Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 8:39 صباحًا - بتوقيت القدس

قمة الرياض.. الإرادة السياسية واستقلالية آليات التنفيذ هما الأهم

مع انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الرياض، شهدنا إصدار بيان ختامي يشتمل على قرارات عدة لمواجهة عدوان الإبادة والاقتلاع والتهجير الإسرائيلي على غزة كما والعدوان على لبنان، وتأكيدا على دعم حقوق الشعب الفلسطيني في وجه جرائم الاحتلال واستمراره. ومع أن هذه القرارات قد تبدو قوية ومؤثرة وتشكل رسالة الى المجتمع الدولي وبشكل خاص للرئيس الجديد ترامب، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في الإرادة السياسية واستقلالية القرار لتنفيذها فعليا على الأرض، خاصة في ظل تعقيدات النظام الدولي الحالي والتوازنات الإقليمية التي تعيق إمكانية تحقيق خطوات ملموسة الى حدود كبيرة، ليكون التخوف بان تبقى حبرا على ورق كالعديد غيرها من قرارات القمم السابقة في غياب الإرادة والقدرة على المواجهة.

بالمقابل، فإن التصريحات التي أدلى بها نتنياهو ووزير المالية سموتريتش حول ضم الضفة الغربية واستحالة إقامة دولة فلسطينية تمثل رؤية حكومة الاحتلال وتحديها لمخرجات القمة، ومن جهة أخرى رسالة بمقابل قرارات القمة إلى ترامب أيضا. وهي تأتي بمثابة تحدٍ سافر ورفض صريح للقرارات التي طالبت بوقف عدوان الإبادة الجاري وبدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ومتواصلة على ما قبل حدود ٤ حزيران عام ١٩٦٧، وهي القرارات التي تعكس التوافق العربي والإسلامي المُعلن بشأن حقوق شعبنا الفلسطيني منذ عقود، لكن دون التمكن من فرض تنفيذها.

هذه الرسائل الصادرة أمس الأول تشير مجددا إلى تمسك الحكومة الإسرائيلية ببرنامجها في تنفيذ الرؤية الصهيونية، مما يضع المنطقة أمام تحديات جديدة، خاصة أن الموقف الرسمي الإسرائيلي الحالي لا يترك مجالاً للمفاوضات أو فتح أفق سياسي. هذه التصريحات قد تزيد من تعقيد المشهد وتؤدي إلى ردود فعل من دول المنطقة التي تسعى للحفاظ على استقرارها وأمنها وسط تصاعد التوترات وغضب شعوبها، وهي تصعيد سياسي يترافق مع ما يجري على الأرض في كل فلسطين، وتحديدا اليوم في شمال غزة من تنفيذ ما يسمى بخطة الجنرالات، الأمر الذي يستدعي من طرفنا نحن الفلسطينين تنفيذ اتفاق بكين الموقع بين كل فصائل العمل الوطني بالسرعة الممكنة لنساهم بجدية بعيدا عن أية تدخلات في شأن قرارنا المستقل في مواجهة هذه التحديات.

من بين القرارات الرئيسية التي تبنتها القمة كانت حشد الجهود من أجل تجميد عضوية إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو قرار لا يتطلب موافقة مجلس الأمن بل يحتاج فقط إلى تأييد ثلثي الأعضاء في الجمعية العامة. تسعى القمة بذلك إلى تسليط الضوء على جرائم إسرائيل وعزلها دوليا، وهو توجه مهم إذا ما تمكنت الدول العربية والإسلامية من حشد الدعم الكافي لهذه الخطوة، بما تمثله من استثمار سليم لنهوض التضامن الدولي مع كفاح شعبنا الفلسطيني ومسار عزل دولة الاحتلال باعتبارها دولة مارقة. بالإضافة إلى ذلك، طالبت القمة بفرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ودعم جهود مصر لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة بشكل فوري ومستدام، مما يضع الجهود المصرية امام المسوؤلية في ممارسة الضغوطات المتاحة أمامها في حال توفر الإرادة. 

ورغم أن هذه القرارات تعبر عن مواقف موحدة وتضامن واضح مع شعبنا، فإننا ندرك أن هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مثل هذه القرارات في قمم مماثلة. فالقمم العربية والإسلامية السابقة تضمنت أيضا دعوات مشابهة لمقاطعة إسرائيل وحشد الدعم الدولي للفلسطينيين. لكن تبقى المشكلة هي عدم تنفيذها على أرض الواقع بسبب نقص الإرادة السياسية لدى بعض الدول والتحديات التي تفرضها التحالفات الإقليمية والدولية وخضوع البعض لإملاءات سياسية من جانب الإدارات الامريكية تعيق تنفيذ الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف.

حيث يشكل الموقف الأمريكي تحديا رئيسيا في هذه المعادلة، فالولايات المتحدة كانت ولا تزال الداعم الأكبر لإسرائيل بل والشريك الإستراتيجي لها، مما يقلل من فرص تطبيق القرارات العربية والإسلامية بفعالية. فالولايات المتحدة، سواء بقيادة إدارة بايدن الحالية والراحلة أو حتى مع عودة ترامب للبيت الأبيض، جميعها تسعى ضمن محددات العلاقة إلى دعم إسرائيل بشكل شبه مطلق، وتتجنب الضغط عليها لوقف العدوان أو تغيير سياساتها، الا فيما يشكل ضررا على المصالح الأمريكية.

إن استمرار التحدي الأمريكي وعدم التجاوب مع القرارات العربية يستدعي من الدول العربية والإسلامية تبني سياسات بديلة، تتمثل في بناء تحالفات جديدة مع القوى الصاعدة، مثل الصين وروسيا ودول مجموعة البريكس ومجموعة شنغهاي بما يتيح لها تعزيز نفوذها والاستقلال في قراراتها. هذه الاستراتيجية قد تسهم في محاولة إيجاد نوع من التوازن الذي يُمكّنها من مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.

إلى جانب ذلك، تمتلك الدول العربية والإسلامية أدوات أخرى يمكن استخدامها للضغط، مثل أشكال المقاطعة الدبلوماسية كما فعلت دول لاتينية، والتحكم في صادرات النفط أو خفض التعاملات الاقتصادية مع الدول التي تدعم إسرائيل كما حدث في عام ١٩٧٣ . ولكن تبني مثل هذه السياسات يحتاج ايضا إلى تحدٍّ سياسي حازم وجريء، وتنسيق متكامل بين الدول العربية والإسلامية لتحقيق الأهداف المنشودة.

وفي ضوء حضور إيران للقمة، فإن إعادة النظر في العلاقات العربية- الإيرانية قد تكون خطوة استراتيجية لتجاوز خطاب "العدو الإيراني" الذي استخدمته إسرائيل والولايات المتحدة لسنوات في محاولة إقناع العرب والمسلمين به ليكون بديلا لمكانة العدو الإسرائيلي. يمكن لنتائج هذه القمة أن تكون منصة لبناء تعاون فعلي بين الدول العربية وإيران، بدلاً من الانخراط في صراع دائم يستنزف الجميع ويخدم مصالح أطراف أخرى، ومن أجل استيعاب الدور الإيراني بشكل إيجابي يحد من محاولات تصدير إيديولوجية الثورة الإسلامية الى الدول المجاورة في غياب مشروع قومي عربي، ليكون دورها منسجما مع رؤية سياسية لمنع تفرد دولة الأحتلال الإسرائيلي في قيادة مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي تسعى له الولايات المتحدة من خلال اعادة الرسم الجيوسياسي للإقليم في خدمة مصالحها من جهة، وتأييد ومساندة الوحدة الوطنية الفلسطينية الواسعة لكافة فئات شعبنا في إطار منظمة التحرير وبرنامجها السياسي والكفاحي المتوافق عليه، وفي دورها كممثل شرعي وحيد يتسع للكل الفلسطيني.

فالتعاون العربي- الإيراني-الاسلامي، خاصة مع دول الخليج المجاورة، قد يسهم في تحقيق استقرار إقليمي أكبر ووقف تدحرج توسع اتفاقيات “أبراهام” مع دولة الاحتلال. وهنا يمكن تكرار نموذج الاتفاق الإيراني- السعودي الذي جرى برعاية صينية، وتوسيع أطر التعاون الاقتصادي والأمني بما يخدم مصلحة الجميع. هذه الاستراتيجية ليست مجرد بديل للعداء، بل ضرورة لضمان مصالح الدول العربية والإسلامية بعيدا عن هيمنة التحالفات الغربية ومصالحها الاستعمارية بالمنطقة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا.

ففي ظل المتغيرات الإقليمية والتحولات الجارية في النظام الدولي التي يتوجب البناء عليها، قد يكون هناك أمل في تحقيق بعض التأثير، خاصة إذا توافقت الدول العربية والإسلامية على مواقف موحدة ومبادرات جدية للضغط على الساحة الدولية. لكن يبقى السؤال الأهم هو، هل هناك إرادة سياسية حقيقية تدفع باتجاه تنفيذ هذه القرارات؟

إن أي قرار لا يرافقه دعم سياسي وإرادة لتنفيذه قد يصبح مجرد بيان آخر يُضاف إلى قائمة القرارات التي لم تُطبّق. ولهذا، يتطلب الوضع الحالي إدراكا جديا بضرورة اتخاذ مواقف عملية ومستمرة امام المحرقة المستمرة لشعبنا، وليس فقط الاكتفاء بإصدار بيانات أو قرارات دون متابعة وآليات تنفيذ واضحة بسقف زمني لإنهاء الاحتلال الذي يشكل جذر مشاكل وأزمات منطقة مشرقنا العربي.

وهو ما يحتاج إلى رؤية استراتيجية شاملة وتحالفات جديدة تعزز استقلالية القرار العربي والإسلامي وتجعله أكثر تأثيرا في النظام الدولي من خلال الاستخدام الأفضل للمصادر ومكامن القوة.

دلالات

شارك برأيك

قمة الرياض.. الإرادة السياسية واستقلالية آليات التنفيذ هما الأهم

المزيد في أقلام وأراء

حرب الإبادة.. لغة إسرائيل في غزة

حديث القدس

تحديات المستقبل الفلسطيني في ظل التحولات الإقليمية والمخططات الإسرائيلية

فادي أبوبكر

سوريا الجديدة.. الجمهورية السورية الاتحادية

كريستين حنا نصر

لن تطول سكرة الفرح في سوريا

وسام رفيدي

عهد جديد لسوريا

حمادة فراعنة

إسرائيل تواصل العبث بالشرق الأوسط

حديث القدس

سوريا:نهاية حكم أم نهاية دولة!

د. ناجي صادق شراب

عهد جديد لسوريا

حمادة فراعنة

سوريا على مفترق الطرق.. أسئلة تطرحها التحولات الجارية

مروان اميل طوباسي

جرعات طبيعية للتعافي من الضغوطات النفسية

د. غسان عبدالله

الفرد الفلسطيني جوهر السلم الأهلي وأساسه

صبا جبر

هل نضجت ظروف صفقة التبادل؟

حديث القدس

سقوط السردية الإسرائيلية في غزة

عقل صلاح

حكومة وفاق حتى لا توافق المنظمة على ما هو أسوأ

هاني المصري

عظم الله أجركم في حزب البعث العربي الاشتراكي

حمدي فراج

هروب الأسد في يوم الأحد

بهاء رحال

عهد جديد لسوريا

حمادة فراعنة

نكبتان بينهما انتفاضتان

جمال زقوت

سوريا الجديدة : الجمهورية السورية الاتحادية

كريستين حنا نصر

البقعة السوداء

بقلم : أسيل الزغير

أسعار العملات

الأربعاء 11 ديسمبر 2024 9:42 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.59

شراء 3.58

دينار / شيكل

بيع 5.06

شراء 5.05

يورو / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.78

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 221)