أقلام وأراء
الأربعاء 13 أبريل 2022 8:03 صباحًا - بتوقيت القدس
منصور عباس بين مساحة الاجتهاد وحدود السقوط
بقلم: سليمان ابو ارشيد
حين تتباعد المسافات، تكون مفارقة أن تصدر محكمة إسرائيلية أمرًا بحبس الشيخ كمال خطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليًا حتى انتهاء الإجراءات القانونية، في الوقت نفسه الذي يوقع فيه منصور عباس رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية اتفاقا ائتلافيا ينضم بموجبه لحكومة إسرائيل. المفارقة هي أنّ الرجلين لا ينتميان فقط إلى نفس الجذر الإسلامي، بل إلى نفس الحركة الإسلامية التي انشقّت على نفسها عام 1996، على خلفيّة المشاركة أو عدم المشاركة في انتخابات الكنيست.
وقبل أن يذهب البعض إلى صبغ الموضوع بألوان سياسيّة، نذكر أن رئيس حركة “فتح”، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، يمارس سياسة التنسيق الأمني مع إسرائيل، في الوقت الذي ما زالت تعتقل فيه الأخيرة (منذ 20 عاما) أمين سر حركة “فتح” ذاتها، مروان البرغوثي.
هذه المقارنة مستوجبة. أولًا لأننا، أبناء الداخل الفلسطيني، جزء من شعب وقضية أدخلتها محطة أوسلو إلى حالة إرباك تاريخي – إن صحّ التعبير – وأدّت إلى انشقاق حادّ بين من سلم بخراج أوسلو، القائم على فوقية يهودية صهيونية إسرائيلية في فلسطين التاريخية، لا “مفر” من التعاطي معها، ربما من خلال حكم ذاتي هزيل وتابع أمنيا هناك، ومشاركة ناقصة وذليلة على هامش السياسة الإسرائيلية تقوم على مقايضة الحقوق الوطنية بفتات الخبز اليومي هنا.
وبين من لا زالوا يعتقدون بحتمية انتصار قضيتهم العادلة وإيصالها، بأقلّ تقدير، إلى حل وسط تاريخي يحفظ للشعب الفلسطيني هنا وهناك وفي الشتات الحد الأدنى من كرامته وحقوقه الوطنية. وإلى ذلك الحين، يجب الإبقاء على جذوة المقاومة مشتعلة، باختلاف أشكال النضال بين تجمّعات الشعب الفلسطيني المختلفة وممارسة حياتنا اليومية في ظل هذا الواقع، دون التسليم بنتائجه وانتزاع ما استطعنا من حقوق مدنية من خلال النضال اليومي الدؤوب.
حالة منصور عباس الأخيرة أثبتت أنّ هذا الانقسام عابر للاجتهادات والتيارت الفكرية، وإن بدا في الأراضي المحتلة منذ عام 67 بين التيار الوطني – القومي من جهة، والتيار الإسلامي الذي عارض اتفاقية أوسلو من الجهة الأخرى، فقد وقع هنا داخل التيار الإسلامي نفسه، أيضًا، وتعمق مؤخرًا بـ”غزوة” منصور عباس إلى أبعد الحدود.
والسؤال هو لماذا تباعدت المسافات وتضاربت الاجتهادات، إذا ما اعتبرناها كذلك، إلى هذا الحد الذي تنسف فيه المشتركات وتضع أبناء التيار الواحد والتنظيم الواحد والقضية الواحدة على طرفي نقيض، وإلى أيّ حد يستطيع زورق الوحدة الوطنية المطاطي المثقل أن يتسع للجميع.
في الضفّة والقطاع، نشهد منذ عقد ونصف من الزمن نظامين وكيانين سياسيين وسلطتين، واحدة في الضفة والثانية غزة، لم تفلح كل محاولات المصالحة من الدوحة وحتى القاهرة من جمعهما في وعاء وطني واحد، وداخل “فتح” – التنظيم الذي يقود منظمة التحرير برز إلى السطح الخلاف التناحري بين نهجين، في الانتخابات التي أعلن عن إلغائها، بعد أن كانت حركة “فتح” ستخوضها بقائمتين، الأولى برئاسة محمود عباس والثانية برئاسة البرغوثي- القدوة.
هو تناقض تناحري، أيضًا، بين الهبّة الجماهيرية التي اجتاحت مدن الداخل كجزء من الكل الوطني، وبين ما سمي بنهج التأثير الذي تُوّج بتوقيع منصور عباس على الدخول في ائتلاف حكومي إسرائيلي صهيوني برئاسة التيار اليميني الديني الاستيطاني وزعيمه، الذي لا يرى في قتل العرب مشكلة كبيرة، تناقض يميّز مرحلة الإرباك التاريخي التي خلقتها التسوية المتعثرة، لا بد أن يحتدم وصولا إلى الحسم لصالح أحد طرفيه.
هو نوع من السباق بين نهجين سيكون لساحة الداخل، على ما أعتقد، شرف الحسم بينهما، لأن فشل خطوة منصور عباس ستدفن معها واقع الاستسلام لمخرجات أوسلو، وتنهي حالة الإرباك التاريخي التي أصابت القضية الفلسطينية وتدخلها في مرحلة جديدة من النضال ضد نظام الأبرتهايد الممتد بين النهر والبحر.
عن “عرب 48”
المزيد في أقلام وأراء
منع الدواء والطعام في غزة.. سلاح إسرائيلي قاتل
حديث القدس
رسالة فلسطين في عيد الميلاد
فادي أبو بكر
معركة المواجهة وشروط الانتصار
حمادة فراعنة
احفظوا للمخيم هيبته وعزته وللدم الفلسطيني حرمته
راسم عبيدات
مئوية بيرزيت.. فوق التلة ثمة متسع رحب لتجليات الجدارة علماً وعملاً!
د. طلال شهوان ، رئيس جامعة بيرزيت
لجنة الإسناد.. بدها إسناد!
ابراهيم ملحم
من التغريد إلى التأثير .. كيف تصنع المقاطعة الرقمية مقاومة شعبية فعالة
مريم شومان
الحسم العسكري لغة تبرير إسرائيلية لمواصلة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
سعيد جودة طبيب جراحة العظام في مشفى كمال عدوان شهيداً
وليد الهودلي
بوضوح.. الميلاد في زمن الإبادة الجماعية
بهاء رحال
ولادة الشهيد الأول
حمادة فراعنة
(الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)
حديث القدس
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
عيسى قراقع
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
هاني المصري
ما يجري في جنين يندى له الجبين
جمال زقوت
شرق أوسط نتنياهو لن يكون
حمادة فراعنة
في ربع الساعة الأخير للإدارة الموشكة على الرحيل!
حديث القدس
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة
د. غسان عبدالله
من الطوفان إلى ردع العدوان.. ماذا ينتظر منطقتنا العربية؟ الحلقة الثانية
زياد ابحيص
الأكثر تعليقاً
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
نابلس: تشيع جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول مهران قادوس
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
الأكثر قراءة
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 304)
شارك برأيك
منصور عباس بين مساحة الاجتهاد وحدود السقوط