أقلام وأراء
الجمعة 06 ديسمبر 2024 3:21 مساءً - بتوقيت القدس
النرويج تتضامن مع فلسطين: ملكاً وحكومة وشعباً وسفراء من كل أنحاء العالم
في التاسع والعشرين من نوفمبر، شهدت النرويج حدثاً استثنائياً يخلد في تاريخ التضامن الإنساني، حيث أظهرت دعماً عميقاً للشعب الفلسطيني في يوم عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وفي هذا اليوم المميز والذي جمع بين معاني الحرية والعدالةللحق الفلسطيني. الحدث الذي أقيم في كاتدرائية أوسلو كان مشهداً تاريخيا غير مسبوق حضره ملك النرويج هارالد والعائلة المالكة، وأعضاء الحكومة النرويجية وحشود من الشعب النرويجي، إضافة إلى ممثلي 60 سفارة من مختلف دول العالم. هذا التجمع الفريد لم يكن مجرد مناسبة رمزية بل رسالة واضحة للعالم أجمع بأن الحرية والعدالة للشعب الفلسطيني ليست مجرد مطالب سياسية بل مسؤولية إنسانية مشتركة.
ما جعل هذا الحدث فريدا من نوعه لم يكن فقط حجم المشاركة بل الروح التي سادت المكان حيث امتزجت الصلوات بالكلمات التي حملت في طياتها أسمى قيم التضامن الإنساني. الكاتدرائية في اسلو التي تعد رمزاً للسلام والروحانية تحولت في ذلك اليوم إلى منبر دولي لدعم قضية الشعب الفلسطيني مؤكدة أن معاني العدالة تتجاوز حدود السياسة لتصبح رسالة إنسانية عالمية.
هذا الحدث التاريخي لم يكن وليد اللحظة بل تتويجا لجهود دبلوماسية امتدت على مدار سبع سنوات قادتها السفيرة الفلسطينية ماري أنطوانيت سيدن. استطاعت السفيرة أن تحول القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية تُطرح بأدوات حضارية وأسلوب مبتكر. من خلال رؤية متجددة وأساليب إبداعية نجحت السفيرة في بناء جسور من الفهم والتواصل مع المجتمع النرويجي والدولي وأيضا الجاليات العربية والأجنبية بكل اطيافها مماساهم في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية بأسلوب جذب الانتباه وأثار التعاطف في مختلف المحافل.
جهود السفيرة ماري أنطوانيت تجاوزت الدور التقليدي للدبلوماسية حيث نظمت ندوات فكرية ومعارض فنية وعروضاً سينمائية أظهرت معاناة الشعب الفلسطيني بطريقة راقية ومؤثرة. لم تكن تلك الفعاليات مجرد وسائل لتوثيق المعاناة بل أدوات لنقل رسالة حضارية تُظهر للعالم الوجه الإنساني للقضية الفلسطينية. هذه الأنشطة استطاعت أن تخلق حالة من التعاطف والتفهم على مستوى دولي مما ساهم في حشد الدعم السياسي والإنساني للقضية الفلسطينية.
في كلمة مؤثرة ألقتها السفيرة في كاتدرائية أوسلو ألهمت الحضور بكلمات جمعت بين العمق الإنساني والدقة السياسية. أكدت أن النضال الفلسطيني ليس مجرد صراع سياسي بل قضية إنسانية تتعلق بحقوق الشعوب في الحرية والكرامة. هذه الكلمة لم تكن مجرد خطاب بل كانت شهادة على أن الدبلوماسية يمكن أن تكون أداة لإحداث تغيير حقيقي عندما تمارس بحرفية وابتكار.
الإنجاز الكبير الذي حققته السفيرة ماري أنطوانيت يجب أن يكون نموذجا يحتذى به لكل سفراء فلسطين حول العالم. جهودها المميزة تمثل درساً في كيفية تقديم القضايا العادلة بأسلوب يجمع بين التأثير الإنساني والعمق الفكري. على السفراء أن يستلهموا من تجربتها أهمية الابتكار في طرح القضية الفلسطينية وأن يسعوا جاهدين لتقديمها للعالم بأسلوب يعكس الروح الإنسانية العميقة التي تمثل جوهر هذا النضال.
ما حدث في كاتدرائية أوسلو يحمل في طياته رسالة عظيمة للعالم: أن القضايا العادلة لا يمكن أن تنجح إذا ظلت حبيسة الخطابات التقليدية بل تحتاج إلى رؤية متجددة ووسائل مبتكرة قادرة على لمس القلوب قبل العقول. التضامن الذي أظهرته النرويج، ملكاً وحكومة وشعبا إلى جانب مشاركة ممثلي 60 دولة، يعزز الأمل في أن العدالة يمكن أن تتحقق عندما تتوحد الجهود حول المبادئ الإنسانية.
هذا الحدث التاريخي ليس فقط محطة فارقة في تاريخ التضامن مع فلسطين، ولكنه أيضا دليل على أن الدبلوماسية الإنسانية يمكن أن تكون وسيلة قوية لتحقيق التغيير. يجب أن يكون هذا الإنجاز محفزا للدبلوماسيين الفلسطينيين ليعملوا بروح الإبداع والالتزام لتقديم قضيتهم العادلة بأسلوب يليق بها.
ختاما، سيظل هذا اليوم شاهداً على قدرة الشعوب على التوحد حول قيم الحرية والعدالة، ورمزاً للتضامن الإنساني الذي يتجاوز حدود السياسة. الحدث الذي شهدته كاتدرائية أوسلو يمثل لحظة تاريخية يجب أن تستلهم منها روح جديدة للدبلوماسية الفلسطينية تبرز الوجه الإنساني لقضيتنا العادلة وتفتح آفاقاً أوسع لتحقيق الحرية والعدالة للشعب الفلسطيني. لقد كنت واحدا من الفلسطينيين الحاضرين في كاتدرائية أوسلو وشعرت بالفخر والعزة في تلك اللحظة التاريخية التي جمعت قلوب العالم حول قضيتنا. رغم أنني كنت أشعر بالإحباط بسبب الأحداث المتصاعدة في فلسطين فإن هذا الحدث أعاد لي الأمل بأن العالم لا يزال قادراً على الإصغاء لقضيتنا وأن التضامن الإنساني يمكن أن يكون جسراً نحو مستقبل أفضل لنا ولأجيالنا القادمة نحو التحرير والوصول للعدالة رغم جبروت الاحتلال. .
اياد أبو روك
P
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل
حديث القدس
المشهد الراهن والمصير الوطني
جمال زقوت
الخيار العسكري الإسرائيلي القادم
راسم عبيدات
ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!
د. إبراهيم نعيرات
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
هاني المصري
زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين
حمدي فراج
هل وصلت الرسالة إلى حماس؟
حمادة فراعنة
مجدداً.. طمون تحت الحصار
مصطفى بشارات
بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !
د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت
الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية
جنيباليا.. مأساة القرن
حديث القدس
لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة
أحمد عيسى
"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ
د. أحمد رفيق عوض
رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن
حمادة فراعنة
"ترمب" والتهجير الخبيث!
بكر أبو بكر
تحويل الضفة إلى غيتوهات
بهاء رحال
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
د. رمزي عودة
محمد الطوس "أبو شادي" يبعث من جديد بعد أربعين سنة
وليد الهودلي
الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟
سارة الشماس
الأكثر تعليقاً
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟
الاحتلال يفرج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
الترامبيّة المُتحوّرة!
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
الرئيس يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي الشهر الماضي
المشهد الراهن والمصير الوطني
الأكثر قراءة
إعلام عبري: نتنياهو يناقش خطط عودة الجيش الإسرائيلي إلى غزة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 432 عاملا فلسطينيا داخل أراضي 1948
ترامب: لا ضمانات لدي أن الهدنة بين إسرائيل وحماس ستصمد
مستعمرون يقتحمون مبنى "الأونروا" في حي الشيخ جراح
ترامب يبحث الثلاثاء مع نتنياهو سيناريوهات التهجير لغزة واحتمال العودة للحرب
مارتن أولينر يدعو إلى دعم خطة ترامب للتهجير.. "سكان غزة لا يستحقون الرحمة"
استراتجية أم تكتيك؟ تصريحات أبو مرزوق تلقي حجراً في المياه المتدفقة
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 554)
شارك برأيك
النرويج تتضامن مع فلسطين: ملكاً وحكومة وشعباً وسفراء من كل أنحاء العالم