Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 06 يناير 2025 9:13 صباحًا - بتوقيت القدس

حتى لا ندخل الحقبة الإسرائيلية

لا يكف نتنياهو وجوقته عن ترديد الشعار القائل بضرورة تغيير الشرق الأوسط، وهو مفهوم استعماري قديم بدأ منذ بداية القرن الماضي واتخذ أسماء مغرية وملتبسة أيضاً، كان آخرها ما أشار إليه نتنياهو حين قسم المنطقة إلى دول نعمة ودول  نقمة، وهي رؤية أخرى تعيد إنتاج البلقنة والفوضى الخلاقة وتفكيك العالم العربي وسايكس بيكو وسان ريمو. تفكيك بلادنا كان دائماً حلماً من أحلام المستعمرين منذ غزوات الفرنجة في القرن الحادي عشر، فهم يعتقدون أننا لا نرقى إلى مرحلة  تشكيل الشعوب أو الدول، بل نحن مجرد قبائل بدائية بعقليات متخلفة وغبية ويمكن التحكم بنا كالقطعان أعزكم الله.


المهم هنا، أن نتنياهو الذي يريد أن يغير الشرق الأوسط إلى دول مقبولة وأخرى مرفوضة، إنما يعني في نهاية الأمر أن يدمر تلك الدول التي تضطرم بالنقمة، وأن يتحالف مع تلك الدول التي تنعم بالبركات والرحمات، يهدف الرجل لأن يعيد تركيب الديموغرافيا العربية والجغرافيا السياسية، هو يريد أن يسمي الأشياء من جديد، وأن يخلق كيانات وينشئ جيوباً وأقاليم جديدة ضعيفة وهشة تعتمد عليه في كل شيء. يريد الرجل أن يكون سيد المنطقة وحاميها وقائدها وملهمها والمايسترو الذي يتحكم باتجاهاتها وسلوكها.


يكتشف هذا الرجل أن اللحظة التاريخية مناسبة جداً لتفكيك المنطقة كلها حتى لا يضطر إلى الاعتراف بدولة فلسطينية حرة ومستقلة، وأنه يستطيع  محاربة كل الساحات حتى يدخل في قلب الشعب الفلسطيني اليأس والاحباط، وكأنه يريد القول أن السلام لم يعد ممكناً على الإطلاق، وأن الظرف الزماني والمكاني يتطلب فرض تسوية أمنية لا سياسية، بكلمات أخرى، فإن نتنياهو بما يمثل من حمولة فكرية وعقائدية استعمارية واستعلائية يرى أن السلام أو التسوية بمعنى الندّية والتشاركية بما تتضمن من إقامة دولة فلسطينية لم يعد ممكناً بعد كل الذي جرى، وأنه لا بد الآن من استخدام القوة بمعناها الواسع، السياسي والديني والعسكري والإعلامي.


إسرائيل، مدفوعة ومحمية من الغرب الاستعماري الذي تقف على رأسه الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تستعيد كل ما خسرته بعد السابع من أكتوبر من عام 2023، وليس هذا فقط ، بل أن تفكك ما حولها وتهيمن عليه وتضبط إيقاعه، بحيث لا يعود يهدد أو يحتمل أن يهدد. وتأسيساً على ذلك فإن إسرائيل لا تريد أن تقطع الطرق أو تصادر الثروات وتحتكرها أو أن تراقب عمليات التسليح فقط، وإنما تريد أن تضبط لغة الإعلام وسياقات المناهج المدرسية ولغة الخطاب في الفضاء العام، وهي تريد أيضاً أن تصمم الأنظمة وعلاقاتها الداخلية والخارجية.


إسرائيل الآن تريد أن تخلق نموذجاً لم يوجد في التاريخ من قبل، أقصد، الغازي الذي يريد يكون محبوباً ومقبولاً بالقوة وأن يتم تفهم معاناته ومكافأته على مظلمته، إسرائيل لا تريد أن تكون احتلالاً ليبرالياً أو احتلالاً متنوراً أو غير مرئي، لا، هي تريد احتلالاً وكأنه هدية الله إلى الناس، أو أن هذا الاحتلال قدر إلهي لا بد منه، أكثر من ذلك، هي تريد احتلالاً يعاند سيرورة التاريخ وينتصر عليه باعتباره فعلاً وإرادة إلهية فوق القوانين والسنن، وهذا يعطيها الحق في تغيير المنطقة بالكامل بالتفكيك والاحتلال والإبادة والتهجير والتهديد الدائم وتجريد الشعوب من مصادر ثرواتها ومقدراتها العسكرية ومنعها من التطور والتوحد والتكامل، ويعطيها الحق في ان تطلب ألا تحاكم أو تساءل أو تنتقد، ويعطيها الحق في أن تفرض على العالم كله أوهامها وأن يتم التعامل مع تلك الأوهام وكأنها حقائق، يعطيها الحق في أن تطلب من العالم أن يتم التعامل معها باعتبارها شاهدة على معجزة من معجزات الرب.


الآن، وبعد خمسة عشر شهراً من الحرب على شعبنا، فإن الحرب التي بدأت بأطراف وأهداف وتنتهي – إذا انتهت- بأطراف وأهداف أخرى، فإن إسرائيل بصدد وضع المنطقة كلها تحت جناحها وارتهان إرادتها وإرادة شعوبها والسيطرة المباشرة وغير المباشرة على تطورها بحجة البحث عن الأمن وتوطيده وإنقاذ إسرائيل من مصائرها. إن هذا الفصل الجديد من تطورات الصراع العربي الإسرائيلي ينذر بدخول الإقليم كله في ما يمكن أن يسمى الحقبة الإسرائيلية.


والسؤال هو: هل هناك مشروع عربي لمواجهة هذه الحقبة بكل ما فيها؟! هل هناك استراتيجية موحدة للرد أو الاستيعاب أو المواجهة أو إحباط ذلك؟! بالمناسبة ، فإن غياب مثل هذا المشروع سيعني ببساطة أن كل من في المنطقة سيدفع ثمن أو ضريبة تلك الحقبة، كلٌ حسب موقعه ومن كلٍ حسب قدرته.

دلالات

شارك برأيك

حتى لا ندخل الحقبة الإسرائيلية

المزيد في أقلام وأراء

تحريض إسرائيلي سافر على إبادة الضفة الغربية

حديث القدس

مبادرة عرجاء

حمادة فراعنة

هل تنفجر الأوضاع على الجبهة الشمالية؟

راسم عبيدات

هل من كلمة سواء لصون مصيرنا الوطني؟!

جمال زقوت

التغير المناخي والإنسانية المنسيّة في فلسطين

فادي أبو بكر

باختصار.. من أجل أن نكون بخير

مروان أميل طوباسي

شرق أوسط 2025.. بين الاحتمالات والتحديات الكبرى

د. روان سليمان الحياري

تواطؤ أم غسيل دماغ؟ لماذا نسكت عن المظالم؟

سماح جبر

شرق أوسط 2025 .. بين الاحتمالات والتحديات الكبرى

د. روان سليمان الحياري

المعادلة الأهم: حياة البشر

حديث القدس

رغبة نتنياهو في استمرار حرب الإبادة

بهاء رحال

المُخيّم أرضُ الرّماد المُتفجّرة

المتوكل طه

كيف تتكامل شخصية الإنسان تربوياً

د.غسان عبد الله

هل تقع الصفقة ؟

حمادة فراعنة

قراءة في مشروع إعدام مستقبل غزة

اللواء المتقاعد: أحمد عيسى

المرحلة التأسيسية لسوريا المستقبل الجديدة

كريستين حنا نصر

لا إنسانية في قاموس إسرائيل

حديث القدس

دروس "الطوفان" وارتداداته (1).. قول في النصر والهزيمة

د. إياد البرغوثي

أصوات المعاناة من غزة إلى ضمير العالم

بهاء رحال

الإعلام والدبلوماسية

د. دلال صائب عريقات

أسعار العملات

الإثنين 06 يناير 2025 10:17 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.14

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.75

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%60

%40

(مجموع المصوتين 361)