أقلام وأراء
الأربعاء 12 فبراير 2025 8:55 مساءً - بتوقيت القدس
هذا زمان الشد فاشتدي
على مدار الأسابيع الماضية أعيش لحظة خانقة إلى جانب أهلي وشعبي من اجتياح غير مسبوق لطولكرم ومخيماتها وضواحيها، اكاد أجزم أنه اجتياح غير مسبوق: غير مسبوق في أهدافه الخطيرة وغير مسبوق في إمعانه في الاعتداء، وغير مسبوق في إمعانه في التدمير، وعلى مدار الأسابيع الماضية، ألحظ جملة واحدة تتردد على ألسنة من أضطرهم بطش الاحتلال على ترك الاحياء والمنازل في المخيمات والرحيل إلى أماكن أخرى، هذه العبارة أنتجتها تجربة طويلة من الفلسطينية العظيمة والصادقة، هذه الفلسطينية المتينة الصلبة التي لا تتنازل ولا تخضع ولا تركع، كان لسان حالها يتردد دائماً: سنعود، سنعود إلى الغرفة الضيقة والحي المكتظ، سنعود إلى الباب الذي خلعته العاصفة والشباك الذي أردته الدبابة والطائرة، حتى بت في كامل قناعتي أن فكرة الترحيل والتهجير وهي محض فكرة، تضغط باستمرار على وعي الفلسطيني وتشحذ همته، فعبارة: "سنعود" هي العبارة الأكثر إرعاباً في ذهن الكيان المدجج بالنار والكراهية والرصاص، ترعبه وتبعثر مخططاته استمرار.
وإذا كنت قد رأيت في الأسابيع الماضية مشاهد الترحيل القسري من المخيمات، بالمئات والألوف، مواطنين اضطروا للمغادرة، تحت ضغط لحظة الحقد الكبيرة، إلا أن هذه المشاهد أنتجت إلى جانبها ما يمسح حزن الرحيل الاضطراري المؤقت، ويعيد انتاج الفكرة الأسمى بالتعاضد الذي سرعان ما ينفجر كحالة رديفة لكل لحظات عنق الزجاجة التي نختبرها هذه الأيام.
فمن مشهد استضافة البيوت الضيقة لعشرات النازحين، واقتسام الخبز والدواء والهواء معهم، بكل ما في هذا المشهد من دفء حنو الفلسطيني على الفلسطيني في أكثر لحظاته قتامة وصعوبة، أستطيع أن أجزم وبكل ما في قلبي من إيمان أن شعباً فيه هذه الأصالة شعب مصيره أن ينتصر.
ومن مشهد البحث عن المحتاجين، في كل الزوايا، وكل الذين تقطعت بهم السبل الضيقة في زوايا المحافظة، رغبة بالحصول على شرف المساعدة ورفع الضيق، أدركت تماماً أن شعباً فيه هذه الروحية شعب لا ينهزم.
ومن مشهد المطابخ الجماعية التي يقيمها ويديرها ويزودها شبان فلسطينيون لا يريدون شيئاً سوى أن ترفع الغمة وتكسر يد الجلاد أدرك تماماً أن شعباً فيه هذه البذرة المنيرة شعب مستقبله عظيم.
لقد أراد الاحتلال من جملة التدمير الممنهج والهدم الحاقد أن يعاقب الفلسطيني ويكوي وعيه ويحرضه على أحلامه وشعاراته، ولطالما كانت يد الفلسطينية الحانية وصدره الواسع ومشاركته إخوانه بما تيسر هي الكفيلة بكسر المخطط وإحباط الأجندة.
لقد كان مشهد التكاتف الشعبي، والالتفاف الجماهيري، والوعي النقي الذي أعاد الاعتبار لقيم أرعبتنا فكرة فقدانها وخسارتها وتجاوزها، النقطة المضيئة الأهم التي لطالما اعتبرناها جسراً لعبور عنق الزجاجة ويد تطبطب على الوجدان الفلسطيني بكل جروحه وأحزانه وآلامه هذه الأيام، وإذا كان ثمة شيء يجعلنا نتجاوز المحنة بكل الصلابة الوطنية هي ملحمة التكاتف الشعبي التي رسمتها همة شبابنا، والتي تجاوزت المحافظة إلى محافظات أخرى تعمل بمنطق خلايا النحل، ترصد الاحتياجات، وتوجه العنفوان الشعبي الذي يريد أن يساعد ويقف إلى جانب شعبه، لا يهمه أين ومتى، لكنها يريد أن يقف ويكتب موقفاً لا ينساه الإنسان والتاريخ.
لقد فرض، على الكل الفلسطيني، في قطاع غزة، وفي شمال الضفة ووسطها وجنوبها وقدسها وأغوارها ومسافرها وبراريها ومزارعها، هذا العدوان، الذي يراد له هذه الأيام أن يحطم كيانيتنا الوطنية بالاعتداء على المخيم بكل ما فيه من حلم بالعودة، وعلى المدينة بكل ما فيها من سيادة وعلى القرية بكل ما فيها من أفق وامتداد وعمق، لكن الفلسطيني اليوم، سيفرض منطقه على منطق الاعتداء، منطق يقوم على التكاتف والتعاضد باليد التي تشد بعضها البعض، بقوة وصلابة وصبر.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
أول الغيث قَطْرُ!
حديث القدس
الانقسام الإسرائيلي
حمادة فراعنة
دوام ترديد التهديد بالتهجير وانعكاساته النفسيّة المتوقعة!
غسان عبد الله
الرسوم الجمركية الأمريكية "من أجل الفنتانيل" تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية
جي وينهوا
الوعد المشؤوم
حديث القدس
بين ابتزاز غزة بالتهجير واجتثاث مخيمات الضفة.. ما العمل؟!
جمال زقوت
الرقص على حافة الجنون
رمزي الغزوي
العناد الفلسطيني ورفض التوطين والتهجير
حمزة البشتاوي
هذه رسالتي لحركة "حماس"
محمد المصري
أزمة النظام السياسي الفلسطيني بين الشرعية الثورية والانتخابية ومعضلة الديمقراطية
مروان إميل طوباسي
أميركا وتداعيات "الدعم غير المشروط"
جيمس زغبي
اعتذار الرئيس الأميركي
حمادة فراعنة
زامير والتهديد بالتغيير
حديث القدس
خطاب فانس في ميونخ.. الضلال والسطحية والتطرف
أحمد رفيق عوض
جمعية فلسطين الدولية.. تفوّق نوعي متعدد الطبقات
حمادة فراعنة
مصر صمام الأمان للقضية الفلسطينية ضد مخطط التهجير
رائد عبد الفتاح مهنا
عن السعدنة وطريق السعادين
مصطفى بشارات
الأنظمة وتهجير غزة.. بين "التنمية بالحماية الشعبية" ومواجهة الصهيوأمريكي
د. عادل سمارة
التحول في الترمبية في المرحلة الثانية
رمزي عودة
نتنياهو وتزييف الحقائق
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
نتنياهو: لا مكان لحماس أو السلطة الفلسطينية في غزة في اليوم التالي للحرب

الاحتلال يستولي على أرض لشق طريق استعماري شمال غرب نابلس

محاضرة في جامعة القدس للبروفيسور رياض إغبارية حول الموسيقى والدماغ وصحة الإنسان
نتنياهو يرفض إدخال الكرافانات لقطاع غزة وترامب يريد تغيير الاتفاق
القمة العربية المنتظرة هل تستجيب الأمة للمخاطر الوجودية؟
الاقتراح المصري خطة وطنية وخطوة ضرورية

تركيا تحذر من نكوص نتنياهو على اتفاق غزة
الأكثر قراءة
مصادر طبية: مستشفيات قطاع غزة تعاني نقصا حادا في الأكسجين
القمة العربية المنتظرة هل تستجيب الأمة للمخاطر الوجودية؟
"هيئة الأسرى" ونادي الأسير يحمّلان الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير آلاف المعتقلين في سجن "عوفر"

اجتماع للكابينت الإسرائيلي الاثنين لبحث ثاني مراحل اتفاق غزة
إعلام عبري يكشف هوية المحتجزين الذين ستفرج عنهم المقاومة السبت المقبل
الاحتلال يحكم على الأسير المقدسي الطفل محمد زلباني بالسجن لمدة 18 عاما
بيان صادر عن حركة حماس بشأن القصف الأخير على جنوب قطاع غزة


أسعار العملات
الأربعاء 19 فبراير 2025 10:18 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.54
شراء 3.53
دينار / شيكل
بيع 5.0
شراء 4.99
يورو / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 662)
شارك برأيك
هذا زمان الشد فاشتدي