أقلام وأراء
الإثنين 19 أغسطس 2024 10:04 صباحًا - بتوقيت القدس
فانتازيا التفاوض مع الإسرائيلي
إسرائيل تريد أن تفاوض دون أن تدفع استحقاقات هذا التفاوض، فهي تعلن أنها تريد القضاء على المقاومة وتفاوضها في ذات الوقت، وأنها لن توقف إطلاق النار ولكنها تستمر في التفاوض، وأنها لن تفرج عن أسرى معينين، وأن تبقي قواتها في القطاع بما يسمح لها السيطرة والتحكم، وهي تريد أن تجعل من تدفق المساعدات سلاحاً آخر للعقاب وإحكام السيطرة على الشعب الفلسطيني، وبهذا يصبح التفاوض وكأن إسرائيل تتحدث مع ذاتها .
إسرائيل تريد أن تتفاوض دون أن تعترف أو تشارك أو تتقاسم مع الشعب الفلسطيني فكرة بقائه أو وجوده أو قدرته على الحياة، وكأن إسرائيل تفاوض شعباً شفافاً أو غير مرئي، وهكذا تبدو إسرائيل وكأنها تفاوض بالقدر الذي فيه مصلحتها فقط، أو بقاء حكومتها، أو إرضاء جهات ضاغطة، أو لتلميع الصورة أو اتقاء من شر المحكمة الدولية، أو لتسوية حزبية داخلية .
ولهذا فإن التفاوض الذي تجريه إسرائيل هو تفاوض مضحك، وفيه جانب ساخر تماماً، فهي تقترح ثم تضيف وتحذف من الاقتراح ما تشاء، لتجعله خيالياً أو تعجيزياً أو يحتاج إلى قرن من الزمن لتفسيره، وهي تقنع الإدارة الأمريكية بأفكار للتفاوض ثم تنكرها، ثم تفضح هذه الإدارة بالقول إنها غيرتها، أو عدلتها، أو لم تفهمها أصلاً، ولا تتورع إسرائيل عن اتهام الوسطاء بالتزوير، أو التحريف، أو الضعف، أو عدم القدرة على الضغط، أو الابتزاز، وإسرائيل لا مشكلة لديها في أن ترسل وفداً مفاوضاً يسمع فقط ولا يتكلم، أو يتكلم بحدود، أو وفداً لا يقرر، أو وفداً يراقب وفداً أو يبلغ عنه أو وفداً على خلاف بين أعضائه ومرجعياته .
إسرائيل تفرّق في مفاوضاتها بين الجوهري والاجرائي، وبين الإنساني والأمني، وبين الثابت والمتغير، وهكذا تضيع الطاسة أكثر مما هي ضائعة أصلاً .
وإسرائيل في مفاوضاتها تغرق في التفاصيل، حتى تضيع الأطر الكبيرة، ويمكن لإسرائيل أن تفجر كل اتفاق من خلال التركيز على جزيئات يمكن تجاوزها لو توفرت الإرادة .
يمكن القول أن قواعد إسرائيل في التفاوض تتمثل فيما يلي، وذلك قياساً على عمليات التفاوض منذ أن أقيمت أسرائيل حتى الآن :
أولاً، تجزئة الموضوع إلى مربعات صغيرة توكل إلى لجان فنية متخصصة، بحيث يتم تسجيل إنجازات صغيرة هنا وهناك، وهكذا يتحول الواقع الباطب أصلا إلى واقع يتم التفاوض حوله.
ثانياً، استخدام أسلوب الثواب والعقاب أو العصا والجزرة، فاسرائيل ليست بارعة في التفاوض إلا لأنها قوية ولو لم تكن كذلك لما استطاعت أن تفرض الأجندات أو الجداول أو الخيارات أو البدائل، أو لما استطاعت التحكم في الزمن وآلية التفاوض وشكلها ومضامينها والمشاركين فيها وسقوفها وتكتيكها ومواعيدها.. إلخ.
ثالثاً، استخدام آلية رجل القش وحرف الأنظار وتغيير الاتجاهات والاهتمامات، بحيث يكون هناك ربط منطقي بين أمور لا رابط بينها، وخلط الأوراق بطريقة مفاجئة ومربكة .
رابعاً، التفاوض الذي تفرضه إسرائيل هو التفاوض حول ترسيخ الواقع المفروض بالقوة، لا واقع القانون والحق، ولهذا عادة ما تعمد إسرائيل إلى سرعة تغيير واقع حتى تتغير الأولويات والاهتمامات، وخير دليل على ذلك تعميق الاستيطان وتكرار الحروب وتكرار الخطط وتغييرها .
باختصار، التفاوض مع إسرائيل صعب ومرير، وغير مضمون أبداً ، فليس هناك من مرجعيات حاكمة، ولا التزام ثابت، ولا معاهدة مقدسة. كل شيء قابل للتفجير والتغيير في كل لحظة، والذريعة جاهزة دائماً وإذا لم تعجبك ذريعة ما، فهناك ذرائع بلا حدود .
ما النصيحة اذن؟ كيف يمكن التفاوض مع إسرائيل لإلزامها وإجبارها على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه؟!
الجواب على ذلك بسيط..
إسرائيل تقنع الإدارة الأمريكية بأفكار للتفاوض ثم تنكرها، ثم تفضح هذه الإدارة بالقول إنها غيرتها، أو عدلتها، أو لم تفهمها أصلاً، ولا تتورع إسرائيل عن اتهام الوسطاء بالتزوير، أو التحريف، أو الضعف..
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
منع الدواء والطعام في غزة.. سلاح إسرائيلي قاتل
حديث القدس
رسالة فلسطين في عيد الميلاد
فادي أبو بكر
معركة المواجهة وشروط الانتصار
حمادة فراعنة
احفظوا للمخيم هيبته وعزته وللدم الفلسطيني حرمته
راسم عبيدات
مئوية بيرزيت.. فوق التلة ثمة متسع رحب لتجليات الجدارة علماً وعملاً!
د. طلال شهوان ، رئيس جامعة بيرزيت
لجنة الإسناد.. بدها إسناد!
ابراهيم ملحم
من التغريد إلى التأثير .. كيف تصنع المقاطعة الرقمية مقاومة شعبية فعالة
مريم شومان
الحسم العسكري لغة تبرير إسرائيلية لمواصلة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
سعيد جودة طبيب جراحة العظام في مشفى كمال عدوان شهيداً
وليد الهودلي
بوضوح.. الميلاد في زمن الإبادة الجماعية
بهاء رحال
ولادة الشهيد الأول
حمادة فراعنة
(الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)
حديث القدس
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
عيسى قراقع
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
هاني المصري
ما يجري في جنين يندى له الجبين
جمال زقوت
شرق أوسط نتنياهو لن يكون
حمادة فراعنة
في ربع الساعة الأخير للإدارة الموشكة على الرحيل!
حديث القدس
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة
د. غسان عبدالله
من الطوفان إلى ردع العدوان.. ماذا ينتظر منطقتنا العربية؟ الحلقة الثانية
زياد ابحيص
الأكثر تعليقاً
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
الأكثر قراءة
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة "إف-18" واستهداف مدمرة
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
وقف إطلاق النار في غزة "أقرب من أي وقت مضى"
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 302)
شارك برأيك
فانتازيا التفاوض مع الإسرائيلي