منذ تسلّمه مهامه كمبعوث خاص لترمب في الشرق الأوسط، بدأ ستيف ويتكوف، رجل القانون والعلوم السياسية المنحدر من عائلة يهودية، أولى خطواته في العمل الدبلوماسي من بوابة المفاوضات على وقف إطلاق النار في غزة، وقد سجّل نجاحاً لم يستطع تسجيله الأوائل، الذين بدا عليهم الارتباك، وأعمت عيونهم نزعة الانحياز حد الشراكة في حرب الإبادة، التي كان بالإمكان وقفها، وإطلاق سراح جميع المحتجزين منذ أشهرها الأولى، لو غلب حسن النيّة سوء الطويّة، كما جاء في تصريحات رئيس الشاباك السابق.
يعود الرجل اليوم في جولات مماثلة، لإعادة الاتفاق الذي أبرمه إلى السكة، بعد أن انقلب نتنياهو عليه، نزولاً عند ابتزاز شركائه، الذين يتوعدونه بالانفضاض عنه، وعدم تمرير الميزانية في الخامس والسادس والعشرين من الشهر الجاري.على عكس الصورة الموضوعية التي بدا فيها خلال الجولة الأولى من المفاوضات، وتجاوزه لمراوغات "الثعلب" الذي تذرع بـ"السبت" لتأخير حضوره لإتمام وقف إطلاق النار، فقد بدا ويتكوف هذه الأيام، كما لو أنه ينقلب على نفسه بعد إطاحة زميله بوهلر لتغليبه مصلحة بلاده على نزوات إسرائيل، وراح ويتكوف يجامل نتنياهو ويسايره في تراجعه، وهو يعرف خداعه وكذبه، للتملص من استحقاق المرحلة الثانية. قد ينتظر ويتكوف حتى نهاية الشهر الجاري، لتمرر الميزانية ويصبح نتنياهو متحللاً من ابتزاز شركائه، ويغدو قابلاً للضغط والتطويع، ليتمم الاتفاق الذي كان له الدور الأكبر في إنجازه، "فهو ليس دبلوماسياً تقليدياً، ولا يهتم بالبروتوكولات، بل يسعى لتحقيق النتائج بسرعة"، كما يقول مقربون منه.
ما كشفه أسامة حمدان أمس حول مقترح ويتكوف الجديد لا يبعث على الاطمئنان ومن شأن الإصرار عليه أن يهدد حياة المحتجزين ويفاقم معاناة الغزيين الذين يأكلون حشاش الأرض لسد جوعهم جراء الحصار الشديد المفروض عليهم. من الآن وحتى موعد تمرير الميزانية، ستعيش غزة أياماً عصيبة في ضوء تصاعد عمليات القتل والقصف اليومية لتجمعات النازحين في المنازل والأسواق ومراكز الإيواء في المناطق التي عادوا إليها.
شارك برأيك
ويتكوف إذ ينقلب على نفسه!