أقلام وأراء

الثّلاثاء 22 أكتوبر 2024 9:50 صباحًا - بتوقيت القدس

هل تمارس الإدارات الأمريكية الصدق لمرة واحدة؟!

الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومنذ ما يقارب أربعة عقود، وهي تمارس نفس السلوك والسياسة الذرائعية والقائمة على إدارة الصراع وعدم حله، وبيع الوهم للقادة الفلسطينيين والعرب، بأن لديها رؤيا ومشروع سياسي قائم على حل الدولتين. ولكون العرب في حالة من العجز على المستوى الرسمي، وكنظام عربي رسمي من بعد عام 1973، اسقطوا خيار المقاومة العسكرية، واتجهوا إلى عقد اتفاقيات "سلام" مع إسرائيل "كامب ديفيد"، ووادي عربة، واتفاقية أوسلو الانتقالية. كانوا يعتقدون بأن ذلك سيسهم في جلب السلام والأمن والاستقرار للمنطقة، وبأن اتفاقاتهم وتطبيعهم مع إسرائيل قد يحد ويلجم من أطماع قادة إسرائيل في التوسع والاستيطان، والتي تترجم إلى أفعال على أرض الواقع، فقادة إسرائيل يقولون وعلى لسان وزراء في الحكومة، بمن فيهم رئيس الوزراء نتنياهو، بأن إسرائيل لن تسمح بقيام دولة فلسطينية ما بين النهر والبحر، وفي الدورات المتعاقبة للجمعية العامة للأمم المتحدة وآخرها الدورة الـ 79، كان نتنياهو يظهر خرائط تؤكد على ما يقوله، بعدم وجود شعب فلسطيني ولا أرض فلسطينية، إيماناً بقناعته التلمودية والتوراتية، بالقول لجيشه بأن ما تطأه أقدامكم من أرض الأعداء فهي ملك لكم، وسموتريتش وزير ماليته خيّر الفلسطينيين بين التهجير بالقوة أو القتل أو البقاء كمواطنين من الدرجة الثانية خدماً، وسقائين وحطابين. وهو يقول أيضاً بأنه لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني وهذا اختراع عمره أقل من مئة عام. وبن غفير يطرح العودة للاستيطان في قطاع غزة، وكذلك رفيقه سموتريتش الذي يريد دولة يهودية تشمل فلسطين التاريخية والأردن وأجزاء من سوريا ولبنان والعراق ومصر والسعودية. ويتماثل معهم في هذه الرؤيا الرئيس الأمريكي السابق ترامب، والذي يقول بأن إسرائيل دولة صغيرة جغرافيا ويجب أن تتوسع، ووجهة نظر بلينكن اليهودي وبايدن الصهيوني ليست بعيدة عن هذا الطرح.

الإدارة الأمريكية بقيت تدعم كل السياسات الإسرائيلية في الضم والتهويد والاستيطان والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وتقول بأنها ترفض السياسات الأحادية الجانب، التي من شأنها زيادة حدة التصعيد في المنطقة وقتل ما يعرف بفرص "السلام"، وأكذوبة حل الدولتين، فهي دائماً تقول إسرائيل دولة فوق القانون الدولي، ويجب عدم فرض عقوبات عليها ناعمة أو خشنة، أو اتخاذ قرارات بحق قادتها أو مستوطنيها، لخرقهم السافر والفاضح للقانون الدولي والدولي الإنساني، وهي تتعامل مع ما تحققه أو تفرضه إسرائيل من حقائق ومتغيرات على الأرض، بما لا يمكن التراجع عنه. وبقي مشروع حل الدولتين معلقاً في الهواء، ينتظر معجزات ربانية لتحقيقه، فأمريكا وإداراتها المتعاقبة تريد أن تستمر في إدارة الصراع لا أن تنهيه، وهي تقف عملياً إلى جانب إسرائيل برفض هذا الحل، حتى وصلت بها الوقاحة عند تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، بأن الدولة الفلسطينية لن ترى النور إلا  بموافقة إسرائيل وقرارها، ولذلك هي ترى بأن الشعب الفلسطيني لا يستحق دولة ولا يمكن أن تقوم له دولة، بل هي تدعم الحل الاقتصادي للقضية الفلسطينية الذي يشرعن ويؤبد الاحتلال، وهذا ما عبر عنه كوشنير مستشار الرئيس الأمريكي السابق ترامب في قمة البحرين الاقتصادية في 25 و 26 حزيران 2019، بأن القضية الفلسطينية، عبارة عن صفقة تجارية، وقضية إنسانية، وليست قضية سياسية وطنية لشعب يريد التحرر من نير الاحتلال، وبايدن الرئيس الأمريكي الحالي عندما التقى الرئيس عباس في  بيت لحم في تموز 2022، وطالبه بلفتات سياسية، مثل إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القسم الشرقي من المدينة ووقف الاستيطان وفتح آفاق سياسية نحو يحل يفضي للدولتين، قال له بأن مطالبك لكي تتحقق، عليك أن تنتظر قدوم المسيح لكي يحققها لك.


الماسأة أن القيادات العربية والفلسطينية، بقيت ترهن حقوق الشعب الفلسطيني إلى تبدل وتغير الإدارات الأمريكية والحكومات الإسرائيلية، وتقديم المزيد من التنازلات، والتي كانت إسرائيل تقابلها بالمزيد من التشدد والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، والتي كانت حكوماتها تتبادل وتوزع الأدوار بينها، وبأن تحقيق المطالب الفلسطينية، لا توجد ظروف مؤاتيه لتحقيقها.


من بعد السابع من اكتوبر 2023 ، هذه المعركة التي أعادت القضية الفلسطينية إلى قمة الاهتمام الإعلامي والسياسي للعالم ، وأدخلتها لكل بيت في العالم، مذكرة بالظلم والأذى الذي لحق بالشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الإسرائيلي.

الإدارة الأمريكية بدلاً من أن تقود تحرك جدي نحو حل سياسي، يقود إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، عمدت إلى "شيطنة" قوى المقاومة الفلسطينية، ووقفت كشريكة إلى جانب 

إسرائيل عسكرياً ومالياً وحماية قانونية وسياسية في الأمم المتحدة، وبقيت تردد نفس اسطوانتها المشروخة، إنها لا تريد أن يكون هناك تصعيد في المنطقة، وتسعى لحل سياسي، ولكن ما بين ما كانت تقوله أمريكا، وبين ما  تترجمه على الأرض مسافة كبيرة، بل هي تفعل عكس ما تقول، وحتى وصلت الوقاحة بها، رغم كل المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين والاتهامات التي وجهت لها، استدعت  دولة جنوب أفريقيا إلى رفع دعوة ضدها بتهم ممارسة إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية، وسعي رئيس محكمة الجنايات الدولية كريم خان إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزير حربه غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.


هذه المواقف دفعت أمريكا لكي تسميت بالدفاع عن إسرائيل، ولكي يصل الأمر بجون كيربي مسؤول الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، للقول بأن إسرائيل لم تقتل أي مدني، وأن الذين يرتقون من أطفال ونساء غزة، ربما بسبب كائنات فضائية تهاجمهم، وهددوا وأرعدوا ضد رئيس محكمة العدل الدولية، وحاولوا تعطيل قرار محكمة العدل الدولية.


أمريكا بقيت تناور وتبيع الأوهام والخداع والتضليل، بأنها لا تريد تصعيداً، وأنها مع حل الدولتين، دون تحديد لماهية هذه الدولة، وأين ستقام، وأين هي حدودها الجغرافية، وهل ستكون لها سيطرة وسيادة على أراضيها وبحرها وجوها وثرواتها؟

أمريكا رغم الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين في جباليا وبيت لاهيا، فهي تنكر هذه الجرائم، ولا تجبر إسرائيل على وقفها، بل تتمنى على إسرائيل زيادة إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق الشمالية من قطاع غزة، ووزيرة الخارجية الألمانية المتصهينة والوقحة أمنالينا جيربيوك، تقول إن لإسرائيل الحق في قتل المدنيين واستهداف المشافي والمدارس، إذا كان فيها مقاومون من أجل حماية نفسها.


أمريكا اعتقد بأنها أعطت الضوء الأخضر لرئيس وزراء الاحتلال وحكومته، من أجل القيام بعمليات الضم للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، لكي تغلق ملف القضية الفلسطينية، ولكنها أمام الرأي العام العالمي وأمام حلفائها العرب، تريد الظهور بمظهر المؤيد للحلول السياسية، ولكن على الأرض، تؤيد كل ما يقوم به نتنياهو وجيشه، تحت ذريعة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأن الدولة الفلسطينية قد تشكل خطراً وجودياً على قاعدتها المتقدمة في المنطقة.


هي أمريكا لم تتغير، وكانت على النقيض دوماَ مع إرادة الشعوب وتطلعاتها في الحرية والاستقلال، وقفت إلى جانب أنظمة مغرقة في القمع والتنكيل والظلم والاستبداد والقتل، وتدخلت في شؤون الكثير من الدول لقلب أنظمة حكم عبرت عن إرادة شعوبها، لكونها تريد شق عصا الطاعة على أمريكا وهيمنتها، ولذلك أمريكا لن يصحو ضميرها ولو لمرة واحدة، ولن تنتصر للمظلومين والشعوب المحتلة، فهي دائماً في الخانة المعاكسة لإرادة الشعوب

دلالات

شارك برأيك

هل تمارس الإدارات الأمريكية الصدق لمرة واحدة؟!

المزيد في أقلام وأراء

الشرق الأوسط في قبضة الحاكم والجلاد

حديث القدس

لحظات سنوارية آلمت إسرائيل وسيخلدها التاريخ

حمدي فراج

سياسة شجاعة وحكيمة

حمادة فراعنة

الحكمــة مـن الابتــلاء

أفنان نظير دروزة

ماذا بعد استشهاد السنوار؟

هاني المصري

الكارثة والبطولة

جمال زقوت

رسائل صمود وكبرياء

حديث القدس

الحرب والمحتجزون والهجرة

اجتماع دول البريكس القادم.. الواقع والتحديات

جباه عالية.. جباليا

بهاء رحال

عار الصمت

محاسن الخطيب.. زهرة تُقصف!

رؤى لمواجهة آثار العنف المحلي

تشويه صورة الشهيد: حرب الوعي الإسرائيلية

بين جباليا و"دريسدن" !

ابراهيم ملحم

الـمُسَيّرة التي قضت مضاجع نتنياهو!

حديث القدس

السنوار وهنية ومذكرات الاعتقال في المحكمة الجنائية الدولية

د. دلال صائب عريقات

ضم شمال قطاع غزة والمسؤولية الأمريكية

سري القدوة

الدعم الألماني المطلق لإسرائيل.. عقدة ذنب أم استمرار في الذنب؟

د. عمار الدويك

إطالة أمد حرب الإبادة.. هذا ما يسعى إليه نتنياهو

بهاء رحال

أسعار العملات

السّبت 19 أكتوبر 2024 8:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.04

شراء 4.0

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%18

%82

(مجموع المصوتين 442)