أقلام وأراء

الجمعة 06 سبتمبر 2024 9:53 صباحًا - بتوقيت القدس

مع اقتراب الانتخابات الأمريكية: عن الأصول التاريخية للصهيونية المسيحية

"الصهيونية المسيحية" (وقوامها متمسيحون متصهينون) هو الاسم الذي يطلق عادة على معتقد فئة من المسيحيين، المنحدرين غالبًا من الكنائس البروتستانتية الأصولية، والتي تؤمن بأنّ قيام دولة إسرائيل عام 1948 كان ضرورة حتمية، لأنها تتمم نبوءات الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد. ويشكّل قيام دولة إسرائيل في اعتقادهم مقدمة لمجيء المسيح الثاني إلى الأرض كملكٍ منتصر لألف عام، بعد حرب سيخوضها ضدّ "الشر" في العالم. كما يعتقد "الصهاينة المسيحيون" أن من واجبهم الدفاع عن الشعب اليهودي بشكل عام، وعن الدولة العبرية بشكل خاص؛ فهم يعارضون أي نقد أو معارضة لإسرائيل، وبالأخصّ في الولايات المتحدة الأمريكية، التي يشكّلون فيها جزءًا من اللوبي المؤيد لإسرائيل.
ترجع أصول الصهيونية المسيحية المباشرة إلى التدبيرية، ذلك المنهج (اقرأ: النظام) اللاهوتي الذي يركز على التفسير الحرفي للنبوءات الكتابية، ويدرك وجود فرق بين إسرائيل والكنيسة، ويقسم الكتاب المقدس إلى حقب مختلفة، والذي ظهر في إنجلترا في القرن التاسع عشر، بفضل جهود (جون نلسون داربي) من كنيسة الإخوة البليموث، إلا أن البعض يرجع بأصولها إلى فترة أقدم من ذلك إلى بريطانيا القرن السابع عشر.
أما "الصهيونية الدينية"، فقد ولدت مطلع القرن الـ20 من تزاوج الدين مع الصهيونية السياسية زواجاً غير شرعي! وقد حظيت بدعم من (أفراهام كوك) كبير حاخامات الطائفة اليهودية التي كانت موجودة في فلسطين قبل عام 1948، الذي جادل بأن "الحركة القومية العلمانية اليهودية" تشكل أداة إلهية وخطوة للخلاص النهائي في آخر الزمان، ووافق قبل وفاته في عام 1935 على تأسيس دولة يهودية علمانية من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، يعيش فيها اليهود تحت سيادة ذاتية كاملة، الأمر الذي أرسى أسس التعاون بين الجناحين الديني والعلماني للحركة الصهيونية. هذا، وخالفت الصهيونية الدينية "التيار اليهودي الأصولي" الذي يرى: أن دولة إسرائيل ينبغي أن تقام فقط عند ظهور المسيح المخلص، وأن العمل على تأسيسها قبل ذلك يخالف الشريعة اليهودية.
في العقود التي سبقت إنشاء إسرائيل في عام 1948، كان أبرز مؤيدي الصهيونية المسيحيون الأمريكيون وأكثرهم نشاطًا سياسيًا هم: الليبراليون والبروتستانت الرئيسيون، الذين لم يكن دعمهم للحركة في كثير من الأحيان مرتبطًا بتفسيرهم للكتاب المقدس.
ولقد نظر هؤلاء "المسيحيون" المؤيدون للصهيونية إلى فلسطين باعتبارها ملاذًا آمنًا ضروريًا لليهود الذين فروا من الاضطهاد المتزايد في أوروبا، وكثيرًا ما اعتقدوا أن دعمهم للحركة كان جزءًا من جهد أوسع للتقارب بين الأديان. فعلى سبيل المثال، "الاتحاد المؤيد لفلسطين" - وهو منظمة مسيحية مؤيدة للصهيونية تأسست عام 1930- كان دعا إلى تعزيز: "حسن النية والاحترام بين اليهود وغير اليهود"، كما دعا الحكومة البريطانية إلى الالتزام بشروط الانتداب على فلسطين، والتي تعهدت بدورها بدعم إنشاء "وطن قومي لليهود".
في خضم الحرب العالمية الثانية، وفي ظل وعيهم المتزايد بـ "المحرقة"، ساعد الصهاينة اليهود الأمريكيين في تنسيق إنشاء منظمتين صهيونيتين غير يهوديتين هما: "اللجنة الأمريكية الفلسطينية" و "المجلس المسيحي لفلسطين"، اللتين تم دمجهما لاحقًا في "اللجنة الأمريكية المسيحية لفلسطين (ACPC)" التي تألفت إلى حد كبير من الليبراليين والبروتستانت الرئيسيين؛ اللوبي المسيحي الأمريكي الرائد في دعم إنشاء "دولة يهودية" في فلسطين.
أعطى قيام دولة إسرائيل عام 1948 زخماً قوياً لمتبني الصهيونية المسيحية، كما أن حرب حزيران عام 1967 كانت بالنسبة لهم أشبه بمعجزة إلهية تمكن فيها اليهود من دحر عدة جيوش عربية مجتمعة في آن واحد، وأحكمت خلالها الدولة العبرية سيطرتها على بقية أراضي فلسطين التاريخية، خصوصاً القدس الشرقية ومواقعها الدينية المقدسة. وبالنسبة للتدبيريين (المشار إليهم سابقاً) فإنه وباحتلال إسرائيل للقدس والضفة الغربية، فقد تحققت "نبوءات الكتاب المقدس". وبالفعل، شجعت هذه العلامات "الإلهية" (!!!) مسيحيين إنجيليين آخرين على الانخراط في صفوف المدافعين عن إسرائيل، وإلى دفع الولايات المتحدة للبقاء إلى جانب "الطرف الصحيح" في تتميم هذه النبوءات!!!

.............

أعطى قيام دولة إسرائيل عام 1948 زخماً قوياً لمتبني الصهيونية المسيحية، كما أن حرب حزيران عام 1967 كانت بالنسبة لهم أشبه بمعجزة إلهية تمكن فيها اليهود من دحر عدة جيوش عربية مجتمعة في آن واحد.

دلالات

شارك برأيك

مع اقتراب الانتخابات الأمريكية: عن الأصول التاريخية للصهيونية المسيحية

المزيد في أقلام وأراء

قمة جس النبض..

حديث القدس

مبادرات سعودية قيادية وواضحة

حمادة فراعنة

جولة مفاوضات استعراضية

أحمد رفيق عوض

الحل الإقليمي وخطة الجنرالات وإنهاء الحرب

أمجد الأحمد

عبء الكبار على أكتاف الصغار: ماذا فعلت الحرب بأطفال غزة؟

هجمة استعراضية!

حديث القدس

اخـرج مـن أنانيـتك.. !

أفنان نظير دروزة

رسالة إلى ألمانيا: مراجعة ضرورية في السياسة الخارجية

دلال صائب عريقات ‏

استراتيجية نتنياهو.. التصعيد نحو حُلم "إسرائيل الكبرى"

مروان أميل طوباسي

إرادة أمريكا ضابط إيقاع القصف الإسرائيلي الإيراني

بهاء رحال

جرائم مروعة وتعذيب ممنهج بحق المعتقلين الفلسطينيين

سري القدوة

تصادم مضبوط الإيقاع

حمادة فراعنة

"نهاية الوظائف التقليدية: هل نحن على أعتاب عصر المهارات الحرة والذكاء الاصطناعي؟"

الذكاء الاصطناعي وصحة المرأة، في شهرها الوردي

بِخطّ يده!

ابراهيم ملحم

بداية النهاية!

حديث القدس

زيارات هوكشتين وبلينكن.. لزوم ما لا يلزم

راسم عبيدات

استمرار آلة القتل الإسرائيلية دون رادع أو عواقب

سري القدوة

غزة .. بكاء الأطفال والنساء الثكالى وقهر الرجال

بهاء رحال

"سنهزمهم حتى لو كان الله معهم" نتنياهو يتحدى من جديد

سماح خليفة

أسعار العملات

الأربعاء 23 أكتوبر 2024 8:57 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.78

شراء 3.77

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.33

شراء 5.3

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%19

%81

(مجموع المصوتين 491)