فلسطين
الأربعاء 15 يناير 2025 9:03 صباحًا - بتوقيت القدس
بعد 15 شهراً من الإبادة المستعرة كيف ستبدو غزة في اليوم التالي للصفقة؟
رام الله - خاص بالـ "القدس" دوت كوم -
خليل شاهين: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل خطوة حاسمة نحو إنهاء حرب الإبادة وإعادة الحياة تدريجياً إلى القطاع
ماجد هديب: الالتزام بوقف إطلاق النار سيكون قوياً لتحقيق الأهداف الإسرائيلية ومحاولة "حماس" الحفاظ على ما تبقّى لها
د. دلال عريقات: إسرائيل قد تستمر باستخدام وجود "حماس" ذريعة لشن حروب إذا لم يتم التعامل مع القضايا الأساسية للصراع
طلال عوكل: التحذير من الانشغال بالصراعات الداخلية ما قد يُضعف الروح المعنوية المرتفعة التي يشعر بها الغزيون بعد الحرب
هاني أبو السباع: المرحلة المقبلة هي الأصعب وتتطلب توفير الأمن الغذائي والشخصي والاستجابة لتطلعات الناس في مستقبل أفضل
د. تمارا حداد: توقف الحرب لن يكون نهاية المعاناة بل بداية لسلسلة أزمات تتطلب حلولاً عاجلة وشاملة من خلال إدارة فاعلة لشؤون الناس
بعد أكثر من 15 شهراً من الدمار والمعاناة وحرب الإبادة في قطاع غزة، جاء اتفاق الصفقة ووقف إطلاق النار ليمنح الأهالي بصيص أمل في استعادة الحياة تدريجياً.
ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة لـ"ے" أن توقف القصف والقتل العشوائي، خاصة ضد المدنيين والأطفال، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية، يمثل خطوة أولى نحو التخفيف من الأزمة الإنسانية المتفاقمة واستعادة أنفاس الحياة، خاصة في شمال غزة.
لكن الكتاب والمحللين وأستاذة الجامعات يرون أنه مع توقف اطلاق النار، يبدأ التحدي الأكبر في إعادة إعمار قطاع غزة، من خلال إزالة الركام، وترميم الطرق والمباني، وإعادة تشغيل المرافق الصحية والتعليمية، وإدخال المستلزمات الطبية، وهي خطوات أساسية لإعادة الحياة إلى طبيعتها.
ويعتقدون أن توفير الكرفانات والخيام للنازحين، يشكل جزءاً من الجهود المبذولة لإعادة مئات الآلاف من المشردين، وهذه الخطوات لا تقتصر على توفير الاحتياجات الأساسية فحسب، بل تسهم في إحباط المخططات الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للقطاع.
لكن، على الرغم من الأمل الذي يحمله الاتفاق، يحذرون من أن الخطر يبقى قائمًا في ظل إمكانية انتكاسه، خاصة في ظل تصريحات إسرائيلية حول حرية التحرك العسكري في غزة، والتغيرات المحتملة في السياسة الأمريكية، ما قد يهدد استمرارية الهدنة، ولذا، فإن الحاجة إلى ضمانات دولية فعالة تعتبر أمراً ضرورياً لتأمين التنفيذ الكامل للاتفاق ومنع العودة إلى دائرة البداية، ومع ذلك، يظل أهالي غزة متمسكين بالأمل في إعادة بناء حياتهم، بالرغم من كل التحديات.
أبرز مكاسب الاتفاق وقف عمليات القتل العشوائي
يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل خطوة حاسمة نحو إنهاء حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل وإعادة الحياة تدريجياً في القطاع، مشيراً إلى أن أبرز مكاسب هذا الاتفاق هو وقف عمليات القتل العشوائي التي طالت المدنيين، بما في ذلك عائلات بأكملها، وصحفيون، وأطفال، وكذلك وقف هدير الطائرات، خاصة الطائرات المسيّرة التي لا تفارق سماء غزة، كما يشكل عاملاً مهماً في منح السكان شعوراً مبدئياً بالأمان الشخصي، الذي فقدوه خلال الحرب.
ويشير شاهين إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يتجاوز إنهاء القصف والقتل ليشمل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو ما يشكل خطوة ضرورية للتخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية التي يعيشها القطاع، وبموجب الاتفاق، سيتم إدخال 600 شاحنة تحمل مواد غذائية، وملابس، ووقود لتشغيل المخابز التي توقفت عن العمل، ما يساهم في التخفيف من حالة التجويع التي عانى منها سكان القطاع، خاصة في شمال غزة.
ويعتبر شاهين أن وقف التدمير يشمل أيضًا إنهاء القصف المتواصل الذي دمر المنشآت السكنية والتجارية والبنية التحتية، وهو ما يتيح للقطاع فرصة استعادة الحياة بشكل تدريجي، بدءاً من إزالة الأنقاض وترميم الطرق، ومروراً بتشغيل البلديات والدفاع المدني، وصولاً إلى استئناف النشاط التجاري وتشغيل المخابز والبسطات، التي ستساهم في توفير فرص عمل للسكان.
ويرى شاهين أن إدخال الآليات الهندسية للعمل على إزالة الركام وتمهيد الطرقات يشكل بداية لإعادة إعمار غزة، كما أن دخول البضائع والمواد اللازمة لإعادة تشغيل المستشفيات ومحطات المياه، سيعيد الحياة إلى القطاع الصحي الذي تعرض للتدمير، وكذلك تقليل تلوث البيئة الذي تفاقم نتيجة استهداف محطات التنقية والصرف الصحي.
ويشير إلى أن الاتفاق يشمل أيضاً إدخال 60 ألف كرفان و200 ألف خيمة، ما يضمن عودة مئات الآلاف من النازحين إلى أماكن سكناهم، حتى وإن كانت مدمرة، مؤكداً أن هذه الخطوة تحافظ على خصوصية السكان وكرامتهم، خاصة في فصل الشتاء، كما تساعد على إحباط مخططات إسرائيل لإحداث تغييرات ديموغرافية قسرية في القطاع.
ويلفت شاهين إلى أن القطاع التعليمي سيشهد أيضاً عودة تدريجية مع استصلاح المدارس والجامعات التي دُمرت خلال الحرب، كما أن تشغيل المستشفيات وتوفير المستلزمات الطبية سيكونان ضروريين لعلاج الجرحى والمرضى، وخاصة كبار السن، مما يعيد جزءًا من الدورة الحياتية لسكان غزة.
على الرغم من الإيجابيات الظاهرة لاتفاق وقف إطلاق النار، يحذر شاهين من مخاطر انتكاسة محتملة نتيجة التفسيرات العامة لصياغة الاتفاق.
ويشير شاهين إلى أن حكومة نتنياهو قد تستغل هذه الصياغة لاستئناف القتال، خاصة في ظل تصريحات مسؤولين إسرائيليين بارزين، مثل وزير الحرب يسرائيل كاتس، الذين يؤكدون نية إسرائيل الاحتفاظ بحرية الحركة العسكرية في غزة، كما هو الحال في لبنان وسوريا.
ويعتقد شاهين أن هذا التهديد يتزامن مع رهان إسرائيلي على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، المتوقع أن تكون أكثر انحيازاً لسياسات نتنياهو مقارنة بإدارة بايدن، فيما يشدد شاهين على أهمية وجود ضمانات دولية فعالة لتنفيذ الاتفاق ومنع إسرائيل من الانقلاب عليه.
ويؤكد شاهين أن عودة السكان النازحين إلى أماكن سكناهم، وإعادة إعمار ما يمكن إصلاحه، ستسهم في إحباط مخططات إسرائيل الرامية إلى تهجير السكان قسريًا، كما أن استعادة الحياة تدريجياً، رغم كل التحديات، تعكس قدرة أهالي غزة على التمسك بالحياة وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
الوضع في غزة بعد وقف الحرب سيشهد تغيرات جذرية
يرى الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب أن الوضع في قطاع غزة بعد وقف الحرب سيشهد تغيرات جذرية، مشيراً إلى أن قطاع غزة "ما بعد الحرب" لن يشبه غزة التي عرفناها قبل العدوان، بفعل التغيرات الكارثية التي خلفتها الحرب على جميع الأصعدة.
ويوضح هديب أن الأوضاع الإنسانية في غزة ستكون في حالة كارثية، حيث فقد القطاع أكثر من 80% من مقومات الحياة الأساسية، وفق الإحصائيات الرسمية، علاوة على استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني، وإصابة 200 ألف آخرين، مع محو أكثر من 600 أسرة بالكامل من السجل المدني.
ويؤكد هديب أن غالبية سكان غزة باتوا يعانون من الفقر والجوع والقهر نتيجة تدمير ممتلكاتهم ونزوحهم المتكرر، إما بسبب القتال أو استجابة لتعليمات الاحتلال التي كانت تصل عبر البلاغات أو المنشورات.
ويرى أن الحرب أسفرت عن تغييرات ديموغرافية كبيرة في قطاع غزة، حيث يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى إعادة تشكيل غزة وفق تصوراته الأمنية التي تضمن حماية حدوده، لافتاً إلى أن هذا التحول يعكس نجاح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تحقيق رؤيته بشأن "غزة الجديدة"، التي تقوم على معادلة "السلام الاقتصادي"، حيث يريد ترسيخ مفهومه لدى الفلسطينيين "أن لا أمن ولا استقرار لهم إلا تحت مظلة إسرائيل".
ويعتقد هديب أن الحرب على غزة كانت تهدف إلى تحقيق عدة غايات استراتيجية، أبرزها إعادة الاعتبار للجيش الإسرائيلي الذي أظهر هشاشته في أحداث السابع من أكتوبر، لكن سلاح الجو كان العامل الحاسم في استمرار الحرب.
ويلفت هديب أن نتنياهو نجح في خلق "الإنسان الفلسطيني الجديد"، الذي بات محاصراً بين الإذعان للواقع الذي تفرضه إسرائيل أو العودة بحياته إلى الوراء.
ويشير هديب إلى نجاح إسرائيل في بناء تحالفات جديدة مع الدول العربية والإسلامية، بمعزل عن الحقوق الفلسطينية، مما زاد من عزلة الفلسطينيين عن محيطهم.
ويشير هديب إلى أن هذه التطورات تعكس نجاح إسرائيل في بناء تحالفات جديدة، مما يضع الفلسطينيين أمام خيارين: إما قبول الإملاءات الإسرائيلية، أو مواجهة مستقبل غامض يعيدهم عقوداً إلى الوراء.
ويوضح أن الترتيبات القادمة لقطاع غزة ستتم وفق رؤية إسرائيلية بمشاركة إقليمية ودولية، مشيراً إلى أن الانسحاب الإسرائيلي من القطاع سيكون تدريجياً وعلى مراحل، بما يتوافق مع تصورات مصر وقطر لتشكيل إدارة أو حكومة وطنية مؤقتة تتولى شؤون القطاع، وتعيد إعماره، وتضمن أمن إسرائيل.
ويؤكد هديب أن التزام الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، بوقف إطلاق النار سيكون قوياً، نتيجة لتحقيق الأهداف الإسرائيلية المعلنة وغير المعلنة، ومحاولة حركة حماس الحفاظ على ما تبقى لها من قوة ووجود سياسي وأمني.
في المقابل، يشير هديب إلى أن الجبهة الإسرائيلية ستشهد انقسامات داخلية في اليوم التالي لوقف الحرب، حيث سيواجه نتنياهو معارضة شديدة من اليمين المتطرف، الذي وصف الاتفاق بـ"الكارثة على الشعب الإسرائيلي".
أما على الجانب الفلسطيني، فيرى هديب أن حركة حماس ستسعى للالتزام التام بوقف إطلاق النار، بعد أن تعرضت لطعنات داخلية وخارجية، وفقدت ثقة الشارع الفلسطيني نتيجة الأوضاع المتردية.
السيناريوهات المستقبلية تتنوع حسب طبيعة الصفقة وأهدافها
ترى د. دلال عريقات، أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع في الجامعة العربية الأمريكية، أن نجاح أي صفقة لإنهاء الصراع في غزة يعتمد بشكل كبير على تفاصيل هذه الصفقة ومدى التزام الأطراف المتفاوضة بها، إضافة إلى ضمانات إنفاذها وآليات متابعتها.
وتشير عريقات إلى أن السيناريوهات المستقبلية تتنوع بناءً على طبيعة الصفقة وأهدافها، وتُبرز أهمية شمولية الاتفاق لضمان تحقيق نتائج مستدامة.
وتوضح عريقات أن أي صفقة تتضمن خطوات واضحة لإعادة إعمار غزة وتحسين الظروف المعيشية، مثل تخفيف الحصار وتحسين الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والصحة، قد تؤدي إلى انفراجة تدريجية في حياة السكان، لكن إذا اقتصرت الصفقة على إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع، فإن الهدوء سيكون مؤقتًا، ما يفتح المجال أمام تصاعد التوترات من جديد.
وتلفت عريقات إلى أن هذا السيناريو ليس جديداً، حيث شهدت غزة خمس حروب متتالية تخللتها هدن مؤقتة، بدلًا من التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم وشامل.
وتشدد عريقات على ضرورة أن تتعامل أي صفقة مع الإطار السياسي بشكل شمولي، لضمان تحقيق حل عادل ومستدام يتوازى مع معالجة الأبعاد الإنسانية والأمنية، فيما ترى عريقات أن غياب رؤية سياسية تدعم استدامة وقف الحرب عبر التنمية الاقتصادية وضمان الحقوق السياسية سيجعل أي اتفاق هشاً.
وتحذر عريقات من أن إسرائيل قد تستمر في استخدام وجود حركة حماس كذريعة لشن حروب جديدة إذا لم يتم التعامل مع القضايا الأساسية للصراع.
وترى عريقات أن استمرارية أي صفقة تعتمد على وجود إرادة سياسية حقيقية لتحقيق السلام، إلى جانب ضمانات فاعلة من الوسطاء ودور قوي للمجتمع الدولي في تطبيق بنود الاتفاق.
وتؤكد أن الآليات الواضحة لمتابعة التنفيذ والتقييم للصفقة تعد ضرورية لفرض الالتزام على الأطراف التي قد تخل بالاتفاق.
وتشير عريقات إلى أن أي اتفاق سيكون مهدداً بالانهيار إذا لم يتعامل مع القضايا الأساسية، مثل الحصار والاحتلال وضمان الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني.
وتؤكد عريقات أن إدارة قطاع غزة والحوكمة الانتقالية، إلى جانب انسحاب الاحتلال بشكل كامل، تعد عوامل أساسية لضمان نجاح أي اتفاق.
وتؤكد عريقات على أن الاتفاقيات ليست مجرد وثائق تُوقع، بل هي عملية طويلة تتطلب متابعة مستمرة وتنسيقًا فعّالًا.
وترى عريقات أن الحوار الوطني الفلسطيني الداخلي يمثل ركيزة أساسية لنجاح أي صفقة، حيث إن الانقسام الداخلي يُضعف فرص الاستقرار ويتيح للاحتلال مواصلة تنفيذ استراتيجياته التي تهدف إلى تقويض الحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها حق تقرير المصير.
المشهد المرتقب في غزة بعد انتهاء الحرب سيكون صعباً
يصف الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل المشهد المرتقب في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب بأنه سيكون صعبًا بكل المقاييس، حيث يواجه السكان دمارًا شاملًا أصاب المنازل والبنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والطاقة والصرف الصحي والمستشفيات.
ويؤكد عوكل أن هذا الدمار سيُفاقم الأوضاع الإنسانية، مع نقص حاد في الغذاء وانتشار الأمراض نتيجة للظروف البيئية المتدهورة.
ومع ذلك، يشير عوكل إلى أن أهالي غزة يمتلكون إرادة قوية تمكنهم من تجاوز هذه الأزمات، إذ إنه بالرغم من المخاطر والدمار، يتوق السكان للعودة إلى منازلهم المدمرة، حيث سيقيمون خيامهم حتى فوق الأنقاض دون خشية من تجدد القصف.
ويؤكد عوكل أن أهالي غزة سيواصلون إثبات أنهم "شعب الجبارين" القادر على تجاوز كل التقديرات التي تشكك في قدرتهم على إعادة بناء حياتهم.
ويستشهد عوكل بالتجارب السابقة لأهالي غزة، حيث تعرضت مناطق مثل بيت حانون والشجاعية وغيرها لدمار كبير في حروب سابقة، ورغم ذلك استطاع أهل غزة النهوض مجددًا واستعادة مقومات الحياة.
ويتطرق عوكل إلى تقارير البنك الدولي التي حذرت في عام 2012 من أن غزة ستكون غير قابلة للحياة بحلول عام 2020، إلا أن السكان تمكنوا من تحسين ظروفهم بشكل فاق التوقعات قبل هذه الحرب.
وفيما يتعلق بالصراع السياسي، يرى عوكل أن وقف الحرب قد يستمر بناءً على سياسات الإدارة الأمريكية، التي وصفها بأنها تتسم بالحزم في تعاملها مع حكومة بنيامين نتنياهو.
ويعتبر أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب كان يدير سياساته كإمبراطور، رافضاً السماح لأي طرف بالتلاعب بالمصالح الأمريكية.
ويحذر عوكل من أن ينشغل الفلسطينيون بالصراعات الداخلية، ما قد يُضعف الروح المعنوية المرتفعة التي يشعر بها أهل غزة بعد الحرب، بعد تخلصهم من جحيم الحرب وآلة التوحش الإسرائيلية.
ويدعو عوكل إلى استثمار هذا الصمود الجماهيري الفلسطيني في غزة لتعزيز الوحدة الوطنية وتجنب الوقوع فريسة للحسابات الفئوية التي قد تضر بالقضية الفلسطينية ككل.
اليوم التالي سيشهد بداية التفكير الجدي في إدارة شؤون غزة
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي هاني أبو السباع أن المواطنين في قطاع غزة يترقبون بفارغ الصبر لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار وتنفيذ الصفقة، في ظل أوضاع معيشية بالغة الصعوبة، فقد أدى العدوان إلى نقص حاد في المياه والغذاء والدواء، وافتقار مراكز الإيواء إلى الخدمات الأساسية، بينما يعاني شمال القطاع من شبح المجاعة.
بحسب أبو السباع، فإن اليوم التالي للصفقة سيشهد بداية التفكير الجدي في إدارة شؤون غزة، وتتطلب هذه المرحلة توفير الاحتياجات الأساسية للسكان، والعمل على إعادة إعمار ما يمكن إصلاحه، وتشغيل المرافق الحيوية كالمستشفيات، واستئناف العملية التعليمية بعد انقطاع دام لأكثر من عام.
ويؤكد أبو السباع أن هذه المهام تشكل أعباء كبيرة لا يمكن لفصيل واحد تحملها، بل تستوجب جهدًا مشتركًا من جميع الأطراف التي ساهمت في الصمود خلال الحرب.
ويشير ابو السباع إلى أن مظاهر الفرح التي شهدتها مراكز الإيواء، حيث عبّر المواطنون عن فرحتهم بالخروج إلى الشوارع والتكبير، تعكس إرادة الحياة لدى أهالي غزة ونجاتهم من الموت رغم المعاناة.
ويحذر ابو السباع من أن المرحلة المقبلة هي الأصعب، إذ إنها تتطلب توفير الأمن الغذائي والشخصي، والاستجابة لتطلعات الناس في مستقبل أفضل بعيدًا عن شبح الحروب.
ويوضح أبو السباع أن هناك نقاط رئيسية تجعل الصفقة قابلة للصمود لفترة أطول مما كان في السابق، حيث فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية وأظهرت حرب الاستنزاف في غزة عجز الجيش الإسرائيلي عن التعامل مع المقاومة، خاصة في الأيام الأخيرة حيث لوحظ ارتفاع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي.
ويؤكد أبو السباع أن إسرائيل لم تتمكن من استعادة أسراها في غزة، بالرغم من مرور أكثر من 15 شهراً على احتجازهم، وفشلت في وقف إطلاق الصواريخ، إذ سجلت المقاومة إطلاق 32 صاروخاً في الشهر الأخير فقط، ما يشير إلى قدرة المقاومة على ترميم قوتها الصاروخية.
ويلفت أبو السباع إلى الخلافات الداخلية في إسرائيل، حيث تفتقر الحكومة إلى إجماع بشأن الحرب، مع استمرار المظاهرات والاعتراضات، كما أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب، المعروف بنهجه الاقتصادي، قد تكون أقل ميلًا لدعم الحروب.
ويشير أبو السباع إلى المتغيرات الإقليمية، خاصة في سوريا، حيث يمكن أن تشكل الجبهة السورية تهديداً مستقبليًا لإسرائيل، ما قد يدفعها للتركيز على هذا المحور وعدم مواصلة الحرب في غزة.
ويعتقد أبو السباع أن كل المؤشرات على الأرض وفي المحيط الإقليمي تشير إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد صفقة طويلة الأمد، تشمل ترتيبات سياسية وإنسانية لضمان استقرار القطاع.
ويؤكد أبو السباع أن غزة بحاجة إلى إدارة حكيمة لضمان توفير حياة كريمة للسكان، بعيداً عن الفساد والمحسوبية.
ويرى أبو السباع أن من شارك في الصمود خلال الحرب يجب أن يساهم في مرحلة البناء.
ويشدد أبو السباع على أهمية تقديم الرعاية للأطفال الذين فقدوا معيلهم، وتوزيع المساعدات بشكل عادل، داعياً إلى طمأنة السكان بأن الحروب أصبحت من الماضي، مشيرًا إلى أن استمرار الحروب يوفر ذريعة لإسرائيل للضغط على السكان ودفعهم للهجرة.
ويشدد أبو السباع على أن المرحلة المقبلة هي فرصة لإعادة بناء غزة وتحويلها إلى بيئة آمنة ومستقرة للسكان، بعيداً عن شبح الحروب المتكررة.
حالة من الصدمة بعد تنفيذ الصفقة والهدنة
ترى الكاتبة والباحثة السياسية د.تمارا حداد أن الأوضاع في قطاع غزة بعد تنفيذ الصفقة والهدنة ستشهد حالة من الصدمة، حيث سيجد المواطن نفسه أمام واقع مليء بالتحديات.
وتشير حداد إلى أن توقف الحرب لن يكون نهاية المعاناة، بل بداية لسلسلة من الأزمات التي تتطلب حلولًا عاجلة وشاملة من خلال إدارة فاعلة لشؤون الناس في قطاع غزة.
وتؤكد حداد أن المواطنين سيعيشون حالة من الحيرة إزاء كيفية إعادة ترتيب حياتهم اليومية، خاصة مع العودة المحتملة إلى شمال قطاع غزة.
وتشير حداد إلى أن أحد شروط الصفقة قد يتضمن مراقبة أمنية مشددة على العائدين إلى مناطق شمال غزة، لضمان عدم ارتباطهم بالفصائل المسلحة.
وترى حداد أن الوضع في غزة سيكون كارثياً بكل المقاييس، نتيجة للدمار الهائل الذي خلفته الحرب في الأرواح والممتلكات، وغياب مقومات الحياة الأساسية.
وتشدد على أن إسرائيل استهدفت إيصال الخدمات والمساعدات إلى الحد الأدنى، مما يجعل استعادة الحياة الطبيعية أمراً بالغ الصعوبة.
وتلفت حداد إلى أن غياب إدارة فاعلة لشؤون قطاع غزة سيجعل عملية إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار معقدة للغاية، في ظل تحديات استغلال بعض تجار الحروب للمساعدات خلال فترة الحرب، حيث قاموا ببيعها بأسعار باهظة، مما أثقل كاهل المواطن الفلسطيني.
وتوضح حداد أن اليوم التالي لوقف إطلاق النار سيفرض على المواطن تحديات كبيرة، بدءاً من توفير المسكن والغذاء وحتى ترتيب الأوضاع الصحية للجرحى والمرضى الذين يحتاجون علاجًا خارج قطاع غزة.
وتحذر حداد من أن الصفقة قد تكون مرتبطة بترتيبات أمنية كبيرة، تتيح لجيش الاحتلال الدخول والخروج من قطاع غزة متى أراد، دون ضمانات واضحة لانسحابه الكامل أو عدم عودته، ما يحقق لنتنياهو هدفه بإخراج المحتجزين الإسرائيليين دون إنهاء الحرب بشكل شامل، مع فرض تهدئة ذات طابع أمني يخدم مصالح إسرائيل.
وتشير إلى أن الترتيبات المستقبلية قد تهدف إلى تغيير واقع إدارة غزة، بما يؤدي إلى تقليص دور حركة حماس، مرجحة أن تكون هناك خطة لإدخال قوات عربية إلى القطاع، ربما بمشاركة السلطة الفلسطينية، وفق رؤية وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والتي قد تُنفذ بعد ترتيبات المرحلة الأولى من الصفقة وتنتهي بمفاوضات لتطبيق واقع جديد في غزة.
وتشدد حداد على ضرورة وجود إدارة قوية وقادرة على تلبية احتياجات المواطنين في غزة، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب بشكل عادل وسريع.
وترى حداد أن أي فشل في تحقيق ذلك سيُبقي قطاع غزة في حالة من الأزمات الممتدة، ما يتيح لإسرائيل استغلال الوضع الأمني والسياسي لصالحها، وإبقاء غزة في حالة من عدم الاستقرار.
دلالات
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
كتيبة جنين والمقاومة في مخيم جنين توافق على مبادرة الوفاق الوطني
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
مقتل 400 جندي إسرائيلي منذ بدء التوغل في قطاع غزة
الأكثر قراءة
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 415)
شارك برأيك
بعد 15 شهراً من الإبادة المستعرة كيف ستبدو غزة في اليوم التالي للصفقة؟