عربي ودولي
الإثنين 18 نوفمبر 2024 2:53 مساءً - بتوقيت القدس
التصعيد في لبنان.. محاولة لإطفاء النار بالنار!
رام الله- خاص بـ"القدس" و"القدس" دوت كوم:
- اللواء واصف عريقات: إعلان قصف جميع أنحاء لبنان كل ساعتين دليل على هشاشة الوضع الميداني للجيش الإسرائيلي وعدم تحقيق التقدم البري
ياسر مناع: التوسع الإسرائيلي في العدوان على لبنان يعكس استراتيجية جديدة تعتمد على التفاوض ضمن سياق التصعيد العسكري
د. أحمد رفيق عوض: الوضع قد يدفع بلبنان نحو مرحلة جديدة من الحرب خاصة في ظل فشل المفاوضات أو عدم التوصل إلى تسوية
د. عقل صلاح: ما يحدث في لبنان يشبه سيناريو الحرب على غزة حيث تتبع إسرائيل استراتيجية "التفاوض بالنار والدمار"
أكرم عطا الله: التجارب أثبتت أن إسرائيل لم ترتدع بالفعل الدبلوماسي والسياسي والتدخلات الدولية بل بالقوة العسكرية الميدانية
نهاد أبو غوش: التصعيد المكثف على مختلف أنحاء لبنان متعدد الأبعاد ويتماشى مع المبدأ الإسرائيلي الدائم "التفاوض تحت النار"
تتصاعد العمليات الإسرائيلية ضد لبنان بشكل كبير، بالتزامن مع إعلان الاحتلال الإسرائيلي انه سيوسع استهدافاته لتشمل قصف مختلف أنحاء لبنان كل ساعتين، في وقت يبدو أن التصعيد العسكري الاسرائيلي يحاول حسم ملفات التفاوض بقوة السلاح، ما يعكس استراتيجية جديدة تعتمدها إسرائيل بالتفاوض بالنار لإحداث تحولات ميدانية.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن إسرائيل تحاول خلق بيئة معارضة للمقاومة اللبنانية عبر تعميق الخسائر المدنية وتدمير البنية التحتية، ومحاولة الضغط للقبول بالشروط الإسرائيلية لإبرام تسوية، وتحقيق هدف فصل جبهة لبنان عن غزة، فيما يؤكدون ان سياسة إسرائيل في تصعيدها ضد لبنان تشبه ما جرى في غزة.
ويعتقد الكتاب والمحللون والمختصون أن إسرائيل ستواصل جرائمها دون رادع بسبب الدعم الأميركي والغربي المتواصل والصمت العربي على ما يجري، فيما يشيرون إلى أن وقف تلك الجرائم تحتاج تحقيق إنجازات للمقاومة في الميدان، وأن يكون هناك حراك شعبي عربي جماهيري مساند.
صعوبة تحقيق الجيش الإسرائيلي التقدم البري المنشود
يرى الخبير العسكري والأمني الاستراتيجي اللواء الركن المتقاعد واصف عريقات في إعلان إسرائيل عن قصف جميع أنحاء لبنان كل ساعتين دليلاً على هشاشة وضعها الميداني وصعوبة تحقيق الجيش الإسرائيلي التقدم البري المنشود، بالرغم من القوة النارية الهائلة المستخدمة.
ووفق عريقات، فإن هذه القوة كشفت نقاط ضعف في أداء الجيش الإسرائيلي، خاصة في مواجهته الميدانية المباشرة مع المقاومة اللبنانية، وعمقت الفجوة بين الإنجازات التي حققها سابقاً في معاركه ضد الجيوش التقليدية وبين تعثره الحالي في ظل استبسال المقاومة.
عريقات يوضح أن هذا الوضع يفرض على إسرائيل ضغوطاً إضافية مع تضاؤل عامل الزمن، إذ تحاول الضغط على الجبهة الداخلية اللبنانية من خلال تعميق الانقسامات وخلق أجواء من الخلافات وإيجاد بيئة معارضة للمقاومة عبر مضاعفة حجم الخسائر المدنية، واستهداف البنية التحتية، وتدمير مقومات الحياة الأساسية، تماماً كما جرى ويجري في قطاع غزة، مستندة إلى عقيدة زئيف جابوتنسكي التي تدعو لاستخدام القوة المتصاعدة لتحقيق الأهداف.
ويشير إلى أن هذه العقيدة قد تكون فعالة عند مواجهة الجيوش النظامية، حيث تفرض السيطرة تبعاً للتفوق الميداني، لكنها تبوء بالفشل أمام حركات المقاومة التي تخوض حرب الفدائيين غير المتناظرة وتعتمد على الدعم الشعبي والثقافة المقاومة، كما هو الحال في لبنان وفلسطين.
وفي هذا السياق، يرى عريقات ثلاثة سيناريوهات محتملة للوضع: الأول يشبه ما حدث عام 2006، حين اضطرت القيادة الإسرائيلية بقيادة رئيس هيئة الأركان دان حالوتس إلى قبول اتفاق 1701 بعد استنتاجها استحالة تحقيق تقدم ملموس وتجنباً لخسائر أكبر في حرب استنزاف طويلة.
السيناريو الثاني يتوقع فيه عريقات، استمرار الحرب بشكلها الحالي مع تكثيف القصف وتوسيع الهجمات على المدنيين، مع احتمال تعميق الزج بالقوات البرية نحو الجنوب اللبناني في مغامرات غير محسوبة، كما فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سابقاً في قطاع غزة. أحد المؤشرات على هذا التوجه، بحسب عريقات، هو إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت واستبداله بيسرائيل كاتس، الذي أطلق تصريحات تعكس فهماً محدوداً لقدرات المقاومة اللبنانية، التي تفوق نظيرتها الفلسطينية في غزة
أما السيناريو الثالث، فيشير عريقات إلى استمرار إسرائيل "التفاوض بالنار" وهذا يستدعي مزيد من استخدام القوة التدميرية وسحب بعض فرقها العسكرية لتخفيف حجم الخسائر وإيقاع خسائر أكبر في صفوف المدنيين اللبنانيين ومن خلال
مواصلة استهداف البنية التحتية اللبنانية، وهو ما تدركه المقاومة اللبنانية التي تسعى لاستدراج الجيش لمزيد من الالتحام المباشر لإدراكها أن العنصر الضاغط على نتنياهو هو: حجم الخسائر الإسرائيلية المتزايد بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية في غزة واللبنانية في لبنان. هذه الخسائر ، التي أحدثت خللاً في ميزان الردع عبر استخدام الصواريخ الدقيقة والمسيرات وبنك أهداف حيوية حساسة، واستهدفت العمق الاستراتيجي الديموغرافي والجغرافي والاقتصادي لإسرائيل، بدأت تؤثر على الرأي العام الإسرائيلي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن 61% من الإسرائيليين باتوا يفضلون وقف الحرب والتفاوض.
السقوط الأخلاقي للجيش الإسرائيلي
عريقات يؤكد أن قدرات الجيش الإسرائيلي لا تزال متوفرة، لكن معنويات جنوده تنهار مع كل إخفاق ميداني.
ويرى عريقات أن السقوط الأخلاقي للجيش الإسرائيلي، المتمثل في التدمير والقتل، قد يؤدي إلى انهياره عسكرياً، كما حدث مع جيوش أخرى عبر التاريخ.
ويلفت عريقات إلى أن الحرب الحالية تأتي في سياق تصعيد المواجهة مع إيران وتغيير القيادة الأميركية، ما يضع إسرائيل في موقف أكثر تعقيداً ويجعل نتائج الحرب أكثر غموضاً.
إسرائيل تسعى إلى الفصل بين الحربين على لبنان وغزة
يشير الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي، ياسر مناع، إلى أن التوسع الإسرائيلي في العدوان على لبنان يعكس استراتيجية جديدة تعتمد على التفاوض ضمن سياق التصعيد العسكري.
ويوضح مناع أن هذه الاستراتيجية تتمحور حول استهداف المناطق المدنية اللبنانية للضغط على حزب الله، حيث ترى إسرائيل أن إيقاع أكبر قدر من الضرر في البنية التحتية المدنية يشكل وسيلة للضغط النفسي والمعنوي على الحزب، بهدف إجباره على الانخراط في تسوية سياسية يمكن أن تخفف من وطأة المواجهة.
مناع يعتقد أن إسرائيل تسعى في المقام الأول إلى فصل الحرب الدائرة في لبنان عن الحرب في قطاع غزة، بهدف تحقيق مكاسب محددة في الجبهة الشمالية، دون أن تتأثر مباشرة بالوضع المتفجر في الجنوب، وهذا المسعى يستهدف تحقيق استقرار نسبي على الحدود الشمالية، بحيث يمكن للجيش الإسرائيلي توجيه جهوده بفعالية أكبر نحو التصعيد مع المقاومة الفلسطينية في غزة، أو على الأقل تقليل التحديات المتزامنة على جبهتين.
ومع ذلك، يلفت مناع إلى أن حزب الله، بخبرته العسكرية وبنية مقاومته القوية، يواجه الاستراتيجية الإسرائيلية بأسلوب تصاعدي، إذ عمد الحزب إلى توسيع نطاق عملياته تدريجياً ضد أهداف إسرائيلية محددة، وهذا التوسع الاستراتيجي يهدف إلى استنزاف قوات الاحتلال الإسرائيلي وإفشال أي محاولات للتوغل البري في العمق اللبناني.
ويشير مناع إلى أن المعارك الدائرة في جنوب لبنان أثبتت أن دفاعات حزب الله قادرة على إحباط المخططات الإسرائيلية، الأمر الذي أجبر القيادة العسكرية الإسرائيلية على إعادة النظر في تكتيكاتها، ولجأت إلى أساليب جديدة، من بينها تدمير القرى الحدودية بشكل ممنهج.
المواجهة تحمل أبعاداً سياسية عميقة
ويلفت مناع إلى أن هذه المواجهة ليست مجرد حرب عسكرية تقليدية، بل تحمل أبعاداً سياسية عميقة تسعى من خلالها إسرائيل لتغيير موازين القوى في المنطقة.
ويوضح مناع أن المقاومة الميدانية التي يقودها حزب الله تشكل حاليًا الرادع الأهم أمام تحقيق إسرائيل لأهدافها، فكلما حاولت قوات الاحتلال الإسرائيلي التقدم أو توسيع نطاق عملياتها، تواجه مقاومة شرسة تسهم في تثبيت توازن الردع.
هذه المقاومة، بحسب مناع، تُعقّد الحسابات الإسرائيلية وتجعل من تحقيق أي إنجاز ميداني مستدام أمراً صعباً، في ظل الضغوط المستمرة من العمليات الاستراتيجية التي تديرها المقاومة اللبنانية.
ويشير مناع إلى أن المشهد في لبنان ليس فقط معركة عسكرية، بل هو جزء من معركة أكبر تهدف إلى فرض قواعد جديدة للعبة الإقليمية، حيث تُحاول إسرائيل عبر الضغط الميداني تغيير مسار الأحداث، في حين أن صمود حزب الله وقدرته على المناورة تبقى العامل الرئيسي الذي يُعيق هذا التغيير.
أسباب جوهرية أهمها تعثر المفاوضات
يشير الكاتب والمحلل السياسي د.أحمد رفيق عوض إلى أن التصعيد الإسرائيلي المكثف على لبنان بما يعكس إعلان إسرائيل بأنها تقصف الأراضي اللبنانية بمعدل هجوم كل ساعتين، له أسباب جوهرية أهمها تعثر مفاوضات وقف الحرب.
ويعتقد عوض أن تعثر المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار تاتي كأحد العوامل المركزية في التصعيد، حيث يرفض حزب الله الاستسلام أو الانخراط في تهدئة تمس سيادة لبنان، مشيراً إلى موقف لبناني صارم يرفض أي اتفاق ينتقص من السيادة الوطنية.
هذا الإصرار اللبناني يقابله حزب الله الذي، بحسب عوض، يبدو مستعيداً لعافيته العسكرية، حيث يصعّد هجماته ليطول مناطق حساسة داخل إسرائيل، وترد إسرائيل بدورها بمحاولة شلّ قدرات الحزب، ما يخلق خسائر إسرائيلية جسيمة على مستوى الأرواح والمعدات، فضلاً عن التأثير الكبير على الحياة اليومية للاقتصاد والسياحة والعمل في إسرائيل.
وتهدف سياسة إسرائيل التصعيدية، بحسب عوض، إلى إضعاف حزب الله ودفعه إلى الوراء حتى ما قبل نهر الليطاني، حيث إن الهدف من الهجمات المكثفة هو شلّ الحزب وإجباره على القبول بتسوية وفق الشروط الإسرائيلية.
ويلفت عوض إلى أن جزءاً من الاستراتيجية الإسرائيلية تتمثل في محاولة إرهاق الشعب اللبناني، مما قد يضغط على الحاضنة الاجتماعية لحزب الله ويدفعها للضغط عليه لإنهاء المعارك والدخول في تسوية.
ويشبّه عوض هذا الأسلوب بما شهدته غزة في الحرب الإسرائيلية عليها، حيث سعت إسرائيل إلى تدمير البنية التحتية وجعل الحياة اليومية لا تُطاق كوسيلة لإضعاف المقاومة.
ويشير عوض إلى أن القصف الإسرائيلي المستمر يؤدي إلى تدمير واسع للبنية التحتية اللبنانية، بما يضر الاقتصاد اللبناني ويجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة.
ويؤكد عوض أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إضعاف حزب الله والدولة اللبنانية على حد سواء، وإجبار الجميع على التفاوض بشروط إسرائيلية.
ويحذر عوض من أن هذا الوضع قد يدفع بلبنان نحو مرحلة جديدة من الحرب، خاصة في ظل فشل المفاوضات أو عدم التوصل إلى تسوية.
ويشير عوض إلى احتمالية أن تتقدم إسرائيل ببطء في جنوب لبنان، حيث دمرت بالفعل 27 قرية حدودية، وقد تتوغل لمسافات تصل إلى خمسة أو ستة كيلومترات وربما أبعد، محذراً من أن إسرائيل قد تمضي بحربها لتكون طويلة لتصل إلى مناطق أعمق، مستحضراً مشاهد الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982، ووصولها برياً إلى بيروت.
ويؤكد عوض أن حزب الله يسعى لاستنزاف إسرائيل وإيقاعها في الوحل اللبناني، فيما تحاول إسرائيل إضعاف الحزب عبر التوغل في الجنوب.
ويرى عوض أن كلا الطرفين يعتمد على فكرة استنزاف الآخر، ما قد يطيل أمد الحرب بشكل كبير.
ويوضح عوض أن إيران أيضاً لها دور رئيسي، فهي لا ترغب في رؤية حزب الله يضعف أو يتنازل عن مكانته المتقدمة سياسياً وعسكرياً وأمنياً واجتماعياً في لبنان.
ويشدد عوض على أن إسرائيل تعتمد استراتيجية "التفاوض بالنار"، التي تقوم على تحقيق أكبر قدر من المكاسب في الميدان قبل الجلوس على طاولة المفاوضات.
فالميدان، كما يصفه عوض، هو الذي يقرر شكل المفاوضات، سواء بين منتصرين أو منهزمين أو باحثين عن تسوية.
ويشير عوض إلى أن إسرائيل تستغل هذه المرحلة كفرصة وتستند إلى دعم غربي، خاصة من القوى الاستعمارية التي تمنحها تفويضاً لتصعيد العمليات العسكرية قبل الدخول في مفاوضات.
إسرائيل تسعى للضغط عسكرياً ثم التفاوض
ويعتبر عوض أن إسرائيل، الخبيرة في هذه الاستراتيجية، تسعى للضغط عسكرياً ثم الدخول في التفاوض لتحقيق مكاسب ما لم تستطع تحقيقه في الميدان.
ويناقش د. عوض فكرة ردع إسرائيل، مشيراً إلى ثلاث جهات رئيسية يمكن أن تشكل رادعاً للاحتلال، الأول هو "الميدان"، حيث تشير الوقائع إلى تورط إسرائيل في حروب طويلة ومكلفة سواء في غزة أو في لبنان، وهذه المعارك ليست سهلة، بل تتسبب بخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وتستنزف القدرات الاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية، وهذا الاستنزاف يضغط على إسرائيل ويجعلها تعيد حساباتها.
الجهة الثانية هي الضغوط الأوروبية والأمريكية، وفق عوض الذي يشير إلى أن هذه الحرب مكلفة للغاية، وقد تجر إسرائيل إلى مستقبل غامض، ما يدفع دولاً مؤثرة للضغط على تل أبيب لكبح جماح عملياتها، لكنه يلفت إلى أن طبيعة هذه الضغوط تختلف في شدتها، فالضغط الأمريكي ليس كضغط الأوروبي، وفاعلية هذه الضغوط تعتمد على مستوى التحرك الدولي.
وبحسب عوض، فإن الجهة الثالثة، هي العالم العربي والإقليم، ويتساءل عوض عن مدى إمكانية أن تراعي إسرائيل الحسابات الإقليمية في حربها ضد الفلسطينيين واللبنانيين.
ويشير عوض إلى أن إسرائيل قد تضطر في نهاية المطاف لأخذ هذا البعد في الحسبان، خاصة في علاقاتها مع الدول العربية، كي لا تفسد كل الجسور وتعيش في عزلة تامة، لكنه يقر بأن هذه الاعتبارات ليست كافية لردع إسرائيل بشكل كامل.
ويؤكد عوض أن الحرب الميدانية، والمقاومة في الجبهات المختلفة، تظل العامل الأكثر تأثيراً في كبح إسرائيل، خاصة مع ما تتكبده من خسائر.
ويفترض عوض أن هذا الاستنزاف قد يدفع تل أبيب في النهاية إلى وقف الحرب، ولكن بعد أن تكون قد حققت جزءاً من أهدافها أو أدركت أن كلفة الحرب أكبر من المكاسب المنتظرة.
أدوات ضغط لإجبار لبنان على القبول بشروط إسرائيل
يرى د. عقل صلاح، المختص بالحركات الأيديولوجية، والباحث والكاتب السياسي، أن تكثيف التصعيد الإسرائيلي والاعتداءات المستمرة على لبنان يشكل أدوات ضغط تهدف إلى إحراج حزب الله وإجبار المفاوض اللبناني على القبول بالشروط الإسرائيلية.
ويشير صلاح إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية تعتمد على محاولة تفكيك الروابط بين جبهات المقاومة، وتحديداً بين غزة وحزب الله، لإضعاف قوة التأثير المتبادل بينهما.
ويؤكد صلاح أن التاريخ لم يسجل وجود جبهة مساندة حقيقية لفلسطين، سواء من الدول أو الحركات المقاومة، على مدار سنوات الاحتلال الإسرائيلي، كما هو حاصل منذ معركة الطوفان وحتى اليوم من جبهة لبنان "الوفاء للقدس" وجبهة العراق واليمن، ويقول: "أجزم بأن هذه الجبهة ستستمر، وهذه وصية الأمين العام لحزب الله الشهيد حسن نصر الله".
ويرى صلاح أن الضربات الإسرائيلية المتكررة على لبنان كل ساعتين مرة وتوسيع نطاقها على مختلف أنحاء لبنان، كما أعلن الاحتلال، تأتي في سياق رسالة لتذكير اللبنانيين بخلق ضغوط مضاعفة داخلياً من أجل دفعهم للقبول بالشروط التي تمليها إسرائيل.
ويشير صلاح إلى أن ما يحدث الآن في لبنان يشبه إلى حد كبير السيناريو الذي جرى في الحرب المستمرة على قطاع غزة، حيث تتبع إسرائيل استراتيجية "التفاوض بالنار والدمار".
ويرى صلاح أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى تفكيك التماسك اللبناني وإضعاف الالتفاف حول المقاومة عبر ضرب الروح المعنوية وإثارة الخلافات الداخلية، مع محاولة فرض سياسة الأمر الواقع بالإملاءات الأمريكية والإسرائيلية.
ويوضح صلاح أن إسرائيل، بالرغم من تصعيدها، تعاني من أزمة حقيقية بسبب عمليات حزب الله التي فرضت معادلة ردع جديدة، مؤكداً أن إسرائيل تبذل كل جهودها لإنهاء هذا الملف بأي ثمن.
المرحلة المقبلة ستكون تصعيدية بشكل شامل
ويشدد على أن حزب الله لن يبقى مكتوف الأيدي، تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي متوقعاً تكثيف الردود بشكل نوعي وكمي، مع توسيع نطاق عمليات المقاومة لتحقيق توازن الردع.
ويوضح عقل أن المرحلة المقبلة ستكون تصعيدية بشكل شامل، مع رفض حزب الله للشروط الإسرائيلية التي يراها مذلة، خصوصاً بعد التضحيات التي قدمها الحزب.
وعلى الصعيد الإسرائيلي، يرى صلاح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية، وضمان بقائه في السلطة، في حين تتسع دائرة تهجير الإسرائيليين بفعل عمليات حزب الله.
ويؤكد صلاح على أهمية وجود موقف عربي رسمي وقوي يمكن أن يضغط لوقف الجرائم الإسرائيلية، إلا أنه يعبر عن شكوكه في تحقق ذلك على الصعيد الرسمي.
في حين، يرى صلاح أن الحراك الشعبي العربي، إلى جانب استمرار عمليات المقاومة التي تكبد الاحتلال خسائر فادحة، قد يكونان عاملين حاسمين في وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وهي المعادلة ذاتها المطلوبة في غزة.
حالة من الاستعصاء في جهود التوصل إلى تسوية
يرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على لبنان يعكس حالة من الاستعصاء في جهود التوصل إلى تسوية حتى اللحظة، ويعد ذلك محاولة لإجبار لبنان على قبول شروط إسرائيلية صارمة، تهدف إلى إعادة ترميم صورة الردع الإسرائيلي في المنطقة.
ويشير عطا الله إلى أن الرسالة الإسرائيلية من القصف الحالي تتمثل في قدرتها على ضرب أي هدف في لبنان، بجانب محاولات متكررة لإضعاف قوة حزب الله عبر استهداف مواقع الأسلحة والبنية العسكرية للحزب، الذي يتولى منذ أكثر من ثلاثة عشر شهراً إدارة حرب مع إسرائيل.
ويشير عطا الله إلى أن الوضع في لبنان يبدو حتى الآن غير مستعد للقبول بتسوية بشروط إسرائيل، التي تفرض مطالب يصفها بأنها "شروط استسلام" بالنسبة للبنان وحزب الله، وهذه الشروط دفعت الأمور نحو تصعيد إضافي، إذ تستمر إسرائيل في المفاوضات مستخدمة أسلوب القوة المفرطة، فيما سماه عطا الله بـ"التفاوض بالنار".
ويؤكد عطا الله أن حزب الله، غير المستعد للرضوخ، وسيواجه ذلك بتعزيز موقفه، ما قد يؤدي إلى زيادة وتيرة الهجمات الإسرائيلية التي قد تمتد إلى مناطق أبعد من القرى الحدودية، في إطار ما تصفه إسرائيل بمرحلة ثانية من القتال.
ويوضح عطا الله أن إسرائيل تعتمد بشكل رئيسي على استراتيجية الضغط العسكري، من خلال التفاوض تحت التهديد، مشيراً إلى أنها تتعامل كأن "المسدس موجّه إلى الرأس".
إسرائيل، وفق عطا الله، توظف كامل قوتها لتخويف خصومها أو تحقيق ما تعتبره شروطاً ضرورية لأمنها، بالرغم من أن هذه الشروط تمثل استسلاماً كاملاً من وجهة نظر حزب الله.
وحول مسألة الردع، يوضح عطا الله أن التجارب أثبتت أن إسرائيل لم ترتدع بالفعل الدبلوماسي والسياسي والتدخلات الدولية، سواء من الولايات المتحدة أو القوى الأوروبية أو حتى الدول العربية والإسلامية، بل إن القوة الوحيدة التي نجحت حتى الآن في ردع إسرائيل هي القوة العسكرية الميدانية.
ويشير عطا الله إلى أن حزب الله تمكن حتى الآن من إلحاق خسائر ملحوظة بالجيش الإسرائيلي في القرى الحدودية، ما يثير تساؤلات جدية داخل إسرائيل بشأن استعدادها لمواجهة تبعات الردود العسكرية إذا تجاوزت نطاق القرى الحدودية، وان تتحمل مواجهة أشد عنفاً.
إعادة مشاهد الاعتداءات الوحشية بغزة للأذهان
يشير الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش إلى أن الهجمات الإسرائيلية المكثفة على مختلف أنحاء لبنان، التي طالت المنشآت المدنية والتجارية، إضافة إلى استهداف السكان المدنيين والنازحين، تعيد إلى الأذهان مشاهد الاعتداءات الوحشية في قطاع غزة.
ويوضح أن هذا التصعيد الإسرائيلي يهدف إلى زيادة المعاناة الإنسانية والمجتمعية على الشعبين الفلسطيني واللبناني.
ويعتقد أبو غوش أن تل أبيب تسعى لترسيخ فكرة أن المقاومتين اللبنانية والفلسطينية هما المسؤولتان عن المعاناة، فيما تتجاهل جرائم جيشها ووحشيته.
ويشير أبو غوش إلى أن الهدف من التصعيد الإسرائيلي متعدد الأبعاد، فمن ناحية، هناك نزعة انتقامية واضحة تعكس رغبة إسرائيل في جعل لبنان يدفع ثمناً باهظاً، ومن ناحية أُخرى يبدو أن هذا التصعيد يستهدف خلق انقسام داخلي في المجتمع اللبناني، سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي، بغية تعزيز الضغوط على المقاومة والدولة اللبنانية لتقديم تنازلات في مفاوضات وقف القتال.
ويفسر أبو غوش أن التصعيد الإسرائيلي يتماشى مع مبدئها الدائم "التفاوض تحت النار"، إذ تلجأ إسرائيل عادة إلى المفاوضات فقط عندما تشعر أنها في وضع قوة، وهو ما تسعى إلى تحقيقه من خلال القوة العسكرية.
ويرى أن القصف الموسع ليشمل جميع أنحاء لبنان، والانتقال من استهداف الضاحية إلى قصف المناطق الأُخرى، يأتي في سياق العملية البرية التي بدأت بتطهير الخط الأول من القرى اللبنانية المجاورة للحدود مع فلسطين المحتلة.
ويشير أبو غوش إلى محاولات إسرائيل تعديل جوهر القرار الأممي 1701، بما يمنحها حرية استباحة الأجواء اللبنانية، ويعطي الجيش الإسرائيلي الحق في التحرك وتنفيذ قراراته العسكرية دون الحاجة إلى تفويض دولي أو الرجوع للجهات المعنية، إذا ادعى حدوث خروقات.
تناقضات واضحة في التصريحات الإسرائيلية
يرى أبو غوش أن هناك تناقضات واضحة في التصريحات الإسرائيلية، التي قد تعكس خلافات بين المستويين السياسي والعسكري، فمن جهة، يدعي بعض القادة العسكريين أن الجيش أنجز المهام المطلوبة، مثل تفكيك البنية التحتية لحزب الله في المناطق الحدودية، فيما يرى آخرون، سواء من الضباط النظاميين أو الاحتياط، أن الوقت قد حان للتوصل إلى تسوية سياسية، ويعتقد هؤلاء أن عدم استثمار الإنجازات العسكرية سريعاً في مكاسب سياسية سيمنح حزب الله فرصة لاستعادة قدراته.
ويلفت أبو غوش إلى أنه، في المقابل، هناك تصريحات سياسية متشددة، مثل تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي الجديد، إسرائيل كاتس، الذي يؤكد أن الهدف الرئيسي هو القضاء على حزب الله بالكامل، وهو ما يعكس خطاً سياسياً متشدداً يسعى لتحقيق أهداف بعيدة المدى.
ويعلق أبو غوش على انتقال الجيش الإسرائيلي من استهداف خط القرى الأول إلى القرى الثانية في العمق اللبناني، ويرى أن التصعيد العسكري يعكس قناعة راسخة بأن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لتحقيق الأهداف السياسية.
ويشدد أبو غوش على أهمية الضغوط السياسية الدولية، لكن الولايات المتحدة تلعب دوراً كبيراً في دعم إسرائيل، سواء عبر المبادرات المشتركة أو الانحياز السافر الذي يمس السيادة اللبنانية ويعكس موقفاً أمريكياً متماهياً مع المواقف الإسرائيلية.
ويتحدث أبو غوش عن دور الولايات المتحدة الأمريكية في تعزيز آلة الحرب الإسرائيلية، مشيراً إلى أن واشنطن تتبنى موقفاً يضمن لإسرائيل الإفلات من العقاب الدولي.
ويوضح أبو غوش أن الدعم الأمريكي العسكري والمالي يغطي كل خسائر إسرائيل، ويحميها من أي محاسبة في المحافل الدولية.
ويرى أبو غوش أن هذا التواطؤ الأمريكي والغربي، وكذلك صمت بعض الأنظمة العربية، يساهم في استمرار الجرائم الإسرائيلية، سواء في غزة أو لبنان، دون أي رادع دولي فعلي.
ويؤكد أبو غوش أن العامل الوحيد الذي قد يدفع إسرائيل لمراجعة سياساتها العدوانية هو أن يشعر المواطن الإسرائيلي بأن أمنه الشخصي ورفاهيته في خطر حقيقي.
ويشير أبو غوش إلى أن الخسائر البشرية والمادية في صفوف الإسرائيليين، واستنزاف الجيش جراء الحروب الطويلة، يمكن أن يكون لهما تأثير ملموس في إمكانية وقف الحرب.
ويفسر ذلك بأن الجيش الإسرائيلي، بالرغم منقوته، قد أنهك بفعل حرب استنزاف طويلة استدعت استدعاء جنود وضباط الاحتياط مرات عدة، وألحقت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، ما يتطلب إعادة هيكلة القوات وترميمها وهو ما يطالب به ضباط في الجيش الإسرائيلي.
ويشير أبو غوش إلى أن إسرائيل تخوض حرباً مفتوحة ضد قوات غير نظامية وشعوب ثائرة، وهي حرب غير قابلة للحسم بالأساليب التقليدية.
ويؤكد أبو غوش أن هذه المعارك لا تخضع لقواعد الحرب الكلاسيكية، مما يجعل إمكانية تحقيق إسرائيل لنصر سريع وحاسم أمراً مستحيلاً.
ويلفت أبو غوش إلى أن الاحتلال يواصل عدوانه لأنه يدرك أنه سيظل بعيداً عن طائلة العقاب، بفضل الدعم الأمريكي غير المحدود، ولأن إسرائيل تفترض أنها فوق المساءلة منذ نشأتها، مستندة إلى هذا الغطاء الدولي المستمر.
دلالات
الأكثر تعليقاً
"إسرائيل" مثل الـ ROBOT والـ Fast Food (الصفات العشر الجديدة/ القديمة)
أبو ردينة: إرهاب الاحتلال ومستعمريه لن يحقق الأمن بالمنطقة
مصادر لـ "القدس": استشهاد قياديين من الجهاد الإسلامي في غارة دمشق
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الرئيس: الاستقلال هدف مركزي وحق مشروع نتمسك به ونضحي من أجله
15 قتيلا في قصف إسرائيلي على دمشق
الاحتلال يعلن حصيلة قتلاه من قادة الجيش منذ بداية الحرب
الأكثر قراءة
ياسر عرفات الثائر العظيم صاحب الكوفية
تقرير: الاحتلال ماض في إزالة حي البستان في سلوان
اغتصاب حتى الموت.. هكذا عاملت إسرائيل طبيبًا فلسطينيًا أسَرته من غزة
بري: أحد شروط المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار غير مقبول لدينا
مصادر لـ "القدس": استشهاد قياديين من الجهاد الإسلامي في غارة دمشق
"كون نسيب ولا تكون قريب" !! .. هل يؤثر مسعد بولس على مواقف ترمب؟
ملح الأرض فلسطينيو الداخل يقرعون جدران الخزان.. كسر الصمت يبدأ بصرخة
أسعار العملات
السّبت 16 نوفمبر 2024 7:45 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.3
شراء 5.28
يورو / شيكل
بيع 3.95
شراء 3.93
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%49
%51
(مجموع المصوتين 49)
شارك برأيك
التصعيد في لبنان.. محاولة لإطفاء النار بالنار!