أقلام وأراء
الثّلاثاء 17 ديسمبر 2024 9:46 صباحًا - بتوقيت القدس
الفرد الفلسطيني جوهر السلم الأهلي وأساسه
في المجتمعات المختلفة، تعد الوحدة الاجتماعية والتعايش السلمي من أهم الأسس التي تسهم في بناء مجتمع مستقر وآمن، وبالنسبة للمجتمع الفلسطيني عامة والمجتمع المقدسي خاصة، الذي يعاني من تحديات ومعوقات متعددة؛ نتيجة للاحتلال الإسرائيلي، فإن السلم الأهلي غدا أكثر من مجرد هدف، بل صار حاجة ملحة لضمان استقرار المجتمع وحمايته من الانقسام والتمزق. وفي هذا السياق، يعد الفرد في المجتمع الفلسطيني حجر الزاوية الذي يرتكز عليه السلم الأهلي، إذ أن بناء فردٍ واعٍ ومسؤول هو الطريق إلى تحقيق هذا السلم في كل مكوناته.
السلم الأهلي مسؤولية فردية ومجتمعية، تنبع من داخل الفرد نفسه لتصبح ظاهرة اجتماعية جوهرية وإيجابية، فالفرد هو الأساس الأول والركيزة الأولى، فإذا ما عملنا على بناء فرد سليم، فإننا نكون قد وضعنا اللبنة الأولى في مجتمع سليم وصحي وإيجابي، ومن هنا نكون قد حققنا هدفاً أسمى الحملات التي تسعى بشكل دؤوب لتعزيز السلم الأهلي في مجتمعنا الفلسطيني.
بادئ ذي بدءٍ، تعد التربية الركيزة الأولى في تكوين شخصية المواطن الفلسطيني، والتي تسعى غالبًا لضم أي فرد فيها بوصفه عضوًا من أعضاء الجماعة (العائلة)، حيث يصبح –غالبًا- تابعًا لقرارات العائلة إن أصابت وإن أخطأت، علاوة على التربية القائمة على رد العنف بالعنف، بالجملة الشهيرة "اللي بيضربك إضربه" وذلك على مستوى رياض الأطفال أو المدرسة وما إلى ذلك.
وعلى صعيد آخر، يعد التعليم أحد العوامل الأساسية التي تُشكل وعي الفرد، وفي فلسطين، يجب أن يركز النظام التعليمي على تعزيز قيم السلم الأهلي، مثل: التسامح، والعدالة، والاحترام المتبادل من خلال التعليم، ويُمكن تكوين جيل قادر على التفكير النقدي، واتخاذ القرارات المسؤولة التي تسهم في نشر ثقافة السلام والتعايش في المجتمع. علاوة على ذلك، يساعد التعليم على تجاوز مفاهيم العنف والكراهية التي قد تنشأ في أوقات الصراع، ليحل محلها الحوار البنّاء.
ويعاني الفرد الفلسطيني من ضغط في المؤسسات التعليمية، وفي كيفية تعامله مع أقرانه بشخصياتهم وخلفياتهم المجتمعية المختلفة؛ ما يجعل جزءًا من صقل شخصيته معتمدًا على ما يتلقاه من الخلان، ويمكن تجاوز هذا التأثير عن طريق التربية السليمة والصحية؛ للحفاظ على فرد سليم، وهذا لا يعني عدم تأثره بالمطلق، ولكن قد يكون الأثر أقل حدة.
ومن جانب آخر، فالمجتمع يمكن أن يكون ذا تأثير كبير في تعزيز السلم الأهلي أو تقويضه، وَفْقَ البيئة الاجتماعية والسياسية التي ينشأ فيها الفرد، فإذا كان المجتمع يعاني من التوترات الداخلية أو الانقسامات السياسية الحادة؛ فإن ذلك يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الأفراد الذين قد يتبنون مواقف عدائية أو متطرفة تجاه فئات أخرى داخل المجتمع.
ومن أخطر العوامل غياب دور المؤسسات الشبابية، أو عدم فعاليتها في المجتمع الفلسطيني، حيث تلعب تلك المؤسسات دورًا محوريًا في أي مجتمع بهدف تعزيز التنمية الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، حيث تسهم في بناء أجيال قادرة على تحمل المسؤولية، والتفاعل بشكل إيجابي مع التحديات التي يواجهها المجتمع، لكن المجتمع الفلسطيني تعاني العديد من مؤسساته من ضعف دورها أو قلة فعاليتها؛ ما يؤثر سلبًا على تحقيق السلم الأهلي وتوطيد الوحدة الوطنية.
ولوسائل الإعلام في العصر الحديث دور مهم، إذ تعد من أهم الأدوات التي تؤثر على وعي الأفراد وتوجهاتهم في المجتمع الفلسطيني، فيمكن لها أن تلعب دورًا حيويًا في نشر رسائل التسامح والتعايش السلمي بين مختلف شرائح المجتمع، ويُفترض أن يتحلى الأفراد بوعي إعلامي يعزز من نشر الأخبار الموثوقة، وينبذ الشائعات والتضليل الذي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الصراعات.
أما الخطورة الكبرى فتكمن في الاحتلال ومضايقاته، وشدّ الخناق على الفلسطيني بشكل عام، وعلى المقدسي بشكل خاص، حيث تعمل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في محافظة القدس خاصة، وفي فلسطين عامة، على خنق طموح الشباب وأسرها، وتحطيم آمالهم، وحرمانهم من رسم مستقبل واعد لهم، الأمر الذي يقيد فرص نجاحهم وتفوقهم وحصولهم على أحلامهم؛ ما يحبط معنوياتهم، ويجعلهم أكثر تأثرًا بالتعصب.
فالاحتلال الإسرائيلي يجعل فهم واقع السلم الأهلي في محافظة القدس وتحليله أمرًا أكثر تعقيدًا، وأكثر صعوبة، فيد الاحتلال طائلة بجبروتها، وغاشمة تفرض واقعًا مفروضًا بالقوة والآلة الحربية الغاشمة التي لا ترحم شيئًا في كل مناحي الحياة للشعب الفلسطيني.
عود على بدءٍ أقول: إن التربية السليمة هي أساس بناء شخصية الفرد القادرة على التعايش بتسامح في المجتمع وتعزيز السلم الأهلي في المجتمعات التي تعاني من التوترات السياسية والاجتماعية، مثل المجتمع الفلسطيني، فتصبح التربية على السلوكيات الإيجابية والتعايش السلمي ضرورة ملحة؛ لنحمي أبناءنا ومجتمعنا، ونقدم لهم التربية السليمة؛ ليقدموا لنا مستقبلًا أفضل
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
منح ملكية سخية لتذهيب قبة الصخرة وتأسيس جامعة ارثوذكسية
كريستين حنا نصر
تغيير المجتمعات العربية -أدونيس.. مرّةً أُخرى-
المتوكل طه
في مواجهة خطّة اجتثاث الأمل
عوض عبد الفتّاح
من هو البديل لإيران؟
حمادة فراعنة
قضية الأسرى الفلسطينيين إلى أين؟
عقل صلاح
قداسة البابا فرنسيس والرئيس عباس: رجلا سلام
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
حركة "فتح" وسوريا الجديدة
بكر أبوبكر
إسرائيل تستغل المرحلة الانتقالية كي تدمر قدرات سورية العسكرية
ماهر الشريف
هدم في كل مكان
حديث القدس
ماذا بعد الاحتفال السوري؟
حمادة فراعنة
التوافق مدخل إجباري لإنقاذ المصير الوطني
جمال زقوت
الفلسطينيون في سوريا.. بين المساواة والقمع
عمر فارس
فرصة أن تحكم النصرة سوريا كإرهاب أصغر
حمدي فراج
الشرق الأوسط يتغير منذ 1977 لكنه سيعود عربيًا
هاني المصري
أهمية دور الاردن المحوري في الأزمة السورية
كريستين حنا نصر
يا نبضَ الضفة …
حديث القدس
هل تحافظ الثورة السورية على مكتسباتها؟
د. ممدوح المنير
ما بعد الاحتفالات.. ما التحديات الكبرى في طريق سوريا الآن؟
فايد أبو شمالة
من يواجه الاستباحة الإسرائيلية؟
د. مصطفى البرغوثي
من الآخر ألف حاجز في الضفة.. لماذا؟
د. أحمد رفيق عوض
الأكثر تعليقاً
لتقييد حركة المواطنين: الاحتلال يعتزم نشر منظومات إطلاق نار آلية في الضفة
اليونيسيف تدعو لتحرك عالمي لوقف سفك دماء أطفال غزة
الاستباحة الإسرائيلية للأراضي السورية.. نوازع ثأرية ومحاولة لتكريس دولة الطوائف
استشهاد مصور قناة الجزيرة أحمد اللوح في قصف إسرائيلي على غزة
مقبرة جماعية في سوريا تحوي 100 ألف جثة على الأقل
10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات
فرصة أن تحكم النصرة سوريا كإرهاب أصغر
الأكثر قراءة
القناة 12 العبرية: نتنياهو أكثر تصميما من أي وقت مضى على التوصل لاتفاق
الاحتلال يقتحم مخيم بلاطة شرق نابلس ويصيب طفلا بالرصاص
البيان الختامي لاجتماع لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا
هل تندرج في إطار الضغوط المرتقبة؟.. ما الحلول الأُخرى التي يُفضلها ترمب غير "حل الدولتين"؟
إسرائيل تبحث عن رفات الجاسوس إيلي كوهين في سوريا
رغم "النبرة المعتدلة".. الجولاني يقلق إسرائيل
تفاصيل جديدة بشأن صفقة إسرائيل وحماس.. 5 نقاط رئيسية
أسعار العملات
الأربعاء 18 ديسمبر 2024 9:27 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.59
شراء 3.58
يورو / شيكل
بيع 3.88
شراء 3.78
دينار / شيكل
بيع 5.7
شراء 5.6
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 257)
شارك برأيك
الفرد الفلسطيني جوهر السلم الأهلي وأساسه