لم يَعدم المحتلون وسيلة، ولا تركوا سبيلاً إلا وسلكوه، لإشباع نزعة الانتقام التي تتلبّسهم، حتى أن علاماتها حادة على وجوههم، من شدّة غيظهم، وعظيم كيدهم، وتربّصهم لتنفيذ ما تسوّل لهم أنفسهم من شرور، تعجز الشياطين عن مجاراتهم في سوء أفعالهم.
تفنن جيش الإبادة في تجريب كل أشكال التقتيل والتدمير والترويع بحق أهلنا في غزة، بيد أن قطع الماء وإمدادات الغذاء، والوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء المنتجة للحياة في الخيام، وما تبقى من مبانٍ ومستشفيات، منذ أحد عشر يوماً، يشكل امتداداً جهنمياً للإبادة التي بدأت قبل ستة عشر شهراً، وتجري الآن بتؤدة لقطع شريان الحياة، ودفع الناس إلى الهجرة طوعاً أو قسراً.
ورد في الذكر الحكيم ما يحثّ المؤمنين على قيم الإيثار، والإكثار من إطعام الطعام، "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا".
وقد حث المصطفى، صلوات الله وسلامه عليه، على أن تظل ممكنات الحياة بمنأى عن الاستحواذ والاحتكار، فالناس شركاء في ثلاث، "الماء والكلأ والنار".
لكن المحتلين المستعمرين يستخدمون قطع وسائل الحياة التي يتشارك فيها الناس جميعاً، وسيلة للإبادة والتطهير العرقي، تطبيقاً لما جاء في وصية أحد قادة العصابات الصهيونية في تعاملهم مع القرى والبلدات الفلسطينية عشية النكبة الأولى: "إذا قطعنا عنهم الماء، فإن البساتين سوف تصفرّ، والأزهار سوف تذبل".
تلكم هي العقيدة التي ورثها أحفاد عصابات شتيرن وليحي والهاغانا، والذين يعيدون اليوم إنتاجها على نحو يفوق ما فعله آباؤهم المؤسسون الذين يملكون براءة اختراعها.
شارك برأيك
الموت جوعاً وعطشاً وبرداً !