاهرة البسطات والعمل غير الرسمي مؤشرًا واضحًا على التحول القسري نحو الاقتصاد غير المنظم، في ظل انعدام البدائل وفرص العمل اللائقة.

ويسلط سعد الضوء على إضراب التجار في طولكرم شمال الضفة الغربية، معتبرًا إياه صرخة احتجاجية في وجه السياسات الاقتصادية المجحفة والضرائب المرتفعة وتكاليف المعيشة الباهظة، التي أسهمت في تآكل القدرة الشرائية وغياب الحماية الاجتماعية الفعالة.

ويعتقد سعد أن المشهد الحالي هو نتاج تداخل عوامل سياسية واقتصادية، أبرزها استمرار الاحتلال والإغلاقات، وتراجع الاستثمار، وغياب رؤية اقتصادية قائمة على العدالة الاجتماعية. 

ويؤكد سعد أن من أبرز التحديات المقبلة استمرار تفشي البطالة والفقر، خصوصًا بين النساء والشباب، وتوسع الاقتصاد غير المنظم، وارتفاع تكاليف المعيشة مقارنة بتدني الأجور، إلى جانب بروز تحديات جديدة مثل تزايد العمالة الرقمية عبر الخوارزميات دون ضمانات انتقال عادل للحقوق.

 

الحاجة لإصلاح شامل لأنظمة الحماية الاجتماعية

 

ويشدد سعد على ضرورة تبني سياسات اقتصادية عادلة توفر فرص عمل داخلية وخارجية، وتحفز النمو وتخلق وظائف لائقة.

ويطالب سعد بإصلاح شامل لأنظمة الحماية الاجتماعية لتشمل جميع فئات العمال، وخاصة العاملين في القطاع غير المنظم، وإعادة النظر في التشريعات الخاصة بعالم العمل لتتوافق مع معايير منظمة العمل الدولية، وتعزيز الحوار الاجتماعي بين الحكومة، وأصحاب العمل، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات.

ويدعو سعد إلى تخفيف العبء الضريبي عن الفئات الأكثر هشاشة، وتعزيز العدالة الضريبية، والاستثمار في التعليم والتدريب المهني لرفع كفاءة العمال بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل المتغير، خصوصًا في ظل التحول نحو الاقتصاد الرقمي.

من جانب آخر، يؤكد سعد أن عملية إعادة إعمار غزة يجب أن تستند إلى الأيدي العاملة الفلسطينية، وتُبنى على أساس سياسة اقتصادية وطنية تُعزز التشغيل وتحترم حقوق العمال.

 

تهديد حقيقي للأمن والسلم المجتمعيين 

 

من جانبه، يحذّر عضو الاتحاد العام للنقابات المستقلة والناشط النقابي في قطاع الحماية الاجتماعية، محمود زيادة، من التدهور الخطير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الضفة الغربية، مشددًا على أن استمرار هذه الأوضاع ينذر بتهديد حقيقي للأمن والسلم المجتمعيين، مؤكدا على أهمية وجود تكافل مجتمعي مؤسسي وإطلاق حوار لحل الأزمات القائمة.

ويؤكد زيادة أن البطالة المرتفعة وتدهور الأوضاع المعيشية ليست مشكلات فردية، بل هي أزمات تطال المجتمع الفلسطيني برمّته، وتستدعي تحركًا جماعيًا قائمًا على التضامن والتكافل والتوزيع العادل للأعباء. 

ويوضح زيادة أن غياب تطبيق قانون العمل الفلسطيني رغم مرور أكثر من عشرين عامًا على إقراره، وافتقار الدولة لمحاكم عمل متخصصة، يعدّ من أبرز مظاهر الإخفاق في حماية حقوق العمال.

ويشير زيادة إلى أن أكثر من 75% من العاملين في المنشآت المحلية لا تُطبق بحقهم أحكام قانون العمل، بسبب ضعف الرقابة، وغياب التنظيم النقابي الحر والمستقل، كما أن فلسطين ما تزال تفتقر لقانون يحمي الحقوق والحريات النقابية، الأمر الذي يعطل إقامة حوار وتفاوض جاد بين أطراف الإنتاج الثلاثة: العمال، وأصحاب العمل، والحكومة.

 

توجه للانضمام إلى منظمة العمل الدولية

 

ويلفت زيادة إلى وجود توجه فلسطيني للانضمام إلى منظمة العمل الدولية خلال مؤتمرها القادم في حزيران/يونيو المقبل، ما يتطلب التوافق مع سلسلة من المعايير والاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها حماية الحريات النقابية. 

ويقول زيادة: "يجب أن يكون للعمال صوت حقيقي يعبرون من خلاله عن مصالحهم وحقوقهم، ضمن آلية حوار منتظم".

ويؤكد زيادة على وجوب إطلاق برنامج حماية اجتماعية شامل يستند إلى تقاسم الدخل والموارد، بما يضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة للفقراء والعمال، ويحافظ على كرامة الرجال والنساء والأطفال، في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه المجتمع الفلسطيني.

 

 

انعدام البدائل المحلية في الضفة وغزة

 

بدوره، يحذّر النقابي والناشط في حقوق العمال، جهاد عقل، من تصاعد التحديات التي تواجه الطبقة العاملة الفلسطينية، خاصة في ظل تصاعد السياسات الإسرائيلية القمعية التي تقوّض حقوق العمال وتغلق أمامهم أبواب العمل والحياة الكريمة، مؤكداً أن عيد العمال العالمي في الأول من أيار ليس مجرد مناسبة رمزية بل محطة نضالية يتوجب استثمارها لإعادة الاعتبار لقضايا العمال وتعزيز وحدتهم وتنظيمهم في وجه الاحتلال والظروف الاقتصادية المتدهورة.

ويشدد عقل على أن الطبقة العاملة الفلسطينية تعاني من واقع مزدوج، يتمثل من جهة في فقدان فرص العمل داخل أراضي عام 1948 بسبب القيود الإسرائيلية وسياسة التصاريح، ومن جهة أخرى في انعدام البدائل المحلية في الضفة الغربية وغزة، ما يجعل العمال في وضع مأساوي على كل المستويات.

ويقول عقل: "العمال في غزة، على سبيل المثال، يناضلون من أجل البقاء على قيد الحياة، أما في الضفة الغربية، فالمعاناة تتجلى في شكل آخر، حيث تؤدي الحواجز العسكرية والإجراءات الاحتلالية إلى إرباك الحياة اليومية، وتأخير وصول العمال إلى أماكن عملهم، أو منعهم من ذلك تماماً، ما يفاقم من الأزمة المعيشية والاقتصادية".

ويلفت عقل إلى أن انتشار ظاهرة البسطات وتحوّل العمال إلى أسواق غير منظمة هي نتيجة مباشرة لغياب البدائل، حيث يحاول العامل الفلسطيني بأي وسيلة تأمين لقمة العيش لأسرته، حتى لو كان ذلك خارج إطار العمل المنظم، ما يؤثر سلباً على القطاع التجاري المنظم ويكرّس اقتصاداً هشاً وغير مستقر.

 

الاحتلال لا يلتزم بالاتفاقيات والمواثيق الدولية

 

ويؤكد عقل أن الاحتلال الإسرائيلي لا يلتزم بالاتفاقيات والمواثيق الدولية، بما في ذلك التزامه كقوة احتلال بتوفير فرص عمل في الأراضي التي يسيطر عليها، معتبراً أن تجاهل هذا الالتزام هو جريمة لا يمكن السكوت عليها.

ويقول عقل: "لا يجوز أن يتحوّل الصراع إلى مواجهة داخلية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، بل يجب أن يوجَّه نحو من يتحمل المسؤولية الحقيقية، وهو الاحتلال".

ويدعو عقل إلى وحدة الحركة العمالية الفلسطينية، والعمل على تنظيم صفوف العمال من خلال النقابات، مشيراً إلى أن الأول من أيار يجب أن يكون يوماً للتعبئة الشعبية والمطلبية من أجل تحسين شروط العمل، كضمان الأجور اللائقة، وساعات العمل العادلة، والتأمينات الاجتماعية، وغيرها من الحقوق.

وينتقد عقل حالة الحياد التي تتخذها بعض النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والسلطة الفلسطينية تجاه قضايا العمال، مؤكدًا أن هذا الوضع يتطلب تحركًا جماعيًا ومسؤولًا من كل الجهات المعنية من أجل وضع حلول جذرية لأزمة البطالة، والتي يصفها بأنها "من الأعلى في العالم نسبةً إلى عدد السكان".

ويقول عقل: "لا يمكن القبول بأن يبقى العامل الفلسطيني محاصرًا بهذه الطريقة، في ظل هذا الواقع المؤلم، المطلوب هو العمل فورًا على تغيير هذا الواقع، بتكاتف الجميع، وتحويل عيد العمال إلى منبر نضالي حقيقي يعيد الكرامة للطبقة العاملة".

 

 

انحدار كبير في القوة الاقتصادية والتشغيلية

 

من جهته، يؤكد أمين عام اتحاد الغرف التجارية والصناعية في فلسطين، جمال جوابرة، أن الواقع العمالي في الأراضي الفلسطينية يمر بمرحلة صعبة جدًا، تتسم بانحدار كبير في القوة الاقتصادية والتشغيلية، سواء على مستوى العمال أو أصحاب العمل، لا سيما في محافظات شمال الضفة الغربية التي تعاني من اقتحامات متكررة وعدوان مستمر أثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي.

ويشير جوابرة إلى أن الغرف التجارية والصناعية بادرت بتنظيم حملات دعم للمتضررين تشمل العمال، إلا أن هذه المبادرات تبقى محدودة الأثر، خصوصًا في ظل حجم الأضرار المتراكمة. 

ويوضح جوابرة أن مناطق مثل مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس كانت الأكثر تضررًا بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، ما ألقى بظلاله القاتمة على سوق العمل وأدى إلى تعطيل الإنتاج وانهيار القدرة الشرائية.

 

المرحلة تتطلب تحركًا إقليميًا ودوليًا

 

ويشدد جوابرة على أن حجم الضرر في الاقتصاد الفلسطيني تجاوز قدرة التدخلات المحلية، سواء من الحكومة أو القطاع الخاص أو النقابات، مؤكدًا أن المرحلة تتطلب تحركًا إقليميًا ودوليًا واسع النطاق. 

ويؤكد جوابرة أن التدخل السياسي لوقف العدوان الإسرائيلي، خاصة في غزة والضفة، هو شرط أساسي لأي محاولة حقيقية لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني وتثبيت صمود المواطنين في أرضهم، وهو ما يعني ضرورة وجود تحرك دولي وإقليمي من أجل ذلك.

وفيما يخص الجهود المحلية، يدعو جوابرة إلى تجنب الانزلاق نحو خطوات احتجاجية تقليدية مثل الإضرابات، معتبرًا أن التركيز يجب أن يكون على البحث عن حلول عملية وعقلانية لتجاوز هذه المحنة غير المسبوقة، بما يضمن بقاء الاقتصاد الفلسطيني صامدًا في وجه التحديات المتفاقمة.

 

 

الاقتصاد الفلسطيني خسر نحو 507 آلاف وظيفة 

 

 

الباحث والخبير الاقتصادي د. مؤيد عفانة يقول أن عيد العمال العالمي هذا العام يحل على العمال الفلسطينيين، وسط استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة والحرب الصامتة على الضفة الغربية، في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية كارثية، حيث أن عمال فلسطين يواجهون كارثة اقتصادية مفتوحة في عيدهم.

ويوضح عفانة أن هذا الواقع المأساوي ألقى بظلاله على سوق العمل الفلسطينية، ما أدى إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 28%، وارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة التي وصلت إلى 51%.

ويشير عفانة إلى أنه وفقًا لبيانات منظمة العمل الدولية، فقد خسر الاقتصاد الفلسطيني نحو 507 آلاف وظيفة في الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة الحرب المستمرة، وكانت فئة العمال الأكثر تضررًا، حيث فقد نحو 205 آلاف عامل فرص عملهم، من بينهم 6000 عاملة، داخل الخط الأخضر والمستوطنات، وبينما عاد جزء ضئيل من هؤلاء إلى العمل في ظروف قاسية وخطرة، لا يزال أكثر من 80% منهم بلا عمل، يضاف إليهم عشرات الآلاف ممن فقدوا فرص العمل المحلية نتيجة للانكماش الاقتصادي.

 

تداعيات الحصار الإسرائيلي الشامل

 

ويؤكد عفانة أن الانكماش ناجم عن الحصار الإسرائيلي الشامل، حيث تقطّع أوصال الضفة الغربية بـ898 حاجزًا وبوابة عسكرية، إلى جانب العمليات العسكرية المكثفة شمال الضفة الغربية، خصوصًا في طولكرم وجنين. هذه الأوضاع أدت إلى شلل تام في الحركة التجارية، وتدمير البنى التحتية، ونزوح عشرات الآلاف من المواطنين، ما ضاعف من معاناة العمال.

ويلفت عفانة إلى أنه في ظل طول أمد الأزمة التي يعاني منها العمال، اضطر الكثير من العمال للاتجاه إلى العمل في البسطات، رغم مردودها الزهيد، في محاولات يائسة لتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة، كما لجأ بعضهم إلى الاقتراض وإصدار شيكات، ما أوقعهم في أزمات قانونية واجتماعية دفعت كثيرين لبيع أراضٍ أو عقارات بأسعار منخفضة لتوفير السيولة.

ويشير عفانة إلى أن محافظة طولكرم كانت من أكثر المناطق تضررًا، لاعتمادها الاقتصادي على العمالة داخل الخط الأخضر والمتسوقين من الداخل، ومع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية والحصار الخانق، تفاقمت أزمة العمال فيها، خاصة أولئك الذين لجأوا إلى أعمال محلية أو مؤقتة، وهو ما خلق أزمة اضطر الكثير من أهالي طولكرم للحديث عن خطوات احتجاجية.

 

سلطة النقد تطلق برنامج "بادر"

 

وعن البرامج الحكومية، يتحدث عفانة عن برنامج "بادر" الذي أطلقته سلطة النقد لدعم العمال المسرحين عبر قروض تصل إلى 60 ألف شيقل بدون فوائد، لكن محفظته التمويلية محدودة، وإجراءاته معقدة، ما يحدّ من فعاليته.

ويؤكد عفانة أن التحديات ما زالت قائمة، فالسوق الإسرائيلية لا تزال مغلقة أمام العمالة الفلسطينية، والسوق المحلية تعاني من انكماش شديد، والتدخلات الحكومية والنقابية لا تزال دون الحد المطلوب. 

ويشير عفانة إلى أن الكثير من العمال استنفدوا مدخراتهم وباعوا ممتلكاتهم، في ظل تردي الوضع الأمني والاقتصادي خاصة في شمال الضفة.

ويدعو عفانة إلى تدخلات عاجلة وشاملة، تشمل إطلاق خطة تحفيز اقتصادية تستند إلى دعم عربي ودولي، وتقديم إعفاءات ضريبية للمؤسسات المشغلة للعمال، وتأسيس صندوق للمسؤولية الاجتماعية، والعمل على إقرار قانون الضمان الاجتماعي، وتعزيز الصناعة الوطنية، وتوفير دفعات إغاثية مدروسة للعمال المتعطلين، خاصة في المناطق المنكوبة مثل غزة وطولكرم وجنين.

 

 

أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها الأراضي الفلسطينية

 

ويؤكد الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي، أيهم أبو غوش، أن الواقع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية بلغ مرحلة غير مسبوقة من التدهور والانكماش، معتبراً أن ما تشهده الضفة الغربية وقطاع غزة حالياً هو أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها الأراضي الفلسطينية.

ويوضح أبو غوش أن نسبة البطالة في غزة تجاوزت 90%، في ظل غياب شبه كامل لفرص العمل باستثناء بعض الوظائف الحكومية والمؤسسات القليلة في القطاع الخاص ومؤسسات العمل الأهلي. 

ويشير أبو غوش إلى أن المجتمع الغزي بأكمله بات يعاني من أزمة بطالة خانقة تهدد النسيج الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي بشكل مباشر.

أما في الضفة الغربية، فيوضح أبو غوش أن نسبة البطالة تتراوح ما بين 35% و40% على أقل تقدير، لافتاً إلى أن عيد العمال يأتي هذا العام في ظل انكماش اقتصادي غير مسبوق، أفضى إلى إغلاق عدد كبير من المشاريع الصغيرة، خاصة أن قدرتها على التحمّل محدودة في مواجهة التراجع الحاد في الدورة الاقتصادية.

ويؤكد أبو غوش أن أحد الأسباب الرئيسة لارتفاع معدلات البطالة هو منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي للعمال من الوصول إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، وهو ما أدى إلى فقدان شريحة كبيرة من المجتمع مصدر رزقها. 

ويبيّن أبو غوش أن نحو 20% من مجمل العمال كانوا يعملون داخل إسرائيل، وعندما توقف هؤلاء عن العمل انعكس ذلك مباشرة على السوق المحلية والمنشآت الصغيرة التي كانت تعتمد على السيولة التي يضخها هؤلاء العمال، والتي تقدر بنحو 1.5 مليار شيكل شهرياً، بالإضافة إلى رواتب موظفي القطاع العام التي تبلغ مليار شيكل.

 

شلل شبه تام في الدورة الاقتصادية

 

ويقول أبو غوش: "اليوم، لا هؤلاء العمال يعملون، ولا الحكومة قادرة على صرف رواتب بشكل منتظم، ما يعني شللاً شبه تام في الدورة الاقتصادية، وخسائر فادحة للمؤسسات والمنشآت، ودفع العديد منها إلى تسريح العمال أو الاعتماد على نظام المياومة أو القطعة".

ويرى أبو غوش أن هذا الواقع أدخل آلاف العمال في دائرة الفقر والعوز، مهدداً بدفع الاقتصاد الفلسطيني نحو انهيار شامل في حال استمرار الأوضاع كما هي عليه. 

ويوضح أبو غوش أن أكثر من 90% من المنشآت الاقتصادية الفلسطينية صغيرة أو متناهية الصغر، التي تشغل أقل من خمسة عمال، تواجه حالياً خطر الإغلاق في ظل غياب الدعم وانعدام الأفق.

ويشدد أبو غوش على أن الأولوية في الوقت الراهن يجب أن تتركز على وقف العدوان والحرب، خاصة في غزة وشمال الضفة، معتبراً أن أي خطة للتعافي الاقتصادي لا يمكن تنفيذها ما لم تتوقف الحرب. 

ويقول أبو غوش: "نحن بحاجة لخطة وطنية شاملة لوقف نزيف البطالة، تشمل شراكات مع الدول العربية ومنظمات دولية مثل منظمة العمل الدولية، لتوفير فرص عمل مستدامة وتحريك عجلة الاقتصاد".

ويشدد أبو غوش على أن "المساعدات الإغاثية ضرورية، لكن الحل الحقيقي يكمن في خلق مشاريع اقتصادية مستدامة، بدلاً من تقديم حلول مؤقتة".

 

 

 

نسبة البطالة ارتفعت إلى نحو 32% بعد 7 أكتوبر

 

من جهته، يحذّر الكاتب والمحلل الاقتصادي د. ثابت أبو الروس من التدهور غير المسبوق في الواقع الاقتصادي والمعيشي للعمال الفلسطينيين في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن نسبة البطالة ارتفعت بعد 7 أكتوبر 2023، من 23.8% إلى نحو 32%، وهي نسبة غير مسبوقة في تاريخ الاقتصاد الفلسطيني.

ويوضح أبو الروس أن أحد أبرز أسباب هذا الارتفاع الحاد في البطالة هو توقف العمالة الفلسطينية عن العمل داخل إسرائيل، حيث كان يعمل ما لا يقل عن 200 ألف عامل فلسطيني هناك، ما شكّل رافعة أساسية للاقتصاد الفلسطيني وخصوصًا في القرى والمناطق القريبة من مناطق التماس، ومع توقف هؤلاء العمال، تعرّضت العديد من المحال والمشاريع الفلسطينية لحالة من الشلل الكامل، وأغلقت أبوابها بسبب انعدام السيولة وعدم القدرة على تغطية النفقات.

ويؤكد أبو الروس أن هذه العمالة كانت تضخ شهريًا ما يقارب 1.5 مليار شيكل في السوق الفلسطينية، وهو ما كان يحرك عجلة الاقتصاد المحلي، مشيرًا إلى أن انقطاع هذا التدفق النقدي أدى إلى تراجع كبير في الأسواق وزيادة ملحوظة في معدلات البطالة، لا سيما بعد إغلاق مئات المنشآت أبوابها.

ويؤكد أبو الروس أن هذا الانهيار في سوق العمل ساهم في تغيّر ديناميكية العرض والطلب، حيث ارتفع العرض في العمالة بشكل يفوق الطلب، مما أدى إلى انخفاض حاد في أجور العمال الفلسطينيين، واستغلال واضح من قبل بعض المشغلين المحليين. 

ويشير أبو الروس إلى أن بعض العمال الذين كانوا يتقاضون 150 شيكل يوميًا أصبحوا يتقاضون 100 شيكل، وآخرون انخفضت أجورهم إلى 70 شيكل.

 

افتتاح بسطات ومهارات يدوية

 

ويلفت أبو الروس إلى أن شريحة واسعة من العمال لجأت إلى افتتاح بسطات أو الاعتماد على مهارات يدوية لتأمين دخل بسيط، لكن السوق المحلي لا يتسع لهذا الكم من العمالة المعطّلة، ما يفاقم الأزمة المعيشية. 

ويؤكد أبو الروس أن هؤلاء العمال يواجهون أزمة أخرى تتمثل في التزاماتهم البنكية، بعد أن حصل العديد منهم على قروض حين كانوا يعملون داخل إسرائيل، لتصبح المصيبة مزدوجة: انعدام الدخل، والمطالبة بالسداد البنكي، وهو ما يتطلب إيجاد حلول لهم.

ويشير أبو الروس إلى أن التحرك العاجل كان يجب أن يتم عبر ثلاثة محاور؛ أولها المحور الحكومي، لكن الحكومة الفلسطينية غير قادرة حاليًا على استيعاب المزيد من العمال، بسبب أزمة المقاصة مع الجانب الإسرائيلي، وكذلك القطاع الخاص وهو يستطيع أن يلتزم بالتوقف عن استغلال العمال والتقليل من أجورهم، أما المحور الثالث، فهو الذاتي حيث هناك ضرورة أن يبادر العمال المتعطلون إلى ابتكار مشاريع صغيرة تدر عليهم دخلًا بدلًا من انتظار العودة للعمل داخل إسرائيل.

 

 

دلالات

شارك برأيك

عيد العمال في فلسطين.. بطالة متفاقمة واقتصاد منهك ومطالب بعدالة اجتماعية شاملة

فلسطيني قبل 11 أيام

نابلس - فلسطين 🇵🇸

حرب إبادة اسراىيل في غزة وحرب صامتة بالضفة وصمت مطبق من قبل العرب والمسلمين الناىمين نومة أهل الكهف

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 07 مايو 2025 11:16 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.62

شراء 3.61

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 4.11

شراء 4.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 1209)