أقلام وأراء
الجمعة 28 فبراير 2025 8:42 صباحًا - بتوقيت القدس
المطلوب إعادة هندسة العلاقات والمواقف
د. مهند أبو شمة
منذ إعلان الاستقلال الوطني الفلسطيني في عام 1988 مرّت القضية الفلسطينية بمنعطفات متعددة، منها اتفاقية أوسلو التي نتج عنها قيام السلطة الفلسطينية تمهيداً للحل الدائم، تلا ذلك إعلان الدولة الفلسطينية التي اعترف بها العالم ولا زالت ترزح تحت نير الاحتلال. ورغم ذلك تمسكت منظمة التحرير بخيار حل الدولتين، وعملت السلطة الوطنية الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير لترسيخ أركان وسيادة الدولة، وفي المقابل عمل الكيان المحتل ولا زال على افتعال الأزمات، والتنصل من التزاماته الدولية سياسية كانت أم اقتصادية، وعمد إلى سلب الأرض وقرصنة الأموال، بهدف تقويض الدولة الفلسطينية والوجود الفلسطيني ، وجاءت أحداث السابع من أكتوبر ليستغلها الكيان المحتل ولتفتح شهيتة لتنفيذ أجندته ومخططاته الصهيونية التوراتية الممنهجة، وتصريحات قادتهم المتوالية دون خجل أو ورع تُفصح وتؤكد أطماعهم ومشاريعم التوسعية، التصفوية على مرأى ومسمع العالم كله، فكل ما يحدث ليس بالغريب على سلوك هكذا محتل، فالاحتلال يقوم على مبدأ افتعال وخلق الأزمات لإشغال الفلسطينيين والمحيط والعالم بها، بينما تقوم آلة الحرب الصهيوأمريكية بتنفيذ الأجندة السياسية العقائدية الوجودية، وسرقة الأرض والمقدرات وكل ما هو فلسطيني.
وبعد إعلان الهدنة في جناح الوطن المكلوم "قطاعنا الحبيب"، بدأ الاحتلال بالتزامن في تطبيق أجندته في المحافظات الشمالية، بدءاً بمخيم جنين وانتقالاً لمخيمات محافظة طولكرم، ومخيم الفارعة ولربما امتدادها لباقي مخيمات الضفة الغربية .
وإذا ما توقفنا عند كل هذه الأحداث والتصريحات، يصبح لزاماً علينا مصارحة الذات، ومكاشفة أنفسنا، وتغيير منهجيتنا التي عشناها في الحقبة السابقة المبنية على إدارة الأزمة، فالاحتلال بدوره وضمن أجندته افتعال أزمات لتحقيق أهدافه الاستراتيجية، ووجوده تاريخياً قائم على الأزمات وافتعالها، واليمين المتطرف الذي يظهر ويصرح عن البرامج الصهيونية التوراتية ليس أسوأ من أحزاب اليسار أو الأحزاب المعتدلة في دولة الكيان، فالرهان على كائن من كان ضمن مكونات الكيان الصهيوني مضيعة للوقت، وجريٌ وراء سراب، ولا يجلب سوى المزيد من الحصار، ومزيد من الانتهاكات والابتزاز لتحقيق مزيد من المكاسب على الارض، وتوسيع مساحات الاستيطان، وممارسة الضغط والانتهاكات في شتى المجالات غير آبهين بمن كان، وإن وعد ترامب المشؤوم بتهجير الفلسطينيين من أرضهم في قطاع غزة وفي الضفة الغربية ما هو إلا برنامج صهيوني تمت صياغته في أروقة وكواليس الدولة الصهيونية العميقة، فما يحدث وما نشاهده أننا محاصرون من كافة النواحي؛ السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والصحية، وحرية الحركة اليومية، ولعل من نافلة القول إن تركيز الهجمات الصهيونية على المخيمات الفلسطينية في المحافظات الشمالية لشرعيتها ورمزيتها، ما هو الا ترجمة حقيقية للوعد الترامبي بتهجير أهلنا في القطاع والضفة الغربية ومشروع الضم الصهيوأمريكي، وتأتي الهجمة الممنهجة ضد وكالة الغوث الأونروا بالدليل القاطع على استمرار الكيان الإسرائيلي في وأد حق العودة، وطمس كل دليلٍ على جرائمه المستمرة، وتنصله من كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية .
لقد خلق السابع من أكتوبر واقعاً جديداً في فلسطين، وفي الإقليم، وفي العالم، والتحولات الجيوسياسية التي نشهدها اليوم تتطلب منا أن نكون كفلسطينيين مبادرين، وأصحاب رؤية تحاكي متطلبات الواقع الفلسطيني، وقادرين على تسويقها في المحافل الإقليمية والدولية، وأن نكون جاهزين للتعامل مع المستجدات، وإحداث التغيير، وهو ما لن يتحقق إلا بإعادة هندسة بيتنا وإعادة صياغة العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، والفلسطينية العربية والإسلامية، والفلسطينية العالمية، وأهمها إعادة صياغة الموقف الفلسطيني الموحد المبني على الندية، وعلى الجاهزية للمبادرة في إحداث الأزمة للآخرين، لا أن نكون متلقين للضربات وللإزمات التي يُصدّرها لنا الكيان الصهيوني، فمكمن قوتنا هو الشرعية الدولية، فالسلطة الفلسطينية نتاج اتفاقيات دولية، وهذه الورقة لم نقم باستخدامها أو حتى التلويح بها، فليكن الحصار الاقتصادي وقرصنة الأموال، وما يقوم به الكيان من انتهاكات ومن شرعنة نكث الاتفاقات وسلب الأرض من خلال نهج حكومتهم ووزرائهم وتطاولهم مبرراَ قوياً لنا في رفع تكلفة فاتورة الاحتلال على كيانهم وخلق أزمات سياسية، واقتصادية، وديموغرافية لهم، فليس المطلوب أن نبقى الحريصين على اتفاقيات لم يتم الالتزام بها، وليس المطلوب أن تكون مقدرات الشعب الفلسطيني موظفّة لخدمة مصالح الكيان، وليس المطلوب أن نكون دولة بلا سيادة، ولا سلطة دون سيطرة، ولا اقتصاد بلا موارد، فهناك العديد من أوراق الضغط إذا ما أٌحسن استخدامها واستثمارها !
أحوج ما نكون اليوم لإعادة هندسة البيت الفلسطيني فهي المحرك الرئيس لإعادة هندسة العلاقات، والقرارات، فالهدف الجمعي الفلسطيني هو طي صفحة التشرذم، والانقسام، وإعادة هندسة أنفسنا، وترتيب بيتنا الداخلي لمواصلة طريقنا نحو بناء الدولة الفلسطينية المستقلة، ثمرة تضحيات الجميع، وبعيداً عن شكل ولون الفصيل الفلسطيني الذي سيحكم الدولة المنشودة، فوحدتنا كفلسطينيين ستعيد تصويب البوصلة نحو الوحدة العربية والإسلامية، فالإقليم والعالم لم يكونوا مهيئين أكثر من اليوم للتعامل والتفاعل مع المولود الفلسطيني الشرعي بالصورة التي تليق بنا كفلسطينيين، ولم تكن الشعوب والحكومات في دول الإقليم أكثر وعياً وإدراكاً لحجم الخطر الصهيوأمريكي المتطرف المعبّر وبكل صراحه ووقاحة عن أطماعهم في الأرض والثروات، والشهوة للتهجير والتوسع الجغرافي على مستوى الإقليم، ولم تكن الحقيقة راسخة كما اليوم أن صمود الفلسطيني على أرضه، يشكّل خط الدفاع الأول عن مصالح الدول العربية كافة، وهذه نقطة قوة لنا تحتاج لإعادة هندستها، ولنكن نحن عنواناً للحل لا للعقدة !
إن عدم إعادة هندسة أنفسنا وبيتنا وعلاقاتنا يعطّل قدرتنا على مواجهة التحديات، فالخطر داهم وقادم، وستكون القضية الفلسطينية في خطر. لذا فإن أول المطلوب إعادة هندسة المدخلات لتعكس ذاتها على هندسة المخرجات، ودون ذلك، ستتواصل حالة الانكفاء والشعور بالعجز، فهلّا بادرنا لامتلاك زمام المبادرة لإعادة البوصلة لمشروعنا الوطني في ظل تحديات كبيرة وواقع معقّد تواجهه الشرعية الفلسطينية، والتي هي العنوان لنقل الرسالة للعالم بأننا جديرون بدولة مستقلة، قد يعيق الاحتلال الوصول إليها آنيا إلا أنه على المدى البعيد نجد أننا قادرون على لملمة ما تناثر من أوراق العلاقات متعددة الأبعاد، والانطلاق في صياغة معالم التحول المنشود؛ شكلاً ومضموناً.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
قمباز... أبو شاويش
عمر رحال
القمة العربية هي تعبير عن تحولات النظام العربي الجديد
محمد المصري
التكيف مع السياسات الأمريكية لن يحمي أحداً من تداعياتها المستقبلية
مروان إميل طوباسي
الإدارة الأمريكية على يمين الحكومة الإسرائيلية
أحمد رفيق عوض
صمود فلسطين بدعم عربي
حمادة فراعنة
قمباز.... أبو شاويش
د. عمر رحال
صفقة وقف إطلاق النار أو إطلاق سراح الرهائن: استراتيجية للمماطلة والضم وتوسيع المستوطنات وإنهاء حل...
دلال صائب عريقات
مفاجأة أوجلان.. هل تثبط استراتيجية إسرائيل
جودت مناع
فلسطين أمام وعدي بلفـور وترامـب!
نبهان خريشة
ترامب التهم زيلنسكي مباشرة على الهواء
راسم عبيدات
فشل مفاوضات المرحلة الثانية لحرب غزة
حمادة فراعنة
مشادة القرن!
ابراهيم ملحم
لا للسجن والسجّان
حديث القدس
تقدير موقف...المطلوب من حركة "حماس" لاستعادة توازن الشعب الفلسطيني وتقليص الأعباء
المحافظون يتصدرون واليسار يتراجع.. مشهد سياسي جديد في ألمانيا!
من التحديات إلى الفرص.. جدلية الفقد والتكوين في معالجة الفاقد التعليمي
ثروت زيد الكيلاني
محاولة (1) .. في البحث عن وسيلة للخروج من عنق الزجاجة
د. غسان عبد الله
من يحرر القلوب الثكلى من أحزانها؟!
ابراهيم ملحم
تبادل من دون تفاؤل
حديث القدس
البرد يقتل الأطفال موتًا ويقتلنا عجزًا
بهاء رحال
الأكثر تعليقاً
الشيخ يبحث مع وزير الخارجية السعودي التحضيرات للقمة العربية الطارئة في القاهرة

وكالة بيت مال القدس تطلق حملتها السنوية لشهر رمضان من قرية النبي صموئيل بالقدس

مشادة ترمب- زيلينسكي.. نهج جديد في الدبلوماسية الخشنة
تلاسن بين ترامب وزيلينسكي ينسف اجتماعهما والأخير يغادر البيت الأبيض
ترمب يستدعي الذكاء الاصطناعي ...أحلام التهجير تتراءى في "فيديو" قصير!
نتنياهو يعقد مشاورات الليلة مع عودة فريق المفاوضات من القاهرة

خطة إسرائيلية لإدارة قطاع غزة تثير شكوكا بشأن الانسحاب العسكري
الأكثر قراءة
فنان مسرحي ومدفعجي رمضان... رجائي صندوقة .. صوت هادر على تلة القدس العالية
نتنياهو يعقد مشاورات الليلة مع عودة فريق المفاوضات من القاهرة

قرب نفاد احتياطيات إسرائيل من الغاز يكشف عن مطامعها بغاز غزة

كاتس: نُسرِّع إنشاء مكتب لتهجير غزة ولن نغادر مخيم جنين قبل عام
وسط معاناة شديدة.. أهالي جنين ومخيمها يستقبلون رمضان مشردين نازحين
ترمب يستدعي الذكاء الاصطناعي ...أحلام التهجير تتراءى في "فيديو" قصير!
الرئيس يصدر قرارا بتعيين اللواء العبد إبراهيم خليل قائدا لقوات الأمن الوطني


أسعار العملات
الإثنين 03 مارس 2025 2:04 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.6
شراء 3.58
دينار / شيكل
بيع 5.07
شراء 5.05
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 746)
شارك برأيك
المطلوب إعادة هندسة العلاقات والمواقف