كاظم أبو خلف: هناك أرقامٍ صادمةٍ تعكس حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها أطفال قطاع غزة بعد 18 شهراً من الحرب الإسرائيلية المتواصلة
خالد قزمار: عدد الأطفال الذين قُتلوا خلال عام واحد من الحرب على غزة يفوق عدد ضحايا الحروب حول العالم خلال عقد كامل
د. عبد المجيد سويلم: الجرائم الإسرائيلية في غزة وخاصة بحق الأطفال تمثل تجلياً خطيراً لمبادئ "الإبادة والتطهير والتوحش والانتقام والسادية
د. سهيل دياب: إسرائيل تخوض آخر حروبها الديموغرافية بعد استنفاد الخيارات والعالم يشهد انهياراً أخلاقياً غير مسبوق
ياسر مناع: المجزرة المفتوحة بحق الأطفال الفلسطينيين تُعد إعلانًا صريحًا بفشل العالم في أهم اختبار أخلاقي وإنساني
في قلب إحدى أكثر المآسي الإنسانية فظاعة في العصر الحديث، يواجه أطفال قطاع غزة حرب إبادة إسرائيلية لا ترحم، تحصد أرواحهم وتدمر مستقبلهم وتقتلعهم من جذورهم الأسرية والنفسية، إذ إن أكثر من 18 ألف طفل قضوا في هذه الحرب، وعشرات الآلاف غيرهم تُركوا دون آباء أو أمهات، أو حتى أي مأوى آمن.
أرقام صادمة تتحدث عن مآسٍ جماعية في رقعة جغرافية صغيرة، تحوّلت إلى مكان للموت، حيث لا مكان آمناً، ولا حياة تُشبه الحياة.
يقول مسؤولون دوليون وكتاب وحقوقيون في أحاديث منفصلة مع "القدس"، إن ذلك يأتي في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية والتعليمية، بينما يجد عشرات آلاف الأطفال أنفسهم بين أنقاض مدارسهم ومنازلهم، جرحى في الجسد والنفس، محرومين من أبسط حقوقهم في العلاج والدراسة والأمان، ولم تعد الحكايات تروى عن بطولات صمود أو أحلام الطفولة، بل عن أطراف مبتورة، وأصوات صراخ تعلو فوق الركام، وأمهات يبحثن بين الأنقاض عن أبنائهن.
ويؤكدون أنه وسط هذا الجحيم المفتوح، لا يبدو أن الضمير العالمي قد استفاق بعد، فالإدانات خجولة والمواقف دولية انتقائية، كما تُستخدم المساعدات الإنسانية كورقة مساومة، ويُمنح القتلة حصانة سياسية وقانونية، حيث إنها إبادة معلنة، تحدث يومياً، ويتحول الأطفال إلى أرقام في تقارير ميدانية، في مشهد يعري فشل النظام الدولي الأخلاقي والإنساني.
أطفال غزة يعيشون "متاهة الموت"
يقول الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، كاظم أبو خلف، إن هناك أرقامٍ صادمةٍ تعكس حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها أطفال قطاع غزة بعد 18 شهراً من الحرب الإسرائيلية المتواصلة، واصفاً معاناتهم بأنها "حقيقة ليس لها مثيل" في العالم، رغم وجود نزاعات أخرى مثل السودان.
ويوضح أبو خلف أن عدد الأطفال الذين فقدوا ذويهم في غزة وصل إلى نحو 39 ألف طفل، منهم 37 ألفاً فقدوا أحد الوالدين (الأب أو الأم)، بينما فقد ألفا طفل كلا الوالدين. لكن الأخطر هو وجود 17 ألف طفل "غير مصحوبين" – أي انفصلوا عن عائلاتهم دون معرفة مصيرهم – ولم يتم لمّ شمل سوى نحو 300 منهم حتى الآن.
ويقول أبو خلف: "الأطفال في غزة يدفعون ثمناً باهظاً في بقعة جغرافية صغيرة، عدد الضحايا من الأطفال خلال 18 شهراً يفوق أي مكان آخر في العالم إذا قارنّاه بعدد السكان".
ويشير أبو خلف إلى أنه وفقاً لتقارير إحصائية متخصصة نحو 16,500 بحاجة ماسة للخروج من قطاع غزة لتلقي العلاج، بينهم أكثر من 4,000 طفل، ولم يتمكن سوى أقل من 2000 من مجموع من يحتاجون العلاج من المغادرة منذ أكتوبر 2023 إلى الآن، منهم 632 طفل، وذلك بسبب القيود الإسرائيلية.
معاناة الأطفال الجرحى ومبتوري الأطراف
ويتحدث أبو خلف عن معاناة الأطفال الجرحى، خاصة من بتر الأطراف، الذين يعانون من نقص الأدوية والرعاية الطبية بعد تدمير النظام الصحي.
ويشير أبو خلف إلى انتشار الأزمات النفسية بين الأطفال بسبب الصدمات اليومية، قائلاً: "كل أطفال غزة الذين يشكلون نصف المجتمع الغزي بحاجة إلى دعم نفسي عاجل".
ويؤكد أبو خلف أن الأطفال في غزة فقدوا عامين دراسيين متتاليين، مع تدمير معظم المدارس وتحوّل بعضها إلى مراكز إيواء.
وينتقد أبو خلف تحويل المساعدات الإنسانية إلى "أداة مساومة" سياسية، رغم أن القانون الدولي يُلزم بضمان وصولها دون شروط، وكل ذلك يجري وسط صمت وتخاذل دولي.
ويشير أبو خلف إلى أن القصف المستمر والنزوح والحرب المتواصلة جعل حياة الأطفال في "متاهة موت"، حيث لا يوجد مكان آمن، بينما يعاني الكثيرون من البرد والجوع والعطش بسبب منع إدخال المواد الأساسية منذ أكثر من شهر ونصف.
وينتقد أبو خلف المجتمع الدولي لـ"تخاذله" واقتصاره على "الإدانات"، بينما تُستخدم المساعدات كـ"ورقة ضغط".
ويقول أبو خلف: "غزة أصبحت نموذجاً للكارثة الإنسانية التي تحدث أمام أعين العالم، فالأطفال يموتون جوعاً أو قصفاً، ولا أحد يتحرك".
ويحذر أبو خلف من أن استمرار الحرب يعني تدمير جيل كامل، داعياً إلى فتح المعابر فوراً وإنهاء الحصار، ومحاسبة كل من يتورط في هذه الجرائم.
غزة أصبحت "مقبرة للأطفال"
من جانبه، يصف المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، خالد قزمار، ما يتعرض له الأطفال في قطاع غزة بـ"الجريمة غير المسبوقة" في التاريخ الحديث، مؤكدًا أن عدد الأطفال الذين قُتلوا خلال عام واحد من الحرب يفوق عدد ضحايا الحروب حول العالم خلال عقد كامل، مشيراً أن غزة "أصبحت مقبرة للأطفال" بحسب توصيف الأمين العام للأمم المتحدة.
ويؤكد قزمار أن الأرقام التي توثّق جرائم الاحتلال بحق الأطفال في غزة "تخجل منها البشرية" في التاريخ الحديث، مشيرًا إلى أن عدد الشهداء من الأطفال تجاوز 18 ألفًا منذ بداية الحرب، بينما لا تزال أسماء الكثير منهم مجهولة بسبب ضخامة الكارثة وعدم القدرة على التوثيق الكامل.
ويقول قزمار: "في حرب 2014، سجّلنا 555 شهيدًا من الأطفال، وكان لدينا تفاصيل كل حالة، أما اليوم فلدينا 18 ألف شهيد، ولا نعرف حتى أسماء الجميع".
ويتطرّق قزمار إلى المأساة الإنسانية الأوسع، حيث فقد أكثر من 39 ألف طفل سندهم العائلي، إما بفقدان أحد الوالدين أو كليهما، ما يترك آثارًا نفسيةً وجسديةً تدوم مدى الحياة.
ويشير قزمار إلى وجود أكثر من 11 ألف مفقود، يُشكّل الأطفال 40% منهم، بالإضافة إلى آلاف حالات بتر الأطراف بين الأطفال، والتي تُعد إعاقات دائمة في ظل انهيار النظام الصحي.
"التجويع" كأداة حرب
ويؤكد قزمار أن الاحتلال لم يقتصر على القتل المباشر، بل مارس سياسة "التجويع" كأداة حرب، موضحًا أن 52 طفلًا على الأقلّ تم توثيق شهادتهم بسبب الجوع، بينما يعاني مئات الآلاف من سوء التغذية الحاد ونقص مياه الشرب.
ويقول قزمار: "إن الأمراض تنتشر بشكل غير مسبوق، والمستشفيات لم تعد قادرة على العمل بعد تدميرها بشكل منهجي".
ويلفت قزمار إلى أن تدمير البنية الصحية في غزة يُعد "سابقةً خطيرةً في تاريخ النزاعات"، حيث تم قصف المستشفيات بالطائرات والدبابات، مما أفقد القطاع قدرته على تقديم الخدمات الطبية الأساسية.
ويتطرّق قزمار إلى قصة طفلة كانت تُعالج من بتر في ساقها، وكانت تحلم بالتعافي لتصبح طبيبة، قبل أن تقصف إسرائيل المستشفى الذي كانت فيه، ما أدى لاستشهادها، ولم يكتمل حلمها.
ويؤكد قزمار حرمان أكثر من 700 ألف طفل من حقهم في التعليم بعد تدمير المدارس والجامعات، محذرًا من أن فقدان عامين دراسيين متتاليين سيُنتج جيلًا جريحًا بلا مستقبل، مشددا على أن هذا الانتهاك يتعارض صراحةً مع القانون الدولي الذي يضمن التعليم كحق أساسي.
ويشير قزمار إلى أن نسبة الأطفال بين الضحايا في غزة ارتفعت من 20% في الحروب السابقة إلى نحو 40% حاليًا، وهو ما يُعزى إلى الكثافة السكانية العالية في القطاع، حيث يُشكّل الأطفال 47% من السكان.
جنود الاحتلال يتباهون بتصوير جرائمهم
ويقول قزمار: "إن إسرائيل ترتكب جرائمها على مرأى من العالم، بل إن جنودها يتباهون بتصوير جرائمهم"، مستشهدًا بحالات سجّلها جنود إسرائيليون قاموا بتفجير منازل فلسطينية وأرسلوها كـ"هدايا" لأقاربهم!
وينتقد قزمار المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والدول الغربية، واصفاً إياها بـ"الشركاء في الإبادة الجماعية" بسبب دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل، وتوفير الحماية لها في المحافل الدولية.
كما ينتقد قزمار تقاعس المحكمة الجنائية الدولية، التي لم تتخذ إجراءات إلا ضد عدد محدود من القادة الإسرائيليين، رغم الأدلة الكثيفة على جرائمهم.
ويؤكد قزمار أن قرارات محكمة العدل الدولية، التي اعتبرت أفعال إسرائيل "إبادة جماعية"، لم تُنفّذ بسبب ما وصفه ب"النفاق الدولي"، حيث تُطبّق المعايير القانونية بشكل انتقائي.
ويقول قزمار: "إن الغرب يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، بينما هم يحرقونها في غزة، إن الضمير العالمي مات".
ويطالب قزمار بوقف فوري لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية، ومحاسبة كل المسؤولين عن هذه الجرائم، معتبرًا أن الصمت الدولي يشجّع إسرائيل على المضي قدمًا في إبادتها.
ويقول قزمار: "لا يجوز أن نعدّ الشهداء يوميًا بينما العالم يتفرج، فكل طفل يُقتل هو جريمة تُحرق ضمير الإنسانية".
حالة صادمة من القصور الإنساني تجاه القتل
بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم إن ما يتعرض له أطفال غزة من قتل وتدمير ومعاناة إنسانية، ينبغي أن يُحدث استنهاضاً غير عادي لضمير الإنسانية جمعاء، إلا أن الاستجابة الدولية لا تزال دون المستوى المطلوب، وتعكس حالة صادمة من القصور الإنساني تجاه "القتل المتعمد، والانتقام السادي".
ويوضح سويلم أن هذا القصور في الرد الإنساني على الجرائم الإسرائيلية بحق أهالي قطاع غزة، لا سيما الأطفال، يعود إلى غياب التنظيم الحقيقي للضمائر الإنسانية التي وإن كانت حاضرة بوجدانها، إلا أنها لم تُترجم إلى لوبيات ضاغطة قادرة على وقف هذه الإبادة.
ويؤكد سويلم أن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة وخاصة بحق الأطفال تمثل تجلياً خطيراً لمبادئ "الإبادة والتطهير والتوحش والانتقام والسادية"، وهي سمات مستشرية في العقلية الإسرائيلية، التي تتحرر من أي قيود أخلاقية أو قانونية، في ظل الدعم السياسي والعسكري المطلق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
الغرب سيدفع ثمن تواطئه مع التوحش الإسرائيلي
ويشير سويلم إلى أن المسؤولية لا تقع فقط على الاحتلال وداعميه، بل تشمل كذلك المنظومة السياسية الغربية التي فشلت حتى الآن في اتخاذ موقف أخلاقي وإنساني واضح، محذراً من أن التاريخ سيُدين هذا الصمت، وسيدفع الغرب ثمناً غالياً لتواطئه مع التوحش الإسرائيلي.
وينتقد سويلم النظام الرسمي العربي والإسلامي الذي لم يحرّك ساكناً، باستثناء بعض المظاهرات والمواقف العاطفية، والتي وصفها بأنها غير قادرة على تشكيل قوة ضغط حقيقية لوقف المجازر.
ويشدد سويلم على أن الحراك داخل المجتمع الإسرائيلي المطالب بوقف الحرب في غزة لا ينبع من دوافع إنسانية أو رفض للتوحش، بل ينحصر فقط في مطالبة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، في حين لا يشغلهم قتل الأطفال الفلسطينيين بأي شكل.
ويقول سويلم: "من يعتقد أن المجتمع الإسرائيلي يمكن أن يتحرك بدوافع إنسانية كما حصل مع شعوب أخرى بعد ارتكاب دولها لجرائم في التاريخ، فهو واهم، هذا مجتمع يتحرك فقط بدوافعه العنصرية البغيضة، ويبتعد تماماً عن أي قيم حضارية أو إنسانية".
إسرائيل تعود إلى "مربع النكبة 1948"
من جهته، يؤكد د. سهيل دياب، أستاذ العلوم السياسية والمختص في الشأن الإسرائيلي، أن استهداف الأطفال في غزة يأتي ضمن استراتيجية إسرائيلية ممنهجة لـ"الحل الديموغرافي" كبديل عن فشل المشروع الصهيوني في تحقيق أهدافه بالوسائل الأخرى، مشيراً إلى أنها تعيد إسرائيل إلى "مربع النكبة 1948" بعد سقوط سردياتها السياسية والعسكرية.
ويوضح دياب أن الزاوية الأولى تكمن في الإدراك الإسرائيلي بأن "الحل الديموغرافي" هو الخيار الوحيد بعد فشل الوسائل الأخرى، حيث فشل القضم الجغرافي بعد تعثر ضم الأراضي رسمياً، وكذلك انهيار الشرعية الدولية مع انكشاف زيف ادعاءات الديمقراطية الإسرائيلية، والعودة إلى نموذج 1948 باستخدام الإبادة وتهجير السكان كما حدث في النكبة.
ويقول دياب: "إن قتل الأطفال ليس عملاً عشوائياً، بل جزء من معادلة حسابية لضمان تفوق ديموغرافي يهودي".
أما الزاوية الثانية وفقا لدياب، فهي السقوط الأخلاقي المدوي لإسرائيل، حيث وصلت إلى مرحلة "عدم الاكتراث للمؤسسات الدولية أو الضغوط الإنسانية"، بينما تُظهر الزاوية الثالثة بالعجز الدولي المنقسم إلى 3 محاور: الولايات المتحدة التي تشارك فعلياً في الجريمة عبر الدعم العسكري والسياسي، والمجتمع الدولي الذي يعاني انفصاماً بين رفض الجرائم وعدم مواجهة إسرائيل خوفاً من دعم حركة"حماس"، والعالم العربي حيث ترى بعض الأنظمته العربية في الحرب وسيلة لإضعاف إسرائيل والمقاومة التي تمثل المحور الإيراني معاً.
اختبار حقيقي لضمير الإنسانية
ويتطرّق دياب إلى الأسباب التاريخية والعقائدية التي تغذي العنف الإسرائيلي والسعي لقتل وإبادة الشعب الفلسطيني وخاصة الأطفال، مشيراً إلى ثلاثة عوامل رئيسية: العقيدة التلمودية التي تشرعن "القتل الاستباقي" لكل من يُعتبر تهديداً، مستشهداً بكتاب الصحفي الإسرائيلي "بيرغمان" (2018) الذي وثق 2780 اغتيالاً سياسياً منذ الأربعينيات بناءً على هذه العقيدة.
أما العامل الثاني وفق دياب، فهو الرؤية الأمنية الصهيونية المبنية على فكرة "شعب بلا أرض لأرض بلا شعب"، والتي تسببت في التطهير العرقي منذ 1948، وصولاً إلى مجازر مثل كفر قاسم (1956).
ويشير دياب إلى العامل الثالث وهو عقدة الاضطهاد حتى لدى اليهود العلمانيين، الذين يعيشون "بارانويا جماعية" تجعلهم يبحثون عن عدو دائم لتعزيز الوحدة الداخلية.
ويحذر دياب من أن المشهد الحالي يمثل لحظة فريدة، حيث أن إسرائيل تخوض آخر حروبها الديموغرافية بعد استنفاد الخيارات، كما أن العالم يشهد انهياراً أخلاقياً غير مسبوق في التعامل مع الجرائم، فيما يؤكد دياب أن التاريخ لن يسامح المتواطئين، خاصة أن الأدلة على الإبادة أصبحت "معلنة على الملأ".
ويقول دياب: "ما يحدث في غزة ليس مجرد حرب، بل اختبار حقيقي لضمير الإنسانية، والأطفال هم ورقة المؤشر التي تُظهر فشل الجميع".
شهادة دامغة على انهيار منظومة القيم الدولية
الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع يقول إن ما يتعرض له أطفال غزة لا يمكن اعتباره مجرد وصف عاطفي لحالة إنسانية مأساوية، بل هو "شهادة دامغة على انهيار منظومة القيم الدولية"، مشيرًا إلى أن "المجزرة المفتوحة بحق الأطفال الفلسطينيين تُعد إعلانًا صريحًا بفشل العالم في أهم اختبار أخلاقي وإنساني وهو حماية الطفولة".
ويرى مناع أن تصريحات بعض المسؤولين الأمميين، الذين وصفوا ما جرى بأنه "غير مسبوق في التاريخ الحديث"، تؤكد – بشكل غير مباشر – أن المؤسسات الدولية أصبحت تكتفي بالمشاهدة دون أن تبادر إلى أي تحرك حقيقي، وهو ما يعكس – برأيه – عجزًا مزدوجًا: عجز عن وقف الجرائم، وعجز عن فرض القانون الدولي الذي بدا انتقائيًا في تعاطيه مع الدم الفلسطيني.
قتل الأطفال على خلفية أيديولوجية متجذرة
ويؤكد مناع أن ما يجري من استهداف للأطفال لم يكن نتيجة أخطاء عسكرية أو ما يُعرف بـ"الأضرار الجانبية"، بل هو نتيجة خلفية أيديولوجية متجذرة في بعض التيارات داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، التي تنظر إلى الطفل الفلسطيني كـ"عدو مؤجل"، معتبرًا أن "قتل البذرة" هو الضمانة لاستمرار السيطرة في المستقبل.
ويؤكد مناع أن هذا النهج يعكس رغبة إسرائيلية واضحة في "تحطيم المجتمع الفلسطيني نفسيًا"، من خلال توجيه الضربات لأضعف حلقاته، ألا وهي الطفولة.
ويقول مناع: "الانتقام من الأطفال ليس فقط سلاحًا عسكريًا، بل هو أيضًا سلاح نفسي يراد به غرس اليأس في النفوس وقتل أي أمل في الغد".
ويعتقد مناع أن الأخطر في هذه الجرائم هو "الصمت الدولي"، الذي يرسل رسالة ضمنية بأن "الدم الفلسطيني مستباح، وأن الإفلات من العقاب بات هو القاعدة".
شارك برأيك
محرقة غزة تلتهم أكثر من 18 ألف طفل... العالم يفشل في أهم اختبار أخلاقي وإنساني