فلسطين
السّبت 15 فبراير 2025 9:39 صباحًا - بتوقيت القدس
لا سلام بدون حل الدولتين…الموقف السعودي حائط الصد القوي
رام الله "القدس" دوت كوم-مهند ياسين
د. محمود الهباش: الموقف السعودي الرافض للتطبيع مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية حجر زاوية في تقوية الموقف الفلسطيني
د. أحمد جميل عزم: الموقف السعودي سيكون له تأثير مهم خاصة إذا تبلور ضمن موقف عربي والقمة العربية المرتقبة ستكون محطة مفصلية
هاني المصري: السعودية قوة إقليمية محورية تتمتع بثقل اقتصادي وسياسي وديني وهو ما يجعل مواقفها ذات تأثير كبير دولياً
د. عمر عوض الله: السعودية أثبتت مرة أخرى أنها قوة إقليمية تقود المواقف العربية والإسلامية وترسّخ مبدأ الدفاع عن فلسطين كقضية مركزية
أكد قادة فلسطينيون، ومحللون سياسيون، وأكاديميون أن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني هو العامل الأساسي في إحداث تحول حقيقي في خريطة الصراع، وليس فقط الموقف السعودي أو العربي. فاستعادة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها، وتوحيد الصف الفلسطيني ضمن قيادة جماعية، وتبني استراتيجية وطنية واضحة لمواجهة الاحتلال، تعد المفتاح الأساسي لأي تغيير استراتيجي، حيث أن غياب الفعل الفلسطيني سيؤدي إلى تكريس الأمر الواقع الإسرائيلي.
في الوقت ذاته، تبرز المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية فاعلة لها تأثير كبير في دعم القضية الفلسطينية سياسيًا ودبلوماسيًا، حيث أن موقفها الصلب في رفض التطبيع دون إقامة دولة فلسطينية، ورفض مخططات التهجير، يعزز الموقف العربي والدولي، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في التصدي للمخططات الإسرائيلية. ومع ذلك، فإن نجاح أي جهد عربي أو دولي مرهون بالتحرك الفلسطيني الداخلي الفاعل، لضمان استثمار الدعم السعودي والعربي في تحقيق نتائج ملموسة على الأرض.
دعم استراتيجي للقضية الفلسطينية
وقال الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في حديث خاص لـ "القدس" إن الموقف السعودي الرافض للتطبيع مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة يمثل حجر زاوية في تعزيز الموقف العربي وتقوية الموقف الفلسطيني في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية. وأوضح أن السعودية ليست دولة هامشية، بل هي "دولة محورية في المنظومة العربية والإسلامية والإقليمية والدولية"، مما يجعل موقفها ذا تأثير عميق في تحديد مسار القضية الفلسطينية على المستويين العربي والدولي.
وأضاف الهباش أن ثبات الموقف السعودي ووضوحه يشكل مصدر قوة للفلسطينيين، خاصة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث شدد على أن المملكة "ترفض أي شكل من أشكال العلاقة مع إسرائيل ما لم يكن ذلك من خلال حل سياسي عادل وفق قرارات الشرعية الدولية، يضمن إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، دولة متصلة وقابلة للحياة، خالية من الاحتلال والاستيطان."
التصدي لمحاولات التهجير وتعزيز الصمود الفلسطيني
وفيما يتعلق بالدعوات الإسرائيلية المتطرفة الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين، شدد الهباش على أهمية اتخاذ خطوات عملية على الصعيد الفلسطيني لمواجهة هذه التحديات، مشيرًا إلى أن أولى هذه الخطوات هي "عودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى قطاع غزة، مما يبعث برسالة واضحة بأن الأرض الفلسطينية واحدة، تحت قيادة سياسية واحدة، ضمن دولة واحدة وإقليم سياسي موحد."
وأوضح أن "تعزيز صمود المواطنين في قطاع غزة والضفة الغربية هو المفتاح لمواجهة أي محاولات لترحيل الفلسطينيين عن أرضهم"، مؤكدًا أن هذا الصمود يجب أن يكون مدعومًا بمقومات الحياة الأساسية، من مأكل ومشرب ومأوى، لضمان شعور الفلسطينيين بأنهم يستطيعون البقاء في أرضهم بدعم عربي واضح.
وأشار إلى أن الموقف العربي الموحد هو أحد أهم عوامل إفشال مخطط التهجير، حيث أكد أن "المواقف التي عبر عنها جلالة الملك عبد الله الثاني، والرئيس عبد الفتاح السيسي، والموقف السعودي الرسمي جاءت جميعها برفض قاطع لأي محاولة لترحيل الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم"، مشدداً على أن هذا التماسك العربي، الذي يتناغم بشكل كامل مع الثبات الفلسطيني، يشكل جدارًا قويًا في مواجهة هذه المخططات، وأضاف "نحن على يقين بأننا نستطيع إفشال هذا المخطط، وسوف نفشله كما أفشلنا غيره من محاولات تصفية القضية الفلسطينية."
استثمار الدعم السعودي في الحراك الدولي
أما فيما يتعلق باستثمار الموقف السعودي على المستوى الدولي، أكد الهباش أن "الموقف الدولي يرتكز في جوهره على الموقف العربي، مما يجعل الموقف العربي الموحد قوة دافعة في المحافل الدولية لدعم حقوق الفلسطينيين"، وأوضح أن التحركات الفلسطينية في المنظمات الدولية تعتمد على المساندة العربية، قائلاً: "نحن نتحرك تحركًا فلسطينيًا خالصًا، ولكننا أيضًا نتحرك ضمن إطار تحرك فلسطيني عربي جماعي، لأن الموقف العربي الثابت هو ركيزة للموقف الدولي، ونحن بالتأكيد نستفيد منه في حشد دعم دولي لقضيتنا ورؤيتنا القائمة على الشرعية الدولية."
وفي ختام حديثه، أكد الهباش أن "الموقف السعودي يمثل فرصة استراتيجية يجب البناء عليها فلسطينيًا وعربيًا لمواجهة التحديات الراهنة"، مشددًا على أن الوحدة الفلسطينية والتماسك العربي هما السبيل الوحيد لإفشال محاولات فرض حلول قسرية تتجاهل الحقوق الفلسطينية المشروعة.
ترتيب البيت الفلسطيني هو مفتاح التحول الحقيقي في الصراع
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية د. أحمد جميل عزم إن التحول الحقيقي في خريطة الصراع لن يكون ناتجًا عن موقف سعودي أو عربي بقدر ما هو مرهون بالفعل الفلسطيني الداخلي وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني.
وأكّد عزم أن "المتغير الأساسي الذي قد يعيد رسم معادلة الصراع هو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، واستعادة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها الأساسي، وعودة الحركة الوطنية الفلسطينية للقيام بدورها الطبيعي".
وشدد على أن "غياب القيادة الجماعية وتجميد طاقات الشعب الفلسطيني لن يؤدي إلى أي تحول، بل سيُبقي الفلسطينيين بين حالتين: إما مراوحة المكان وإضاعة الفرص، أو الاستسلام لأمر واقع إسرائيلي متدهور".
وأضاف: "الأمر الواقع الإسرائيلي لا ينتظر أحدًا، فإذا لم يقم الفلسطينيون بالمقاومة، ولم يكن هناك عمل وطني منظم، فإن الجانب الإسرائيلي لن يتوقف عن فرض وقائع جديدة على الأرض"، مؤكدًا أن "الاكتفاء بدور حفظ الأمن والتكيف مع السياسات الإسرائيلية دون وجود خطة وطنية واضحة لمواجهة الاحتلال سيكون أمرًا مدمرًا".
الموقف السعودي.. جذوره وأبعاده بعد 7 أكتوبر
وحول أسباب الموقف السعودي الرافض للتطبيع دون حل عادل للقضية الفلسطينية، أشار عزم إلى أن هذا الموقف ليس جديدًا، بل يعود إلى ما قبل أحداث 7 أكتوبر، حيث كانت هناك مساعٍ للوصول إلى مجموعة تفاهمات إقليمية لم تكن في جوهرها سعودية – إسرائيلية، بل كانت تدور حول اتفاقية دفاع مشترك بين السعودية والولايات المتحدة.
وأوضح عزم "قبل 7 أكتوبر، لم يكن الحديث عن اتفاق تطبيع سعودي – إسرائيلي، بل عن إعادة ترتيب العلاقات الأميركية – السعودية، حيث كان هناك حديث عن توقيع مواثيق واتفاقيات بين البلدين، وكان تمريرها في الكونغرس يتطلب موافقة اللوبي الإسرائيلي، لذلك لم يكن التطبيع هدفًا بحد ذاته، بل كان وسيلة لتسهيل هذه العملية، إلا أن الطرف السعودي كان يشترط حلًا يرضي الفلسطينيين قبل المضي في أي تفاهمات".
وأضاف "لكن أحداث 7 أكتوبر أوقفت هذه المساعي وأعادت ترتيب الأولويات، كما جاء وصول ترمب ليحدث تحولًا آخر في المشهد. ففي الوقت الذي كان بايدن يسعى لطرح تصور جديد لإعادة ترتيب العلاقات السعودية – الأميركية، عبر مبادرات مثل "الممر الأخضر" الذي كان من المفترض أن يربط الهند بأوروبا مرورًا بالخليج وإسرائيل، فإن ترمب "لا يحمل تصورًا استراتيجيًا متكاملًا للمنطقة، بل يفضل التعامل مع كل دولة بشكل فردي".
الموقف السعودي وتأثيره المحتمل في مواجهة خطة ترمب
وحول تأثير الموقف السعودي في مواجهة التوجهات الأميركية والإسرائيلية، يرى عزم أن "الموقف السعودي سيكون له تأثير مهم، خاصة إذا تبلور ضمن موقف عربي موحد يشمل مصر والأردن وقطر والإمارات"، مشيرًا إلى أن القمة العربية المرتقبة في 27 الشهر الجاري ستكون محطة مفصلية، مضيفاً بأنه "إذا خرجت القمة العربية بموقف موحد يرفض خطة ترمب بشكل قاطع، فإن ذلك سيكون خطوة كبيرة نحو وقف التدهور الحاصل في القضية الفلسطينية".
كما أشار إلى أن السعودية لعبت دورًا مهمًا إلى جانب الأردن ودول أخرى في دفع بعض الدول الأوروبية، مثل إسبانيا والنرويج، للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما يعكس الدور الذي يمكن أن تلعبه على المستوى الدبلوماسي والعلاقات الدولية في الضغط لصالح الحقوق الفلسطينية.
لكن على الرغم من أهمية هذا الدور، يشدد عزم على أن "المعضلة الأساسية لا تزال تكمن في الوضع على الأرض داخل قطاع غزة والضفة الغربية وباقي فلسطين، فبدون تحرك فلسطيني داخلي جاد، سيبقى أي موقف عربي أو دولي غير كافٍ لتحقيق تغيير حقيقي".
وأضاف: "الموقف السعودي والعربي يمكن أن يساعد في وقف التدهور، لكن الحل الجذري يبدأ من الداخل الفلسطيني. المطلوب اليوم هو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وتوحيد الصفوف، وتبني استراتيجية وطنية واضحة لمواجهة الاحتلال. بدون ذلك، سيظل الفلسطينيون في موقف رد الفعل بدلًا من أن يكونوا طرفًا فاعلًا في صياغة مستقبلهم السياسي".
الأولوية القصوى إعادة ترتيب البيت الفلسطيني
وفي ختام حديثه لـ"القدس"، أكد عزم أن أية تحولات على الساحة الإقليمية والدولية، مهما كانت مؤثرة، لن تكون كافية دون مبادرة فلسطينية حقيقية لإعادة ترتيب البيت الداخلي، وإعادة توحيد القيادة الفلسطينية ضمن منظمة التحرير، وتفعيل دور الفصائل في إطار وطني شامل".
ويرى عزم أن "التغيير الحقيقي لن يأتي من الخارج، بل من الداخل الفلسطيني. إذا لم يتوحد الفلسطينيون، ولم يتبنوا رؤية وطنية جامعة، فإن الاحتلال الإسرائيلي سيواصل فرض وقائعه، وستبقى الجهود العربية والدولية في إطار الحد من الأضرار، وليس إحداث تغيير استراتيجي لصالح الفلسطينيين".
الموقف السعودي يغيّر موازين الصراع ويمنح العرب فرصة استراتيجية
وتحدث مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، هاني المصري، لـ "القدس" عن الموقف السعودي الرافض للتطبيع مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ومعارضته لمخططات التهجير والضم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يشكل "نقطة تحول حاسمة في المعادلات الإقليمية والدولية".
وأوضح المصري أن "الرياض باتت أكثر قدرة على المناورة السياسية، وأقل اعتمادًا على الولايات المتحدة، مما منحها مساحة أوسع لاتخاذ قرارات تعكس استقلاليتها ومكانتها الإقليمية".
وأكد المصري أن التحولات الدولية والإقليمية لعبت دورًا جوهريًا في اتخاذ السعودية لهذا الموقف الصلب، موضحًاً أن "السعودية ليست مجرد دولة عادية، بل قوة إقليمية محورية تتمتع بثقل اقتصادي وسياسي وديني، وهو ما يجعل مواقفها ذات تأثير كبير على المستوى الدولي.
وأضاف: ما يُطرح أميركيًا وإسرائيليًا اليوم يمس بسيادة السعودية واستقلالها، وهو أمر يفوق المستطاع، والبيئة الدولية تغيرت، ولم تعد الولايات المتحدة الطرف المهيمن بشكل مطلق على النظام الدولي. صحيح أنها لا تزال الدولة الأولى عالميًا، لكن المسافة بينها وبين الصين تتقلص بسرعة، خاصة في بعض المجالات التي تفوقت فيها بكين على واشنطن. هذا التغير أعطى للسعودية، وللدول العربية عمومًا، مجالًا أوسع للمناورة واتخاذ مواقف أكثر استقلالية".
وأشار المصري إلى أن السعودية "لم تعد في الموقع السياسي ذاته الذي كانت عليه خلال ولاية ترمب الأولى"، موضحًا أن الأمير محمد بن سلمان، في تلك الفترة، كان يسعى "لتثبيت شرعيته السياسية وسط ضغوط كبيرة، أبرزها قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، ما جعله أكثر انفتاحًا على التعاون مع واشنطن حينها. أما اليوم، فالوضع مختلف تمامًا، حيث عززت الرياض علاقاتها مع الصين باستثمارات تفوق 120 مليار دولار، ووطدت تعاونها مع روسيا، كما حسّنت علاقاتها مع إيران بعد الاتفاق الذي تم برعاية صينية في بكين، وهو ما قلل حاجتها للدعم الأميركي والإسرائيلي".
السعودية ترفض المساس بدورها وهيبتها
وشدد المصري على أن الأحداث الإقليمية الأخيرة، "مثل الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وما تبعها من دعوات لتهجير الفلسطينيين وضم الضفة الغربية، شكلت تهديدًا مباشرًا لدور السعودية وهيبتها الإقليمية". وأوضح أن ما حدث في غزة وما يمكن أن يحدث بعدها من تهجير للفلسطينيين أو ضم الضفة الغربية هو بمثابة مساس مباشر بدور السعودية، وهو أمر لا يمكنها القبول به. إضافةً إلى ذلك، فإن تحسن العلاقات مع إيران، وتراجع النفوذ الأميركي، كلها عوامل ساهمت في تقليل حاجة السعودية للحماية الأميركية والإسرائيلية، ما سمح لها باتخاذ موقف أكثر توازنًا واستقلالية".
الموقف السعودي وتأثيره على التحالفات الدولية
وحول تأثير هذا الموقف على موازين القوى العالمية، يرى المصري أن "رفض السعودية لمخططات التهجير والضم، وما تمتلكه من نفوذ اقتصادي هائل، قد يدفع الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في سياساتها"، مشيرًا إلى أن ترمب، الذي يعتبر "رجل صفقات وليس رجل أيديولوجيا"، قد يتراجع إذا شعر بأن قراراته ستؤثر على صفقاته.
وأضاف: "إذا قررت السعودية استخدام أوراق قوتها، مثل استثماراتها الهائلة التي تتراوح بين 600 مليار إلى تريليون دولار، كوسيلة ضغط ضد محاولات تهجير الفلسطينيين أو ضم الضفة الغربية، فإن ذلك سيضع الإدارة الأميركية في مأزق حقيقي"، مؤكدًا أن هذه "ليست مجرد رهانات نظرية، بل واقع سياسي قائم على حسابات اقتصادية واضحة".
لكن المصري شدد على أن نجاح هذا الضغط "مرهون بمدى قدرة الدول العربية على استثمار الموقف السعودي وعدم الاكتفاء بالشجب والتنديد كما حدث في مرات سابقة"، موضحًا أنه" إذا تبنت الدول العربية سياسات فاعلة مبنية على المصالح الاقتصادية والسياسية، وليس مجرد بيانات رفض، فقد تتمكن من الضغط على الإدارة الأميركية لتعديل موقفها تجاه القضية الفلسطينية. لكن إذا استمرت بنفس النهج التقليدي، فإن ترمب سيمضي في طريقه دون تردد".
اختبار حقيقي للوحدة العربية
وفيما يتعلق بالقمة العربية المرتقبة نهاية الشهر الحالي، أشار المصري إلى أنها "تشكل اختبارًا حقيقيًا للموقف العربي، حيث يمكن أن تكون نقطة تحول نحو "فتح صفحة جديدة في الدور العربي، أو البقاء في إطار القرارات التي تبقى مجرد حبر على ورق"، مؤكداً أن هناك "فرصة حقيقية لاتخاذ موقف عربي موحد ومؤثر، شريطة أن يسبق القمة توافق فلسطيني داخلي".
وأشار إلى أن" القمة يمكن أن توحد الفلسطينيين، لكن على الفلسطينيين أنفسهم أن يتخذوا خطوة نحو التوحد قبل انعقادها لضمان تحقيق نتائج إيجابية. القمة العربية القادمة يمكن أن توحدهم إذا أرادت، بل يمكن للسعودية والدول العربية فرض الوحدة الفلسطينية كضرورة استراتيجية. وحماس تدرك تمامًا أن غياب الشرعية الفلسطينية والعربية يجعل وضعها أكثر تعقيدًا".
فرصة تاريخية يجب استثمارها
ختامًا، شدد المصري على أن "الموقف السعودي يشكل نقطة تحول حاسمة في خريطة الصراع في الشرق الأوسط، ويوفر للدول العربية فرصة لتعزيز دورها في حماية حقوق الفلسطينيين"، مؤكدًا أن "ما نشهده اليوم هو لحظة فارقة، فإما أن تستثمر الدول العربية هذا الموقف وتعيد رسم معادلة الصراع، أو تفوت الفرصة كما حدث في محطات سابقة. الخيارات لا تزال مفتوحة، لكن ما هو مؤكد أن المشهد الإقليمي والدولي لم يعد كما كان، وأن الموقف السعودي بات عاملاً لا يمكن تجاوزه في أي معادلة سياسية مستقبلية".
السعودية قوة دبلوماسية رائدة في رفض التهجير والتطبيع
بدوره، قال مساعد وزير الخارجية والمغتربين لشؤون الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، د. عمر عوض الله، في حديث لـ "القدس" إن المملكة العربية السعودية تلعب دورًا محوريًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، سواء على المستوى العربي أو الإسلامي أو الدولي، مشيرًا إلى أن موقفها الرافض للتطبيع دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ومعارضتها القاطعة لمخططات التهجير القسري، يعزز الموقف الفلسطيني والعربي والدولي في مواجهة السياسات الإسرائيلية.
وأوضح عوض الله أن السعودية ليست فقط دولة شقيقة لفلسطين، بل هي أيضًا رئيس القمة العربية والإسلامية، وعضو فاعل في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى جانب دورها الكبير كلاعب رئيسي في منطقة الخليج والمشهد الدولي.
وأضاف: إن دورها في الدفاع عن القضية الفلسطينية يمتد إلى مختلف المحافل الدولية، حيث ترأست اللجنة الوزارية التي جابت عواصم العالم لحشد الدعم للقضية الفلسطينية، خصوصًا في ظل حرب الإبادة المستمرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ أكثر من 15 شهرًا.
وأشار إلى أن الموقف السعودي "ساهم في تمكين الموقف العربي، ما عزز المواقف الدولية الرافضة للتهجير والتصفية، مؤكداً على أن المسار السياسي والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بوجود دولة فلسطينية معترف بها دوليًا".
رفض التهجير القسري وتعزيز وحدة الصف الفلسطيني
وحول الإجراءات الفلسطينية لمواجهة التهجير، شدد عوض الله على أن "الربط القوي بين الموقف الفلسطيني والمواقف العربية والإسلامية يعزز من صلابة الرفض الفلسطيني منذ بداية العدوان الإسرائيلي، حيث كانت القيادة الفلسطينية واضحة منذ اليوم الأول بأن النوايا الإسرائيلية تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني وفرض التهجير القسري".
"وأضاف: "القمة العربية المرتقبة في 27 الشهر الجاري تشكل فرصة مهمة لاتخاذ موقف عربي واضح ومباشر، ليس فقط لرفض مخططات التهجير، بل أيضًا لوضع بدائل حقيقية قائمة على حق الشعب الفلسطيني، ومرتكزة على القانون الدولي، والثوابت العربية والإسلامية".
وأوضح عوض الله أن هذا التحرك سيمتد من القمة العربية إلى الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، ومن ثم إلى الأمم المتحدة، سواء في الجمعية العامة أو في مجلس الأمن، بالتزامن مع انعقاد دورة مجلس حقوق الإنسان التي ستبدأ في 24 الشهر الجاري، مشيرًا إلى أن هذه الجهود ستعمل على تعزيز الموقف الدولي الرافض للتهجير والتطهير العرقي، وتكثيف المساءلة والمحاسبة لإسرائيل على جرائمها، استنادًا إلى القوانين الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
دعم دبلوماسي وسياسي حاسم
وفيما يتعلق باستثمار الموقف السعودي في الضغط الدولي ضد محاولات التطبيع والتهجير، أكد عوض الله أن السعودية قالت كلمتها بوضوح، وهي الكلمة ذاتها التي تعبر عن موقف الأمة العربية والإسلامية بأن التهجير القسري للفلسطينيين يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا.
وقال: "هذا الموقف السعودي الصلب يعزز الموقف الدولي، ويجعل من أي تحرك إسرائيلي نحو تنفيذ مخططات التهجير تهديدًا فعليًا للشرعية الدولية، ما يدفع نحو محاسبة إسرائيل في حال أقدمت على تنفيذ هذه الجرائم".
وشدد مساعد وزير الخارجية على أن السعودية أثبتت مرة أخرى أنها قوة إقليمية تقود المواقف العربية والإسلامية، وترسّخ مبدأ الدفاع عن فلسطين كقضية مركزية. وأشار إلى أن "الموقف السعودي كان سريعًا وحاسمًا، فبمجرد انتهاء المؤتمر الصحفي الذي أعلنت فيه إسرائيل خططها، كان البيان السعودي الرسمي حاضرًا في العلن وعلى كل المنصات الإعلامية، ما يعكس التزام المملكة بدورها التاريخي".
وأضاف: السعودية ليست فقط شريكًا في دعم القضية الفلسطينية، بل هي أيضًا قائدة التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، كما أنها تستعد لرئاسة المؤتمر الدولي الذي سيُعقد في يونيو المقبل بالتعاون مع فرنسا، بهدف دفع الجهود نحو تسوية سياسية عادلة، قائمة على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتحقيق حل الدولتين.
"وتابع: "عندما تتحدث السعودية، فإنها تتحدث كقوة عالمية مؤثرة في القرار الدولي، ولذلك فإن موقفها الواضح والحاسم في دعم فلسطين ورفض التهجير والتطبيع دون إقامة دولة فلسطينية، يعزز الجهود الدبلوماسية الفلسطينية، ويضع إسرائيل أمام مسؤولية تاريخية لا يمكن تجاوزها".
موقف سعودي ثابت يعكس التزامًا حقيقيًا بالقضية الفلسطينية
في ختام حديثه، أكد عوض الله أن المملكة العربية السعودية تُثبت يومًا بعد يوم أنها شريك أساسي في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وأنها تتصدر الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وقال: "السعودية ليست مجرد داعم سياسي، بل هي قوة دبلوماسية تقود جهودًا حقيقية على المستوى العربي والدولي، وتحمل على عاتقها مسؤولية الدفاع عن فلسطين، ليس بالكلام فقط، بل بالفعل والتحرك السريع. وهذا ما يجعل موقفها ليس مجرد موقف سياسي، بل جزءًا من منظومة دفاع عربية ودولية تحمي حقوق الفلسطينيين وتواجه التهديدات التي تستهدف وجودهم".
دلالات
حائط الصد القوي قبل حوالي 14 ساعة
ما أكثر المتعلقين بالقشة وهم يعلمون أنها قشة لكنهم يدعون أنها خشبة قوية، وما أكثر اللاهثين وراء السراب وهم يعلمون أنه سراب لكنهم يوهمون غيرهم أنه ماء عذب. لا يمكن لمن يهتم بأمر
الأكثر تعليقاً
ترمب.. اسكُت
قطر تبدأ إمداد غزة بـ 15 مليون لتر من الوقود
لا سلام بدون حل الدولتين…الموقف السعودي حائط الصد القوي
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/43e463c9a30a133d754cd2870ca8b82b.jpeg)
ترامب يحث إسرائيل بشكل غير مباشر على استئناف الحرب على غزة
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/d7c486a3cb455ef1b984ac724b40b7bd.jpg)
إسرائيل تدرس شن ضربات على إيران بحسب تقارير استخباراتية أميركية
"الأونروا": معاناة النازحين مستمرة مع عودتهم إلى منازلهم المدمرة بغزة
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/26335b8e7cca5fe77842e66cc769ebec.webp)
الاحتلال يطالب سكان مخيم نور شمس بإخلائه وسط تصعيد ميداني
الأكثر قراءة
محدث: استشهاد طفلين أحدهما بالرصاص والآخر بانفجار جسم من مخلفات الاحتلال في قطاع غزة
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/b91eed3c5f69d11fc2fc3ed95662021b.webp)
الدفاع المدني بغزة: ننتشل جثث الشهداء بمعدات يدوية وبلا وسائل حماية
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/d840a5ecc0c68e952b8b64b758862a42.webp)
مصادر لـ"القدس": صرف رواتب الموظفين اليوم
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/7287538479390f142e3e6d3f7a8dafaf.jpg)
ملك الأردن: لا يمكن تحقيق الاستقرار بالإقليم دون تنفيذ حل الدولتين
بيان من البيت الأبيض يكشف تفاصيل جديدة عن لقاء ترامب مع العاهل الأردني
بن غفير: الحكومة الإسرائيلية تعهدت بإدخال 60 ألف كرفان لقطاع غزة
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/ff56e7d91572b002ce53f460966c732c.jpg)
الاحتلال يشن غارة على وسط قطاع غزة
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/2c4cb21189f5a4de2e9cd73d45125b33.webp)
![](/assets/block_backgrounds/finance1-27a30c25.jpg)
أسعار العملات
الأحد 09 فبراير 2025 9:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.55
شراء 3.56
دينار / شيكل
بيع 5.01
شراء 5.0
يورو / شيكل
بيع 3.68
شراء 3.67
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 641)
شارك برأيك
لا سلام بدون حل الدولتين…الموقف السعودي حائط الصد القوي