أقلام وأراء
الأربعاء 04 سبتمبر 2024 9:52 صباحًا - بتوقيت القدس
حال الناس
يتطلع الكاتب هنا، ومن خلال هذه الزاوية، إذا ما كتب لها الخروج إلى حيز النور، ومن باب الشعور بالواجب نحو مجتمعه، للمساهمة في تقديم ما يمكن تقديمه من عون ومساعدة للبشرية جمعاء، وبالأخص مجتمعنا الذي يعيش في ظل أجواء المقتلة والإرهاب منذ عقود خلت وإلى يومنا الحاضر .
لن تقتصر هذه المحاولة على التشخيص والوصف لحال الناس، بل ستتضمن ما يمكن نعته بـ "روشيته طبية"، هدفها التخفيف من حدة آثار الحالة المتناولة هنا، إن لم يكن اجتثاث انعكاساتها السلبية وتعديل سلوكيات الإنسان، قوام الحياة، والذي كرّمه الله الخالق، مع ضرورة تبيان أن أكثر الفئات عرضة vulnerable strata) ) هم الأطفال والنساء، لا سيما في المناطق النائية المهمّشة .
تتأثر جميع الفئات المجتمعية، بغض النظر عن العمر، الجنس أو الدين بآثار الصدمات النفسيّة، الناجمة عن الحرب الدائرة ضد الإنسانية. تتفاقم حدة هذه الآثار عندما تكون الأحداث الصادمة هذه متعمدة ومخطط لها Intentional Traumatic events ، كفقدان أحد أفراد الأسرة loosing، التهجيرdisplacement ، أو الحرمان deprivation .
تتخذ هذه التأثيرات أشكالاً عدة لا يمكن حصرها، سواء بالشكل/ المسمى أو درجة التأثير، ويعود السبب في ذلك، إلى الحيثية التي جرت فيها تلك الأحداث الصادمة والتجربة السابقة لدى الشخص الذي يعاني من آثار هذه الأحداث الصادمة، سواء كانت عرضية incidental أو متعمدة intentional ، مع ذلك يمكن ذكر بعض من أشكال هذه التأثيرات على سبيل المثال لا الحص:
* دوام القلق والتوتر، اضطراب في سلوكيات العادات في جوانب بيولوجية معينة ( الأكل، والنوم، وقضاء الحاجة).
•الميل إلى العزلة أو الانطواء عن المحيط والبيئة التي يتواجد فيه الشخص، ناهيك عن الميل نحو العدوانية aggression والتنمر(bullying ).... إلخ.
لماذا نهتم بجانب الصحة النفسية هنا؟؟ ببساطة وباختصار شديد، كون هناك:
- علاقة وطيدة بين الأمن النفسي والقدرة على تعزيز القيم والأخلاق، الركيزة الأساس للسلم الأهلي في المجتمع البشري، ولأن الصحة النفسيّة باتت حقاً من حقوق الإنسان، وركيزة أساسية لإنجاز التنمية المستدامة والسلام العادل والدائم .
- للأسف الشديد، تهتم المؤسسات الحكومية والأهلية (في معظم أرجاء المعمورة) بالجروحات والاصابات الجسدية، أكثر من اهتمامها بالجروحات النفسية، علماً بأن "جراحات السنان لها التئام، أما جراحات اللسان فلا التئام!
-هناك غياب جليّ لحالات الوعي المطلوب بالصحة النفسية والخوف الدائم من الوصمة المجتمعية .
- للأحداث الصادمة، تأثيرات فسيولوجية، فمثلاً مشاعر السعادة تذهب إلى القلب والبنكرياس، ومشاعر الغضب تذهب إلى الكبد، ومشاعر القلق تذهب إلى الطحال والمعدة، ومشاعر الحزن تذهب إلى الرئة، ومشاعر الخوف تذهب إلى الكلى، ومشاعر القلق والتفكير الزائد تذهب إلى المخ .
روشيتة/ وصفة طبية للتقليل/ التخلص من انعكاسات الأحداث الصادمة بشقيها:
* ضرورة تكثيف الجهود الفردية والجماعية، الحكومية والأهلية لتعزيز تقافة صحة نفسية فاعلة وسط أبناء المجتمع، وبهذا تسهل محاولات تقديم الإسعافات النفسية الأولية لمن يعانون من اضطرابات سلوكية أو أمراض عقلية بسبب هذه الأحداث الصادمة.
* الحرص اللامتناهي، وبدون مبالغة مفرطة، للانتباه والعناية بالذات، وتحديداً بالأطفال، عبر أساليب بسيطة غير معقدّة، يواكبها احترام المشاعر والابتعاد عن الألفاظ القاسية وغير الملائمة، وتجنب أسلوب التخويف والترهيب .
* دوام اشغال الطفل/ الشخص المستهدف بأنشطة وأعمال من شأنها تعزيز قيمة الشراكة المسؤولة، وذلك على طريق تجنب الميل للعزلة أو الانطواء.
* تناول المأكولات والمشروبات الصحية المغذية للجسم، مع ضرورة الابتعاد عن تناول المشروبات الكحولية أو الغازية.
* ممارسة كافة أشكال الرياضة الجسمانية والروحية، والعمل على زيادة ودوام الانخراط في الزيارات العائلية وبين الأقران .
* عدم الإطالة في مشاهدة نشرات الأخبار أو استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لما لوسائل الاعلام، بكل مسمياتها من دور في تأجيج/ تخفيف حدة انعكاسات وتأثيرات الفعل الصادم، كونها قد تشكل دور إعادة لاستذكار الحدث الصادم ( reminder ).
•دوام إتاحة المجال للشخص/ الطفل لممارسة حياته اليومية كالمعتاد قدر الإمكان ودون تعريضه للخطر.
* هناك أهمية قصوى لأثر عمق الايمان الديني للتعافي من آثار الصدمات النفسية، كما بين لنا الأستاذ الدكتور حمزة ذيب ( عضو مجلس الافتاء الفلسطيني، رئيس فرع فلسطين في الاتحاد الآسيوي- الأفريقي للجامعات وعميد سابق لكليتي الشريعة والدراسات القرآنية في جامعة القدس)، والأرشمنديت عبدالله يوليو، ود.ماجد صقر من وزارة الأوقاف والمقدسات أثناء مداخلاتهم النوعيّة التي قدّموها في المؤتمر الدولي حول الصدمات النفسيّة: من المعاناة إلى التعافي والذي عقد في قاعة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني/ البيرة يومي 14 و15 – 8- 2024، وبتنظيم وإشراف مركز الدراسات والتطبيقات التربوية CARE.
..........
علاقة وطيدة بين الأمن النفسي والقدرة على تعزيز القيم والأخلاق، الركيزة الأساس للسلم الأهلي في المجتمع البشري، ولأن الصحة النفسيّة باتت حقاً من حقوق الإنسان، وركيزة أساسية لإنجاز التنمية المستدامة والسلام العادل والدائم .
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الشيخ يبحث مع ممثل الاتحاد الأوروبي وقف الحرب على قطاع غزة
ماذا يقول القانون الدولي عن الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان؟
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 83)
شارك برأيك
حال الناس