التفكجي لـ(ے): أداة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية وتقويض فرص حل الدولتين والاقتصاد والنسيج الاجتماعي والجغرافي... الاحتلال يقر مشروع "نسيج الحياة" للربط والتوسع الاستيطاني
أقرت الحكومة الإسرائيلية المصغرة الاحد فجر عيد الفطر السعيد تنفيذ مشروع الطريق الاستيطاني "نسيج الحياة" الذي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها عبر نفق شرق القدس المحتلة ويضم مساحات واسعة في وسط الضفة والغور.
وقالت حكومة الاحتلال على لسان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئل سموتريتش:" إن المشروع يهدف إلى تحسين البنية التحتية للمستوطنات الإسرائيلية وربطها ببعضها البعض".
لكنه في الواقع يعزز الضم الفعلي للمستوطنات المحيطة بالقدس ضمن مفهوم (القدس الكبرى) الصهيوني ويفرض قيودًا أكبر على الفلسطينيين ويحرمهم من مناطق واسعة من الضفة الغربية وخاصة مناطق (ب وج ) وفق اتفاق -اوسلو.
خبير الاستيطان خليل التفكجي قال لـ (القدس ) إن المشروع يجري تنفيذه على مقاطع وحلقات متسلسلة، وهذا الجزء من المشروع هو الحلقة الأخيرة في فصل الفلسطينيين عن منطقة الغور وبادية القدس الشمالية والجنوبية وهو مقدمة لتنفيذ المشروع الاستيطاني (أي ١) بوابة القدس الشرقية لإغلاق القدس عن الضفة الغربية في الدائرة الأخيرة.
ولفت التفكجي الى أبرز مخاطر هذا الطريق او النفق الذي سيصل شمال الضفة بجنوبها دون دخول القدس المحتلة ودون قطع تواصل البؤر والمستوطنات في شرق المدنية والغور والذي يفصل الضفة عن بادية القدس في وسط الضفة ويكرس الوجود الفلسطيني في كتلتين منفصلتين في الجنوب والشمال دون أي تواصل جغرافي إلا عبر هذا النفق الذي يسيطر عليه الاحتلال والمستوطنون.
وقال التفكجي :”إن أبرز أهداف ومخاطر هذا النفق الذي يمثل عنق الزجاجة بالنسبة للفلسطينيين هي:
1. تعزيز الضم الفعلي للضفة الغربية: المشروع يشمل بناء طرق أنفاق وجسور تهدف إلى ربط المستوطنات اليهودية بمعزل عن التجمعات الفلسطينية، مما يعمّق سيطرة الاحتلال على المنطقة. ويساهم في فصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض ويعزز تقسيم الضفة الغربية إلى كنتونات معزولة.
2. تكريس نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد): يتيح للفلسطينيين استخدام طرق محددة مختلفة عن الطرق المخصصة للمستوطنين، مما يعمّق سياسة الفصل ويؤكد وجود نظام عنصري في التنقل.
يؤدي إلى حرمان الفلسطينيين من حرية الحركة والتنقل داخل أراضيهم، مما يضر بالحياة الاقتصادية والاجتماعية.
3. توسيع المستوطنات وشرعنتها: المشروع يهدف إلى تهيئة بنية تحتية متطورة للمستوطنات، مما يسهل توسيعها واستقطاب مزيد من المستوطنين، وصولاً لمشروع مليون مستوطن في الضفة في العام ٢٠٣٠. ويساهم في شرعنة المستوطنات غير القانونية من خلال ربطها بشبكة طرق إسرائيلية متكاملة.
4. تدمير البيئة الفلسطينية: يتطلب تنفيذ المشروع مصادرة مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، ما يؤدي إلى اقتلاع الأشجار، تجريف الأراضي الزراعية، وهدم المنازل. يهدد موارد المياه الفلسطينية، حيث يعرّض مصادر المياه الجوفية للاستغلال الإسرائيلي.
5. خنق الاقتصاد الفلسطيني: يعيق حركة البضائع والتجارة الداخلية بين المدن الفلسطينية، مما يضر بالقطاعات الاقتصادية مثل الزراعة والصناعة. يعزز تبعية الفلسطينيين للاقتصاد الإسرائيلي من خلال تقليص قدرتهم على التنقل بحرية بين مراكز الإنتاج والتوزيع.
6. تعقيد حل الدولتين، عبر تكريس تقطيع الضفة الى كنتونات وكتل سكانية غير مترابطة، من خلال فرض وقائع جديدة على الأرض، يصبح من الصعب الحديث عن إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا. ويعزز فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، مما يضعف أي إمكانية مستقبلية للمفاوضات.
وأوضح التفكجي ان مشروع "نسيج الحياة" ليس مجرد تطوير للبنية التحتية، بل هو أداة استعمارية جديدة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية وتقويض فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة. يؤثر بشكل مباشر على حياة الفلسطينيين عبر زيادة العزل، التوسع الاستيطاني، وتدمير الاقتصاد، مما يجعله تهديدًا استراتيجيًا طويل الأمد.
من جانبه، استعرض الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص تداعيات البناء بـ"طريق نسيج الحياة" المخصص للفلسطينيين حصراً وقال :"هو نفق تحت الأرض مخصص للفلسطينيين فقط يبدأ من جنوب العيزرية ويمتد حتى شمال بلدة الزعيّم، بحيث يقتصر مرور الفلسطينيين بين الأجزاء الجنوبية والشمالية للضفة الغربية على هذا النفق حصراً، ومنع مرورهم بالتالي من طريق بيت لحم-رام الله الحالي الذي يصل إلى الشارع رقم 1 عند مفترق مستوطنة "معاليه أدوميم". مضيفاً “وقد دعم إقرار هذا الطريق في المراحل الأولى نفتالي بينيت زعيم حزب "البيت اليهودي" الذي كان يشكل ائتلافاً لقوى الصهيونية الدينية إبان توليه وزارة الحرب في حكومة نتنياهو عام 2020، والمقترح أن يتم تمويله بالكامل من أموال المقاصة المصادرة من السلطة الفلسطينية علماً بأن كلفته هي 92 مليون دولار.
وأوضح بحيص: "سمي بطريق "نسيج الحياة" لأن الجيش الإسرائيلي يحاول تسويقه كطريق يعزز "نمط حياة الفلسطينيين" ويشكل "نسيج حياة" بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، بينما الهدف الفعلي من بنائه هو نقيض ذلك تماماً عبر السماح بالتواصل المباشر بين المستوطنات الإسرائيلية ورفع الحواجز الأمنية عن الطرقات التي تربطها وتخصيصها للإسرائيليين حصراً.
واوضح بحيص أن هذا الطريق سيقضم مئات الدونمات من الأراضي الفلسطينية، وبناؤه يتطلب هدم منشآت في بلدات العيزرية المصنفة "مناطق ب " وفق اتفاق أوسلو، والمفترض وفق الاتفاق أن يكون تنظيم البناء والسكن فيها من صلاحيات السلطة الفلسطينية.
ويذكر أنه وفق اتفاق أوسلو ومن بعده اتفاقية وأي ريفر فإن الضفة الغربية يفترض أن تقسم إلى ثلاث مناطق: الأولى (أ) وتشكل 18% منها وتكون الصلاحيات الأمنية والإدارية للسلطة. والثانية (ب) وتشكل 21% من الضفة وتكون الصلاحيات الإدارية فيها للسلطة والأمنية مشتركة، والثالثة (ج) وهي خارج صلاحيات السلطة الفلسطينية تماماً وتشكل 61% من الضفة.
وذكر بحيص :"للتمهيد لتأسيس هذا الطريق ولضم كتلة "أدوميم" الاستيطانية فقد سبق للحكومة الإسرائيلية في شهر حزيران-2024 أن سحبت صلاحيات البناء والتنظيم في برية القدس من السلطة الفلسطينية، لتزيل بذلك صلاحيتها عما يقارب 3% من مساحة المناطق (ب) من الضفة وتنقلها لجيش الاحتلال عبر "الإدارة المدنية"، أي أن صلاحيات السلطة بشقيها (أ) و(ب) باتت تمتد على 2,110 كيلومتر مربع أي ما يشكل 7.8% من مساحة فلسطين الأصلية، مقطعة الأوصال بنحو 700 حاجز.
خطوة تبني على سابقتها: ينقسم طريق "نسيج الحياة" فعلياً إلى شقين: الأول شمالي وقد أنجز بالفعل ما بين عامي 2017-2020، والحالي الجنوبي الذي أحيل للتنفيذ الآن، والشق الشمالي يصل ما بين بلدتي الزعيّم وعناتا شمالاً، ويتكون من طريقين متوازيين يفصل بينهما الجدار، الأول للفلسطينيين ويسمح بالمرور من الزعيّم إلى عناتا ثم مواصلة الطريق شمالاً نحو رام الله، والثاني للإسرائيليين ويوفر مدخلاً شمالياً إلى القدس يربطها بكتلة "أدوميم" الاستيطانية.
وختم بالقول :"إذا ما اكتمل العمل بهذا الجزء المكون من نفق تحت الأرض فسيجري وصله بالمقطع الشمالي الملاصق للجدار، بحيث يصبح الطريق الوحيد المخصص للفلسطينيين بين شمال الضفة وجنوبها، بينما تصبح طرقات المستوطنين التي تربطهم بالقدس خالية من الحواجز".
شارك برأيك
الاحتلال يقر مشروع "نسيج الحياة" للربط والتوسع الاستيطاني